الزغيبي
13-05-2011, 09:46 PM
مسائل قضائية
(13)
الوصف الجرمي ، ودرجات الإدانة في قضايا المخدرات
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين , أما بعد :
فيعتبر تحديد الوصف الجرمي ، وبيان درجة الإدانة أمراً مهماً في القضايا الجنائية ؛ لاسيما قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية .
ويقصد بالأوصاف الجرمية في قضايا المخدرات وصف الجرم بأنه تعاطي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية ، أو حيازتها بقصد الاستعمال ، أو حيازتها بقصد الترويج ، أو بيع المخدرات ، أو إهداؤها ، أو تسليمها ، أو تسلمها ، أو نقلها ، ونحو ذلك من الأوصاف الجرمية المنصوص عليها في المادة الثالثة من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية .
وقد نص تعميم معالي وزير العدل ذو الرقم 51/12/ت وتأريخ 28/4/1400هـ المبلغ به صورة من كتاب صاحب السمو الملكي نائب وزير الداخلية رقم 9235 في 3/3/1400هـ على : (( ايضاح الوصف الجرمي في حالة الإدانة ، وهل هو تهريب ، أو مشاركة فيه ، أو تسهيل له ، أو حيازة بدون ترخيص ، أو توسط في التصريف بالبيع .... )) .
ولتحديد الوصف الجرمي دور في معرفة العقوبة المقررة لهذا الجرم ، ويتيح للجهة التي نيط بها تدقيق الأحكام التأكد من كفاية الأدلة لإطلاق هذا الوصف ، وانطباق النص النظامي على الجرم الذي جرى وصفه .
ومن جهة أخرى يتيح ذلك لبعض الجهات التي جعل لها حق توقيع بعض العقوبات النظامية توقيع العقوبة بعد تحديد الوصف الجرمي من المحكمة المختصة واثباته .
وقد نصت المادة الثالثة من نظام الإجراءات الجزائية على أنه لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص ؛ إلا بعد ثبوت إدانته ، ويقابل ثبوت الإدانة عدم الادانة ، وبين الأمرين التهمة التي قد توصف بالقوة أو الضعف . وعلى ذلك يمكن القول بأن درجات الإدانة كما يلي :
1 ـ الثبوت ( الإدانة ) ( ثبوت الإدانة ) .
2 ـ توجه التهمة القوية .
3 ـ توجه التهمة .
4 ـ توجه التهمة الضعيفة .
5 ـ عدم الإدانة
6ـ ثبوت البراءة (58) .
والتهمـة هي : (( ما يحصل فـي النفـس من ظن ؛ بما نسب إلى إنسان عند وجود القرائن )) (59) .
وبين التهمة والشبهة وجه اتفاق ووجه اختلاف ، فتتفقان في أن كلاً منهما أمر غير متيقن ، وأنه يشتمل على معنى الشك والظن ، وتختلفان في أن الشك والظن الموجود في التهمة ، يكون متوجهاً إلى الشخص المتهم الذي نسب إليه ما نسب ، أما الشك والظن الذي في الشبهة فيتوجه إلى ذات الشيء المشتبه فيه (60) ، ومن ذلك شـبهة عـدم الثبوت عـنـد الرجوع عن الإقرار بحد ، والتي يدرأ بها الحد كما سبق بيانه (61) .
ويعد تحديد درجة الإدانة ، وتحرير ذلك بعبارة واضحة أمراً مهماً لايقتصر تأثيره على تحديد نوع العقوبة وقدرها ، بل يمتد تأثيره في حال ثبوت الإدانة في بعض الحالات إلى أمور أخرى منها :
1 ـ تسجيل الجريمة في صحيفة السوابق (62) .
2 ـ الحرمان من العمل في الوظائف الحكومية .
3 ـ الحرمان من الراتب أو نصفه .
4 ـ الفصل من الوظيفة (63) .
5 ـ احالة المروج للمرة الثانية لمحكمة من ثلاثة قضاة للنظر في قتله تعزيراً ؛ إن ثبت إدانته بالترويج ، في المرة الأولى .
6 ـ احالة المروج للمرة الأولى لمحكمة من ثلاثة قضاة للنظر في قتله تعزيراً ؛ إن ثبت إدانته قبل ذلك بتهريب مواد مخدرة أو تلقيها أو جلبها (64) .
وهنا سؤال : هل يعبر بالثبوت عند توجه التهمة فيقال : ثبت لدي توجه التهمة ؟
يرى كثير من أصحاب الفضيلة القضاة - وهو ما ذهبت إليه محكمة التمييز بالرياض فيما وقفت عليه من قراراتها(65) - إلى أنه لا يعبر بثبوت توجه التهمة ، وإنما يقال : توجهت التهمة ؛ لأن الإثبات هو : (( الادانة بطريق الجزم )) (66) .
ويرى بعض أصحاب الفضيلة القضاة أنه لا مانع من التعبير بثبوت توجه التهمة ، وذلك لما يلي :
1 ـ أن المادة الثالثة من نظام الإجراءات الجزائية قد نصت على أنه : (( لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا على أمر محظور .... وبعد ثبوت إدانته )) . والتهمة ممّا يعاقب عليه ، فتكون ممّا تثبت بها الإدانة .
2 ـ جاء في تعميم رئيس القضاة ـ رحمه الله ـ ذي الرقم 355/3 ، في 7/10/1383هـ ما نصه : (( وتعزير من تثبت في حقه التهمة تعزيراً بليغاً يردعه )) . فعبر بثبوت التهمة .
3 ـ أن الثبوت عند اطلاقه يفيد الإدانة الكاملة ، ويجوز تقيد المطلق ، ومنه تقيد الثبوت بتوجه التهمة .
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
(58) انظر : نظام الإجراءات الجزائية ، م187 ؛ تعميم (ر) ذا الرقم 1015/3 ، في 1/3/1383هـ ، التصنيف الموضوعي ، ط2 ، ج1، ص765 ؛ تعميم (و) ذا الرقم 143/3/ت ، في 29/8/1391هـ ، التصنيف الموضوعي، ط1 ، ج3 ، ص66 ؛ تعميم (ن) ذا الرقم3393/3/ج ، في 24/8/1383هـ ، التصنيف الموضوعي ، ط2، ج3 ، ص481.
(59) التهمة وأثرها في الأحكام الفقهية ، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه ، إعداد : صالح بن علي العقل ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الشريعة بالرياض ، عام 1411هـ ، ص21 .
(60) انظر : التهمة وأثرها في الأحكام الفقهية ، صالح العقل ، ص28 .
(61) انظر : المسألة السادسة.
(62) انظر : تحديد الجرائم التي تسجل في صحيفة السوابق الصادرة بقرار نائب وزير الداخلية ذي الرقم 1054 ، في 10/4/1394هـ ، المبلغ بتعميم (ك) ذي الرقم 168/2/ت ، في 22/8/1394هـ ، م3 ؛ الأنظمة واللوائح ، وزارة العدل ، ص339 .
(63) انظر : نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي ذي الرقم 49 ، والتأريخ 10/7/1397هـ ، م4 ، 19 ؛ لوائح نظام الخدمة المدنية الصادرة بقرار مجلس الخدمة المدنية ذي الرقم1 ، في 27/7/1397هـ ، ف30/14 ، 30/16 ، 19/10 .
(64) انظر : نظام مكافحة المخدرات ، م37 .
(65) انظر : القرار ذا الرقم 409/ج3/ب ، وتأريخ 23/1/1427هـ ؛ القرار ذا الرقم 859/ج2/ب ، في 14/8/1428هـ ؛ القرار ذا الرقم 589/ج5/ب ، في 22/10/1428هـ .
(66) أصول الإجراءات الجنائية ، د.حسن المرصفاوي ، ص621 .
(13)
الوصف الجرمي ، ودرجات الإدانة في قضايا المخدرات
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين , أما بعد :
فيعتبر تحديد الوصف الجرمي ، وبيان درجة الإدانة أمراً مهماً في القضايا الجنائية ؛ لاسيما قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية .
ويقصد بالأوصاف الجرمية في قضايا المخدرات وصف الجرم بأنه تعاطي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية ، أو حيازتها بقصد الاستعمال ، أو حيازتها بقصد الترويج ، أو بيع المخدرات ، أو إهداؤها ، أو تسليمها ، أو تسلمها ، أو نقلها ، ونحو ذلك من الأوصاف الجرمية المنصوص عليها في المادة الثالثة من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية .
وقد نص تعميم معالي وزير العدل ذو الرقم 51/12/ت وتأريخ 28/4/1400هـ المبلغ به صورة من كتاب صاحب السمو الملكي نائب وزير الداخلية رقم 9235 في 3/3/1400هـ على : (( ايضاح الوصف الجرمي في حالة الإدانة ، وهل هو تهريب ، أو مشاركة فيه ، أو تسهيل له ، أو حيازة بدون ترخيص ، أو توسط في التصريف بالبيع .... )) .
ولتحديد الوصف الجرمي دور في معرفة العقوبة المقررة لهذا الجرم ، ويتيح للجهة التي نيط بها تدقيق الأحكام التأكد من كفاية الأدلة لإطلاق هذا الوصف ، وانطباق النص النظامي على الجرم الذي جرى وصفه .
ومن جهة أخرى يتيح ذلك لبعض الجهات التي جعل لها حق توقيع بعض العقوبات النظامية توقيع العقوبة بعد تحديد الوصف الجرمي من المحكمة المختصة واثباته .
وقد نصت المادة الثالثة من نظام الإجراءات الجزائية على أنه لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص ؛ إلا بعد ثبوت إدانته ، ويقابل ثبوت الإدانة عدم الادانة ، وبين الأمرين التهمة التي قد توصف بالقوة أو الضعف . وعلى ذلك يمكن القول بأن درجات الإدانة كما يلي :
1 ـ الثبوت ( الإدانة ) ( ثبوت الإدانة ) .
2 ـ توجه التهمة القوية .
3 ـ توجه التهمة .
4 ـ توجه التهمة الضعيفة .
5 ـ عدم الإدانة
6ـ ثبوت البراءة (58) .
والتهمـة هي : (( ما يحصل فـي النفـس من ظن ؛ بما نسب إلى إنسان عند وجود القرائن )) (59) .
وبين التهمة والشبهة وجه اتفاق ووجه اختلاف ، فتتفقان في أن كلاً منهما أمر غير متيقن ، وأنه يشتمل على معنى الشك والظن ، وتختلفان في أن الشك والظن الموجود في التهمة ، يكون متوجهاً إلى الشخص المتهم الذي نسب إليه ما نسب ، أما الشك والظن الذي في الشبهة فيتوجه إلى ذات الشيء المشتبه فيه (60) ، ومن ذلك شـبهة عـدم الثبوت عـنـد الرجوع عن الإقرار بحد ، والتي يدرأ بها الحد كما سبق بيانه (61) .
ويعد تحديد درجة الإدانة ، وتحرير ذلك بعبارة واضحة أمراً مهماً لايقتصر تأثيره على تحديد نوع العقوبة وقدرها ، بل يمتد تأثيره في حال ثبوت الإدانة في بعض الحالات إلى أمور أخرى منها :
1 ـ تسجيل الجريمة في صحيفة السوابق (62) .
2 ـ الحرمان من العمل في الوظائف الحكومية .
3 ـ الحرمان من الراتب أو نصفه .
4 ـ الفصل من الوظيفة (63) .
5 ـ احالة المروج للمرة الثانية لمحكمة من ثلاثة قضاة للنظر في قتله تعزيراً ؛ إن ثبت إدانته بالترويج ، في المرة الأولى .
6 ـ احالة المروج للمرة الأولى لمحكمة من ثلاثة قضاة للنظر في قتله تعزيراً ؛ إن ثبت إدانته قبل ذلك بتهريب مواد مخدرة أو تلقيها أو جلبها (64) .
وهنا سؤال : هل يعبر بالثبوت عند توجه التهمة فيقال : ثبت لدي توجه التهمة ؟
يرى كثير من أصحاب الفضيلة القضاة - وهو ما ذهبت إليه محكمة التمييز بالرياض فيما وقفت عليه من قراراتها(65) - إلى أنه لا يعبر بثبوت توجه التهمة ، وإنما يقال : توجهت التهمة ؛ لأن الإثبات هو : (( الادانة بطريق الجزم )) (66) .
ويرى بعض أصحاب الفضيلة القضاة أنه لا مانع من التعبير بثبوت توجه التهمة ، وذلك لما يلي :
1 ـ أن المادة الثالثة من نظام الإجراءات الجزائية قد نصت على أنه : (( لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا على أمر محظور .... وبعد ثبوت إدانته )) . والتهمة ممّا يعاقب عليه ، فتكون ممّا تثبت بها الإدانة .
2 ـ جاء في تعميم رئيس القضاة ـ رحمه الله ـ ذي الرقم 355/3 ، في 7/10/1383هـ ما نصه : (( وتعزير من تثبت في حقه التهمة تعزيراً بليغاً يردعه )) . فعبر بثبوت التهمة .
3 ـ أن الثبوت عند اطلاقه يفيد الإدانة الكاملة ، ويجوز تقيد المطلق ، ومنه تقيد الثبوت بتوجه التهمة .
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
(58) انظر : نظام الإجراءات الجزائية ، م187 ؛ تعميم (ر) ذا الرقم 1015/3 ، في 1/3/1383هـ ، التصنيف الموضوعي ، ط2 ، ج1، ص765 ؛ تعميم (و) ذا الرقم 143/3/ت ، في 29/8/1391هـ ، التصنيف الموضوعي، ط1 ، ج3 ، ص66 ؛ تعميم (ن) ذا الرقم3393/3/ج ، في 24/8/1383هـ ، التصنيف الموضوعي ، ط2، ج3 ، ص481.
(59) التهمة وأثرها في الأحكام الفقهية ، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه ، إعداد : صالح بن علي العقل ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الشريعة بالرياض ، عام 1411هـ ، ص21 .
(60) انظر : التهمة وأثرها في الأحكام الفقهية ، صالح العقل ، ص28 .
(61) انظر : المسألة السادسة.
(62) انظر : تحديد الجرائم التي تسجل في صحيفة السوابق الصادرة بقرار نائب وزير الداخلية ذي الرقم 1054 ، في 10/4/1394هـ ، المبلغ بتعميم (ك) ذي الرقم 168/2/ت ، في 22/8/1394هـ ، م3 ؛ الأنظمة واللوائح ، وزارة العدل ، ص339 .
(63) انظر : نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي ذي الرقم 49 ، والتأريخ 10/7/1397هـ ، م4 ، 19 ؛ لوائح نظام الخدمة المدنية الصادرة بقرار مجلس الخدمة المدنية ذي الرقم1 ، في 27/7/1397هـ ، ف30/14 ، 30/16 ، 19/10 .
(64) انظر : نظام مكافحة المخدرات ، م37 .
(65) انظر : القرار ذا الرقم 409/ج3/ب ، وتأريخ 23/1/1427هـ ؛ القرار ذا الرقم 859/ج2/ب ، في 14/8/1428هـ ؛ القرار ذا الرقم 589/ج5/ب ، في 22/10/1428هـ .
(66) أصول الإجراءات الجنائية ، د.حسن المرصفاوي ، ص621 .