الزغيبي
14-05-2011, 09:45 PM
مسائل قضائية
(19)
طرق إثبات حدّ المسكر
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين , أما بعد :
فيثبت حد المسكر بإحدى خمس طرق :
الطريقة الأولى :
الإقرار ، فيثبت حدّ المسكر بإقرار المتهم بشرب المسكر ، عند المالكية والشافعية والحنابلة (7) .
واشترط الإمام أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف وجود الرائحة أو الشهادة بها عند الإقرار بشرب الخمر ، أو الإقرار بشرب غيره والسكر منه (8) .
ويلحظ هنا أن بعض أصحاب الفضيلة القضاة عند حكاية القول القبيح في الإقرار وغيره يأتي بضمير الغيبة ، ولهذا مستند في السنة وأقوال السلف ، من ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبدالله بن أمية بن المغيرة...( وفيه ) حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبدالمطلب (9) . وفي المصنف لابن أبي شيبة : (( عن طلحة بن يحي قال : كنت جالساً عند عمر بن عبد العزيز فجاءه رجل فسأله الفريضة ، فلم يفرض له ، فقال : هو كافر بالله إن لم يفرض له . قال : فضربه )) (10) . وقال السرخسي : (( وقد روي عن محمد رحمه اللّه تعالى أنه قال : إذا قال هو يهودي إن فعل ، وهو نصراني إن فعل كذا فهما يمينان ))(11) . قال النووي : (( فهذا من أحسن الآداب والتصرفات ، وهو أن من حكى قول غيره القبيح أتى به بضمير الغيبة لقبح صورة لفظه الواقع ))(12) .
الطريقة الثانية : الشهادة ، فيثبت حدّ المسكر بشهادة رجلين عدلين على شرب المتهم للمسكر عند المالكية والشافعية والحنابلة (13) .
واشترط الإمام أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف وجود الرائحة عند أداء الشهادة ، أو الشهادة بها عند أداء الشهادة على شرب الخمر أو شرب غيره والسكر منه(14) .
وهنا ثلاث وقفات :
الوقفة الأولى :
يذكر بعض أصحاب الفضيلة القضاة عند تدوين الدعوى وغيرها عبارة : (( تنبعث من أنفاسه رائحة المسكر )) ، والذي يظهر لي أن الفم مصدر هذه الرائحة . قال موفق الدين ابن قدامه : (( ولا يجب الحدّ بوجود رائحة الخمر من فيه في قول أكثر العلماء ))(15). كما يظهر لي أن التعبير بالشم والاستنكاه أقرب ؛ لاسيما وقد ورد هذا اللفظ في قصة ماعز عند مسلم (( فقام رجل فاستنكهه فلم يجد ريح خمر ))(16) .
الوقفة الثانية :
نصت المادة 119 من نظام المرافعات(17) على أن (( تسمع شهادة كل شاهد على انفراد بحضور الخصوم وبدون حضور باقي الشهود الذين لم تسمع شهادتهم )) ، وأطلقت ذلك دون تقيد ؛ بينما ذكر من وقفت على قوله من الفقهاء أن التفريق بين الشهود يكون في حالة الارتياب قال ابن أبي الدم : (( أما إن كان الشهود ... جهلة يظن بهم ... قلة ضبط .... وعدم تثبت في الشهادة .... فيستحب للقاضي أن يفرق مثل هؤلاء الشهود ))(18) ، وقال البهوتي : (( وإن ارتاب الحاكم في الشهود ... فرقهم ويسأل كل واحد كيف تحملت الشهادة ومتى ))(19) ، ومن أدلة التفريق ما رواه ابن أبي شيبة عن محرز بن صالح (( أن علياً فرق بين الشهود ))(20) .
الوقفة الثالثة :
أنه يكفي إشارة الشاهد إلى المشهود عليه عند عدم معرفته لاسمه قال البهوتي : (( فإن جهل الشاهد حاضراً أي جهل اسمه ونسبه جاز أن يشهد عليه في حضرته فقط .... فإن لم يسمه ولم ينسبه اعتبرت إشارته إليه لصحة الشهادة ))(21) .
الطريقة الثالثة :
أن يكون المتهم في حالة سكر ، فإذا أحضر المتهم إلى مجلس القضاء وكان في حالة سكر ، أو شهد عدلان أنهما شاهدا المتهم في حالة سكر ولم يرياه يشرب مسكراً فهل يثبت الحد بذلك ؟
ذهب المالكية والحنابلة إلى أن الحدّ يثبت بذلك (22) . واشترط الإمام أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف لثبوت الحد بذلك أن تكون رائحة المسكر تنبعث من فيه عند إحضاره ، أو يشهد الشاهدان بوجود الرائحة (23) .
وذهب الشافعية إلى أنه لا يثبت الحد بذلك ؛ لاحتمال أنه شربه لعذر أو أكره على شربه (24) .
الطريقة الرابعة :
انبعاث رائحة المسكر منه ، ويعرف ذلك عن طريق الاستشمام ، والاستشمام أو الاستنكاه هو : شم رائحة فم المستنكه لإثبات شربه للمسكر من عدمه .
وقد اختلف الفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ في ثبوت المسكر بالاستشمام على قولين :
القول الأول : يثبت حد المسكر بالاستشمام وهو قول المالكية على الصحيح عندهم ، ورواية عن الإمام أحمد ، وفي رواية أخرى يحد إذا لم يدع شبهة ، واختار ثبوت الحد بالاستشمام شيخ الإسلام ابن تيمية ، ورآه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، ووصفه بأنه الأولى والأرجح دليلاً (25) ومن أدلته ما رواه الشيخان عن علقمة قال : كنا بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف فقال رجل : ما هكذا أنزلت قال : قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أحسنت ووجد منه ريح الخمر فقال أتجمع أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر فضربه الحد (26) .
القول الثاني : لا يثبت حد المسكر بالاستشمام ، وهو قول الحنفية والشافعية ، والمذهب عند الحنابلة (27) ؛ لاحتمال أنه تمضمض بها ، أو ظنها ماءً فلما صارت في فمه مجها ونحو ذلك ، ولأن الحد يدرأ بالشبهة .
ونظراً للخلاف في هذه المسألة فقد صدر قرار مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة برقم 31 ، والتأريخ 17/5/1396هـ والذي قرر فيه ما نصه : (( عدم التعميم على المحاكم بأن تسير على قول واحد وأن يترك ذلك لاجتهاد القاضي)) .
ثم صدر قرار هيئة كبار العلماء برقم 53 ، والتأريخ 4/4/1397هـ (28) بالأغلبية المتضمن ثبوت الحد بوجود رائحة الخمر مع وجود قرينة أخرى يقتنع بها القاضي ، وقد جرى العمل فيما وقفت عليه من أحكام على ذلك(29) .
والسؤال هنا . ما هي القرينة الأخرى ؟ وما هو ضابطها ؟
والجواب : عند النظر في بعض الأحكام أجد القرائن التالية :
1 ـ ثبوت ايجابية عينة الدم للكحول .
2 ـ وجود سابقة شرب مسكر .
3 ـ ثبوت حيازته لمسكر .
4 ـ وجوده مع أشخاص ثبت شربهم للمسكر (30) .
أما ضابطها فكما جاء في قرار هيئة كبار العلماء : (( قرينة ... يقتنع بها القاضي )) .
ونظراً لما في الاستشمام من خطورة نقل بعض الأمراض من المستنكه بفتح الكاف إلى المستنكه بكسرها كالسل الرئوي والدرن ونحوهما (31) ، فقد لجأت بعض الجهات المختصة إلى استخدام بعض الوسائل العلمية الحديثة كالبالون والشريط اللاصق والتحليل الكيميائي لقياس نسبة تركيز الكحول (32) .
والسؤال هنا هل ثبوت الكحول عن طريق النفخ ( البالون ) ، ونحوه من وسائل القياس الحديثة يثبت به حد المسكر ؟
والجواب عن ذلك أن ثبوت الكحول عن طريق هواء الزفير أو ثبوت إيجابية عينة الدم لمادة الكحول الايثيلي ـ والكحول الايثيلي هو المركب الرئيسي في المسكر والمادة الفعالة فيه ـ ، ونحوها يعد قرينة على شرب المسكر ، تتوجه بموجبها التهمة ، ويستحق المتهم عليه التعزير ، ولا يثبت بها الحد .
وقد نص تعميم وكيل وزارة العدل رقم 125/2/ت ، والتأريخ 11/7/1391هـ (33) على أن وجود الكحول ثبوتاً بالتحليل الكيميائي الشرعي يعدّ قرينة على تناول المتهم سائلاً محتوياً على الكحول ، كما صدر قرار هيئة كبار العلماء رقم 213 ، والتأريخ 14/6/1424هـ (34) المتضمن أن المجلس يرى جواز استعمال الوسائل العلمية الحديثة لتحديد نسبة الكحول في الدم ؛ مع الأخذ بعين الاعتبار أن ما يتوصل إليه بواسـطة الوسائل قرينة من القرائن ، والعمل جار على ذلك فيما وقفت عليه من أحكام (35) .
والسؤال هنا ماذا لو انضم إلى ثبوت الكحول عن طريق هواء الزفير بواسطة البالون ونحوها قرينة أخرى ، هل يلحق ذلك بالاستشمام الذي يعد قرينة يثبت بها الحد إذا انضم إليه قرينة أخرى ، كما وردّ في قرار هيئة كبار العلماء رقم 53 ، أو يقال بأن البالون ونحوها لا تخلو من شبهة ، والحدود تدرأ بالشبهات ، حتى لو انضمت إليها قرينة أخرى ؟
الطريقة الخامسة :
القيء ، وقد اختلف الفقهاء ـ رحمهم الله ـ في ثبوت حدّ المسكر بقيئه على قولين :
القول الأول :
يثبت حدّ المسكر بالقيء، وهو المذهب عند الحنابلة (36)؛ لأنه لم يتقيأها إلا وقد شربها.
القول الثاني :
لا يثبت حد المسكر بالقيء ، وهو قول الحنفية والشافعية (37) ؛ لاحتمال أنه شربها مكرها أو مضطراً ، والحدّ يدرأ بالشبهة .
وذهب المالكية إلى أنه يحد إذا شهد عليه عدل بشربها ، وشهد عليه آخر أنه تقيأها(38) .
وقد صدر قرار هيئة كبار العلماء رقم 53 ، والتأريخ 4/4/1497هـ بالأغلبية المتضمن ثبوت الحد بقيء الخمر مع وجود قرينة أخرى يقتنع بها القاضي ، وهو المتوجه قضاءً قياساً على ما عليه العمل بوجود الرائحة .
ويلحظ هنا أن كون المتهم في حالة سكر ، أو انبعاث رائحة المسكر منه ، أو قيئه للمسكر قد يحتاج إثباتها إلى وسيلة أخرى من شهادة ونحوها ، ما لم تحصل في مجلس القضاء ، فلا يحتاج لذلك ، وليس هذا من قضاء القاضي بعلمه .
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(7) انظر : حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ، محمد بن أحمد بن عرفه الدسوقي ، دار إحياء الكتب العربية ، ج4 ، ص353 ؛ تحفة المحتاج في شرح المنهاج ، أحمد بن علي الهيتمي ، دار إحياء التراث العربي ، ج9 ، ص172 ؛ كشاف القناع عن متن الإقناع ، منصور بن يونس البهوتي ، عالم الكتب ، بيروت ، ج6 ، ص118 .
(8) انظر : تبيين الحقائق ، شرح كنز الدقائق ، عثمان بن علي الزيلعي ، دار الكتاب الإسلامي ، ج3 ، ص195 .
(9) انظر : صحيح البخاري ، كتاب الجنائز ، باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله ، دار الجيل ، بيروت ، ج2 ، ص119 ؛ الجامع الصحيح ، كتاب الإيمان ، باب أول الإيمان قول لا إله إلا الله ، دار المعرفة ، بيروت ، ج1 ، ص40 .
(10) المصنف ، عبدالله بن محمد بن أبي شيبة ، دار الفكر ، ج6 ، ص567 .
(11) المبسوط ، محمد بن أحمد السرخسي ، دار المعرفة ، ج8 ، ص134 .
(12) شرح النووي على صحيح مسلم ، يحي بن شرف الدين النووي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، مكتبة المثنى ، بيروت ، ج1 ، ص214 .
(13) انظر : حاشية الدسوقي ، ج4 ، ص353 ؛ تحفة المحتاج ، للهيتمي ، ج9 ، ص172 ؛ كشاف القناع ، للبهوتي ، ج6 ، ص118ـ 119 .
(14) انظر : تبيين الحقائق ، للزيلعي ، ج3 ، ص195 .
(15) المغني ، دار إحياء التراث العربي ، ج9 ، ص138 .
(16) صحيح مسلم ، الحدود ، من اعترف على نفسه بالزنى ، حديث رقم 3207 .
(17) الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/21 ، والتأريخ 20/5/1421هـ
(18) أدب القضاء وهو الدرر المنظومات في الأقضية والحكومات ، شهاب الدين إبراهيم بن عبدالله المعروف بابن أبي الدم الحموي الشافعي ، تحقيق د.محمد بن مصطفى الزحيلي ، دار الفكر ، دمشق ، ط2 ، 1402هـ ، ص138 .
(19) كشاف القناع ، للبهوتي ، ج6 ، ص349 .
(20) المصنف ، ج5 ، ص347 .
(21) كشاف القناع ، ج6 ، ص407ـ 408 . وانظر : شرح منتهى الإرادات ، منصور بن يونس البهوتي ، عالم الكتب ، بيروت ، ج3 ، ص578 .
(22) انظر : شرح مختصر خليل ، محمد بن عبدالله الخرشي ، دار الفكر ، ج8 ، 108؛ كشاف القناع ، للبهوتي ، ج6 ، ص118 .
(23) انظر : تبيين الحقائق ، للزيلعي ، ج3 ، ص195 .
(24) انظر : تحفة المحتاج ، للهيتمي ، ج9 ، ص173 .
(25) انظر : حاشية الدسوقي ، ج4 ، ص353 ؛ شرح حدود ابن عرفه ، محمد بن قاسم الرصاع ، المكتبة العلمية ، ص152 ؛ الإنصاف ، علي بن سليمان المرداوي ، دار إحياء التراث العربي ، ج10 ، ص233 ؛ الإختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد البعلي الدمشقي ، تحقيق : محمد حامد الفقي ، دار المعرفة ، بيروت ، ص296 ؛ فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، جمع وترتيب وتحقيق : محمد بن عبدالرحمن بن قاسم ، ط1 ، مطبعة الحكومة بمكة المكرمة ، 1399هـ ، ج12 ، ص64ـ 65 ، م3712 .
(26) رواه البخاري واللفظ له ، صحيح البخاري ، فضائل القرآن ، القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، حديث4617 ؛ رواه مسلم ، صحيح مسلم ، صلاة المسافرين وقصرها ، فضل استماع القرآن وطلب القراءة من حافظه للاستماع ، حديث رقم 1334 .
(27) انظر : المبسوط ، للسرخسي ، ج24 ، ص31 ؛ تحفة المحتاج ، للهيتمي ، ج1 ، ص172 ؛ الإنصاف ، للمرداوي ، ج10 ، ص233 .
(28) المبلغ بتعميم (و) رقم 73/12/ت ، في 11/6/1397هـ . التصنيف الموضوعي لتعاميم وزارة العدل خلال 74عاماً ، أعدته لجنة متخصصة بالوزارة ، وزارة العدل ، ط2 ، 1419هـ ، ج3 ، ص487 ـ 488 .
(29) انظر : القرار الصادر من محكمة الزلفي برقم 1/5/ق ، في8/1/1427هـ ، المصدق من محكمة التمييز بالرياض برقم 73/ج5/أ ، والتأريخ 5/2/1427هـ ؛ القرار الصادر من محكمة الزلفي برقم 45/5/ق ، في 25/4/1428هـ المصدق من محكمة التمييز بقرارها رقم 705/ج2/أ ، والتأريخ 4/9/1428هـ .
(30) انظر : المرجع السابق .
(31) انظر : تعميم (و) رقم 13/ت/2386 ، في 22/1/1425هـ ، المبلغ فيه تعميم سمو وزير الداخلية رقم 16/89140 ، والتأريخ 1/11/1424هـ .
(32) انظر : المرجع السابق ؛ حوادث المرور ماهيتها وطرق التحقيق فيها ، عقاب بن صقر المطيري ، ط1 ، 1411هـ ، ص243 .
(33) انظر : التصنيف الموضوعي ، م3 ، ص485 .
(34) انظر : تعميم (و) رقم 13/ت/2386 ، والتأريخ 22/1/1425هـ .
(35) انظر : القرار الصادر من محكمة الزلفي برقم 88/5/ق ، في 24/11/1428هـ ، المصدق من محكمة التمييز بالرياض بالقرار رقم 3/ج4/أ ، والتأريخ 3/1/1429هـ .
(36) انظر : كشاف القناع ، للبهوتي ، ج6 ، ص119 ؛ الإنصاف للمرداوي ، ج10، ص234 .
(37) انظر : مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر ، عبدالرحمن بن محمد شيخي زاده ( داماد ) ، دار إحياء التراث العربي ، ج1 ، ص603 ؛ تحفة المحتاج ، للهيتمي ، ج9 ، ص173 .
(38) انظر : شرح مختصر خليل ، للخرشي ، ج8 ، ص109 .
(19)
طرق إثبات حدّ المسكر
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين , أما بعد :
فيثبت حد المسكر بإحدى خمس طرق :
الطريقة الأولى :
الإقرار ، فيثبت حدّ المسكر بإقرار المتهم بشرب المسكر ، عند المالكية والشافعية والحنابلة (7) .
واشترط الإمام أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف وجود الرائحة أو الشهادة بها عند الإقرار بشرب الخمر ، أو الإقرار بشرب غيره والسكر منه (8) .
ويلحظ هنا أن بعض أصحاب الفضيلة القضاة عند حكاية القول القبيح في الإقرار وغيره يأتي بضمير الغيبة ، ولهذا مستند في السنة وأقوال السلف ، من ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبدالله بن أمية بن المغيرة...( وفيه ) حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبدالمطلب (9) . وفي المصنف لابن أبي شيبة : (( عن طلحة بن يحي قال : كنت جالساً عند عمر بن عبد العزيز فجاءه رجل فسأله الفريضة ، فلم يفرض له ، فقال : هو كافر بالله إن لم يفرض له . قال : فضربه )) (10) . وقال السرخسي : (( وقد روي عن محمد رحمه اللّه تعالى أنه قال : إذا قال هو يهودي إن فعل ، وهو نصراني إن فعل كذا فهما يمينان ))(11) . قال النووي : (( فهذا من أحسن الآداب والتصرفات ، وهو أن من حكى قول غيره القبيح أتى به بضمير الغيبة لقبح صورة لفظه الواقع ))(12) .
الطريقة الثانية : الشهادة ، فيثبت حدّ المسكر بشهادة رجلين عدلين على شرب المتهم للمسكر عند المالكية والشافعية والحنابلة (13) .
واشترط الإمام أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف وجود الرائحة عند أداء الشهادة ، أو الشهادة بها عند أداء الشهادة على شرب الخمر أو شرب غيره والسكر منه(14) .
وهنا ثلاث وقفات :
الوقفة الأولى :
يذكر بعض أصحاب الفضيلة القضاة عند تدوين الدعوى وغيرها عبارة : (( تنبعث من أنفاسه رائحة المسكر )) ، والذي يظهر لي أن الفم مصدر هذه الرائحة . قال موفق الدين ابن قدامه : (( ولا يجب الحدّ بوجود رائحة الخمر من فيه في قول أكثر العلماء ))(15). كما يظهر لي أن التعبير بالشم والاستنكاه أقرب ؛ لاسيما وقد ورد هذا اللفظ في قصة ماعز عند مسلم (( فقام رجل فاستنكهه فلم يجد ريح خمر ))(16) .
الوقفة الثانية :
نصت المادة 119 من نظام المرافعات(17) على أن (( تسمع شهادة كل شاهد على انفراد بحضور الخصوم وبدون حضور باقي الشهود الذين لم تسمع شهادتهم )) ، وأطلقت ذلك دون تقيد ؛ بينما ذكر من وقفت على قوله من الفقهاء أن التفريق بين الشهود يكون في حالة الارتياب قال ابن أبي الدم : (( أما إن كان الشهود ... جهلة يظن بهم ... قلة ضبط .... وعدم تثبت في الشهادة .... فيستحب للقاضي أن يفرق مثل هؤلاء الشهود ))(18) ، وقال البهوتي : (( وإن ارتاب الحاكم في الشهود ... فرقهم ويسأل كل واحد كيف تحملت الشهادة ومتى ))(19) ، ومن أدلة التفريق ما رواه ابن أبي شيبة عن محرز بن صالح (( أن علياً فرق بين الشهود ))(20) .
الوقفة الثالثة :
أنه يكفي إشارة الشاهد إلى المشهود عليه عند عدم معرفته لاسمه قال البهوتي : (( فإن جهل الشاهد حاضراً أي جهل اسمه ونسبه جاز أن يشهد عليه في حضرته فقط .... فإن لم يسمه ولم ينسبه اعتبرت إشارته إليه لصحة الشهادة ))(21) .
الطريقة الثالثة :
أن يكون المتهم في حالة سكر ، فإذا أحضر المتهم إلى مجلس القضاء وكان في حالة سكر ، أو شهد عدلان أنهما شاهدا المتهم في حالة سكر ولم يرياه يشرب مسكراً فهل يثبت الحد بذلك ؟
ذهب المالكية والحنابلة إلى أن الحدّ يثبت بذلك (22) . واشترط الإمام أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف لثبوت الحد بذلك أن تكون رائحة المسكر تنبعث من فيه عند إحضاره ، أو يشهد الشاهدان بوجود الرائحة (23) .
وذهب الشافعية إلى أنه لا يثبت الحد بذلك ؛ لاحتمال أنه شربه لعذر أو أكره على شربه (24) .
الطريقة الرابعة :
انبعاث رائحة المسكر منه ، ويعرف ذلك عن طريق الاستشمام ، والاستشمام أو الاستنكاه هو : شم رائحة فم المستنكه لإثبات شربه للمسكر من عدمه .
وقد اختلف الفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ في ثبوت المسكر بالاستشمام على قولين :
القول الأول : يثبت حد المسكر بالاستشمام وهو قول المالكية على الصحيح عندهم ، ورواية عن الإمام أحمد ، وفي رواية أخرى يحد إذا لم يدع شبهة ، واختار ثبوت الحد بالاستشمام شيخ الإسلام ابن تيمية ، ورآه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، ووصفه بأنه الأولى والأرجح دليلاً (25) ومن أدلته ما رواه الشيخان عن علقمة قال : كنا بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف فقال رجل : ما هكذا أنزلت قال : قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أحسنت ووجد منه ريح الخمر فقال أتجمع أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر فضربه الحد (26) .
القول الثاني : لا يثبت حد المسكر بالاستشمام ، وهو قول الحنفية والشافعية ، والمذهب عند الحنابلة (27) ؛ لاحتمال أنه تمضمض بها ، أو ظنها ماءً فلما صارت في فمه مجها ونحو ذلك ، ولأن الحد يدرأ بالشبهة .
ونظراً للخلاف في هذه المسألة فقد صدر قرار مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة برقم 31 ، والتأريخ 17/5/1396هـ والذي قرر فيه ما نصه : (( عدم التعميم على المحاكم بأن تسير على قول واحد وأن يترك ذلك لاجتهاد القاضي)) .
ثم صدر قرار هيئة كبار العلماء برقم 53 ، والتأريخ 4/4/1397هـ (28) بالأغلبية المتضمن ثبوت الحد بوجود رائحة الخمر مع وجود قرينة أخرى يقتنع بها القاضي ، وقد جرى العمل فيما وقفت عليه من أحكام على ذلك(29) .
والسؤال هنا . ما هي القرينة الأخرى ؟ وما هو ضابطها ؟
والجواب : عند النظر في بعض الأحكام أجد القرائن التالية :
1 ـ ثبوت ايجابية عينة الدم للكحول .
2 ـ وجود سابقة شرب مسكر .
3 ـ ثبوت حيازته لمسكر .
4 ـ وجوده مع أشخاص ثبت شربهم للمسكر (30) .
أما ضابطها فكما جاء في قرار هيئة كبار العلماء : (( قرينة ... يقتنع بها القاضي )) .
ونظراً لما في الاستشمام من خطورة نقل بعض الأمراض من المستنكه بفتح الكاف إلى المستنكه بكسرها كالسل الرئوي والدرن ونحوهما (31) ، فقد لجأت بعض الجهات المختصة إلى استخدام بعض الوسائل العلمية الحديثة كالبالون والشريط اللاصق والتحليل الكيميائي لقياس نسبة تركيز الكحول (32) .
والسؤال هنا هل ثبوت الكحول عن طريق النفخ ( البالون ) ، ونحوه من وسائل القياس الحديثة يثبت به حد المسكر ؟
والجواب عن ذلك أن ثبوت الكحول عن طريق هواء الزفير أو ثبوت إيجابية عينة الدم لمادة الكحول الايثيلي ـ والكحول الايثيلي هو المركب الرئيسي في المسكر والمادة الفعالة فيه ـ ، ونحوها يعد قرينة على شرب المسكر ، تتوجه بموجبها التهمة ، ويستحق المتهم عليه التعزير ، ولا يثبت بها الحد .
وقد نص تعميم وكيل وزارة العدل رقم 125/2/ت ، والتأريخ 11/7/1391هـ (33) على أن وجود الكحول ثبوتاً بالتحليل الكيميائي الشرعي يعدّ قرينة على تناول المتهم سائلاً محتوياً على الكحول ، كما صدر قرار هيئة كبار العلماء رقم 213 ، والتأريخ 14/6/1424هـ (34) المتضمن أن المجلس يرى جواز استعمال الوسائل العلمية الحديثة لتحديد نسبة الكحول في الدم ؛ مع الأخذ بعين الاعتبار أن ما يتوصل إليه بواسـطة الوسائل قرينة من القرائن ، والعمل جار على ذلك فيما وقفت عليه من أحكام (35) .
والسؤال هنا ماذا لو انضم إلى ثبوت الكحول عن طريق هواء الزفير بواسطة البالون ونحوها قرينة أخرى ، هل يلحق ذلك بالاستشمام الذي يعد قرينة يثبت بها الحد إذا انضم إليه قرينة أخرى ، كما وردّ في قرار هيئة كبار العلماء رقم 53 ، أو يقال بأن البالون ونحوها لا تخلو من شبهة ، والحدود تدرأ بالشبهات ، حتى لو انضمت إليها قرينة أخرى ؟
الطريقة الخامسة :
القيء ، وقد اختلف الفقهاء ـ رحمهم الله ـ في ثبوت حدّ المسكر بقيئه على قولين :
القول الأول :
يثبت حدّ المسكر بالقيء، وهو المذهب عند الحنابلة (36)؛ لأنه لم يتقيأها إلا وقد شربها.
القول الثاني :
لا يثبت حد المسكر بالقيء ، وهو قول الحنفية والشافعية (37) ؛ لاحتمال أنه شربها مكرها أو مضطراً ، والحدّ يدرأ بالشبهة .
وذهب المالكية إلى أنه يحد إذا شهد عليه عدل بشربها ، وشهد عليه آخر أنه تقيأها(38) .
وقد صدر قرار هيئة كبار العلماء رقم 53 ، والتأريخ 4/4/1497هـ بالأغلبية المتضمن ثبوت الحد بقيء الخمر مع وجود قرينة أخرى يقتنع بها القاضي ، وهو المتوجه قضاءً قياساً على ما عليه العمل بوجود الرائحة .
ويلحظ هنا أن كون المتهم في حالة سكر ، أو انبعاث رائحة المسكر منه ، أو قيئه للمسكر قد يحتاج إثباتها إلى وسيلة أخرى من شهادة ونحوها ، ما لم تحصل في مجلس القضاء ، فلا يحتاج لذلك ، وليس هذا من قضاء القاضي بعلمه .
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(7) انظر : حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ، محمد بن أحمد بن عرفه الدسوقي ، دار إحياء الكتب العربية ، ج4 ، ص353 ؛ تحفة المحتاج في شرح المنهاج ، أحمد بن علي الهيتمي ، دار إحياء التراث العربي ، ج9 ، ص172 ؛ كشاف القناع عن متن الإقناع ، منصور بن يونس البهوتي ، عالم الكتب ، بيروت ، ج6 ، ص118 .
(8) انظر : تبيين الحقائق ، شرح كنز الدقائق ، عثمان بن علي الزيلعي ، دار الكتاب الإسلامي ، ج3 ، ص195 .
(9) انظر : صحيح البخاري ، كتاب الجنائز ، باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله ، دار الجيل ، بيروت ، ج2 ، ص119 ؛ الجامع الصحيح ، كتاب الإيمان ، باب أول الإيمان قول لا إله إلا الله ، دار المعرفة ، بيروت ، ج1 ، ص40 .
(10) المصنف ، عبدالله بن محمد بن أبي شيبة ، دار الفكر ، ج6 ، ص567 .
(11) المبسوط ، محمد بن أحمد السرخسي ، دار المعرفة ، ج8 ، ص134 .
(12) شرح النووي على صحيح مسلم ، يحي بن شرف الدين النووي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، مكتبة المثنى ، بيروت ، ج1 ، ص214 .
(13) انظر : حاشية الدسوقي ، ج4 ، ص353 ؛ تحفة المحتاج ، للهيتمي ، ج9 ، ص172 ؛ كشاف القناع ، للبهوتي ، ج6 ، ص118ـ 119 .
(14) انظر : تبيين الحقائق ، للزيلعي ، ج3 ، ص195 .
(15) المغني ، دار إحياء التراث العربي ، ج9 ، ص138 .
(16) صحيح مسلم ، الحدود ، من اعترف على نفسه بالزنى ، حديث رقم 3207 .
(17) الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/21 ، والتأريخ 20/5/1421هـ
(18) أدب القضاء وهو الدرر المنظومات في الأقضية والحكومات ، شهاب الدين إبراهيم بن عبدالله المعروف بابن أبي الدم الحموي الشافعي ، تحقيق د.محمد بن مصطفى الزحيلي ، دار الفكر ، دمشق ، ط2 ، 1402هـ ، ص138 .
(19) كشاف القناع ، للبهوتي ، ج6 ، ص349 .
(20) المصنف ، ج5 ، ص347 .
(21) كشاف القناع ، ج6 ، ص407ـ 408 . وانظر : شرح منتهى الإرادات ، منصور بن يونس البهوتي ، عالم الكتب ، بيروت ، ج3 ، ص578 .
(22) انظر : شرح مختصر خليل ، محمد بن عبدالله الخرشي ، دار الفكر ، ج8 ، 108؛ كشاف القناع ، للبهوتي ، ج6 ، ص118 .
(23) انظر : تبيين الحقائق ، للزيلعي ، ج3 ، ص195 .
(24) انظر : تحفة المحتاج ، للهيتمي ، ج9 ، ص173 .
(25) انظر : حاشية الدسوقي ، ج4 ، ص353 ؛ شرح حدود ابن عرفه ، محمد بن قاسم الرصاع ، المكتبة العلمية ، ص152 ؛ الإنصاف ، علي بن سليمان المرداوي ، دار إحياء التراث العربي ، ج10 ، ص233 ؛ الإختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد البعلي الدمشقي ، تحقيق : محمد حامد الفقي ، دار المعرفة ، بيروت ، ص296 ؛ فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، جمع وترتيب وتحقيق : محمد بن عبدالرحمن بن قاسم ، ط1 ، مطبعة الحكومة بمكة المكرمة ، 1399هـ ، ج12 ، ص64ـ 65 ، م3712 .
(26) رواه البخاري واللفظ له ، صحيح البخاري ، فضائل القرآن ، القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، حديث4617 ؛ رواه مسلم ، صحيح مسلم ، صلاة المسافرين وقصرها ، فضل استماع القرآن وطلب القراءة من حافظه للاستماع ، حديث رقم 1334 .
(27) انظر : المبسوط ، للسرخسي ، ج24 ، ص31 ؛ تحفة المحتاج ، للهيتمي ، ج1 ، ص172 ؛ الإنصاف ، للمرداوي ، ج10 ، ص233 .
(28) المبلغ بتعميم (و) رقم 73/12/ت ، في 11/6/1397هـ . التصنيف الموضوعي لتعاميم وزارة العدل خلال 74عاماً ، أعدته لجنة متخصصة بالوزارة ، وزارة العدل ، ط2 ، 1419هـ ، ج3 ، ص487 ـ 488 .
(29) انظر : القرار الصادر من محكمة الزلفي برقم 1/5/ق ، في8/1/1427هـ ، المصدق من محكمة التمييز بالرياض برقم 73/ج5/أ ، والتأريخ 5/2/1427هـ ؛ القرار الصادر من محكمة الزلفي برقم 45/5/ق ، في 25/4/1428هـ المصدق من محكمة التمييز بقرارها رقم 705/ج2/أ ، والتأريخ 4/9/1428هـ .
(30) انظر : المرجع السابق .
(31) انظر : تعميم (و) رقم 13/ت/2386 ، في 22/1/1425هـ ، المبلغ فيه تعميم سمو وزير الداخلية رقم 16/89140 ، والتأريخ 1/11/1424هـ .
(32) انظر : المرجع السابق ؛ حوادث المرور ماهيتها وطرق التحقيق فيها ، عقاب بن صقر المطيري ، ط1 ، 1411هـ ، ص243 .
(33) انظر : التصنيف الموضوعي ، م3 ، ص485 .
(34) انظر : تعميم (و) رقم 13/ت/2386 ، والتأريخ 22/1/1425هـ .
(35) انظر : القرار الصادر من محكمة الزلفي برقم 88/5/ق ، في 24/11/1428هـ ، المصدق من محكمة التمييز بالرياض بالقرار رقم 3/ج4/أ ، والتأريخ 3/1/1429هـ .
(36) انظر : كشاف القناع ، للبهوتي ، ج6 ، ص119 ؛ الإنصاف للمرداوي ، ج10، ص234 .
(37) انظر : مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر ، عبدالرحمن بن محمد شيخي زاده ( داماد ) ، دار إحياء التراث العربي ، ج1 ، ص603 ؛ تحفة المحتاج ، للهيتمي ، ج9 ، ص173 .
(38) انظر : شرح مختصر خليل ، للخرشي ، ج8 ، ص109 .