الزغيبي
19-05-2011, 01:17 PM
مسائل قضائية
(31)
ترك الخصومة
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد :
المبحث الأول : معنى ترك الخصومة لغة ، واصطلاحاً
أولاً : معنى ترك الخصومة لغة :
1 ـ الترك لغة : التخلية عن الشيء ، ولذلك تسمَّى البيضة بالعراء : تريكة . ومنه تركة الميت ، وهو : ما يترُكُه من تراثِه . والتريَّكة ، هي : التي تترَكُ فلا تتزوج . وتراَك بمعنى : اترُك ، وهو اسم لفعل الأمر . والتَّركُ : الإبقاء . وفي التنزيل الحميد (( وتركنا عليه في الآخرين )) (20) : أي أبقينا عليه (21) .
2 ـ الخصومة لغة : سبق بيان معناها (22) .
ثانياً : معنى ترك الخصومة اصطلاحاً :
عرفت الفقرة 88/1 من اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات ترك الخصومة بأنه : (( تنازل المدعي عن دعواه القائمة أمام المحكمة مع احتفاظه بالحق المدعى به بحيث يجوز له تجديد المطالبة به في أي وقت )) .
ويترتب على ترك الخصومة إلغاء كافة الآثار المترتبة على قيامها (23) . وتكون للمدعي مصلحة في ترك دعواه في حالات منها :
1 ـ إذا تبين له أنه تعجل في إقامة الدعوى قبل جمع بينته عليها ، وخشي العجز عن إثباتها فيما لو سار فيها .
2 ـ إذا تبين له بعد إقامة الدعوى أنه قد أقامها لدى محكمة غير مختصة بنظرها .
3 ـ إذا أقام الدعوى مطالباً بالإلزام بدين لم يحل أجل الوفاء به (24) .
4 ـ (( إذا رفع من أصابه ضرر من الجريمة دعواه بطلب التعويض إلى محكمة مختصة ، ثم رفعت الدعوى الجزائية جاز له ترك دعواه أمام تلك المحكمة . وله رفعها إلى المحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية )) ، وفق ما نصت عليه المادة الرابعة والخمسون بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية (25) .
المبحث الثاني : شروط ترك الخصومة
يشترط لترك الخصومة ثلاثة شروط :
الشرط الأول : أن يحصل ترك الخصومة من شخص أهل للتقاضي (26) ، ولا يجوز ترك الخصومة من الوكيل ما لم يكن مفوضاً تفويضاً خاصاً في الوكالة (27) .
وإذا تعدد المدعون ، وكانت الدعوى قابلة للتجزئة في موضوعها جاز لبعضهم تركها ، وتضل قائمة في حق الباقين (28) . فإن لم تقبل التجزئة لم يصح الترك إلا من جميع المدعين .
وإذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعي تركها عن بعضهم ؛ إذا كانت الدعوى قابلة للتجزئة (29) . فإن لم تقبل التجزئة لم يصح الترك إلا إذا كان عن جميع المدعى عليهم . و(( لا يكون لترك المدعي بالحق الخاص دعواه تأثير على الدعوى الجزائية العامة )) (30) .
الشرط الثاني : موافقة المحكمة على ترك المدعي للخصومة ، إذا كان الترك بعد إبداء المدعى عليه دفوعه ؛ وفق ما نصت عليه المادة الثامنة والثمانون من نظام المرافعات ، ولم تذكر اللائحة التنفيذية لهذه المادة ماهي العلة في ذلك ؟ كما لم يُذكر في النظام ولوائحه هل يشترط موافقة المدعى عليه على الترك ، أم لا ؟ (31) .
والذي يظهر لي إجابة على السؤال الثاني أن سكوت النظام ولوائحه دليل على عدم اشتراط موافقة المدعى عليه على الترك ، والذي أراه هنا هو التفريق بين حالتين :
الحالة الأولى : أن تتضمن إجابة المدعى عليه ، أو دفعه طلباً ، فيكون مدعياً في ذلك ، وتكون الخصومة حقاً مشتركاً بينه وبين المدعي ، فيكون اشتراط موافقة المدعى عليه على الترك أمراً متوجهاً .
الحالة الثانية : أن يتخلف المدعى عليه عن الحضور في جميع الجلسات ، أو يحضر ويدفع بعدم اختصاص المحكمة ، أو ببطلان صحيفة الدعوى ، ونحو ذلك ممّا يكون القصد منه منع المحكمة التي تنظر الدعوى من المضي في سماعها ، أو يدفع بعدم استحقاق المدعي لما يدعيه ونحو ذلك ، فيتوجه هنا عدم اشتراط موافقته .
أما الإجابة على السؤال الأول وهو العلة في اشتراط موافقة المحكمة على الترك بعد إبداء المدعى عليه دفوعه ، فيظهر لي أنه يرجع إلى أن المصلحة العامة قد تقتضي في بعض الحالات تجلية الأمر ، والحكم في الدعوى ، فاشترط موافقة المحكمة على الترك ، ولم يترك الأمر معلقاً على إرادة المدعي فقط .
الشرط الثالث : أن يكون ترك الخصومة خالياً من أي قيد ، أو شرط يهدف إلى التمسك بصحة الخصومة ، أو بأي أثر من الآثار المترتبة على قيامها (32) .
فإذا توفرت هذه الشروط جاز للمدعي ترك الخصومة في أي حالة تكون عليها قبل صدور الحكم في موضوعها (33) .
المبحث الثالث : إجراءات ترك الخصومة
نصت المادة الثامنة والثمانون من نظام المرافعات على إجراءات ترك الخصومة ، وحددت على سبيل الحصر طرقاً أربعة لترك الخصومة . والعلة في ذلك ـ فيما يظهر لي ـ تفادي الخلاف الذي قد يقوم حول حصول الترك ، أو عدم حصوله (34) .
وهذه الطرق كما يلي :
الطريق الأول : تبليغ بترك الدعوى يوجهه المدعي بواسطة محضري الخصوم إلى المدعى عليه (35) .
الطريق الثاني : تقرير من المدعي بترك الخصومة لدى الكاتب المختص ، والكاتب المختص هو : الكاتب في مكتب المواعيد ، وعلى الكاتب إبلاغ المدعى عليه عن طريق المحضرين بترك المدعي للخصومة (36) .
الطريق الثالث : بيان صريح من المدعي بترك الخصومة يدون في مذكرة موقع عليه منه ، أو من وكيله ، تشعر به المحكمة ؛ مع اطلاع خصمه عليها (37) .
الطريق الرابع : إبداء المدعي لطلبه ترك الخصومة شفوياً أثناء الجلسة ، واثبات ذلك في ضبطها (38) .
فإذا لم يراع المدعي في ترك الخصومة أحد هذه الطرق لم ينتج الترك أثره (39) .
وإذا طلب المدعي ترك الخصومة متبعاً في ذلك أحد الطرق المقررة لتركها ؛ قام القاضي بتدوين طلبه في دفتر الضبط ، ثم أعاد المعاملة للجهة الواردة منها (40) .
1/2
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
(31)
ترك الخصومة
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد :
المبحث الأول : معنى ترك الخصومة لغة ، واصطلاحاً
أولاً : معنى ترك الخصومة لغة :
1 ـ الترك لغة : التخلية عن الشيء ، ولذلك تسمَّى البيضة بالعراء : تريكة . ومنه تركة الميت ، وهو : ما يترُكُه من تراثِه . والتريَّكة ، هي : التي تترَكُ فلا تتزوج . وتراَك بمعنى : اترُك ، وهو اسم لفعل الأمر . والتَّركُ : الإبقاء . وفي التنزيل الحميد (( وتركنا عليه في الآخرين )) (20) : أي أبقينا عليه (21) .
2 ـ الخصومة لغة : سبق بيان معناها (22) .
ثانياً : معنى ترك الخصومة اصطلاحاً :
عرفت الفقرة 88/1 من اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات ترك الخصومة بأنه : (( تنازل المدعي عن دعواه القائمة أمام المحكمة مع احتفاظه بالحق المدعى به بحيث يجوز له تجديد المطالبة به في أي وقت )) .
ويترتب على ترك الخصومة إلغاء كافة الآثار المترتبة على قيامها (23) . وتكون للمدعي مصلحة في ترك دعواه في حالات منها :
1 ـ إذا تبين له أنه تعجل في إقامة الدعوى قبل جمع بينته عليها ، وخشي العجز عن إثباتها فيما لو سار فيها .
2 ـ إذا تبين له بعد إقامة الدعوى أنه قد أقامها لدى محكمة غير مختصة بنظرها .
3 ـ إذا أقام الدعوى مطالباً بالإلزام بدين لم يحل أجل الوفاء به (24) .
4 ـ (( إذا رفع من أصابه ضرر من الجريمة دعواه بطلب التعويض إلى محكمة مختصة ، ثم رفعت الدعوى الجزائية جاز له ترك دعواه أمام تلك المحكمة . وله رفعها إلى المحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية )) ، وفق ما نصت عليه المادة الرابعة والخمسون بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية (25) .
المبحث الثاني : شروط ترك الخصومة
يشترط لترك الخصومة ثلاثة شروط :
الشرط الأول : أن يحصل ترك الخصومة من شخص أهل للتقاضي (26) ، ولا يجوز ترك الخصومة من الوكيل ما لم يكن مفوضاً تفويضاً خاصاً في الوكالة (27) .
وإذا تعدد المدعون ، وكانت الدعوى قابلة للتجزئة في موضوعها جاز لبعضهم تركها ، وتضل قائمة في حق الباقين (28) . فإن لم تقبل التجزئة لم يصح الترك إلا من جميع المدعين .
وإذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعي تركها عن بعضهم ؛ إذا كانت الدعوى قابلة للتجزئة (29) . فإن لم تقبل التجزئة لم يصح الترك إلا إذا كان عن جميع المدعى عليهم . و(( لا يكون لترك المدعي بالحق الخاص دعواه تأثير على الدعوى الجزائية العامة )) (30) .
الشرط الثاني : موافقة المحكمة على ترك المدعي للخصومة ، إذا كان الترك بعد إبداء المدعى عليه دفوعه ؛ وفق ما نصت عليه المادة الثامنة والثمانون من نظام المرافعات ، ولم تذكر اللائحة التنفيذية لهذه المادة ماهي العلة في ذلك ؟ كما لم يُذكر في النظام ولوائحه هل يشترط موافقة المدعى عليه على الترك ، أم لا ؟ (31) .
والذي يظهر لي إجابة على السؤال الثاني أن سكوت النظام ولوائحه دليل على عدم اشتراط موافقة المدعى عليه على الترك ، والذي أراه هنا هو التفريق بين حالتين :
الحالة الأولى : أن تتضمن إجابة المدعى عليه ، أو دفعه طلباً ، فيكون مدعياً في ذلك ، وتكون الخصومة حقاً مشتركاً بينه وبين المدعي ، فيكون اشتراط موافقة المدعى عليه على الترك أمراً متوجهاً .
الحالة الثانية : أن يتخلف المدعى عليه عن الحضور في جميع الجلسات ، أو يحضر ويدفع بعدم اختصاص المحكمة ، أو ببطلان صحيفة الدعوى ، ونحو ذلك ممّا يكون القصد منه منع المحكمة التي تنظر الدعوى من المضي في سماعها ، أو يدفع بعدم استحقاق المدعي لما يدعيه ونحو ذلك ، فيتوجه هنا عدم اشتراط موافقته .
أما الإجابة على السؤال الأول وهو العلة في اشتراط موافقة المحكمة على الترك بعد إبداء المدعى عليه دفوعه ، فيظهر لي أنه يرجع إلى أن المصلحة العامة قد تقتضي في بعض الحالات تجلية الأمر ، والحكم في الدعوى ، فاشترط موافقة المحكمة على الترك ، ولم يترك الأمر معلقاً على إرادة المدعي فقط .
الشرط الثالث : أن يكون ترك الخصومة خالياً من أي قيد ، أو شرط يهدف إلى التمسك بصحة الخصومة ، أو بأي أثر من الآثار المترتبة على قيامها (32) .
فإذا توفرت هذه الشروط جاز للمدعي ترك الخصومة في أي حالة تكون عليها قبل صدور الحكم في موضوعها (33) .
المبحث الثالث : إجراءات ترك الخصومة
نصت المادة الثامنة والثمانون من نظام المرافعات على إجراءات ترك الخصومة ، وحددت على سبيل الحصر طرقاً أربعة لترك الخصومة . والعلة في ذلك ـ فيما يظهر لي ـ تفادي الخلاف الذي قد يقوم حول حصول الترك ، أو عدم حصوله (34) .
وهذه الطرق كما يلي :
الطريق الأول : تبليغ بترك الدعوى يوجهه المدعي بواسطة محضري الخصوم إلى المدعى عليه (35) .
الطريق الثاني : تقرير من المدعي بترك الخصومة لدى الكاتب المختص ، والكاتب المختص هو : الكاتب في مكتب المواعيد ، وعلى الكاتب إبلاغ المدعى عليه عن طريق المحضرين بترك المدعي للخصومة (36) .
الطريق الثالث : بيان صريح من المدعي بترك الخصومة يدون في مذكرة موقع عليه منه ، أو من وكيله ، تشعر به المحكمة ؛ مع اطلاع خصمه عليها (37) .
الطريق الرابع : إبداء المدعي لطلبه ترك الخصومة شفوياً أثناء الجلسة ، واثبات ذلك في ضبطها (38) .
فإذا لم يراع المدعي في ترك الخصومة أحد هذه الطرق لم ينتج الترك أثره (39) .
وإذا طلب المدعي ترك الخصومة متبعاً في ذلك أحد الطرق المقررة لتركها ؛ قام القاضي بتدوين طلبه في دفتر الضبط ، ثم أعاد المعاملة للجهة الواردة منها (40) .
1/2
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي