المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إضاءات على القرار الإداري ....



ابو حسن عسيري
10-02-2009, 09:47 PM
الحلقة الأولى : ماهية القرار الإداري وأركانه وشروط صحته وعيوبه

ما هو القرار الإداري ؟
حقيقة القرار الإداري تتلخص في أنه تصرف بإرادة منفردة من قبل جهاز حكومي يتمتع بالشخصية المعنوية العامة
ويعرفه فقهاء القانون الإداري بأنه : [ إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث مركز قانوني معين إنشاء أو تعديلاً أو إلغاء ]

شرح التعريف :
قولهم ( إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة ) هذا يعني أن القرار الإداري دائماً يصدر بناء على سلطة تقديرية من الجهة الإدارية بمعنى أنها مخيرة بين اتخاذ القرار أو عدم اتخاذه ... وهذا يعني أن الإدارة إذا كانت ملزمة باتخاذ القرار - بقوة القانون - فلا يعتبر هذا القرار قراراً إدارياً بالمعنى الفني وعليه فهو لا يخضع لرقابة ديوان المظالم

مثال توضيحي :
شخص صدر بحقه حكم شرعي يقضي بجلده لكونه شرب الخمر ، وبناء عليه أصدر الوزير المختص قراراً بفصله بناء على صدور حكم شرعي جزائي في حد من الحدود ، ونظامالخدمة المدنية أوجبت فصل من يصدر بحقه عقوبة حدية ... هنا لا يستطيع هذا الشخص التظلم من قرار الفصل ،،، لأنه قرار لا تملك الإدارة إزاءه أي سلطة تقديرية
غاية ما هنالك أنه يصدره تنفيذاً للنظام ، فهو قرار كاشف فقط ...

المركز القانوني هو الأثر المباشر للقرار ، وقد يكون إنشاء له أو تعديلاً أو إلغاء

مثاله :
قرار بتعيين موظف ... المركز القانوني الجديد هو كون الشخص المعين أصبح موظفاً بكل ما يعنيه ذلك من حقوق أصبح يتمتع بها لم يكن يتمتع بها قبلاً .... وقس على لك

وقلنا أولاً : ( جهازحكومي يتمتع بالشخصية المعنوية العامة ) احترازاً من الكيانات التي تتمتع بالشخصية المعنوية الخاصة كالشركات مثلاً
وعليه فالشركات وإن كانت بكاملها حكومية فليست قراراتها قرارات إدارية ، لأنها وإن كانت تتمتع بالشخصية المعنوية فهي شخصية معنوية / حكمية خاصة وليست عامة

ويدخل في ذلك المؤسسات العامة جميعها فإنها تتمتع بالشخصية المعنوية العامة


هذا كله تعريف للقرار من الداخل أما من الخارج ( بالتمييز بينه وبين ما يشتبه به )
فأهم ما يذكر في هذا المقام هو التمييز بين القرار والنظام ( القانون )

فما هو الفرق بين القرار الإداري والنظام ؟

لقد اختلف فقهاء القانون الإداري في ذلك ، ولكن الخلاصة هو أن الشكل هو الفيصل في التفرقة كقاعدة عامة ، وعليه فانظر لأداة الصدور فإن كانت مرسوماً ملكياً فهو نظام وإلا كان قراراً والنظام بالطبع لا يمكن التظلم منه بخلاف القرار

أركانه وشروطه وعيوبه

عند القانونيين : ( السبب ، الاختصاص ، المحل ، الغاية ، الشكل )
وانتقد بعض الفضلاء هذا الحصر وقال بأنه مجرد ترجمة للكتب الفرنسية دون مراعاة لمصطلحات أصول الفقه ، واختار حصراً آخر يشابه طريقة الغزالي ومن أخذ عنه من الفقهاء خلافاً للحنفية فقال :
أركان القرار الإداري هي :
مصدر القرار – الصيغة – المحل – الشكل [ الشكل قد يكون ركناً وقد يكون شرطاً ] .

والحقيقة أن السبب دائماً حالة سابقة على القرار فلا يمكن أن يكون السبب ركناً من أركان القرار الإداري

وعليه فالصحيح أن السبب هو ما يسميه القانونيون بالحافز وهو يوجد في ركن / مصدر القرار ، كذلك الاختصاص لا يمكن أن يكون ركناً من أركان القرار الإداري بل هو من شروط مصدر القرار

وعليه فيمكن تلخيص شروط صحة القرار الإداري تفريعاً على أركانه فنقول :
يشترط في مصدر القرار شرطان :
(1) الحافز ( واقعة مادية / قانونية ) تجعل مصدر القرار يتخذه [ وهو ركن السبب عن القانونيين ]
والقاضي الإداري يحاول دائماً استنباط السبب ، لأن مصدر القرار قد يكون سببه غير مشروع
وأوضح مثال لذلك ما يسمى بالنقل التأديبي
فإن النظام وضع لتأديب الموظف عقوبات محصورة لا يجوز للإدارة تجاوزها ، والنقل لا بد أن يكون لمصلحة العمل فقط ( كسدعجز في جهة معينة مثلاً ) ولكن القرار قد يتخذ لبوس المصلحة العامة وحقيقته التأديب ،، هنا يأتي دور القاضي الإداري في النظر في القرائن ليحاول استخلاص السبب الحقيقي من وراء اتخاذ القرار ( النقل في مثالنا ) فإن توصل إلى أن السبب هو فعلاً معاقبة الموظف حكم بإلغائه وإلا حكم بصحته

(2) الشرط الثاني : الاختصاص .

أما ركن الصيغة فيشترط فيه : الوضوح – السلامة اللغوية والشرعية – السلامة من التناقض .

أما ركن المحل فيشترط فيه : الإمكان الشرعي والعقلي والعادي .

أما عيوب القرار الإداري التي يتكيء المتظلم دائماً عليها ويصوب إليها سهام تظلمه فأهمها :
(1) عدم السبب أو عدم مشروعيته ( عدم مشروعيته يعني صدور قرار مخالفة لنظام ما )
(2) عدم الاختصاص ( أو الصلاحيات )

وجزاكم الله كل خير ....

ابو حسن عسيري
18-03-2009, 07:43 PM
إضاءات على القرار الإداري .... (2)

أقسام القرار الإداري

ينقسم القرار الإداري من حيث الصحة وعدمها إلى :
قرار صحيح
قرار باطل
قرار معدوم

والفرق بين الانعدام والبطلان يكمن في أن القرار الباطل هو كل قرار شابه عيب من عيوب القرار أما القرار المنعدم فهو القرار الذي شابه عيب جسيم ...

ومن أظهر أمثلة العيوب الجسيمة : غصب السلطة ...

وفائدة هذا التقسيم تكمن في أن القرار الباطل يطعن فيه بواسطة دعوى الإلغاء ، وعليه فلا بدمن التقيد بشروطها وأهم الشروط مراعاة المواعيد ...
أما القرار المنعدم فيطعن فيه في أي وقت ولا يشترط التظلم قبل ذلك ...

كما أن القرار المعدوم يجوز الطعن فيه عن طريق الدفوع فلا يلزم تقديم دعوى جديدة ...

مثال ذلك :
شخص قدم شهادة مزورة وبناء عليه عين في وظيفة ما ... وبعد سنوات عديدة استحق الترقية ولم يرق ... فقدم دعوى ضد الجهة الإدارية يطلب فيها ترقيته ... فاكتشف ممثل الجهة الإدارية هنا الدفع بأن قرار التعيين أصلاً غير صحيح كونه صدر بلا سبب ( لا يملك الشخص مؤهل هذه الوظيفة )

ينقسم القرار كذلك من حيث مداه وعموميته إلى :
قرار فردي
قرار عام

ومما سبق في خصائص القاعدة القانونية نعلم أن من أظهر خصائصها :
العمومية ( للأشخاص )
والتجريد ( للوقائع )

والقرار الإداري العام ( اللائحة ) تشبه القرار الفردي من حيث الشكل ( لأنهما يصدران عن السلطة التنفيذية ) وتشبه القانون من حيث المعنى ( لأنهما عامان مجردان ) ،

لكن الشكل هو المغلب هنا فتعامل اللائحة كالقرار من حيث الرقابة القضائية ،

ويفرق بين اللائحة والقرار الفردي بفروق أهمها :
أن القرار الفردي يستنفذ الغرض منه بجرد تنفيذه مرة واحدة بخلاف اللائحة

وأن الطعن في القرار الفردي يجب أن يكون خلال المواعيد المقررة نظاماً أما الطعن في اللائحة وإن كان الأمر كذلك فإنه يمكن الطعن فيها بطريق غير مباشر عن طريق الطعن في القرار المبني عليها ولو كان بعد تحصن اللائحة ،

واللوائح في الفقه الإداري أنواع : تنفيذية – أصلية – تفسيرية .

أما اللائحة التنفيذية فهي اللائحة التي يضعها الوزير المختص تنفيذاً لنظام كاللائحة التنفيذية لنظام المرافعات
واللائحة الأصلية هي اللائحة التي يضعها الوزير لمعالجة وضع معين لم يصدربخصوصه نظام
واللائحة التفسيرية هي اللائحة التي الغرض منها تفسير النظام ...
مع ملاحظة أن اللائحة التفسيرية تعتبر دليلاً استرشادياً وتقدم فهم جهة الإدارة للنظام ... وهوغير ملزم للقاضي الإداري ومثال ذلك ... اللائحة التفسيرية لنظام الأوراق التجارية ، نظام الشركات
و نظام ديوان المظالم ( القديم ) ... وجزاكم الله كل خير

ابن البدر
25-12-2009, 01:46 AM
الاخ الكريم /ابو حسن عسيري
جزاك الله كل خير
ولي منك طلب لو سمحت....

د. ناصر بن زيد بن داود
25-12-2009, 01:05 PM
شكراً لك أبا الحسن .
مختصرات كعقد اللؤلؤ المطعم بأحجار الألماس . لا عدمناك أخا الأزد

القاضي إياس
29-12-2009, 08:08 PM
جزاك الله كل خير ونفع بما كتبت يا أبا حسن