المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تغيب المدعى عليه إذا كان واحداً عن الجلسة في الدعوى الحقوقية



الزغيبي
01-06-2011, 04:44 PM
مسائل قضائية
(56)
غياب المدعى عليه عن الجلسة ، وحضور المدعي

أولاً : تغيب المدعى عليه إذا كان واحداً عن الجلسة في الدعوى الحقوقية


الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين , أما بعد :

ففي الرابع من شهر صفر من عام 1346هـ صدر أمر ملكي (48) تضمن الفصل الثالث منه تعليمات خاصة بضمان سرعة إنجاز القضايا ، وجاء في المادة العاشرة منه أنه : (( إذا حضر المدعي ، ولم يحضر المدعى عليه في الوقت المحدد لسماع الدعوى بغير عذر شرعي يقدمه للمحكمة أحضر للمرة الثانية بواسطة الشرطة ، فإذا اختفى اعتبر غائباً ، وأجرى عليه حكم الغائب )) .
وفي 24/1/1372هـ صدر نظام تنظيم الأعمال الإدارية في الدوائر الشرعية وقد نصت المادتان السادسة والعشرون والسابعة والعشرون منه على أنه : (( إذا حضر المدعي ولم يحضر المدعى عليه بمجلس الحكم في الوقت المحدد ولم يقدم إلى المحكمة عذراً مقبولاً فعلى الحاكم إحضاره في الحال بواسطة ... الشرطة .... (فإن) لم يعثر عليه فعلى الحاكم أن يعين جلسة أخرى .... ويكلف المخفر بالبحث عن الخصم المتخلف بمساعدة عمدة المحلة وتبليغه وقت الجلسة الثانية وإخطاره بأنه إذا لم يحضر فيها فسيستمر الحاكم في القضية ويحكم عليه غيابياً ويؤخذ عليه محضر .... (ف) إذا حضر في الجلسة الثانية ... وإلا فعلى الحاكم رصد المحضر بدفتر الضبط والسير في القضية وسماع البينة عليه غيابياً مع إشعار المدعى عليه بذلك وبموعد الجلسة الثالثة فقط )) . كما نصت المادة التاسعة والعشرون منه على أنه : (( إذا تكرر تخلف الخصم في قضية واحدة أكثر من مرتين بدون عذر مقبول يعتبره الحاكم مختفياً وتسمع البينة ويحكم عليه غيابياً )) .
ويلحظ في النظامين المشار إليهما آنفاً ، وما صدر بينهما من أنظمة (49) ، أنها عبرت بعدم الحضور ، ولم تعبر بالغياب ليشمل ذلك الغائب عن البلد ، والمستخفي فيه ، كما يلحظ فيها إحضار المتخلف عن الحضور جبراً بواسطة الشرطة .
ثم صدر نظام المرافعات ملغياً لنظام تنظيم الأعمال الإدارية في الدوائر الشرعية ، ونصت المادة الخامسة والخمسون منه على أنه : (( إذا غاب المدعي عليه عن الجلسة الأولى ، فيؤجل النظر في القضية إلى جلسة لاحقه يبلغ بها المدعى عليه ، فإن غاب عن هذه الجلسة، أو غاب عن جلسة أخرى دون عذر تقبله فتحكم المحكمة في القضية....)) .
وعند التأمل أجد أن ما ذكر من تأجيل النظر في القضية عند غياب المدعى عليه إلى جلسـة أخرى ليـس على إطلاقه كما يفهم من المادة المذكـورة ؛ بل هو في حال دون حال ، وذلك على النحو التالي :


الحالة الأولى : أن يكون تبليغ المدعى عليه لغير شخصه .

فإذا بلغ المدعى عليه لغير شخصه ، فغاب عن الجلسة ، ولم يودع مذكرة بدفاعه للمحكمة قبل الجلسة ، فيؤجل القاضي النظر في القضية إلى جلسة لاحقه ، ويعاد تبليغه مرة أخرى ، فإن غاب عن الجلسة الثانية ، أو جلسة بعدها دون عذر تقبله المحكمة، فتحكم المحكمة في القضية سواء بلغ المدعى عليه بالجلسة الثانية لشخصه ، أم لغير شخصه (50) ، وسيرد تفصيل الحكم في مبحث قادم (51) .
ويستثنى من ذلك الدعاوى المستعجلة ، وتشتمل الدعاوى المنصوص عليه في المادة الرابعة والثلاثين بعد المائتين من نظام المرافعات ، وكذا الدعاوى الأخرى التي يعطيها النظام صفة الاستعجال (52) ، فلا يتم إعادة الإعلان مرة أخرى إذا تم صحيحاً ؛ بل تنظر المحكمة في الدعوى ، وتحكم فيها (53) ؛ سواء كان التبليغ لشخص المدعى عليه ، أو لغير شخصه ، ويسـتثنى من ذلك ما إذا نقص الميعاد عن أربع وعشرين ساعة ، وهي المدة الأقل لطلب المدعى عليه في الدعاوى المستعجلة ، فلا بدّ في هذه الحالة أن يكون التبليغ لشخص المدعى عليه ، أو وكليه في الدعوى نفسها (54) ؛ وإلا أعيد الإعلان مرة أخرى .
والمراد بتبليغ المدعى عليه لغير شخصه تبليغ من يوجد في محل إقامته من الساكنين معه من أهله ، وأقاربه وأصهاره ، أو من يوجد ممن يعمل في خدمته ، أو عمدة الحي ، أو قسم الشرطة ونحوهما ممن يقع محل إقامته في نطاق اختصاصهم (55) .
أما التبليغ لشخصه فيكون بتبليغ الموعد للمدعى عليه مباشرة ، أو بوساطة وكيله الشرعي في القضية نفسها (56) .
جدير بالذكر أن تبليغ الأجهزة الحكومية ، والأشخاص ذوي الشخصية المعنوية كالشركات والمؤسسات ونحوها يعد من التبليغ لغير شخص المدعى عليه (57) .
وحكم وكيل المدعى عليه في الغياب حكم الأصيل ، فإذا حضر وكيل المدعى عليه الجلسة الأولى ، ولم يقدم وكالته ، فيؤجل إلى جلسة ثانية ليحضر الوكالة ، ويفهم بذلك ، ويدون في ضبط الدعوى ، فإذا تخلف عن الحضور في الجلسة الثانية ، أو لم يحضر الوكالة اعتبـر غائباً ، وإن قـدم الوكيل وكالة لا تخوله الإجراء المطلوب فيفهمه القاضي بإكمال المطلوب من قبل موكله ، وأنه إذا لم يقدم وكالة مكتملة في الجلسة المحددة فيعتبر في حكم الغائب (58) ، فإذا حضر في الجلسة المحددة دون إكمال المطلوب اعتبر في حكم الغائب .


الحالة الثانية : أن يكون تبليغ المدعى عليه لشخصه .

إذا بلغ المدعى عليه لشخصه ، أو وكيله الشرعي في القضية نفسها ، بموعد الجلسة ، أو أودع هو أو وكليه مذكرة بدفاعه للمحكمة قبل الجلسة ، فغاب عن الجلسة ؛ نظرت المحكمة الدعوى ، وحكمت فيها دون تأجيل .

ولسائل أن يقول بأن ما ذكر آنفا يخالف المادة الخامسة والخمسين من نظام المرافعات والتي نصت على أنه : (( إذا غاب المدعى عليه عن الجلسة الأولى فيؤجل النظر في القضية إلى جلسة لاحقه يبلغ بها المدعى عليه )) ، فلم تفرق المادة المذكورة بين من بلغ لشخصه ومن بلغ لغير شخصه ، فمن أين جاء التفريق ؟
وعليه أجيب بأن التفريق جاء من خلال ما يفهم من بعض فقرات اللائحتين التنفيذيتين للمادتين الخامسة والخمسين ، والسادسة والخمسين من نظام المرافعات ، وما يفهم من المادة السادسة والخمسين منه ، وهو كما يلي :
1ـ جاء في الفقـرة 56/6 من اللوائـح التنفيـذية في حـال تعـدد المدعى عليهم ما نصه : (( إذا تغيب من أعلن لشخصه، وحضر من لم يعلن لشخصه فعلى المحكمة نظر القضية، والحكم فيها )) .
فنصت على نظر الدعوى والحكم فيها دون إعادة التبليغ لمن بلغ لشخصه .
2 ـ جاء في الفقرة 55/2 من اللوائح التنفيذية ما نصه : (( إذا كان التبليغ للمدعى عليه لغير شـخصه ... ولم يحضر، فيؤجـل النظـر في القضية إلى جلسة لاحقة ، ويعاد التبليغ ... )) .
فمفهوم المخالفة لهذه الفقرة أنه إذا كان التبليغ لشخص المدعى عليه فإنه لا يعاد التبليغ .
3 ـ جاء في الفقرة 55/1 من اللوائح التنفيذية : (( إذا تبلغ المدعى عليه لشخصه ، أو وكيله الشـرعي في القضية نفسـها ، بموعد الجلسة ....، فيعد الحكم في حقه حضورياً ... )) . فلم تشر الفقرة إلى إعادة الإعلان رغم أنها الفقرة الأولى في لائحة المادة الخامسة والخمسين من نظام المرافعات .
4 ـ جاء في المادة السادسة والخمسين من نظام المرافعات ما نصه : (( إذا تعدد المدعى عليهم ، وكان بعضهم قد أعلن لشخصه وبعضهم الآخر لم يعلن لشخصه ، وتغيبوا جميعاً أو تغيب من لم يعلن لشخصه وجب على المحكمة .... تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة تالية يعلن المدعى بها من لم يعلن لشخصه من الغائبين )) . فنصت على أن إعادة الإعلان لمن أعلن لغير شخصه ، ومفهومها أن من أعلن لشخصه لا يعاد إعلانه ، وأن تأجيل الجلسة إنما هو لإبلاغ من لم يعلن لشخصه .
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

(48) انظر : مجموعة الأنظمة ، قسم القضاء الشرعي ، ط معهد الإدارة ، وانظر : نص الأمر أيضاً في كتاب لمحات حول القضاء في المملكة العربية السعودية ، عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ، ط الأولى ، 1411هـ ، طبع دار الشبل ، الرياض ، ص145 وما بعدها .
(49) نظام سير المحاكمات الشرعية الصادر سنة 1350هـ ، ونظام المرافعات الصادر سنة 1355هـ انظر : مجموعة الأنظمة ـ قسم القضاء الشرعي .
(50) انظر : اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات ، ف55/1 ، 55/2 .
(51) انظر : ثانياً ، من المطلب الأول ، من المبحث الثامن .
(52) انظر : اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات ، ف32/16 ، 32/17 ، 58/1 ( أ ) .
(53) انظر : اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات ، ف235/4 ،56/3 .
(54) انظر : اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات ، ف235/1 ، 235/2 .
(55) انظر : نظام المرافعات ، م15 ، 18؛ اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات ، ف 56/2 .
(56) انظر : نظام المرافعات ، م 15 ؛ اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات ، ف56/2، 15/1 .
(57) انظر : المرافعات المدنية والتجارية ، د . أحمد أبو الوفا ، ص566 .
(58) انظر : اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات ، ف48/4 ، 48/5 .

الأعمش
01-06-2011, 05:58 PM
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ

جميل السجايا
02-06-2011, 10:34 AM
جزاك الله خيرا ياشيخ