ابوعبدالعزيز
15-02-2009, 12:44 PM
جريدة الاقتصادية - الأحد 20 صفر 1430 هـ. الموافق 15 فبراير 2009 العدد 5606
المحكمة الإدارية تقابل محكمة النقض ويطعن أمامها في الأحكام المستأنفة
منعطف مهم في مسيرة القضاء .. تطوير الجهاز نظريا وعمليا
التنظيم الجديد للقضاء جاء على شكل حزمة تشريعية تشمل نظامين رئيسين هما نظام القضاء ونظام ديوان المظالم ذلك أن إعادة الهيكلة تتسم بالعموم والشمول لكل ما له علاقة بالقضاء، ونحن اليوم أمام تشريع جديد يلبي الاحتياج النظري والعملي نحو تطوير الجهاز القضائي، وبالتالي فإن المتوقع أن تنال المحكمة الإدارية العليا نصيباً وافراً من الاهتمام فهي تقابل محكمة النقض، ويطعن أمامها في الأحكام المستأنفة وفق ضوابط دقيقة حددها النظام فهي درجة ثالثة من درجات التقاضي، والطعن أمامها يعد من طرق الطعن غير العادية، كما هو مستقر عليه قضاء، كما أن رئيس المحكمة الإدارية العليا بالديوان سيكون بمرتبة وزير وسينوب عن رئيس الديوان في مجلس القضاء الإداري الذي حل محل مسمى لجنة الشؤون الإدارية، كما أن المجلس سيتكون من رئيس الديوان رئيساً ورئيس المحكمة الإدارية العليا عضوا، وأقدم نواب رئيس المحكمة الإدارية العليا عضوا، وأقدم نواب رئيس الديوان وأربعة قضاة ممن يشغلون درجة قاضي استئناف يسمون بأمر ملكي، كما أن الاختصاص الولائي للديوان أضيف إليه النظر في الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة العسكرية والنظر في دعاوى إلغاء القرارات التأديبية وقرارات المجالس التأديبية وقرارات اللجان شبه القضائية والقرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام المتصلة بنشاطها، كما أضاف النظام الاختصاص العام للديوان، وذلك بالنظر في جميع المنازعات الإدارية دون استثناء. وما يجب أن تتوجه نحوه أقلام المتخصصين هو توضيح ما تضمنه التشريع الجديد، فقد تم استحداث محاكم الاستئناف في القضاء العادي (المحاكم الشرعية) والقضاء الإداري (ديوان المظالم)، والاستئناف درجة قضائية جديدة، بل هي مصطلح جديد يدخل إلى قاموسنا الحقوقي وهو تأكيد على أن للمتقاضين ألحق في فرصة قضائية ثانية أمام محكمة أعلى ومن قضاة لديهم الصلاحية في نظر الموضوع برمته ومن جميع جوانبه، وهذا أيضاً حق للخصوم، ومطلب عادل وعامل مساعد في التأكد من إصابة الحق وسلامة الحكم وعدالة القرار.
إن وجود محاكم استئناف يخلق تكاليف عالية وحاجة ماسة إلى كوادر قضائية، أما الإمكانات الإدارية فإنها عبء آخر، ولكن ولي الأمر قد عقد العزم على تطوير القضاء ووضع مشروعا وطنيا يتناسب مع الزيادة المطردة في حجم الأعمال وتحقيق الحماية المثالية في صورتها الفلسفية والنظرية مع تأكيد على الجهات المختصة، ومنها وزارة العدل لأخذ هذا المشروع والسير به قدماً لتحقيق الهدف الرئيس وهو وجود هيكل قضائي لدولة بحجم المملكة يعكس عدالة الشريعة وسلامة القصد وأهمية الغاية.
إن مسألة رقابة القضاء على ما تصدره محاكم الدرجة الأولى ستتوافر بما يحقق ضمان سلامة الأحكام من ناحية، وارتفاع الأداء المهني لأعمال القضاة بصورة عامة من ناحية أخرى، أما مسألة نشوء المبادئ القضائية فإنها ستتركز على تلك القواعد والضوابط التي تعتمدها محاكم الاستئناف، سواء في ديوان المظالم أو المحاكم العامة. إن إيجاد درجة استئناف بكامل تشكيلها في الجهتين تعد منعطفا مهما في مسيرة القضاء السعودي، حيث سيكون قضاة الاستئناف هم الأعلى تأهيلاً وخبرة، وسيتطلب ذلك تعيين عدد كبير من القضاة في المحاكم والاستعانة بالكفاءات المؤهلة ذات الخبرة العملية وتوفير الإمكانات المادية والإدارية التي تساعد المحاكم على حسن الأداء والسرعة في الفصل في الدعاوى المطروحة أمامها.
إننا متفائلون بأن يكون لدينا جهتان قضائيتان فقط هما ديوان المظالم والمحاكم العامة وأن يصل التطور القضائي في المملكة إلى مرحلة تأوي اختصاص تلك اللجان الإدارية إلى قاضيها الطبيعي في ظل إحدى الجهتين القضائيتين، ولكن ذلك لن يكون بالتمني، بل بالتخطيط الجيد والمدروس الذي يبدأ في مرحلة إعداد الطالب في الجامعة ليكون قاضياً له مدارك واسعة ونفس رحبة وتهيئة علمية شرعية وحقوقية يمزجها بتجربة عملية لكي يكون قاضياً يؤثر إيجاباً في سير العدالة، وهي مرحلة مقبلة لا شك في ذلك، ولكنها تتطلب المبادرة من الجهتين القضائيتين ديوان المظالم والمحاكم العامة ومن الجامعات التي تؤهل الكوادر القضائية.
ولأن برنامج إعادة هيكلة القضاء هو مشروع وطني يتبناه الملك شخصياً، فإنه يهدف في نهاية المطاف إلى وضع الأمور في نصابها الصحيح، فالمرحلة التي نعيشها اليوم هي مرحلة تتميز بالتحديات وضرورة أن نكون أقرب إلى الوضع المثالي الصحيح لضمان سير الأمور القضائية في مسارها الصحيح. ولعل البداية كانت بإصدار الأنظمة العدلية وهي نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية ونظام المحاماة وهي أنظمة كفلت سلامة الإجراءات ووضوحها، ولكن الخطوة الأخرى أخذت طريقها بإصدار نظامين لمواجهة تعقيد الدعاوى القضائية وتزايد أعدادها، خصوصاً مع مرحلة الانفتاح على الاستثمار الأجنبي في الأنشطة التجارية التي ستكون رافداً للاقتصاد الوطني وداعماً لزيادة الدخل القومي.
إن وضع القضاء التجاري وإنشاء محاكم مرورية وعمالية ومحاكم للأحوال الشخصية يعتبر قفزة كبيرة في تاريخ القضاء السعودي، بل إن أوضاع القضاء سيعاد ترتيبها بالكلية بحيث يبقى ديوان المظالم جهة اختصاص ولائي في القضاء الإداري فقط بحيث ينظر في منازعات العقود الإدارية والطعن في القرارات الإدارية أي أنه سيكون قضاء تعويض عن أعمال الإدارة وطعن وتظلم من قراراتها وسيحال ما عدا ذلك من اختصاصات قضائية إلى المحاكم العامة.
وإذا كانت المحاكم العامة، وكذلك الجزئية قد قطعت شوطاً لا بأس به في سبيل تطوير أوضاعها وتحسين آليات عملها، فإن ذلك يعتبر من المهام التي تتولاها حالياً وزارة العدل في سياق توجيه كريم من المقام السامي، ولكن ما لا يقل أهمية عن ذلك أن يتم النظر بصرامة وحزم إلى تلك اللجان الإدارية التي تمارس القضاء، وهي ليست بقضاء فليس العاملون بها من القضاة الذين لهم الاستقلالية ووضع وظيفي وإشراف قضائي يؤهلهم للفصل والبت والحكم في القضايا التي تعرض عليهم، وبالتالي يجب نقل اختصاص تلك اللجان إلى القضاء العادي، حيث يمكن الاستفادة من الكوادر البشرية المؤهلة التي يسمح وضعها بتحويلها إلى القضاء ضمن هيكله الإداري والوظيفي.
المحكمة الإدارية تقابل محكمة النقض ويطعن أمامها في الأحكام المستأنفة
منعطف مهم في مسيرة القضاء .. تطوير الجهاز نظريا وعمليا
التنظيم الجديد للقضاء جاء على شكل حزمة تشريعية تشمل نظامين رئيسين هما نظام القضاء ونظام ديوان المظالم ذلك أن إعادة الهيكلة تتسم بالعموم والشمول لكل ما له علاقة بالقضاء، ونحن اليوم أمام تشريع جديد يلبي الاحتياج النظري والعملي نحو تطوير الجهاز القضائي، وبالتالي فإن المتوقع أن تنال المحكمة الإدارية العليا نصيباً وافراً من الاهتمام فهي تقابل محكمة النقض، ويطعن أمامها في الأحكام المستأنفة وفق ضوابط دقيقة حددها النظام فهي درجة ثالثة من درجات التقاضي، والطعن أمامها يعد من طرق الطعن غير العادية، كما هو مستقر عليه قضاء، كما أن رئيس المحكمة الإدارية العليا بالديوان سيكون بمرتبة وزير وسينوب عن رئيس الديوان في مجلس القضاء الإداري الذي حل محل مسمى لجنة الشؤون الإدارية، كما أن المجلس سيتكون من رئيس الديوان رئيساً ورئيس المحكمة الإدارية العليا عضوا، وأقدم نواب رئيس المحكمة الإدارية العليا عضوا، وأقدم نواب رئيس الديوان وأربعة قضاة ممن يشغلون درجة قاضي استئناف يسمون بأمر ملكي، كما أن الاختصاص الولائي للديوان أضيف إليه النظر في الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة العسكرية والنظر في دعاوى إلغاء القرارات التأديبية وقرارات المجالس التأديبية وقرارات اللجان شبه القضائية والقرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام المتصلة بنشاطها، كما أضاف النظام الاختصاص العام للديوان، وذلك بالنظر في جميع المنازعات الإدارية دون استثناء. وما يجب أن تتوجه نحوه أقلام المتخصصين هو توضيح ما تضمنه التشريع الجديد، فقد تم استحداث محاكم الاستئناف في القضاء العادي (المحاكم الشرعية) والقضاء الإداري (ديوان المظالم)، والاستئناف درجة قضائية جديدة، بل هي مصطلح جديد يدخل إلى قاموسنا الحقوقي وهو تأكيد على أن للمتقاضين ألحق في فرصة قضائية ثانية أمام محكمة أعلى ومن قضاة لديهم الصلاحية في نظر الموضوع برمته ومن جميع جوانبه، وهذا أيضاً حق للخصوم، ومطلب عادل وعامل مساعد في التأكد من إصابة الحق وسلامة الحكم وعدالة القرار.
إن وجود محاكم استئناف يخلق تكاليف عالية وحاجة ماسة إلى كوادر قضائية، أما الإمكانات الإدارية فإنها عبء آخر، ولكن ولي الأمر قد عقد العزم على تطوير القضاء ووضع مشروعا وطنيا يتناسب مع الزيادة المطردة في حجم الأعمال وتحقيق الحماية المثالية في صورتها الفلسفية والنظرية مع تأكيد على الجهات المختصة، ومنها وزارة العدل لأخذ هذا المشروع والسير به قدماً لتحقيق الهدف الرئيس وهو وجود هيكل قضائي لدولة بحجم المملكة يعكس عدالة الشريعة وسلامة القصد وأهمية الغاية.
إن مسألة رقابة القضاء على ما تصدره محاكم الدرجة الأولى ستتوافر بما يحقق ضمان سلامة الأحكام من ناحية، وارتفاع الأداء المهني لأعمال القضاة بصورة عامة من ناحية أخرى، أما مسألة نشوء المبادئ القضائية فإنها ستتركز على تلك القواعد والضوابط التي تعتمدها محاكم الاستئناف، سواء في ديوان المظالم أو المحاكم العامة. إن إيجاد درجة استئناف بكامل تشكيلها في الجهتين تعد منعطفا مهما في مسيرة القضاء السعودي، حيث سيكون قضاة الاستئناف هم الأعلى تأهيلاً وخبرة، وسيتطلب ذلك تعيين عدد كبير من القضاة في المحاكم والاستعانة بالكفاءات المؤهلة ذات الخبرة العملية وتوفير الإمكانات المادية والإدارية التي تساعد المحاكم على حسن الأداء والسرعة في الفصل في الدعاوى المطروحة أمامها.
إننا متفائلون بأن يكون لدينا جهتان قضائيتان فقط هما ديوان المظالم والمحاكم العامة وأن يصل التطور القضائي في المملكة إلى مرحلة تأوي اختصاص تلك اللجان الإدارية إلى قاضيها الطبيعي في ظل إحدى الجهتين القضائيتين، ولكن ذلك لن يكون بالتمني، بل بالتخطيط الجيد والمدروس الذي يبدأ في مرحلة إعداد الطالب في الجامعة ليكون قاضياً له مدارك واسعة ونفس رحبة وتهيئة علمية شرعية وحقوقية يمزجها بتجربة عملية لكي يكون قاضياً يؤثر إيجاباً في سير العدالة، وهي مرحلة مقبلة لا شك في ذلك، ولكنها تتطلب المبادرة من الجهتين القضائيتين ديوان المظالم والمحاكم العامة ومن الجامعات التي تؤهل الكوادر القضائية.
ولأن برنامج إعادة هيكلة القضاء هو مشروع وطني يتبناه الملك شخصياً، فإنه يهدف في نهاية المطاف إلى وضع الأمور في نصابها الصحيح، فالمرحلة التي نعيشها اليوم هي مرحلة تتميز بالتحديات وضرورة أن نكون أقرب إلى الوضع المثالي الصحيح لضمان سير الأمور القضائية في مسارها الصحيح. ولعل البداية كانت بإصدار الأنظمة العدلية وهي نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية ونظام المحاماة وهي أنظمة كفلت سلامة الإجراءات ووضوحها، ولكن الخطوة الأخرى أخذت طريقها بإصدار نظامين لمواجهة تعقيد الدعاوى القضائية وتزايد أعدادها، خصوصاً مع مرحلة الانفتاح على الاستثمار الأجنبي في الأنشطة التجارية التي ستكون رافداً للاقتصاد الوطني وداعماً لزيادة الدخل القومي.
إن وضع القضاء التجاري وإنشاء محاكم مرورية وعمالية ومحاكم للأحوال الشخصية يعتبر قفزة كبيرة في تاريخ القضاء السعودي، بل إن أوضاع القضاء سيعاد ترتيبها بالكلية بحيث يبقى ديوان المظالم جهة اختصاص ولائي في القضاء الإداري فقط بحيث ينظر في منازعات العقود الإدارية والطعن في القرارات الإدارية أي أنه سيكون قضاء تعويض عن أعمال الإدارة وطعن وتظلم من قراراتها وسيحال ما عدا ذلك من اختصاصات قضائية إلى المحاكم العامة.
وإذا كانت المحاكم العامة، وكذلك الجزئية قد قطعت شوطاً لا بأس به في سبيل تطوير أوضاعها وتحسين آليات عملها، فإن ذلك يعتبر من المهام التي تتولاها حالياً وزارة العدل في سياق توجيه كريم من المقام السامي، ولكن ما لا يقل أهمية عن ذلك أن يتم النظر بصرامة وحزم إلى تلك اللجان الإدارية التي تمارس القضاء، وهي ليست بقضاء فليس العاملون بها من القضاة الذين لهم الاستقلالية ووضع وظيفي وإشراف قضائي يؤهلهم للفصل والبت والحكم في القضايا التي تعرض عليهم، وبالتالي يجب نقل اختصاص تلك اللجان إلى القضاء العادي، حيث يمكن الاستفادة من الكوادر البشرية المؤهلة التي يسمح وضعها بتحويلها إلى القضاء ضمن هيكله الإداري والوظيفي.