المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تذيّل الأحكام القضائية النهائية بختم الصيغة التنفيذية اقتصر على الأحكام العامة فقط دون الأحكام الإدارية ؟!



سيف الفاروق
13-06-2011, 03:39 AM
في البداية نقدم التحية لوالدنا العزيز فضيلة الدكتور ناصر بن داوود وفضيلة قاضي المظالم والإخوة الكرام جميعاً
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته . . .
وآمل الإفادة عن ما وقعت فيه من أشكال والتوضيح عن كيفية العمل لتنفيذ حكم قضائي إداري قطعي يقضي بإلزام وزارة التربية والتعليم (المدعى عليها) بصرف رواتبي الشهرية المحجوزة دون مسوغ شرعي أو مستند نظامي من تاريخ إيقافها منذ عامين, والمبلغ إليها بخطاب معالي نائب رئيس ديوان المظالم الذي يفيد بتأييد محكمة الاستئناف بالرياض للحكم واكتسابه للقطعية وانه أصبح نهائيا واجب النفاد,رفق نسخة إعلام الحكم النهائي,ولكن بسبب امتناع جهة الإدارة الصادر ضدها عند التقدم لها بطلب تنفيذه اضطررت إلى رفع ذلك إلى أمير المنطقة كونه المعني بتنفيذ الإحكام القضائية المكتسبة للصفة النهائية وتم تزويده بخطاب معالي نائب رئيس ديوان المظالم ونسخة إعلام الحكم والمصادق عليها بختم تأييد محكمة الاستئناف ومصادقة ديوان المظالم بمطابقته للأصل,إلا أنني فوجئت برفض وعدم قبول الأمارة لنسخة الحكم والإصرار على جلب نسخة الحكم المذيلة بالصيغة التنفيذية بحجة أن الأمر السامي رقم (9624/م ب) وتاريخ 22/11/1430هـ الذي يؤكد في توجيه لجميع الجهات الحكومية اتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لتنفيذ الإحكام القطعية على الأموال العامة ومن ضمنها الأموال المنقولة (رواتب الموظفين) شريطة تسلمها الأحكام القضائية المذيلة بالصيغة التنفيذية الصادرة ضدها من المحاكم ,لانه حينما قمت بمراجعه الدائرة لتذيّل وإمهار الحكم المعني بالتنفيذ بالصيغة التنفيذية من قبل فضيلة مصدره وفقاً لما ورد في المادة 196/2 والتي نصت على انه(توضع الصيغة التنفيذية المذكورة من قبل القاضي مصدر الحكم أو خلفه موقعة منه وعليها خاتمه وخاتم المحكمة ، سواء أكان التنفيذ داخل المملكة أم خارجها) ,فضلاً عن كون الحكم محل التنفيذ من الأحكام القطعية وقد صدر وصادقت عليه محكمة الاستئناف (التمييز) طبقا للمادة 197/ب من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية ,فأفادتني الدائرة بأنه تم وقف وإلغاء ختم وتذيل الإحكام الإدارية بالصيغة التنفيذية ,فهنا يقع الإشكال؟!
فهل تذيّل الأحكام القضائية النهائية بختم الصيغة التنفيذية اقتصر على الأحكام العامة فقط دون الأحكام الإدارية ؟! ومن هي الجهة التي يلجئ لها حل هذا الإشكال ؟ وما السبيل والعمل حيال ذلك
أفيدونا بارك الله فيكم وجزاكم الله خير الجزاء

سيف الفاروق
14-06-2011, 06:31 PM
ارجوا الرد والمشورة على الموضوع من فضيلة قاضي المظالم وجميع الاخوة الافاضل المختصين فالدال على الخير كفاعله, بارك الله فيكم ,وجزاكم الله خير الجزاء,,,,,,

قاضي المظالم
15-06-2011, 12:41 AM
أخي الكريم ..


بماذا أجيبك فأنا حائرٌ أكثر منك .. فالسؤال متعلق بجرح ينزف من جسد القضاء الإداري ..


يؤسفني أن أقول: نحن لا نعمل في مؤسسة قضائية يحكمها نظام إجرائي واضح ومكتوب .. نحن ... (..... تم الحذف من قاضي المظالم) ..
في القضاء السعودي تفهم الاستقلالية بفهم مغاير ومخالف لجميع الآراء والمذاهب القانونية .. هنا تفهم الاستقلالية على أنها منع التدخل في الحكم .. وما عدا ذلك "افعل ولا حرج" ..


كيف؟!!!


يمكن رسم الخطط قبل صدور الأحكام القضائية - إرصاداً لها - ، وأن تفعل آليات بعد صدورها لتحيل تلك الأحكام إلى أوراق مليئة بالعبث كمواد أرخص من ورق الجرائد ..


وهكذا .. إيجاد قواعد مرافعات بتفسير رئاسي إداري .. يا أخي الكريم هل تعلم أن مجلس الدولة المصري (القضاء الإداري في مصر بكبره) ليس لديه نظام مرافعات مكتوب خاص به، وما نص عليه في المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية الصادر بقانون مجلس الدولة اقتصر على تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون المجلس ثم تطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد به نص وذلك لحين صدور قانون بالإجراءات أمام المجلس .. ومع أنه لم تصدر تلك الإجراءات حتى تاريخه فإن القضاء الإداري هناك يستقي إجراءاته من الإجراءات والمبادئ التي يقررها القضاة في أحكامهم بما يتوافق مع طبيعة الدعوى الإدارية والقواعد والمبادئ العامة للعدالة ..ومحاكم المجلس هي التي تقرر ما يصلح للتطبيق من قانون المرافعات المدنية في الدعوى الإدارية لا رئاسة المجلس نظراً لطبيعة نشاط المحاكم حيث تكون هي الأقدر على تقدير مناسبة الإجراءات وموافقتها للعدالة واتساقها مع طبيعة النزاع الإداري ..


وحتى أكون أكثر وضوحاً: فإن استقلالية القضاء يجب أن تفهم على أساس مبدأ: (السلطة التشريعية "التنظيمية" هي من تختص أصالةً بتنظيم القضاء) .. هذا المبدأ مستقر دولياً ومأخوذ من الدساتير نفسها، وهو مقرر لدينا في النظام الأساسي للحكم .. وأساسه: أن الدستور هو الذي ينظم شكل الدولة والسلطات فيها وتكوين كل سلطة وحدودها وتنظيم ممارستها لدورها، وهو نادراً ما ينظم ذلك بدقة داخلاً في التفصيلات، ففي الغالب يقتصر على الأطر العامة كالنص على استقلالية السلطة القضائية مثلاً ويترك أمور وقواعد التنظيم الأخرى للقانون "النظام"..
لذا تأتي كافة النصوص - كما في النظام الأساسي للحكم (انظر المواد من 47 حتى 54)- على تقرير الإحالة للنظام في تنظيم القضاء ، ومؤدى ذلك أن تكون للسلطة التنظيمية وحدها دون غيرها من السلطات حق تنظيم القضاء، بمعنى أنها طالما استأثرت بتنظيم القضاء – بنصٍ صريح من الدستور – فليس لها بعد ذلك أن تتركه للسلطة التنفيذية ولا للسلطة القضائية طالما لم يمنحها الدستور إذناً بذلك، فالقاعدة العامة في القانون العام تنص على أنه: (على صاحب الاختصاص الأصيل أن يمارس هذا الاختصاص بنفسه، ولا يجوز له النزول عنه أو تفويضه لغيره إلا بنص يأذن له في ذلك من ذات قوة النص الذي قرر الاختصاص). وترتيباً على هذا المبدأ يجب أن يكون تنظيم القضاء من قبل السلطة التشريعية أيَّاً كان شكلها (نظام برلماني أو كالتي لدينا ،مجلس الشورى ومجلس الوزراء) وانتهاءً بالمصادقة بالمرسوم من الملك وبذلك يتم التنظيم بالمادة التنظيمية المسماة "نظام أو قانون" ، وهذا هو المتقرر في الجوانب الثلاثة الأساسية لترسيخ استقلالية القضاء:
1- إنشاء الجهات القضائية الجديدة.
2- وضع الضمانات الأساسية لأعضاء السلك القضائي.
3- تنظيم حق اللجوء للقضاء وضمانات من يمارس هذا الحق، وهذا يشمل حق السلطة التنظيمية عند إصدار النظام في توزيع الاختصاص بين جهاته المختلفة وإجراءات وضمانات التقاضي أمام كل جهة قضائية.


وفي هذا الموضوع تفصيل كبير ودقيق لا مكان لذكره في هذا التعقيب المتعجل..


وما أريد قوله أن السلطة القضائية - للأسف – هي من قد تتعدى على استقلاليتها وتنتقص من اختصاصها وتتعدى على قضاتها وأحكامهم، وذلك إذا ما تجاوزت حدود السلطة المرسومة لها بالتدخل فيما هو للسلطة التنظيمية دون أن تنطلق من تفويض من النظام الصادر عن السلطة الأخيرة، وأعني بالسلطة القضائية (رأس الهرم الإداري فيها ـ رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس ديوان المظالم – والمجلسين) أما وزير العدل فهو بطبيعة الحال عضو في السلطة التنفيذية ولا تعلق له بالقضاء إلا من جهة أن الفصل بين السلطات الثلاث ليس فصلاً تاماً منبتاً من شأنه قطع كل الوشائج والصلات بل يبقى في حدود الاستقلالية في ممارسة الصلاحيات دون قطع التعاون والتكامل، ولذا كان وجود وزير العدل تفعيلاً لذلك التعاون والتكامل ليس إلا .
إذا تقرر ما سبق فإنه لا يجدي السلطة القضائية نفعاً - عند تعديها في تنظيم القضاء في محاوره الثلاثة سالفة الذكر - المحاجة بتقصير السلطة التنظيمية أو تخليها عن طَرْقِ شأنٍ مهم من الشؤون القضائية، لما تقرر من أن كل سلطة لا يجوز لها أن تتنصل من اختصاص نيط بها وفقاً للدستور أو النظام أو كليهما، وعليها كذلك- وبنفس القدر- ألا تخوض في اختصاص لم يُمنح لها، ذلك أنه ولئن كان إنكارها لولايتها أو مجاوزتها لتخومها ممتنعان من الناحية الدستورية، فإنه لا يعد مبرراً لذلك الإهمال أو التجاوز الارتهان إلى نشاط السلطة النظيرة، من ثم فليس لها أن تترخص في الاضطلاع بمهمةٍ عُهِدت لغيرها.


نعم .. أختام الدوائر ألغيت .. بل .. أزيدك .. تمعن في جواز ما يلي:


= مَنْعُ القضاة من تسليم صور الأحكام العاجلة للمحكوم له ، بحيث أضحت توجه فقط لجهة الإدارة بخطاب من رئيس المحكمة شريطة أن يذيل التبليغ بعبارة (ولكم حق الاعتراض عليه أمام محكمة الاستئناف الإدارية) ، دون أن تُستكمل تلك الجملة بالجملة الأهم منها: ( .. على أنه لا أثر لاعتراضكم في وقف تنفيذ الحكم العاجل) .. بمعنى أن القضاء – الجانب الإداري - يوحي للإدارة بأن لا تثريب عليك في التملص من التنفيذ إن لجأتِ للاعتراض .. بل إن رئيس إحدى المحاكم صرح لأحد القضاة بأن ما تكتبونه في صدر الأحكام العاجلة (عاجل واجب النفاذ) غير صحيح .. فليس هو واجب النفاذ ..


= وجود حساسية كبيرة من الأحكام العاجلة .. وحدوث مشكلات كثيرة جراء تلك الحساسية المفتعلة .. وكم اخترقت استقلالية قضاتنا بسببها .. ولك أن تتصور: أن هو الحياد في تسليم أحد الخصمين ما يُرفض تسليمه للآخر، وكيف يمكن لشخص أن يطالب بتنفيذ حكم عاجل وهو لا يحمل - على الأقل - صورة منه، والحال أن الإدارة قد تنكر تبليغها بصدوره، أو قد تدعي صدوره بمنطوق مغاير للحقيقة أو بقيد غير موجود .. بمعنى أن يكون (المحكوم له) رهنٌ لحنان ورحمة خصمه الذي يستأثر بشرف العلم دون غيره ..


= منع تسجيل أنواع محددة من النزاعات بسبب فهم خاص من السلطة الرئاسية لجهاز القضاء على خلاف عقيدة القضاة وأحكامهم في هذه النزاعات.


= إلزام الدوائر القضائية بأنموذج جديد للمعاينة على الطبيعة والحال أنه مُقيَّد بحقلين: أحدهما لموافقة رئيس المحكمة والآخر لموافقة معاليه.


= والأدهى: الطعن - في أحيانٍ – على صحة بعض الأحكام ومناسبتها إجراءً أو موضوعاً.


عموماً .. هناك مأساة حقيقية وفي جوانب شتى .. لا أريد الاستطراد أكثر .. ولم يكن بدُ مما كتبت .. فالله المستعان .. وحتى يأتي أحد علماء القضاء الإداري ليقود الجهاز بعدل وعلم وفهم قانوني ثاقب ينطلق من خبرة قضائية واسعة وتخصص دقيق في هذا النوع من القضاء سنستمر في الدعاء لا شيء غيره ..


نعم أخي .. الأحكام تبلغ بخطاب من نائب رئيس الديوان للجهة المحكوم عليها أو للسلطة الرئاسية الأعلى منها مشفوعاً بصورة من الحكم الابتدائي وحكم الاستئناف ..


في الحقيقةً .. اشعر تماماً بالمشكلة التي تعاني منها .. ليس لك إلا الشكوى لمقام الملك خادم الحرمين الشريفين أيده الله بتوفيقه ..


وفقك الله ..

صاحب قضية
15-06-2011, 01:57 AM
مصيبة واحباط
طيب والمقام السامي ممكن يعالج الموضوع ويوجة بتنفيذ الحكم

النعامي
15-06-2011, 02:43 AM
طول بالك والأمور إن شاء الله بتزين
لأننا في هذه البلاد المباركة في طور الإنتقال من دولة الشخصيات والمحسوبيات إلى دولة المؤسسات والقانون

سيف الفاروق
15-06-2011, 08:01 AM
بارك الله فيك يا فضيلة قاضي المظالم والإخوة الكرام
وارجوا أن تقبل اعتذاري يا شيخنا الفاضل على الإلحاح في طلبي لك بالرد على الموضوع وإثارتي لجرح يعانيه قضائنا الإداري طال نزيفه ......وأشكرك جزيل الشكر على شعورك الصادق الكبير تجاه معاناتي .....والذي أن دل على شيء فإنما يدل على عظم صرفك وعدلك .....
فجزاك الله خير الجزاء وجعل ما قدمتم في ميزان حسناتكم ,,,,
قال تعالى في كتابه العزيز: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" النساء 65

ابو محمد 2
15-06-2011, 09:19 AM
أخي الكريم ..


بماذا أجيبك فأنا حائرٌ أكثر منك .. فالسؤال متعلق بجرح ينزف من جسد القضاء الإداري ..


يؤسفني أن أقول: نحن لا نعمل في مؤسسة قضائية يحكمها نظام إجرائي واضح ومكتوب .. نحن ... (..... تم الحذف من قاضي المظالم) ..
في القضاء السعودي تفهم الاستقلالية بفهم مغاير ومخالف لجميع الآراء والمذاهب القانونية .. هنا تفهم الاستقلالية على أنها منع التدخل في الحكم .. وما عدا ذلك "افعل ولا حرج" ..


كيف؟!!!


يمكن رسم الخطط قبل صدور الأحكام القضائية - إرصاداً لها - ، وأن تفعل آليات بعد صدورها لتحيل تلك الأحكام إلى أوراق مليئة بالعبث كمواد أرخص من ورق الجرائد ..


وهكذا .. إيجاد قواعد مرافعات بتفسير رئاسي إداري .. يا أخي الكريم هل تعلم أن مجلس الدولة المصري (القضاء الإداري في مصر بكبره) ليس لديه نظام مرافعات مكتوب خاص به، وما نص عليه في المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية الصادر بقانون مجلس الدولة اقتصر على تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون المجلس ثم تطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد به نص وذلك لحين صدور قانون بالإجراءات أمام المجلس .. ومع أنه لم تصدر تلك الإجراءات حتى تاريخه فإن القضاء الإداري هناك يستقي إجراءاته من الإجراءات والمبادئ التي يقررها القضاة في أحكامهم بما يتوافق مع طبيعة الدعوى الإدارية والقواعد والمبادئ العامة للعدالة ..ومحاكم المجلس هي التي تقرر ما يصلح للتطبيق من قانون المرافعات المدنية في الدعوى الإدارية لا رئاسة المجلس نظراً لطبيعة نشاط المحاكم حيث تكون هي الأقدر على تقدير مناسبة الإجراءات وموافقتها للعدالة واتساقها مع طبيعة النزاع الإداري ..


وحتى أكون أكثر وضوحاً: فإن استقلالية القضاء يجب أن تفهم على أساس مبدأ: (السلطة التشريعية "التنظيمية" هي من تختص أصالةً بتنظيم القضاء) .. هذا المبدأ مستقر دولياً ومأخوذ من الدساتير نفسها، وهو مقرر لدينا في النظام الأساسي للحكم .. وأساسه: أن الدستور هو الذي ينظم شكل الدولة والسلطات فيها وتكوين كل سلطة وحدودها وتنظيم ممارستها لدورها، وهو نادراً ما ينظم ذلك بدقة داخلاً في التفصيلات، ففي الغالب يقتصر على الأطر العامة كالنص على استقلالية السلطة القضائية مثلاً ويترك أمور وقواعد التنظيم الأخرى للقانون "النظام"..
لذا تأتي كافة النصوص - كما في النظام الأساسي للحكم (انظر المواد من 47 حتى 54)- على تقرير الإحالة للنظام في تنظيم القضاء ، ومؤدى ذلك أن تكون للسلطة التنظيمية وحدها دون غيرها من السلطات حق تنظيم القضاء، بمعنى أنها طالما استأثرت بتنظيم القضاء – بتفويضٍ صريح من الدستور – فليس لها بعد ذلك أن تتركه للسلطة التنفيذية ولا للسلطة القضائية طالما لم يمنحها الدستور إذناً بذلك، فالقاعدة العامة في القانون العام تنص على أنه: (على صاحب الاختصاص الأصيل أن يمارس هذا الاختصاص بنفسه، ولا يجوز له النزول عنه أو تفويضه لغيره إلا بنص يأذن له في ذلك من ذات قوة النص الذي قرر الاختصاص). وترتيباً على هذا المبدأ يجب أن يكون تنظيم القضاء من قبل السلطة التشريعية أيَّاً كان شكلها (نظام برلماني أو كالتي لدينا ،مجلس الشورى ومجلس الوزراء) وانتهاءً بالمصادقة بالمرسوم من الملك وبذلك يتم التنظيم بالمادة التنظيمية المسماة "نظام أو قانون" ، وهذا هو المتقرر في الجوانب الثلاثة الأساسية لترسيخ استقلالية القضاء:
1- إنشاء الجهات القضائية الجديدة.
2- وضع الضمانات الأساسية لأعضاء السلك القضائي.
3- تنظيم حق اللجوء للقضاء وضمانات من يمارس هذا الحق، وهذا يشمل حق السلطة التنظيمية عند إصدار النظام في توزيع الاختصاص بين جهاته المختلفة وإجراءات وضمانات التقاضي أمام كل جهة قضائية.


وفي هذا الموضوع تفصيل كبير ودقيق لا مكان لذكره في هذا التعقيب المتعجل..


وما أريد قوله أن السلطة القضائية - للأسف – هي من قد تتعدى على استقلاليتها وتنتقص من اختصاصها وتتعدى على قضاتها وأحكامهم، وذلك إذا ما تجاوزت حدود السلطة المرسومة لها بالتدخل فيما هو للسلطة التنظيمية دون أن تنطلق من تفويض من النظام الصادر عن السلطة الأخيرة، وأعني بالسلطة القضائية (رأس الهرم الإداري فيها ـ رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس ديوان المظالم – والمجلسين) أما وزير العدل فهو بطبيعة الحال عضو في السلطة التنفيذية ولا تعلق له بالقضاء إلا من جهة أن الفصل بين السلطات الثلاث ليس فصلاً تاماً منبتاً من شأنه قطع كل الوشائج والصلات بل يبقى في حدود الاستقلالية في ممارسة الصلاحيات دون قطع التعاون والتكامل، ولذا كان وجود وزير العدل تفعيلاً لذلك التعاون والتكامل ليس إلا .
إذا تقرر ما سبق فإنه لا يجدي السلطة القضائية نفعاً - عند تعديها في تنظيم القضاء في محاوره الثلاثة سالفة الذكر - المحاجة بتقصير السلطة التنظيمية أو تخليها عن طَرْقِ شأنٍ مهم من الشؤون القضائية، لما تقرر من أن كل سلطة لا يجوز لها أن تتنصل من اختصاص نيط بها وفقاً للدستور أو النظام أو كليهما، وعليها كذلك- وبنفس القدر- ألا تخوض في اختصاص لم يُمنح لها، ذلك أنه ولئن كان إنكارها لولايتها أو مجاوزتها لتخومها ممتنعان من الناحية الدستورية، فإنه لا يعد مبرراً لذلك الإهمال أو التجاوز الارتهان إلى نشاط السلطة النظيرة، من ثم فليس لها أن تترخص في الاضطلاع بمهمةٍ عُهِدت لغيرها.


نعم .. أختام الدوائر ألغيت .. بل .. أزيدك .. تمعن في جواز ما يلي:


= مَنْعُ القضاة من تسليم صور الأحكام العاجلة للمحكوم له ، بحيث أضحت توجه فقط لجهة الإدارة بخطاب من رئيس المحكمة شريطة أن يذيل التبليغ بعبارة (ولكم حق الاعتراض عليه أمام محكمة الاستئناف الإدارية) ، دون أن تُستكمل تلك الجملة بالجملة الأهم منها: ( .. على أنه لا أثر لاعتراضكم في وقف تنفيذ الحكم العاجل) .. بمعنى أن القضاء – الجانب الإداري - يوحي للإدارة بأن لا تثريب عليك في التملص من التنفيذ إن لجأتِ للاعتراض .. بل إن رئيس إحدى المحاكم صرح لأحد القضاة بأن ما تكتبونه في صدر الأحكام العاجلة (عاجل واجب النفاذ) غير صحيح .. فليس هو واجب النفاذ ..


= وجود حساسية كبيرة من الأحكام العاجلة .. وحدوث مشكلات كثيرة جراء تلك الحساسية المفتعلة .. وكم اخترقت استقلالية قضاتنا بسببها .. ولك أن تتصور: أن هو الحياد في تسليم أحد الخصمين ما يُرفض تسليمه للآخر، وكيف يمكن لشخص أن يطالب بتنفيذ حكم عاجل وهو لا يحمل - على الأقل - صورة منه، والحال أن الإدارة قد تنكر تبليغها بصدوره، أو قد تدعي صدوره بمنطوق مغاير للحقيقة أو بقيد غير موجود .. بمعنى أن يكون (المحكوم له) رهنٌ لحنان ورحمة خصمه الذي يستأثر بشرف العلم دون غيره ..


= منع تسجيل أنواع محددة من النزاعات بسبب فهم خاص من السلطة الرئاسية لجهاز القضاء على خلاف عقيدة القضاة وأحكامهم في هذه النزاعات.


= إلزام الدوائر القضائية بأنموذج جديد للمعاينة على الطبيعة والحال أنه مُقيَّد بحقلين: أحدهما لموافقة رئيس المحكمة والآخر لموافقة معاليه.


= والأدهى: الطعن - في أحيانٍ – على صحة بعض الأحكام ومناسبتها إجراءً أو موضوعاً.


عموماً .. هناك مأساة حقيقية وفي جوانب شتى .. لا أريد الاستطراد أكثر .. ولم يكن بدُ مما كتبت .. فالله المستعان .. وحتى يأتي أحد علماء القضاء الإداري ليقود الجهاز بعدل وعلم وفهم قانوني ثاقب ينطلق من خبرة قضائية واسعة وتخصص دقيق في هذا النوع من القضاء سنستمر في الدعاء لا شيء غيره ..


نعم أخي .. الأحكام تبلغ بخطاب من نائب رئيس الديوان للجهة المحكوم عليها أو للسلطة الرئاسية الأعلى منها مشفوعاً بصورة من الحكم الابتدائي وحكم الاستئناف ..


في الحقيقةً .. اشعر تماماً بالمشكلة التي تعاني منها .. ليس لك إلا الشكوى لمقام الملك خادم الحرمين الشريفين أيده الله بتوفيقه ..


وفقك الله ..

شكر الله لك ورفع قدرك وأعلى شأنك وكثر الله من امثالك , ونسأل الله العلي القدير أن تكون ذلك الرجل في القريب العاجل ليقود القضاء بعلم وفهم , بارك الله فيك ونفع بعلمك..