المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة الامام الليث بن سعد علامة عصره للامام مالك ورده عليها



أحمد المنشاوي
02-08-2011, 02:41 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن ولاه وبعد .‏
فهذه رسالة الإمام الفاضل الليث بعد سعد علامة اهل عصره وزمان رسالة ظمن ‏الرسائل التي ارسلها العلماء الى الإمام مالك في مخالفة كثير من الاحاديث ‏ومخالفة لكثير من السنن والاقوال ...‏
ولا شك ان الامام الليث كما قال ارسلت بها الى مالك كي اعظه ونقل ابن عبد ‏البر في جامع بيان العلم وفضله عن الليث : قوله أحصيت على مالك سبعين ‏مسئلة كلها مخالفة للسنة النبويه مما قال فيها برأية ولقد كتبت اليه اعظه بذلك .. ‏وهذه الرساله ثابته ولا بنكرها إلا جاهل ومن لا علاقه له بالعلم ... وللأسف ان ‏تجد بعض المتعصبين للإمام مالك لا يرون فيه اي خطا او عيب او نقص وكأنه ‏معصوم لديهم إلا أنهم لم يصرحوا بذلك فهو معصوم، ومعلوم لدي جميع العقلاء ‏والعلماء ان الامام مالك لم يؤلف مذهبا ولم يدون قواعد مذهب وإنما الف كتاب ‏الموطا وهو كتاب حديثي بإمر الخلفية العباسي ومن سمى مذهب ونسب اليه هم ‏اتباعه ومن سار على ذلك الأمر بقوة السلطان وحد السيف كما قال ذلك ابن حزم ‏في كتابه نفح الطيب من ان مذهب الامام مالك نشر أول امره بحد السيف وقوة ‏السلطان، ومعلوم ان الامام مالك خالف كثير من العلماء ولم يكن اعلم اهل ذلك ‏العصر .. ووجد فيه من هو اعلم منه كمثل الليث وسفيان بن عيينه والاوزاعي ‏ووووغيرهم ... ‏
ولمخالفة الامام مالك في مسائل رد عليه الامام الليث وكذلك رد عليه الامام ‏الشافعي في كتابه جماع العلم وفي مواضع متفرقه من كتابه الرساله ويروى ان ‏الامام ابي حنيفة ناظر الامام مالك و.. الامام احمد بن حنبل تكلم فيه وقال ‏ضعيف الرأي قوي الحديث... وكل هذا لا يعني اننا نقدح في منزلة الإمام مالك ‏او نطعن فيه ولكن الحق احق ان يقال ويتبع ...‏
الامام مالك له اثره وهو صحيح الحديث عالي الإسناد له جهد كبير في حفظ ‏السنة ورواية الحديث .‏
إلا أن له اقوال تخالف الحديث الصحيح وصاحب رأي على خلاف ما يقال عنه ‏انه من اهل الحديث ....‏
ونرشد القارئ الكريم الى ما قلناه من اقوال العلماء الأفذاذ من هم في مرتبة كمالك ‏وأكبر منه حول الإمام مالك حتى لا يظن البعض اننا متحاملون على مالك من ‏انه صاحب رأي، نقل ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله" (2\1109) عن ‏سلمة بن سليمان قال: قلت لابن المبارك: «وضعتَ من رأي أبي حنيفة، ولم تضع ‏من رأي مالك؟». قال: «لم أره عالماً >>‏
وقد سئل الامام احمد عن الامام مالك فقال "وفي (2|302) أن شامياً سأل الإمام ‏أحمد: «من أعلم، مالك أو ابن أبي ذئب؟». فقال: «ابن أبي ذئب في هذا أكبر ‏من مالك، وابن أبي ذئب أصلح في دينه وأورع ورعاً، وأقوم بالحق من مالك عند ‏السلاطين. وقد دخل ابن أبي ذئب على أبي جعفر، فلم يهبه أن قال له الحق. ‏قال: "الظلم فاشٍ ببابك". وأبو جعفر: أبو جعفر (يقصد في ظلمه وبطشه، حتى ‏أنه قتل عمه)».‏
المصدر السابق " قال ابن حزم في الإحكام " إنما العلم حفظ سنن رسول الله ‏صلى الله عليه و سلم وأقوال الصحابة والتابعين فقد كان في عصر مالك من هو ‏أوسع علما منه كشعبة وسفيان ومن هو مثله كسفيان بن عيينة والأوزاعي وهشيم ‏وغيره فظهر كذب من كذب في الحديث المذكور وبالله تعالى التوفيق ج6 ص ‏‏286،». وفي تاريخ بغداد (2|298) عن أحمد بن حنبل قال: «كان ابن أبي ذئب ‏ثقة صدوقاً، أفضل من مالك بن أنس». ج2 ص174‏
وقال في الفتاوى الكبرى لأبن تيمية : وَالثَّوْرِيُّ أَعْلَمُ مِنْ مَالِكٍ بِالْحَدِيثِ وَأَحْفَظُهُ لَهُ، ‏وَهُوَ أَقَلُّ غَلَطًا فِيهِ مِنْ مَالِكٍ، وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ يُنَقِّي مَنْ يُحَدِّثُ عَنْهُ، ج6 ص620 ، ‏
وقال ابن حزم بعد ان ذكر مجموعه من علماء العصر الذين عاصروا الأمام مالك ‏بن الماجشون وسفيان الثوري والليث والأوزاعي وكل هؤلاء لا يمكن لمن له أقل ‏إنصاف وعلم أن يفضله في علمه وورعه على واحد منهم ولا في فهمه للقرآن ولا ‏لحديث النبي صلى الله عليه و سلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم وليت شعري ‏ما الذي دلهم على أنه مالك دون أن يقولوا إنه سعيد بن المسيب الذي كان أفقه ‏من مالك وأفضل، ابن حزم الإحكام ج6 ص285.‏
وهذا ابن عبد البر ينقل النص عن سلمة بن سلميان وهو مالكي إلا انه مع ‏إنصافه نقل النص ونقل نصوص كثيره نكتقي بهذا النص .‏
وقال الإمام يحيى بن معين –كما في تاريخ بغداد (9|164)–: «سمعت يحيى بن ‏سعيد القطان يقول: سفيان الثوري أحب إليّ من مالك في كلّ شيء. يعني في ‏الحديث، وفي الفقه، وفي الزهد». قال الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" ‏‏(1|223): «قد ذكر بعض العلماء أن مالكاً عابه جماعة من أهل العلم في ‏زمانه، بإطلاق لسانه في قوم معروفين بالصلاح والديانة والثقة والأمانة»، ثم ذكر ‏أمثلة على ذلك. ثم ذكر ممن عابه: ابن أبي ذئب، وعبد العزيز الماجشون، وابن ‏أبي حازم، ومحمد بن إسحاق. وقد ناظره عمر بن قيس –في شيء من أمر الحج ‏بحضرة هارون– فقال عمر لمالك: «أنت أحياناً تخطئ، وأحياناً لا تصيب». فقال ‏مالك: «كذاك الناس»‏
نكتفي بهذا القدر من اقوال العلماء رضي الله عنهم في الامام مالك رضى الله عن ‏الجميع ‏
نرجع الى اصلا الرساله "الامام الليث لاشك كما قال الإمام الشافعي عنه واصبح ‏قول الامام الشافعي شبه مستفيض عند العلماء في كتبهم ومحاضراتهم عن الامام ‏الليث إذ قال الليث اعلم من مالك إلا أن أصحابه ضيعوه وهو قول مشهور جدا ‏عن الامام الشافعي وحسبك اي كتاب يترجم هن الامام الليث، ذكر الذهبي في ‏سير أعلام النبلاء (8|156) عن الشافعي أنه قال: «الليث أفقه من مالك، ولكن ‏الخطوة لمالك». وقال: «الليث أتبع للأثر من مالك». وفي تهذيب التهذيب ‏‏(8|415):‏
وقال أحمد بن عبد الرحمن بن وهب: سمعت الشافعي يقول: «الليث أفقه من ‏مالك، إلاّ أنّ أصحابه لم يقوموا به».‏
وهذا الامام يحي بن بكير يثني على الامام الليث ويفضله على الامام مالك .‏
وقال أبو زرعة الرازي: سمعت يحيى بن بكير يقول: «الليث أفقه من مالك، ولكن ‏الحظوة لمالك».‏
وفي طبقات المحدثين بأصبهان (1|406): عن الربيع عن الشافعي قال: «كان ‏الليث بن سعد أفقه من مالك بن أنس، إلا أنه ضيعه أصحابه».‏
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم (2|11): «فهذان صاحبا مالك رحمه الله ‏‏(الشافعي ويحيى)ـ وقد شهدا بما شهدا. وهما بالمنزلة المعروفة من الإتقان والورع ‏وإجلال مالك ومعرفتهما بأحواله».‏
وقد قال الامام احمد عن الامام مالك انه صاحب رأي كما اشرت اليه في سابق ‏الكلام فقال رحمه الله عندما سئل عن مالك قال حديث صحيح ورأي ضعيف وقال ‏الحافظ أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي في كتاب ( التاريخ والمعرفة ) له وهو ‏كتاب جليل غزير العلم جم الفوائد: حدثني يحيى بن عبدالله بن بكير المخزومي ‏
قال : هذه رسالة الليث بن سعد إلى مالك بن أنس : ‏
سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد ـ عافانا الله وإياك، ‏وأحسن لنا العاقبة في الدنيا والآخرة - قد بلغني كتابك تذكر فيه من صلاح حالكم ‏الذي يسرني، فأدام الله ذلك لكم وأتمه بالعون على شكره والزيادة من إحسانه . ‏
وذكرت نظرك في الكتب التي بعثت بها إليك وإقامتك إياها وختمك عليها بخاتمك، ‏وقد أتتنا فجزاك الله عما قدمت منها خيراً، فإنها كتب انتهت إلينا عنك فأحببت أن ‏أبلغ حقيقتها بنظرك فيها . ‏
وذكرت أنه قد أنشطك ما كتبت إليك فيه من تقويم ما أتاني عنك إلى ابتدائي ‏بالنصيحة، ورجوت أن يكون لها عندي موضعٌ ، وأنه لم يمنعك من ذلك فيما خلا ‏إلا أن يكون رأيك فينا جميلاً إلا لأني لم أُذاكِرك مثل هذا .‏
وأنه بلغك أني أفتي بأشياء مخالفة لما عليه جماعة الناس عندكم ، وأني يَحِقُّ ‏علي الخوف على نفسي لاعتماد من قبلي على ما أفتيتم به ، وأن الناس تبع ‏لأهل المدينة إليها كانت الهجرة وبها نزل القرآن .‏
وقد أصبت بالذي كتبت به من ذلك إن شاء الله تعالى ،ووقع مني بالموقع الذي ‏تحب ، وما أعد أحداً قد ينسب إليه العلم أكره لشواذ الفُتيا ولا أشد تفضيلاً لعلماء ‏أهل المدينة الذين مضوا ، ولا آخذ لفتياهم فيما اتفقوا عليه مني، والحمد لله رب ‏العالمين لا شريك له وأما ما ذكرت من مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‏بالمدينة ، ونزول القرآن بها عليه بين ظهري أصحابه ، وما علمهم الله منه وأن ‏الناس صاروا تبعاً لهم فيه فكم ذكرت . ‏
وأما ما ذكرت من قول الله تعالى : { والسبقون الأولون من المهجرين والأنصار ‏والذين اتبعوهم بإحسن رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنتٍ تجرى تحتها ‏الأنهر خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم } التوبه فإن كثيراً من أولئك السابقين ‏الأولين خرجوا إلى الجهاد في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله فجندوا الأجناد ، ‏واجتمع إليهم الناس فأظهروا بين ظهرانيهم كتاب الله وسنة نبيه ولم يكتموهم شيئاً ‏علموه . ‏
وكان في كل جند منهم طائفة يعلمون لله كتاب الله وسنة نبيه ويجتهدون برأيهم ‏فيما لم يفسره لهم القرآن والسنة ، ويقومهم عليه أبوبكر وعمر وعثمان الذين ‏اختارهم المسلمون لأنفسهم . ولم يكن أولئك الثلاثة مضيعين لأجناد المسلمين ولا ‏غافلين عنهم ، بل كانوا يكتبون لأجنادهم في الأمر اليسير لإقامة الدين والحذر ‏من الاختلاف بكتاب الله وسنة نبيه ، فلم يتركوا أمراً فسره القرآن أو عمل به النبي ‏صلى الله عليه وسلم أو ائتمروا فيه بعده إلا أعلموهموه . فإذا جاء أمر عمل فيه ‏أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصر والشام والعراق على عهد أبي بكر ‏وعمر وعثمان ، ولم يزالوا عليه حتى قبضوا لم يأمروهم بغيره ، فلا نراه يجوز ‏لأجناد المسلمين أن يحدثوا اليوم أمراً لم يعمل به سلفهم من أصحاب رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم . مع أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم قد اختلفوا بعده في الفتيا في أشياء كثيرة ، ولولا أني قد عرفت أن قد علمتها ‏لكتبت بها إليك، ثم اختلف التابعون في أشياء بعد أصحاب رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم سعيد بن المسيب ونظراؤه أشد الاختلاف . ثم اختلف الذين كانوا ‏بعدهم فحضرتهم بالمدينة وغيرها ورأسهم يومئذ ابن شهاب وربيعة بن أبي عبد ‏الرحمن . ‏
فكان من خلاف ربيعة لبعض ما قد مضى ما قد عرفت وحضرت ، وسمعت قولك ‏فيه وقول ذوي الرأي من أهل المدينة : يحيى بن سعيد ، وعبيد الله بن عمر ‏،وكثير بن فرقد وغير كثير ممن هو أسن منه ، حتى اضطرك ما كرهت من ذلك ‏إلى فراق مجلسه . ‏
وذاكرتك أنت وعبد العزيز بن عبد الله بعض ما نعيب على ربيعة من ذلك، فكنتما ‏من الموافقين فيما أنكرت، تكرهان منه ما أكرهه، ومع ذلك بحمد الله عند ربيعة ‏خير كثير، وعقل أصيل، ولسان بليغ، وفضل مستبين، وطريقة حسنة في الإسلام ‏، ومودة صادقة لإخوانه عامة ولنا خاصة رحمة الله عليه وغفر له وجزاه بأحسن ‏من عمله .‏
وكان يكون من ابن شهاب اختلاف كثير إذا لقيناه ، وإذا كاتبه بعضنا فربما كتب ‏إليه في الشيء الواحد -على فضل رأيه وعلمه - بثلاثة أنواع ينقض بعضها ‏بعضاً، ولا يشعر بالذي مضى من رأيه في ذلك ، فهذا الذي يدعوني إلى ترك ما ‏أنكرت تركي إياه لا يجوز الجمع بين الصلاتين في مطر وقد عرفت مما عبت ‏إنكاري إياه : أن يجمع أحد من أجناد المسلمين بين الصلاتين ليلة المطر ،ومطر ‏الشام أكثر من مطر المدينة بما لا يعلمه إلا الله لم يجمع منهم إمام قط في ليلة ‏مطر، وفيهم أبو عبيدة بن الجراح ،وخالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو ‏بن العاص، ومعاذ بن جبل، وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ‏أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ) وقال: ( يأتي معاذ يوم القيامة بين يدي ‏العلماء برتوة ) وشرحبيل بن حسنة ،وأبو الدرداء، وبلال بن رباح .‏
وكان أبو ذر بمصر والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص ،وبحمص سبعون من ‏أهل بدر ، وبأجناد المسلمين كلها، وبالعراق ابن مسعود ،وحذيفة بن اليمان ‏،وعمران بن حصين، ونزلها أمير المؤمنين على بن أبي طالب كرم الله وجهه في ‏الجنة سنين وكان معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجمعوا ‏بين المغرب والعشاء قط .‏
القضاء بشهادة شاهد ويمين صاحب الحق ومن ذلك القضاء بشهادة شاهد ويمين ‏صاحب الحق ،وقد عرفت أنه لم يزل يقضى بالمدينة به، ولم يقض به أصحاب ‏رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالشام وبحمص ولا بمصر ولا بالعراق، ولم ‏يكتب به إليهم الخلفاء الراشدون : أبو بكر وعمر وعثمان وعلى ثم ولي عمر بن ‏عبدالعزيز وكان كما علمت في إحياء السنن ( وقطع البدع ) والجد في إقامة ‏الدين، والإصابة في الرأي والعلم بما مضى من أمر الناس ـ فكتب إليه رُزيق بن ‏الحكيم : إنك كنت تقضي بالمدينة بشهادة الشاهد الواحد ويمين صاحب الحق ، ‏فكتب إليه عمر بن عبدالعزيز : إنا كنا نقضي بذلك بالمدينة فوجدنا أهل الشام ‏على غير ذلك، فلا نقضي إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين .‏
ولم يجمع بين العشاء والمغرب قط ليلة المطر والسماء يسكب عليه في منزله ‏الذي كان فيه بخناصر ساكناً . ‏
مؤخر الصداق
ومن ذلك أن أهل المدينة يقضون في صدقات النساء أنه متى شاءت أن تتكلم في ‏مؤخر صداقها، تكلمت فدفع إليها ، وقد وافق أهل العراق أهل المدينة على ذلك ‏وأهل الشام وأهل مصر، ولم يقض أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم ولا من بعدهم لامرأة بصداقها المؤخر إلا أن يفرق بينهما موت أو طلاق ‏فتقوم على حقها .‏
القول في الإيلاء
ومن ذلك قولهم في الإيلاء : إنه لا يكون عليه طلاق حتى يوقف وإن مرت ‏الأربعة الأشهر، وقد حدثني نافع عن عبدالله بن عمر وهو الذي كان يروي عنه ‏التوقيف بعد الأشهر ـ أنه كان يقول في الإيلاء الذي ذكر الله في كتابه : لا يحل ‏للمولي إذا بلغ الأجل إلا أن يفيء كما أمر الله أو يعزم الطلاق ، وأنتم تقولون : ‏إن لبث بعد الأربعة الأشهر التي سمى الله في كتابه ولم يوقف لم يكن عليه ‏طلاق ، وقد بلغنا عن عثمان بن عفان ، وزيد بن ثابت، وقبيصة بن ذؤيب ، وأبا ‏سلمة بن عبدالرحمن بن عوف أنهم قالوا في الإيلاء : إذا مضت الأربعة الأشهر ‏فهي تطليقةٌ بائنة ، وقال سعيد بن المسيب وأبوبكر بن عبد الرحمن بن الحارث ‏بن هشام ، وابن شهاب : إذا مضت الأربعة أشهر فهي تطليقة وله الرجعة في ‏العدة . ‏
حكم المرأة التي تملك ثم تختار زوجها
ومن ذلك أن زيد بن ثابت كان يقول : إذا ملك الرجل امرأته أمرها فاختارت زوجها ‏فهي تطليقة، وإن طلقت نفسها ثلاثاً فهي تطليقة، وقضى بذلك عبدالملك بن ‏مروان ،وكان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقوله . ‏
وقد كاد الناس يجتمعون على أنها إن اختارت زوجها لم يكن فيه طلاق، وإن ‏اختارت نفسها واحدةً أو اثنتين كانت له عليها رجعة، وإن طلقت نفسها ثلاثاً بانت ‏منه ،ولم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، فيدخل بها ثم يموت أو يطلقها ،إلا أن ‏يرد عليها في مجلسه فيقول : إنما ملكتك واحدة، فيستحلف ويخلى بينه وبين ‏امرأته . ‏
الحر يشتري أمته والحرة تتزوج عبدها ومن ذلك أن عبد الله بن مسعود كان يقول ‏‏: أيما رجل تزوج أمةً ثم اشتراها زوجها فاشتراؤها إياها ثلاث تطليقات ، وكان ‏ربيعة يقول ذلك وإن تزوجت المرأة الحرة عبداً فاشترته فمثل ذلك . ‏
ما أخذه الليث على مالك
وقد بلغنا عنكم شيئاً من الفتيا مستكرهاً، وقد كنت كتبت إليك في بعضها فلم ‏تجنبي في كتابي، فتخوفت أن تكون استثقلت ذلك، فتركت الكتاب إليك في شيء ‏مما أنكرت وفيما أوردت فيه على رأيك . ‏
تقديم الصلاة قبل الخطبة في الاستسقاء
وذلك أنه بلغني أنك أمرت زُفر بن عاصم الهلالي ـ حين أراد أن يستقي أن يقدم ‏الصلاة قبل الخطبة ، فأعظمت ذلك ؛لأن الخطبة والاستسقاء كهيئة يوم الجمعة ‏إلا أن الإمام إذا دنا فراغه من الخطبة ( حول وجهه إلى القبلة ) فدعا وحول ‏رداءه ثم نزل فصلى، وقد استسقى عمر بن عبد العزيز، وأبو بكر بن محمد بن ‏عمرو بن حزم ، وغيرهما فكلهم يقدم الخطبة والدعاء قبل الصلاة . فاستهتر الناس ‏كلهم فعل زُفر بن عاصم من ذلك واستنكروه . ‏
لا تجب الزكاة على الخليطين حتى يملك كل منهما النصاب
ومن ذلك أنه بلغني أنك تقول في الخليطين في المال : إنه لا تجب عليهما ‏الصدقة، حتى يكون لكل واحدٍ منهما ما تجب فيه الصدقة، وفي كتاب عمر بن ‏الخطاب أنه يجب عليهما الصدقة ويرادان بالسوية ، وقد كان ذلك يعمل به في ‏ولاية عمر بن عبد العزيز قبلكم وغيره، والذي حدثنا به يحيى بن سعيد ولم يكن ‏بدون أفاضل العلماء في زمانه ، فرحمه الله وغفر له وجعل الجنة مصيره. ‏
من أحكام المفلس
ومن ذلك أنه بلغني أنك تقول : إذا أفلس الرجل وقد باعه رجل سلعة ،فتقاضى ‏طائفة من ثمنها أو أنفق المشتري طائفة منها أنه يأخذ ما وجد من متاعه، وكان ‏الناس على أن البائع إذا تقاضى من ثمنها شيئاً أو أنفق المشتري منها فليست ‏بعينها. ‏
ماذا أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من أسهم للزبير
ومن ذلك أنك تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعط الزبير بن العوام إلا ‏لفرس واحد والناس كلهم يحدثون أنه أعطاه أربعة أسهم بفرسين ومنعه الفرس ‏الثالث، والأمة كلهم على هذا الحديث : أهل الشام، وأهل مصر، وأهل العراق ‏،وأهل إفريقية ،لا يتخلف فيه اثنان، فلم يكن ينبغي لك ـ وإن كنت سمعته من ‏رجل مرضي ـ أن تخالف الأمة أجمعين .‏
وقد تركت أشياء كثيرة من أشباه هذا . ‏
إجلال الليث لمالك وختام رسالته
وأنا أحب توفيق الله إياك وطول بقائك؛ لما أرجو للناس في ذلك من المنفعة، وما ‏أخاف من الضيعة إذا ذهب مثلك مع استئناسي بمكانك، وإن نأت الدار . فهذه ‏منزلتك عندي، ورأيي فيك فاستيقنه، ولا تترك الكتاب إلى بخبرك ، وحالك وحال ‏ولدك وأهلك ، وحاجة إن كانت لك أو لأحد يوصل بك، فإني أسر بذلك، كتبت ‏إليك ونحن صالحون معافون والحمد لله ، نسأل أن يرزقنا وإياكم شكر ما أولانا ‏وتمام ما أنعم به علينا، والسلام عليك ورحمة الله .‏
‏" رسالة الإمام الليث، إلى مالك بن أنس –رحمهما الله تعالى-، رواها الدوري ‏في«التاريخ» لابن معين (2/372-378)، ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ ‏دمشق» (64/249) قال يحيى: حدثنا عبد الله بن صالح. ورواها يعقوب بن ‏سفيان في «المعرفة والتاريخ»(1/387-390)، من طريق يحيى بن عبد الله بن ‏بكير."‏
والذي حمل رسالة الليث بن سعد إلى مالك بن أنس، هو: إبراهيم بن إسحاق ‏قاضي مصر.‏

‏---------------------‏
هذا رد الامام مالك
رسالة الإمام مالك بن أنس ... إلى الإمام الليث بن سعد
من مالك بن أنس، إلى الليث بن سعد: سلامٌ عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا ‏إله إلا هو. أما بعد، عصمنا الله وإياك بطاعته في السر والعلانية، وعافانا وإياك ‏من كل مكروه. كتبت إليك وأنا ومَن قبلي من الولدان والأهل على ما تحب، والله ‏محمودٌ. أتانا كتابك تَذكرُ من حالك ونعمة الله عليك الذي أنا به مسرور، أسأل ‏الله أن يتم عليَّ وعليك صالح ما أنعم علينا وعليك، وأن يجعلنا له شاكرين.‏
وفهمتُ ما ذكرتَ في كتب بعثت بها لأعرضها لك، وأبعث بها إليك، وقد فعلتُ ‏ذلك وغيَّرتُ منها ما غيرت حتى صح أمرها على ما تحب، وختمتُ على كل ‏قنداق منها بخاتمي، ونقشه: حسبي الله ونعم الوكيل.‏
وكان حبيباً إليَّ حفظُك وقضاءُ حاجتك، وأنت لذلك أهلٌ، وصيرتُ لك في نفسي ‏في ساعةٍ لم أكن أعرض فيها لأن أنجح ذلك، فتأتيك مع الذي جاءني بها، حيث ‏دفعتُها إليه، وبلغتُ من ذلك الذي رأيتُ أنه يلزمني لك في حقك وحرمتك.‏
وقد نشَّطني ما استطلعتَ مما قبلي في ذلك، في ابتدائك بالنصيحة لك، ورجوتُ ‏أن يكون لها عندك موضعٌ، ولم يكن منعني من ذلك قبل اليوم أن لا يكون رأيي ‏لم يزل فيك جميلاً إلا أنك لم تُذاكرني شيئاً من هذا الأمر، ولا تكتب فيه إليَّ.‏
واعلم رحمك الله أنه بلغني أنك تفتي الناس بأشياء مخالفةٍ لما عليه جماعةُ الناس ‏عندنا، وببلدنا الذي نحن فيه، وأنت في إمامتك وفضلك، ومنزلتك من أهل بلدك، ‏وحاجة من قبلك إليك، واعتمادهم على ما جاءهم منك: حقيقٌ بأن تخاف على ‏نفسك وتتبع ما ترجو النجاة باتباعه.‏
فإن الله عز وجل يقول في كتابه العزيز: (والسابقون الأولون من المهاجرين ‏والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، رضي الله عنهم ورضوا عنه، وأعدَّ لهم جنات ‏تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، ذلك الفوز العظيم)، وقال تعالى: (فبشر ‏عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو ‏الألباب).‏
وإنما الناس تبع لأهل المدينة ، إليها كانت الهجرة، وبها نزل القرآن، وأحل الحلال ‏وحرم الحرام، إذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، يحضرون الوحي ‏والتنزيل، ويأمرهم فيطيعونه، ويسن لهم فيتبعونه، حتى توفاه الله واختار له ما ‏عنده، صلوات الله وسلامه عليه ورحمته وبركاته.‏
ثم قام بمن بعده أتبع الناس له من أمَّته ممن ولي الأمر من بعده، فما نزل بهم ‏مما علموا أنفذوه، وما لم يكن عندهم فيه علم سألوا عنه، ثم أخذوا بأقوى ما وجدوا ‏في ذلك في اجتهادهم وحداثة عهدهم، وإن خالفهم مخالفٌ أو قال امرؤ غيره أقوى ‏منه وأولى ترك قوله وعمل بغيره.‏
ثم كان التابعون من بعدهم يسلكون تلك السبيل ويتبعون تلك السنن.‏
فإذا كان الأمر بالمدينة ظاهراً معمولاً به لم أر لأحدٍ خلافه، للذي في أيديهم من ‏تلك الوراثة التي لا يجوز لأحدٍ انتحالها ولا ادعاؤها.‏
ولو ذهب أهل الأمصار يقولون: هذا العمل الذي ببلدنا وهذا الذي مضى عليه ‏من مضى منَّا، لم يكونوا من ذلك على ثقة، ولم يكن لهم من ذلك مثل الذي كان ‏لهم.‏
فانظر رحمك الله فيما كتبتُ إليك به لنفسك، واعلم أني أرجو لا يكون دعاني إلى ‏ما كتبتُ به إليك، إلا النصيحة لله تعالى وحده، والنظر لك والضن بك، فأنزل ‏كتابي منك منزلةً، فإنك إن فعلت تعلم أني لم آلك نصحاً.‏
وفقنا الله وإياك لطاعته وطاعة رسوله في كل أمرٍ، وعلى كل حال، ‏
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأعمش
03-08-2011, 01:44 AM
أشكرك أخي على النقل

اللهم اغفر لإمام دار الهجرة
واغفر للإمام الليث بن سعد

اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان
ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا

اللهم واحشرنا جميعاً في زمرة سيد المرسلين

ابو محمد 2
03-08-2011, 02:29 AM
أشكرك أخي أحمد المنشاوي على النقل

اللهم اغفر لإمام دار الهجرة
واغفر للإمام الليث بن سعد

اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان
ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا

اللهم واحشرنا جميعاً في زمرة سيد المرسلين

ابن المدينه
03-08-2011, 02:35 AM
أشكرك أخي المستشار أحمد

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات

أحمد المنشاوي
03-08-2011, 02:49 AM
شاكر لكم اخواني ونفعنا الله بعلمهما وباقي الائمة واستجاب لدعواكم ودعواي ان يحشرني وسيدي المرسلين واياكم و معهم باذن الله ،،