مشاهدة النسخة كاملة : المركز القضائي والقانوني...!
قاضي(التحقيق)
11-08-2011, 12:03 PM
المركزالقضائي و القانوني لهيئة التحقيق والادعاء العام .
إن المتمعن في الطبيعة القانونية التي يتمتع بها جهاز هيئة التحقيق والادعاء العام ، من خلال الوقوف على ما أضفاه المنظم على أعضائه من ضمانات ، ومن خلال التمعن في تلكم الأعمال والمهام التي يباشرها هذا الجهاز العدلي الفتي،وبالاسترشاد بمجموع النصوص النظامية ذات العلاقة ، ليقف على نتيجة مؤكدة فحواها ومضمونها أن جهاز هيئة التحقيق والادعاء العام من الأجهزة العدلية ويتمتع بسلطة قضــائية،ولا يطعن في ذلك ارتباط جهاز الهيئة بوزير الداخلية وتوليه مهام الإشراف عليه ،ولاغياب النص النظامي الصحيح الصريح الذي يؤكد على هذه النتيجة.ومستند ذلك وبرهانه ما يلي:أولا: ورد النص على هيئة التحقيق والادعاء العام في النظام الأساسي للحكم، وتعدادها ضمن سلطــــات الدولة القضــــائيـــة، كمــا يظهر ذلك فـــي المـــواد(44، 54 ) من النظام الأساسي للحكم (1)، حيث ورد فيها مانصه :
الباب السادس
سلطـات الدولـة
المادة الرابعة والأربعون :
تتكون السلطات في الدولة من:
_ السلطة القضائية.
_ السلطة التنفيذية.
_ السلطة التنظيمية.
وتتعاون هذه السلطات في أداء وظائفها، وفقاً لهذا النظام وغيره من الأنظمة، والملك هو مرجع هذه السلطات.
المادة الخامسة والأربعون :
مصدر الإفتاء في المملكة العربية السعودية، كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويبين النظام ترتيب هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء واختصاصاتها.
المادة السادسة والأربعون :
القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية.
المادة السابعة والأربعون :
حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمُقيمين في المملكة، ويُبين النظام الإجراءات اللازمة لذلك.
المادة الثامنة والأربعون :
تُطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية، وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة، وما يُصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة.
المادة التاسعة والأربعون :
مع مراعاة ما ورد في المادة الثالثة والخمسين من هذا النظام، تختص المحاكم في الفصل في جميع المنازعات والجرائم.
المادة الخمسون :
الملك أو من ينيبه معنيون بتنفيذ الأحكام القضائية.
المادة الحادية والخمسون :
يُبين النظام تكوين المجلس الأعلى للقضاء واختصاصاته، كما يُبين ترتيب المحاكم واختصاصاتها(2).
المادة الثانية والخمسون :
يتم تعيين القضاة وإنهاء خدمتهم بأمر ملكي، بناءً على اقتراح من المجلس الأعلى للقضاء، وفقاً لما يبينه النظام.
المادة الثالثة والخمسون :
يُبين النظام ترتيب ديوان المظالم واختصاصاته.
المادة الرابعة والخمسون :
يُبين النظام ارتباط هيئة التحقيق والادعاء العام، وتنظيمها واختصاصاتها.
ثم توالت مواد النظام بعد ذلك حيال الحديث عن السلطة التنفيذية التي يقف على قمة الهرم فيها مجلس الوزراء ، وفقا لما ورد في المادة التاسعة عشرة من نظام مجلس الوزراء ، والتي نصت على مايلي :
" مع مُراعاة ما ورد في النظام الأساسي للحكم ونظام مجلِس الشُورى يرسم مجلِس الوزراء السياسة الداخلية والخارجية والمالية والاقتصادية والتعليمية والدفاعية وجميع الشؤون العامة للدولة ويُشرف على تنفيذها.
وينظُر في قرارات مجلِس الشُورى. وله السلطة التنفيذية وهو المرجع للشؤون المالية والإدارية في سائر الوزارات والأجهزة الحكومية الأُخرى" (3).ثانيا : معالي رئيس الهيئة عضو في المجلس الأعلى للقضاء_ تماما كما هو حال النائب العام الذي يقف على قمة الهرم لجهـــاز النيابة العامة في الأنظمة المختلفة _ وهو عضو ثابت في المجلس باعتبار صفته لا بشخصه،حيث نصت المادة الخامسة من نظــــــام القضاء الجديد الصادر بالمرسوم الملكـــــي الكريـــــم رقــــم م / 78وتـــاريـــخ 19/ 9/ 1428هـ ،علـــى مايلي :
يؤلف المجلس الأعلى للقضاء من رئيس يسمى بأمر ملكي ، وعشرة أعضــاء على النحو الآتي:
أ . رئيس المحكمة العليا .
ب . أربعة قضاة متفرغين بدرجة رئيس محكمة استئناف ، يسمون بأمر ملكي .
ج . وكيل وزارة العدل .
د . رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام .
هـ . ثلاثة أعضاء يتوافر فيهم ما يشترط في قاضي استئناف،يسمون بأمر ملكي . وتكون مدة رئيس المجلس،والأعضاء المنصوص عليهم في الفقرتين(ب) و(هـ)أربــــــع سنـــــوات قابلة للتجــديــد(4).
والمتمعن في النص المذكور أعلاه،لا يسعه إلا التسليم والتأكيد على انتماء هيئة التحقيق والادعاء العام للسلطة القضائية،وإلا لما كان لاختصاصه بذلك دون غيره من سائر رؤساء الأجهزة الحكومية ذات العلاقة،أي معنى !
ثالثا : طبيعة الأعمال التي تباشرها هيئة التحقيق والادعاء العام ، تتسم بالصفة والصبغة القضائية،كما قرر ذلك ديوان المظالم في مجموعة من أحكامه ، حيث ورد في أحدها مانصه :
" حيث إنه وإن كان ديوان المظالم يختص ولائيا بالفصل في الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن بالطعن في القرارات الإدارية ، كما نص علـــى ذلك في نظـــامه الصـــادر بالمرســـوم الملكــــي رقـــم ( م / 51 ) وتاريخ ( 17 /7 / 1402هـ ) في المــــــادة ( 8 / 1 / ب ) إلا أن هيئة التحقيق والادعاء العام في مباشرتها للأعمال المنوطة بها بناء على نظامها الصادر بالمرسوم الملكي رقم ( م / 56 ) وتاريخ ( 24 / 10 / 1409هـ ) ونظـــــام الإجـــــــــــراءات الجـــــزائيــــــــة الصـــــادر بالمرســـــوم الملكـــــــــي رقـــــم ( م / 39 ) وتـــــــاريـــــــخ ( 28 / 7 / 1422هـ) وغيرها من الأنظمة التي خولتها التحقيق والادعاء العام وجعلتها أمينة على الدعوى العامة بما يتصل بها من إجراءات التحقيق والاتهام ورفع الدعوى ومباشرتها وحفظها لا تعد التصرفات التي تباشرها وتصدر عنها من خلال الولاية المرسومة لها في تلك الأنظمة وفي هذا النوع من الأعمال من القرارات الإدارية التي تخضع لرقــــــــابـــــــــة القضــــاء الإداري ( ديوان المظالم ) ؛ ذلك أن تلك الأعمال والحالة هذا ذات طابع قضائي ، ولا ينال من ذلك أن هيئة التحقيق والادعاء العام تابعة لوزارة الداخلية وليست تابعة للجهات القضائية،إذ العبرة بنوع الأعمال التي تباشرها وموضوع القرارات التي تصدرها ، وحيث إن القرار موضوع الدعوى من الأعمال التي باشرتها المدعى عليها من خلال ما خصتها به الأنظمة من ولاية بشأن الدعوى فإن الدائرة تنتهي إلى أن الدعوى بشأن ما صدر عنها غير مقبولة ، فلهذه الأسباب حكمت الدائرة بعدم قبول الدعوى المقامة من( ... )ضد هيئة التحقيق والادعاء العام ؛ لما هو موضح بالأسباب " (5).
قلت :
لقد ورد في القرار الشرعي السابق،أن هيئة التحقيق والادعاء العام تابعة لوزارة الداخلية،وهذا غير دقيق، بل الهيئة ترتبط بوزير الداخلية الذي له حق الإشراف عليها إداريا،دون التدخل في أعمالها، التي تأخذ حكم الاستقلال التام بقوة النظام (6).
وفي هذا السياق يقول الدكتور محمد عيد الغريب :
" إن النيابة العامة من خلال الدور الذي تقوم به في مباشرة الاتهام الجنائي،وهو ممارسة الوظيفة القضائية بالمعنى العام،هذا فضلا عن مباشرتها في نظامنا للتحقيق الجنائي وإصدار الأوامر الجنائية،وهي أعمال قضائية بالمعنى الدقيــــــــق،جميع ذلك يرجـــــح القول بأن النيــــــابة العــــــــــــامة جــــــــزء من السلطة القضائية " (7).
وتأسيسا على ما ورد في القرار الشرعي السابق ، هل يمكن أن يقول قائل بسلب الصفة القضائية عن جهة القضاء العام بسبب تبعيته إداريا وماليا لوزارة العدل(8)؛ التي لا ينازع أحد حيال انتمائها وتبعيتها للسلطة التنفيذية ؟!
رابعا : الاستقلال التام الذي يتمتع به أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام والذي بموجبه لا يخضعون في عملهم إلا لأحكام الشريعة الإسلامية،والأنظمة المرعية، وليس لأحد التدخل في مجال عملهم (9) . ومما لا شك فيه ولا ريب أن هذه الضمانة تعد من الضمانات القضائية التي يتمتع بها القضاة.
كما يظهر ذلك بوضوح من خلال نصوص المواد التالية :
المادة الخامسة من نظام هيئة التحقيق والادعاء العام ، نصت على مايلي:
" يتمتع أعضاء الهيئة بالاستقلال التام، ولا يخضعون في عملِهم إلا لأحكام الشريعة الإسلاميــــــة والأنظِمة المرعية، وليس لأحد التدخُــــــــــل في مجـــــــــال عملِهم " (10).
كما نصت المادة الأولى من نظام القضاء على مايلي:
" القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، وليس لأحد التدخل في القضاء " (11).
بل إن المنظم قد نص في المادة الخامسة ، فقرة ( و ) من نظام محاكمة الوزراء ، أن التدخل الشخصي من الوزير في شئون القضاء جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تتراوح مابين ثلاث إلى عشر سنوات (12).
وفي هذا السياق يقول الدكتور عماد النجار :
" ويقصد بهذا الاستقلال ألا يخضع جهاز الادعاء العام إلا لمقتضيات الوصول إلى الحقيقة في وضع إجرامي معين واعتبارات الصالح العام وحماية الأرواح والقيم والممتلكات , فهذه الغاية التي يسعى إليها,وليس لأية سلطة أن تحمله على الميل عن هذه الغاية،ومقتضى ذلك أن يتمتع الادعاء العام بقدر واف من الاستقلال وحرية العمل,حتى يستطيع مباشرة مهامه في حياد وموضوعية ,ويتجلى ذلك في مظهرين أساسيين,هما : الاستقلال في العمل , وعدم المسئولية عن هذه الأعمال،ويقصد بالاستقلال في العمل ألا يخضع في مباشرة عمل من أعمال الادعاء العام لرقابة سابقة من السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية أو السلطة القضائية (13).خامسا : الحصانة القضائية التي يتمتع بها أعضاء الهيئة والتي ورد النص عليها في المادة التاسعة عشرة من نظام هيئة التحقيق والادعاء العام،إذ المتمعن في نص المادة المشار إليها أعلاه،يقف على أنه يتسق تماما حذو القذة بالقذة مع تلكم الحصانة الممنوحة للقضاة ،والتي ورد النص عليها في المادة الرابعة والثمانين من نظام القضاء القديم وفي المادة الثامنة والستين من النظام الجديد.
المادة التاسعة عشرة من نظام هيئة التحقيق والادعاء العام :
" في حالات التلبُس بالجريمة يجب عند القبض على عضو الهيئة وحبسِه أن يُرفع الأمر إلى لجنة إدارة الهيئة في مُدة الأربع والعشرين ساعة التالية، وللجنة أن تُقرِّر استمرار الحبس أو الإفراج بكفالة أو بغير كفالة، ولعضو الهيئة أن يطلُّب سماع أقوالِه أمام اللجنة عند عرض الأمر عليها. وتُحدِّد اللجنة مُدة الحبس في القرار الذي يصدُر بالحبس أو باستمرارِه، وتُراعى الإجراءات السالفة الذكر كُلما رُئي استمرار الحبس الاحتياطي بعد انقِضاء المُدة التي قرَّرها المجلِس. وفيما عدا ما ذُكِر لا يجوز القبض على عضو الهيئة أو اتِخاذ أيِّ إجراء من إجراءات التحقيق معه أو رفع الدعوى الجزائية عليه، إلا بإذن من اللجنة المذكورة. ويتم حبس أعضاء الهيئة وتنفيذ العقوبات المُقيدة للحُرية عليهم في أماكِن مُستقِلة " (14).
المادة الثامنة والستون من نظام القضاء الجديد :
"يجب عند القبض على عضو السلك القضائي وتوقيفه ـ في حالة تلبسه بجريمة ـ أن يرفع أمره إلى المجلس الأعلى للقضاء خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه. وللمجلس أن يقرر إما استمرار توقيفه أو الإفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة.ولعضو السلك القضائي أن يطلب سماع أقواله أمام المجلس عند عرض الأمر عليه. ويحدد المجلس مدة التوقيف في القرار الذي يصدر بالتوقيف أو باستمراره.وتراعى الإجراءات السالف ذكرها كلما رئي استمرار التوقيف بعد انقضاء المدة التي قررها المجلس ،وفيما عدا ما ذكر،لا يجوز القبض على عضو السلك القضائي أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق معه أو رفع الدعوى الجزائية عليه، إلا بإذن من المجلس،ويوقف أعضاء السلك القضائي وتنفذ العقوبات المقيدة لحريتهم في أماكن مستقلة"(15).
وفي هذا السياق يقول الباحث عوض بن حماد الملا :
يقصد بالحصانة هنا ، عدم التعرض لعضو هيئة التحقيق والادعاء العام سواء في ذاته أو مسكنه بأية صورة من الصور ضمانا لاستقلاله واحتراما للمهنة التي يمارسها نيابة عن المجتمع لحمايته من أخطار الجرائم أو مرتكبيها (16). وهذه الحصانة إنما قررت لمصلحة المجتمع ،لا لعضو الهيئة وذلك لحفظ كيان الهيئة وصيانته من الاعتداء،وتقرير الحصانة لأعضاء الهيئة لكي يقوموا بمهمتهم في جو من الحرية والاطمئنان تحصينا لهم من التعرض للضغوط من قبل السلطة التنفيذية ، كما أن الحصانة تعني عدم جواز القبض على عضو الهيئة إلا في حالة واحدة وهي الحالة التي يمكن القبض على القاضي فيها وهي حالة التلبس،ومظاهر هذه الحصانة تتجلى في الآتي :
1. لايجوز القبض على عضو هيئة التحقيق والادعاء العام في أي حال من الأحوال إلا في حالة الجريمة المشهودة فقط.
2. عملية القبض على عضو الهيئة في حالة التلبس لاتخول من قبض مباشرة إجراءات التحقيق مع العضو المقبوض عليه وإنما عليه رفع الأمر إلى لجنة إدارة الهيئة خلال الأربع والعشرين ساعة التالية للقبض وهذا الإجراء يشابه تماما الإجراء المخول في حالة القبض على القاضي متلبسا بجريمة حيث لابد من رفع الأمر إلى المجلس الأعلى للقضاء خلال الأربع وعشرين ساعة التالية للقبض.
3. حق تقرير استمرار حبس العضو المقبوض عليه أو الإفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة،من حق لجنة إدارة الهيئة فقط،كما هو من حق مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة بشأن القضاة وبالتالي فإنه ليس لأي جهة التدخل في عملية استمرار الحبس أو الإفراج سوى لجنة إدارة الهيئة.
4. من حق العضو نظاما أن يطلب الإدلاء بأقواله أمام لجنة إدارة الهيئة عند عرض الأمر عليها،حتى يضمن بأن جميع مالديه قد وصل فعلا إلى اللجنة،وفي هذه الحالة من حق القاضي أيضا أن يطلب من المجلس الأعلى للقضاء سماع أقواله عند عرض الأمر على المجلس.
5. تحديد مدة الحبس ضد عضو هيئة التحقيق والادعاء العام أو استمراره يصدر بقرار من لجنة إدارة الهيئة،كما أوجب المنظم مراعاة هذه الإجراءات إذا تطلب الأمر استمرار الحبس الاحتياطي بعد انقضاء المدة التي حددتها إدارة الهيئة
6. من مظاهر الحصانة التي يتمتع بها عضو الهيئة عدم القبض عليه في غير حالة التلبس كما أنه لايتخذ ضده أي إجراء من إجراءات التحقيق أو يرفع عليه دعوى جزائية إلا بعد أخذ الإذن حيال ذلك من لجنة إدارة الهيئة .
7. لايتم حبس عضو الهيئة أو تنفيذ العقوبة ضده في دور التوقيف أو السجون وإنما أوجب المنظم أن يكون تنفيذها في أماكن مستقلة مثله مثل القاضي، ولعله أراد ألا تهتز صورة عضو الهيئة أمام المجتمع الذي منحه الثقة في الدفاع عنه للحد من الجريمة ومعاقبة مرتكبيها ولا أمام من كان يحقق معهم من نزلاء السجون ودور التوقيف (17).
سادسا : أن نظائر هيئة التحقيق والادعاء العام من النيابات العامة _ في دول العالم المتعددة_تتبع للسلطة القضائية ،ويتمتع أعضاؤها بذات الحصانة القضائية الممنوحة لنظرائهم من قضاة المحاكم من غير تفريق أو تمييز .
ولقد ثار الجدل سابقا حول طبيعة الادعاء العام ( النيابة العامة ): هل هو شعبة تابعة للسلطــــة التنفيذية أم إلى السلطـــة القضائية ؟ وكان السائد أن جهاز الادعاء العام هو شعبة من شعب السلطة التنفيذية , وبهذا قضت محكمة النقض المصرية , إذ قضت بأن الادعاء العام "النيابة العامة " شعبة أصيله من شعب السلطة التنفيذية اختصت بمباشرة الدعوى العمومية نيابة عن تلك السلطة , وجعلت لها وحدها حق التصرف فيها تحت إشراف وزير العدل ومراقبته الإدارية , إلا أن هذه المحكمة ذاتها عدلت عن هذا الاتجاه في مرحلة تاليه إذ قضت بأن النيـــــــابة العـــــــامة شعبة أصيــــــلة من شعب السلطة القضائية (18)، خول المشرع من بين ما خولها سلطة التحقيق وهو عمل قضائي واستقر الأمر على ذلك باعتبار أن الادعــــاء العام عمل قضائي (19).
و في ذات السياق يقول الدكتور عماد النجار :
" وفي المملكة العربية السعودية مر الادعاء بنفس المرحلتين,إذ عندما بدأ في العصر الحديث على يد جلالة الملك عبد العزيز سنة (1351هـ/1932م) بدأ باعتباره شعبة من شعب السلطة التنفيذية,وآية ذلك أن النظام جعله في أيدي الشرطة واعتبر من بين مهام الشرطة مباشرة الادعاء العام أمام المحاكم,بل خولها كذلك مباشرة إجراءات التحقيق بالإضافة إلى مباشرة الخصومة أمام المحاكم في دعوى الحق العام,ثم صدرت بعد ذلك اللائحة الخاصة بنظام مديرية الأمن العام في (29/3/1369م) وهي تكرس الادعاء العام ضمن السلطة التنفيذية ويباشره ضباط الشرطة ، وفي مرحلة لاحقة صدر المرسوم الملكي في (24/10/1409هـ) منشئًا (هيئة التحقيق والادعاء العام) كهيئة تتولى مهام التحقيق والادعاء العام في الجرائم,بعيدا عن الشرطة التي تتولى فقط أعمال الضبط الإداري الذي يستهدف الحيلولة دون وقوع الجريمة بصفة أساسية,فإن أخفقت في مهمتها ووقعت الجريمة كان عليها جمع المعلومات اللازمة للتحقيق والدعوى,ثم تتولى هيئة التحقيق مباشرة تحقيق هذه المعلومات فإن كانت كافية لتوقيع العقاب على الجاني قام الادعاء العام بمباشرة دعوى الحق العام أمام المحاكم ,وبذلك يكون الادعاء العام في المملكة قد خطا خطوة إلى الأمام بموجب هذا النظام الذي أنشأ هذه الهيئة واختصها بالتحقيق في الجرائم والادعاء العام أمام المحاكم،وهذا يعني استقلال الادعاء العام في المملكة ولا ينال من قيام هذا الاستقلال أن هذه الهيئة ترتبط بوزير الداخلية وهو أحد أعضاء السلطة التنفيذية ,فالارتباط لا يعني الخضوع , وإنما يعني المتابعة والإشراف,لأن الادعاء العام في كل البلاد لابد أن يمتد إلى قمة السلطة عن طريق إشراف أحد الوزراء المسئولين السياسيين عليه,ويؤكد ذلك ويعضده أن النظام ذاته نص في المادة الخامسة على تكريس هذا الاستقلال التام وعدم الخضوع إلا لأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية,بل وإن النص أضاف ((وليس لأحد التدخل في مجال عملهم )) بما مؤداه أن النظام الحالي يكرس استقلال الادعاء العام وينص عليه ويزكيه " (20).قلت :
ومما لا شك فيه ولاريب أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، والتصور الصحيح ينبغي أن يبنى على أساس سليم،ينطلق من ظروف النشأة وطبيعة الأعمال التي تزاول من قبل جهاز هيئة التحقيق والادعاء العام،ليكون الحكم منصفا،والنتيجة،متسقة مع المقدمة،وتفصيلا لذلك أقول:
بالنسبة لظروف نشأة هيئة التحقيق والادعاء العام ،فلعل في مضمون الخطاب التالي الموجه من صـــاحب السمو الملكـــــــــي النــــــــــــائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء_ الملك فهد بن عبد العزيز _ يرحمه الله _ إلــــى مقــــــــام حضرة صــــــاحب الجـــــــــــلالة الملك المعظـــــــم ورئيـــــــس مجــــــلس الوزراء – الملك فيصل بن عبد العزيز _يرحمه الله _ برقـــــــــم ( 4443) وتاريخ 12 / 6 / 1393هـ ، ما يضع النقاط على الحروف ، والذي ورد فيه مانصه:
حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم ورئيس مجلس الوزراء حفظه الله بعد التحية والاحترام :
" أنهي لجلالتكم أن مجلس الوزراء في دراسته لنظام السلطة القضائية وهو على وشك الانتهاء من هذه الدراسة،ولكن عند دراسة الباب الرابع من هذا النظام الخاص بالنيابة العامة أثيرت بعض الملاحظات التي تتلخص في الآتي:
1. أن المجلس على ذكر من العبارات المتعلقة بهذا الأمر التي وردت في البيان الوزاري الذي يلخص قواعد السياسة الحكيمة التي تنتهجونها جلالتكم والتي آتت ولا تزال تؤتي ثمارها الكريمة حيث ورد هذا النص : " قررنا إنشاء وزارة للعدل تشرف على الشئون الإدارية للقضاء ويلحق بها نيابة عامة للدولة ترعى مصالح المواطنين وتذود عن حقوقهم وتقوم بالتعاون مع المحاكم المختلفة للدولة مقام الحارس الأمين الذي يدافع عن المظلومين ويضرب على أيدي الظالمين ".
2. إن المجلس يرى أن من أهم واجباته السعي لتحقيق كل ما تضمنه البيان الوزاري الكريم .
3. وأنه لتحقيق هذا الأمر ينبغي التأكد من كل الظروف والملابسات العملية والعقوبات التي تواجه تحقيق هذه الأمور وكيفية تذليلها .
4. أنه على هدى مما سبق قد يكون من المناسب إخضاع الباب الرابع المتعلق بالنيابة العامة لمزيد من الدراسة تتم بين وزير الداخلية ووزير العدل وذلك بناء على ما يأتي :
أ. أن الوظيفة الأساسية للنيابة العامة هي التحقيق في الجرائم وملاحقتها أمام القضاء .
ب. أن الوظيفة المشار إليها تقوم بها الآن السلطة التنفيذية وبتوجيه جلالتكم ورعايته وقبل ذلك بفضل تطبيق الشريعة الإسلامية فإن السلطة التنفيذية قامت بها بنجاح آثاره الظاهرة انخفاض نسبة الجريمة في المملكة وتوطد الأمن بالمقارنة مع البلاد الأخرى .
ج. أن تغيير أسلوب ملاحقة الجرائم وهو أمر يتعلق بالعادات والأخلاق والنواحي النفسية لأفراد المجتمع مسألة مهمة ينبغي أن تبنى على دراسة متعمقة تتناول مختلف النواحي .
د. أنه توجد صعوبات كبيرة أمام إنشاء النيابة العامة في الوقت الحاضر تتمثل في تعذر الحصول على العدد الكافي من أعضاء النيابة المتخصصين .
هـ . أخيرا وهو الأمر المهم إن ملاحقة الجرائم تتصل بصلة وثيقة بكيفية نظرة المواطن إلى الجهة التي يناط بها هذه المسئولية ، وقد تعود المواطن أن ينظر بجدية واحترام إلى السلطة التنفيذية،ولا يُضمن في المستقبل القريب أن ينظر المواطن بهذه النظرة إلى أي سلطة جديدة كالسلطة التنفيذية ،ولا يضمن في المستقبل القريب أن ينظر المواطن بهذه النظرة إلى أي سلطة جديدة كالسلطة المقترحة في النظام وذلك نظرا لاتساع رقعة المملكة وتغلغل السكان فيها وكون أغلبهم من سكان الأرياف بالصحراء الذين لم يتعودوا التعامل مع هذه النظم .
و . أنه توجد فرصة لاختيار حل انتقالي بديل ،وذلك عن طريق إنشاء جهاز في أعمال النيابة العامة في داخل وزارة الداخلية وبعد أن يكتمل هذا الجهاز وينجح في ممارسة أعماله يمكن نقله إلى وزارة العدل حيث يكون هذا الجهاز نواة النيابة العامة.
ونظرا لما سبق ولأن إخضاع الباب الرابع من نظام السلطة القضائية للمراجعة حسب ما اقترح ، سوف يترتب عليه تعطيل صدور النظام بأسره وتفاديا لهذا الأمر فقد قرر المجلس رفع ذلك لجلالتكم للاستئذان في فصل الباب الرابع الخاص بالنيابة العامة من النظام وإخضاع قواعده لدراسة خاصة تتم بين وزير الداخلية ووزير العدل ويرفع لجلالتكم نتيجتها مع إصدار نظام السلطة القضائية بعد فصل الباب الرابع منه فور استكمال الإجراءات النظامية.
وتقبلوا جلالتكم لائق التحية والاحترام .
النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء (21).
قلت :
بالتمعن في الخطاب المذكور آنفا ،نقف على الأسباب والدواعي التي أدت إلى ربط هيئة التحقيق والادعاء العام ، بسمو وزير الداخلية _ حفظه الله ورعاه _ ، إضافة إلى أن العبرة في تصنيف جهاز ما وإلحاقه بأي من السلطات الثلاث المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم هو طبيعة الأعمال التي يباشرها ، إذ العبرة بالمقاصد والمعاني ، ثم إن الارتباط بشخص وزير الداخلية إنما مجاله الجانب التنظيمي الإداري – تماما كذلك الارتباط الإداري والمالي للمحاكم بوزارة العدل الداخلة في منظومة السلطة التنفيذية _،أما الجانب العملي التطبيقي ، فلجهاز الهيئة الاستقلال التام المنصوص عليه في نظامها، وليس لأحد التدخل في أعمالها، إضافة إلى أنه يلزم المخالف – لهذه النتيجة _ أن يفسر السبب الذي جعل ولي الأمر ينص على كون معالي رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام عضوا في المجلس الأعلى للقضاء على الرغم من أنه – على حد قول المخالف – تابع للسلطة التنفيذية ، وهل في وجود عضو في تشكيل المجلس الأعلى للقضاء _ تابع للسلطة التنفيذية_ مدعاة لتجريد جهاز القضاء من السلطة القضائية التي لا ينازع فيها أحد؟!
سادسا : أن المنظم قد ساوى أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام بالقضاة في الضمانات المقررة لهم من حيث الاستقلالية و التعيين و الترقية و التأديب وعدم القابلية للعزل ، وفي كافة الضمانات المفترضة والمقررة قانونا لأعضاء السلطة القضائية الأمر الذي لا يدع مجالا للشك حيال انتماء أعضاء الهيئة لتلكم السلطة (22).
سابعا : أن المنظم قد نص على معاملة أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام ، فيما يتعلق ببدل النقل والانتداب ، مُعاملة أعضاء السلك القضائي المقابلين لهم في درجاتِهم ، ولولم يكن لأعضاء الهيئة الصفة القضائية ، لما تم معاملتهم – حيال ذلك - معاملة أعضاء السلك القضائي ،كيف لا ومن لوازم القياس وجود الشبه والعلة الجامعة بين المقيس والمقيس عليه ! (23).
ثامنا: أن المنظم قد نص على المساواة بين القضاة،وبين أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام ، فيما يتعلق بالعقوبات التأديبية التي يمكن توقيعها عليهم،وذلك على النحو التالي :
حيث نصت المادة السادسة والستون من نظام القضاء على مايلي :
العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على القاضي هي اللوم وإنهاء الخدمة.
كما نصت المادة الخامسة والعشرون من نظام هيئة التحقيق والادعاء العام على مايلي :
العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على عضو الهيئة، هي: اللوم، والإحالة على التقاعُد.
تاسعا: أن المنظم قد نص على المساواة بين القضاة،وبين أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام،فيما يتعلق بالأسباب التي تنقضي بها خدمة كل منهم، وذلك على النحو التالي :
نصت المادة التاسعة والستون من نظام القضاء الجديد على مايلي :
تنتهي خدمة عضو السلك القضائي بأحد الأسباب الآتية:
أ. بلوغه سن السبعين.
ب. الوفاة.
ج. قبول استقالته.
د. قبول طلبه الإحالة على التقاعد طبقاً لنظام التقاعد المدني.
هـ. عدم صلاحيته للقضاء وفقا لحكم المادة الرابعة والأربعين من هذا النظام.
و. عجزه عن مباشرة عمله بعد انقضاء الإجازة المرضية، أو أن يظهر في أي وقت أنه لا يستطيع لمرضه القيام بوظيفته على الوجه اللائق.
ز. حصوله على تقدير أقل من المتوسط في تقرير الكفاية ثلاث مرات متتالية.
ح. إنهاء خدمته لأسباب تأديبية.
كما نصت المادة السبعون من ذات النظام على مايلي:
في غير حالات الوفاة والإحالة على التقاعد لبلوغ السن النظامية وعدم الصلاحية خلال فترة التجربة بالنسبة إلى الملازم القضائي، تنتهي خدمة عضو السلك القضائي بأمر ملكي بناء على اقتراح المجلس الأعلى للقضاء.
ونصت المادة الثانية عشرة من نظام هيئة التحقيق والادعاء العام على مايلي :
تنتهي خِدمة عضو الهيئة، بأحد الأسباب الآتية:
1. قبول الاستِقالة.
2. بلوغ سِن الخامسة والستين.
3. قبول طلب الإحالة على التقاعُد، طِبقاً لنِظام التقاعُد.
4. الإحالة على التقاعُد، طِبقاً للمادة الخامسة والعشرين من هذا النِظام.
5. الحصول على تقدير أقل من المُتوسِط في تقرير الكفاية ثلاث مرات مُتوالية.
6. فقد الثِقة والاعتبار، اللذين تتطلبُهما الوظيفة.
7. العجز الصحي.
8. عدم ثبوت صلاحية العضو خِلال فترة التجرِبة.
9. الوفاة.
كما نصت المادة الثالثة عشرة من ذات النظام على مايلي:
في غير حالات الوفاة وبلوغ السِّن النِظامية وعدم ثبوت صلاحية العضو خِلال فترة التجرِبة، تنتهي خِدمة عضو الهيئة بأمر ملكي بناءً على قرار من لجنة إدارة الهيئة وطلب وزير الداخلية.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
معد البحث/الشيخ /علي الهجري-عضوهيئة التحقيق والادعاء العام بالرياض____________________________________ _____
(1) النظام الأساسي للحكم ، الصادر المرسوم الملكي رقم، [ أ / 90 ] ، وتاريخ [ 27 /8/1412هـ].
(2) النظام الأساسي للحكم ، الصادر المرسوم الملكي رقم، [ أ / 90 ] ، وتاريخ [ 27 /8/1412هـ].
(3) نظام مجلس الوزراء ، الصادر المرسوم الملكي رقم، [ أ / 13] ، وتاريخ [ 3 /3/1414هـ].
(4) نظام القضاء الجديد ، الصادر المرسوم الملكي رقم، [ م/78 ] ، وتاريخ [ 19/9/1428هـ ].
(5) القرار الشرعي رقم ، [99/د/إ ]لعام 1427هـ ، والصادر من الدائرة الإدارية السادسة التابعة للمحكمة الإدارية بمنطقة الرياض .
(6) القرار الشرعي رقم ، [99/د/إ ]لعام 1427هـ ، والصادر من الدائرة الإدارية السادسة التابعة للمحكمة الإدارية بمنطقة الرياض .
(7) المركز القانوني للنيابة العامة ، لمحمد بن عيد الغريب، [ 268 ] .
(8) انظر : المادة ( 71 ) من نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم [ م / 78 ] وتاريــــــــخ [19/ 9 / 1428هـ ].
(9) نظام هيئة التحقيق والادعاء العام الصادر بالمرسوم الملكــــــي رقم [ م / 56] وتـــاريـــــخ [ 24 /10 / 1409هـ ].
(10) انظر : المادة[ الخامسة ] من نظام هيئة التحقيق والادعاء العام ، الصادر بالمرسوم الملكي رقم [ م/ 56 ] وتاريخ [24/10/1409هـ ].
(11) نظام القضاء العام الصادر بالمرسوم الملكي رقم [ م / 78 ] وتاريخ [19/ 9 / 1428هـ ].
(12) نظام محاكمة الوزراء الصادر بالمرسوم الملكي رقم [88 ] وتاريخ [22/ 9 / 1380هـ ].
(13) الادعاء العام ، لعماد النجار ،[ ص 75 ]، أصول التحقيق الجنائي وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية ، لمدني تاج الدين،[ ص 59].
(14) نظام هيئة التحقيق والادعاء العام الصادر بالمرسوم الملكي رقم [ م / 56] وتـــــاريــــخ [ 24 /10 / 1409هـ ].
(15) نظام القضاء العام الصادر بالمرسوم الملكي رقم [ م /78] وتاريخ [ 19/ 9 / 1428هـ ].
(16) هيئة التحقيق والادعاء العام ودورها في نظام العدالة الجنائية في المملكة، لفيصل القحطاني [ ص 96].
(17) حصانة أعضاء هيئة التحقيق والإدعاء العام ومدى مسئوليتهم ، لعوض بن حماد بن عوض الملا ، بحث مقدم لاستكمال متطلبات الماجستير من قسم العدالة الجنائية بجامعة نايف ، بتصرف .
(18) نقض (9/1/1961 ) أحكام النقض ، س ( 12 ) ق ( 7 ) ، ص ( 865 ) .
(19) الادعاء العام ، لعماد النجار ،[ ص 75_ 77].
(20) المرجع السابق ،[ ص 75_ 77 ].
(21) انظر : البرقية رقم ( 4443) وتاريخ 12 / 6 / 1393هـ ..
(22) انظر : نظام هيئة التحقيق والادعاء العام ، ونظام القضاء .
(23) انظر : المرجعين السابقيين
ثالثا : طبيعة الأعمال التي تباشرها هيئة التحقيق والادعاء العام ، تتسم بالصفة والصبغة القضائية،كما قرر ذلك ديوان المظالم في مجموعة من أحكامه ، حيث ورد في أحدها مانصه :
" حيث إنه وإن كان ديوان المظالم يختص ولائيا بالفصل في الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن بالطعن في القرارات الإدارية ، كما نص علـــى ذلك في نظـــامه الصـــادر بالمرســـوم الملكــــي رقـــم ( م / 51 ) وتاريخ ( 17 /7 / 1402هـ ) في المــــــادة ( 8 / 1 / ب ) إلا أن هيئة التحقيق والادعاء العام في مباشرتها للأعمال المنوطة بها بناء على نظامها الصادر بالمرسوم الملكي رقم ( م / 56 ) وتاريخ ( 24 / 10 / 1409هـ ) ونظـــــام الإجـــــــــــراءات الجـــــزائيــــــــة الصـــــادر بالمرســـــوم الملكـــــــــي رقـــــم ( م / 39 ) وتـــــــاريـــــــخ ( 28 / 7 / 1422هـ) وغيرها من الأنظمة التي خولتها التحقيق والادعاء العام وجعلتها أمينة على الدعوى العامة بما يتصل بها من إجراءات التحقيق والاتهام ورفع الدعوى ومباشرتها وحفظها لا تعد التصرفات التي تباشرها وتصدر عنها من خلال الولاية المرسومة لها في تلك الأنظمة وفي هذا النوع من الأعمال من القرارات الإدارية التي تخضع لرقــــــــابـــــــــة القضــــاء الإداري ( ديوان المظالم ) ؛ ذلك أن تلك الأعمال والحالة هذا ذات طابع قضائي ، ولا ينال من ذلك أن هيئة التحقيق والادعاء العام تابعة لوزارة الداخلية وليست تابعة للجهات القضائية،إذ العبرة بنوع الأعمال التي تباشرها وموضوع القرارات التي تصدرها ، وحيث إن القرار موضوع الدعوى من الأعمال التي باشرتها المدعى عليها من خلال ما خصتها به الأنظمة من ولاية بشأن الدعوى فإن الدائرة تنتهي إلى أن الدعوى بشأن ما صدر عنها غير مقبولة ، فلهذه الأسباب حكمت الدائرة بعدم قبول الدعوى المقامة من( ... )ضد هيئة التحقيق والادعاء العام ؛ لما هو موضح بالأسباب " (5).
قلت :
لقد ورد في القرار الشرعي السابق،أن هيئة التحقيق والادعاء العام تابعة لوزارة الداخلية،وهذا غير دقيق، بل الهيئة ترتبط بوزير الداخلية الذي له حق الإشراف عليها إداريا،دون التدخل في أعمالها، التي تأخذ حكم الاستقلال التام بقوة النظام (6).
فضيلة قاضي التحقيق ..
أشكر لفضيلتكم طرح هذا الموضوع البالغ في الأهمية والحساسية ..
موضوع عدم قبول الدعاوى التي تقام ضد هيئة التحقيق والإدعاء العام لايزال محل جدل قضائي واحكام متعارضة من ديوان المظالم ..
وحسب ماسمعت أن هيئة التدقيق بالديوان مجتمعة بصدد دراسة ومراجعة الأحكام المتباينة الصادرة من المحاكم الإدارية في هذا الخصوص .. وبانتظار ما سيصدر عنها ..
قاضي(التحقيق)
12-08-2011, 02:13 AM
فعلا أخي المبارك / هذه إشكالية كبيرة جدا أتمنى أن يفصل فيها
ابو محمد 2
12-08-2011, 03:30 AM
حياك الله أخي قاضي التحقيق وسرنا تواحدك بيننا ولا نستغني من طرح ارأكم في الجانب التحقيقي الذي هو من اختصاصكم.
كما نشكر لك طرح هذا الموضوع القيم والهام نفع الله بك وبعلمك وعملك.
دمت في رعاية الله
قاضي(التحقيق)
12-08-2011, 10:38 PM
حياك الله أخي قاضي التحقيق وسرنا تواحدك بيننا ولا نستغني من طرح ارأكم في الجانب التحقيقي الذي هو من اختصاصكم.
كما نشكر لك طرح هذا الموضوع القيم والهام نفع الله بك وبعلمك وعملك.
دمت في رعاية الله
أهلا بك أخي الكريم .. شرفني مرورك وإطلالتك
نفع الله بك , وسددك , وحفظك
رعاة لاجباة
13-08-2011, 06:21 PM
اذا تبي الحق بحث ممتاز ونتيجته صحيحه
التحقيق يتبع القضاء والمفروض المحقق بعد مضي 20سنه وفي حال كونه متمكن وناجح ينقل على كادر القضاء ويتحول الامر تغذية القضاء عن طريق اجهزه ملاصقه له
فلايصل الى مسمى قاضي الا اشخاص متمكنين وذوي خبره وتمرس في اعمال القضاء ونفس الحال بالنسبه للمستشارين في مكاتب العمل والهيئات المصرفيه و غيرها من الجهات التي تصدر احكام
وبهذا لايصل الى مسمى قاضي الا كبار في السن ومن ذوي الخبره
لكن من واقع المعايشه من الافضل للمحققين الوقت الحاضر الارتباط بالداخليه ماورى مجلس القضاء فائده ويخشى عليهم من ذل الاستعباد الذي يمارس من قبل بعض الاعضاء
د. ناصر بن زيد بن داود
13-08-2011, 06:59 PM
قريباً - وقريباً جداً - سيكونون قضاة ، ثم سيُلحقون بالمجلس ، وقد يكون لرئيسهم مكان آخر في المؤسسة القضائية .
الحسن بن ثابت
13-08-2011, 09:32 PM
جهاز التحقيق والادعاء العام جهاز تنفيذي مستقل ترعاه وزارة الداخلية , ومهامه تختلف عن مهام القضاء اختلافاً متبايناً وجوهري في نفس الوقت حتى مع تشابه نصوص النظام .
ننتظر الفيصل
قاضي التحقيق شكراً لك على هذا الطرح .
موضوعي
13-08-2011, 10:50 PM
قريباً - وقريباً جداً - سيكونون قضاة ، ثم سيُلحقون بالمجلس ، وقد يكون لرئيسهم مكان آخر في المؤسسة القضائية .
وعند جهينة الخبر اليقين ، ، ،
ولكن ليتك تفصل اكثر في ذلك ، فهل سيصبحوا قضاة في المسمى ام في الرواتب ام
بغير ذلك .
قاضي(التحقيق)
14-08-2011, 02:14 AM
شكرا على مرورك .. ولي وجهة نظر في قولك أنها تختلف عن مهام القضاء اختلافا متباينا ...
ماهر المديني
14-08-2011, 03:28 AM
التحقيق الجنائي عمل قضائي تجتمع في المحقق شروط القاضي ( راجع كتاب الشيخ بن خنين التحقيق الجنائي)إلا أن دوره هو جمع الأدلة وتميزها و إظهار البراءة وغيرها من الأعمال القضائية إلا أن الحكم يترك لقاضي الموضوع لتقدير الحكم المناسب لنتائج ما توصل لها قاضي التحقيق وهذا هو المعمول به في دول عربية كثيرة مثل العراق ولبنان وغيرها
الكاشف
14-08-2011, 02:32 PM
هيئة التحقيق تحتاج إلى إعادة نظر بكامل هيكلها (القضائي والاداري ).
قاضي(التحقيق)
14-08-2011, 03:02 PM
الأستاذ الكريم ماهر /
تطرق الشيخ في كتابة لكثير من الجوانب التي تمس هذا الجهاز العدلي ولعل أبرز ما ناقشه بحثه القيم هو ما ذكرت , ولعل الإخوة يطلعون عليه فهو من أميز الكتب التي تكلمت في هذا الجانب
أشكرك على تعليقك .
قاضي(التحقيق)
14-08-2011, 03:04 PM
الأستاذ / الكاشف .
هذا ما يؤمله الجميع وهو إعادته النظر في هيكلتها كجهة عدلية , ولعل بوادرهذا التغيير الجذري بدأت تتضح.
لك فائق التقدير.
ابن قدامة
14-08-2011, 04:36 PM
هيئة التحقيق تحتاج إلى إعادة نظر بكامل هيكلها (القضائي والاداري ).
أيستع مفهوم القضـاء في الشريعة الإسلامية إلى غيـر الفصـل في الخصومــة والحكم فيها بما شـرع الله ؟؟ مجـرد استشكــال
قاضي(التحقيق)
14-08-2011, 06:04 PM
أيستع مفهوم القضـاء في الشريعة الإسلامية إلى غيـر الفصـل في الخصومــة والحكم فيها بما شـرع الله ؟؟ مجـرد استشكــال
حبذا أخي المبارك لو نقرأ طرحك ,, ووجهة نظرك حول هذا الإستشكال ..
أيستع مفهوم القضـاء في الشريعة الإسلامية إلى غيـر الفصـل في الخصومــة والحكم فيها بما شـرع الله ؟؟ مجـرد استشكــال
كـــلام جميل .. ماهو مصدر إطلاق مسمى ( القاضي ) على ( المحقق)
ودوره محصور في التحقيق ورفع الدعوى العامة ومباشرتها أوحفظها ..
ولو كان قاضياً فالأصل أن إجتهاده لاينقضه قاضي الموضوع ، ويجلس المدعي العام بجوار الخصم أمام القضاء ، ويسوي بينهم القاضي في تعاملة ، وللقاضي إستبعاده إذا أساء أو أخل بنظام الجلسة ... الخ مما يجري على الخصوم .. !!!
د. ناصر بن زيد بن داود
14-08-2011, 06:24 PM
قاضي التحقيق هو الذي بيده الفصل في تركيز التهمة في حق المتهم وتقديمه لقاضي النظر ، وهو الذي يقدر على الحكم بإطلاق سراحه ، وتبرئته من التهمة ، وحفظ القضية ضده نهائياً .
- وقاضي النظر هو الذي يفصل في الدعوى ، ثم يقدم المحكوم عليه إلى قاضي التنفيذ الذي له الحق في الفصل في تحديد طريقة تنفيذ الأحكام ، وله في سبيل تنفيذ الحكم الفصل في أمور كثيرة .
= من هنا : كان الثلاثة معدودين من القضاة دون تكلف ؛ فلكل واحد من قضاة التحقيق والنظر والتنفيذ اختصاصه في الفصل الذي هو معنى القضاء .
ابوحافظ
14-08-2011, 06:30 PM
قاضي التحقيق هو الذي بيده الفصل في تركيز التهمة في حق المتهم وتقديمه لقاضي النظر ، وهو الذي يقدر على الحكم بإطلاق سراحه ، وتبرئته من التهمة ، وحفظ القضية ضده نهائياً .
- وقاضي النظر هو الذي يفصل في الدعوى ، ثم يقدم المحكوم عليه إلى قاضي التنفيذ الذي له الحق في الفصل في تحديد طريقة تنفيذ الأحكام ، وله في سبيل تنفيذ الحكم الفصل في أمور كثيرة .
= من هنا : كان الثلاثة معدودين من القضاة دون تكلف ؛ فلكل واحد من قضاة التحقيق والنظر والتنفيذ اختصاصه في الفصل الذي هو معنى القضاء .
بارك الله فيك شيخنا الفاضل
الحسن بن ثابت
14-08-2011, 06:40 PM
قاضي التحقيق هو الذي بيده الفصل في تركيز التهمة في حق المتهم وتقديمه لقاضي النظر ، وهو الذي يقدر على الحكم بإطلاق سراحه ، وتبرئته من التهمة ، وحفظ القضية ضده نهائياً .
- وقاضي النظر هو الذي يفصل في الدعوى ، ثم يقدم المحكوم عليه إلى قاضي التنفيذ الذي له الحق في الفصل في تحديد طريقة تنفيذ الأحكام ، وله في سبيل تنفيذ الحكم الفصل في أمور كثيرة .
= من هنا : كان الثلاثة معدودين من القضاة دون تكلف ؛ فلكل واحد من قضاة التحقيق والنظر والتنفيذ اختصاصه في الفصل الذي هو معنى القضاء .
مخترصك بين ماهية مسمى قاضي لعضو التحقيق .
ما يعني أن لم يكن هناك تغير في موضوعية وشكلية عمله الوظيفي وإنما صار التغير في المسمى مع وجود بعض الحوافز البسيطة ..
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ونفع بهم العباد والبلاد ...آمين
استاذي الكريم يُنسني وجودي بجوارك لاستفيد من عمق جعبتك المتميز حفظك الله ورفع قدرك ..
قاضي(التحقيق)
14-08-2011, 08:04 PM
كـــلام جميل .. ماهو مصدر إطلاق مسمى ( القاضي ) على ( المحقق)
ودوره محصور في التحقيق ورفع الدعوى العامة ومباشرتها أوحفظها ..
ولو كان قاضياً فالأصل أن إجتهاده لاينقضه قاضي الموضوع !!!
أشكرك أخي الفاضل على مشاركتك الثرية .
ولكني أعتقد أن الموضوع السابق الذي نقلته لكم (المركز القضائي والقانوني لهيئة التحقيق والادعاء العام) فيه ما يجيب على الأسئلة الكثيرة حول هذا الجانب ولعلي أطلب إليك إعادة قراءته حتى تتضح الصورة اكبر.كما أنك لو تأملت كثير من الصلاحيات المبسوطة في النظام القضائي لوجدتها متوافقة مع تلك الصلاحيات التي أعطيت للمحقق (قاضي التحقيق) من إيقاف أو إفراج أو تقدير الأدلة المرفوعه له من جهات الإستدلال وتقدير مدى كفايتها , وغير ذلك من الخاصيات الأخرى التي تتوافق مع النظام القضائي .
ولعلك أيضا تطلع على البحث المقدم من فضيلة الشيخ عبدالله الخنين عضو هيئة كبار العلماء .
أما قولك (( ويجلس المدعي العام بجوار الخصم أمام القضاء ، ويسوي بينهم القاضي في تعاملة ، وللقاضي إستبعاده إذا أساء أو أخل بنظام الجلسة ... الخ مما يجري على الخصوم .. !!! ))
فلا أعلم حديثا أن مثل هذا قد حصل في محاكمنا الشرعية ,, خاصة بعد تعرف قضاة المحاكم الشرعية واطلاعهم على نظام هيئة التحقيق وكذلك اطلاعهم على الصلاحيات التي يتمتع بها أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام , بل أن للمدعي العام مكانة المعتبر في مجلس الإقتضاء وليس بجانب المتهم كما تفضلت .ولو تأملت اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية لوجدتها قد حفظت حق المدعي العام ومكانته وأن على المحكمة أن تهيأ له مكانا يليق به ..
نصت المادة المادة الأولى من نظام القضاء على :
القضاة مستقلون ، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية ، وليس لأحد التدخل في القضاء
ونصت المادة المادة الخامسة من نظام هيئة التحقيق والادعاء العام على أنه :يتمتع أعضاء الهيئة بالاستقلال التام، ولا يخضعون في عملهم إلا لأحكام الشريعة الإسلامية، والأنظمة المرعية، وليس لأحد التدخل في مجال عملهم.
ونصت المادة الثامنة والستون من نظام القضاء على أنه:
يجب عند القبض على عضو السلك القضائي وتوقيفه - في حالة تلبسه بجريمة - أن يرفع أمره إلى المجلس الأعلى للقضاء خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه . وللمجلس أن يقرر إما استمرار توقيفه أو الإفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة . ولعضو السلك القضائي أن يطلب سماع أقواله أمام المجلس عند عرض الأمر عليه . ويحدد المجلس مدة التوقيف في القرار الذي يصدر بالتوقيف أو باستمراره . وتراعى الإجراءات السالف ذكرها كلما رئي استمرار التوقيف بعد انقضاء المدة التي قررها المجلس . وفيما عدا ما ذكر لا يجوز القبض على عضو السلك القضائي أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق معه أو رفع الدعوى الجزائية عليه إلا بإذن من المجلس ، ويوقف أعضاء السلك القضائي وتنفذ العقوبات المقيدة لحريتهم في أماكن مستقلة . )
كما نصت المادة التاسعة عشرة من نظام هيئة التحقيق والإدعاء العام على أنه:في حالات التلبس بالجريمة يجب عند القبض على عضو الهيئة وحبسه – أن يرفع الأمر إلى لجنة إدارة الهيئة في مدة الأربع والعشرين ساعة التالية، وللجنة أن تقرر استمرار الحبس أو الإفراج بكفالة أو بغير كفالة، ولعضو الهيئة أن يطلب سماع أقواله أمام اللجنة عند عرض الأمر عليها، وتحدد اللجنة مدة الحبس في القرار الذي يصدر بالحبس أو باستمراره، وتراعى الإجراءات السالفة الذكر كلما رئي استمرار الحبس الاحتياطي بعد انقضاء المدة التي قررها المجلس، وفيما عدا ما ذكر لا يجوز القبض على عضو الهيئة ، أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق معه، أو رفع الدعوى الجزائية عليه بإذن من اللجنة المذكورة، ويتم حبس أعضاء الهيئة، وتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية عليهم في أماكن مستقلة
بالإضافة إلى كثير من التوافقات بين
أشكرك أخي الفاضل على مشاركتك الثرية .
والشكر موصول لكم على طرح هذا الموضوع المهم .
ولكني أعتقد أن الموضوع السابق الذي نقلته لكم (المركز القضائي والقانوني لهيئة التحقيق والادعاء العام) فيه ما يجيب على الأسئلة الكثيرة حول هذا الجانب ولعلي أطلب إليك إعادة قراءته حتى تتضح الصورة اكبر.كما أنك لو تأملت كثير من الصلاحيات المبسوطة في النظام القضائي لوجدتها متوافقة مع تلك الصلاحيات التي أعطيت للمحقق (قاضي التحقيق) من إيقاف أو إفراج أو تقدير الأدلة المرفوعه له من جهات الإستدلال وتقدير مدى كفايتها , وغير ذلك من الخاصيات الأخرى التي تتوافق مع النظام القضائي .
رجال الضبط الجنائي لهم صلاحية الإيقاف والإفراج مدة محددة مثل المحقق الذي خوله ولي الامر بصلاحية الإيقاف والإفراج مدة محددة
ورجال المرور يقومون من خلال عملهم تقييم الأدلة وتقرير المتسبب في الخطأ ويترتب على ذلك الإلتزام بالتعويض
كما أن لهم صلاحية الإيقاف والإفراج مدة محددة عند قطع الإشارة والسرعة وغير ذلك .
فهل كل من لديه صلاحية الإيقاف و الإفراج مدة محددة وتقدير الأدلة نسمية قاض ..!!
بحثت في تعريف القاضي فوجدته يعرف في اللغة ( المعجم الوسيط) على عدة معانٍ ومنها :
1. القاطع للأمور المحكم لها.
2. من يقضي بين الناس بحكم الشرع.
3. من تعينه الدولة في الخصومات والدعاوى وإصدار الأحكام التي يراها طبقاً للقانون، ومقره الرسمي إحدى دور القضاء، وجمعه قُضاه.
وفي الإصطلاح : القاضي هو: "الذات الذي نصب وعين من قبل السلطان، لأجل فصل وحسم الدعوى والمخاصمة الواقعة بين الناس توفيقاً لأحكامها المشروعة
أو هو: "ذلك الشخص الذي يوكل إليه الحاكم مهمة الفصل بين المتخاصمين وحماية الحقوق العامة والخاصة بحسب تفويضه لها.
ولم أجد هذا التعريف ينطبق بشكل كامل على المحققين ، قد ينطبق في بعض أجزائه ، لكنه لاينطبق بكامله على المحقق
ولعلك أيضا تطلع على البحث المقدم من فضيلة الشيخ عبدالله الخنين عضو هيئة كبار العلماء .
لم اطلع على البحث .. ولو تكرمت علي بالمستند الذي استند اليه معاليه في اطلاق مسمى القاضي على المحقق لأستفيد ويستفيد الزملاء .
أما قولك (( ويجلس المدعي العام بجوار الخصم أمام القضاء ، ويسوي بينهم القاضي في تعاملة ، وللقاضي إستبعاده إذا أساء أو أخل بنظام الجلسة ... الخ مما يجري على الخصوم .. !!! ))
فلا أعلم حديثا أن مثل هذا قد حصل في محاكمنا الشرعية ,, خاصة بعد تعرف قضاة المحاكم الشرعية واطلاعهم على نظام هيئة التحقيق وكذلك اطلاعهم على الصلاحيات التي يتمتع بها أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام , بل أن للمدعي العام مكانة المعتبر في مجلس الإقتضاء وليس بجانب المتهم كما تفضلت .ولو تأملت اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية لوجدتها قد حفظت حق المدعي العام ومكانته وأن على المحكمة أن تهيأ له مكانا يليق به ..
لو تفضلت علينا بالنصوص الشرعية أو النظامية حول تمييز المدعي العام عن الخصم في مجلس القضــــاء
نصت المادة المادة الأولى من نظام القضاء على :
القضاة مستقلون ، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية ، وليس لأحد التدخل في القضاء
ونصت المادة المادة الخامسة من نظام هيئة التحقيق والادعاء العام على أنه :يتمتع أعضاء الهيئة بالاستقلال التام، ولا يخضعون في عملهم إلا لأحكام الشريعة الإسلامية، والأنظمة المرعية، وليس لأحد التدخل في مجال عملهم.
ونصت المادة الثامنة والستون من نظام القضاء على أنه:
يجب عند القبض على عضو السلك القضائي وتوقيفه - في حالة تلبسه بجريمة - أن يرفع أمره إلى المجلس الأعلى للقضاء خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه . وللمجلس أن يقرر إما استمرار توقيفه أو الإفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة . ولعضو السلك القضائي أن يطلب سماع أقواله أمام المجلس عند عرض الأمر عليه . ويحدد المجلس مدة التوقيف في القرار الذي يصدر بالتوقيف أو باستمراره . وتراعى الإجراءات السالف ذكرها كلما رئي استمرار التوقيف بعد انقضاء المدة التي قررها المجلس . وفيما عدا ما ذكر لا يجوز القبض على عضو السلك القضائي أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق معه أو رفع الدعوى الجزائية عليه إلا بإذن من المجلس ، ويوقف أعضاء السلك القضائي وتنفذ العقوبات المقيدة لحريتهم في أماكن مستقلة . )
كما نصت المادة التاسعة عشرة من نظام هيئة التحقيق والإدعاء العام على أنه:في حالات التلبس بالجريمة يجب عند القبض على عضو الهيئة وحبسه – أن يرفع الأمر إلى لجنة إدارة الهيئة في مدة الأربع والعشرين ساعة التالية، وللجنة أن تقرر استمرار الحبس أو الإفراج بكفالة أو بغير كفالة، ولعضو الهيئة أن يطلب سماع أقواله أمام اللجنة عند عرض الأمر عليها، وتحدد اللجنة مدة الحبس في القرار الذي يصدر بالحبس أو باستمراره، وتراعى الإجراءات السالفة الذكر كلما رئي استمرار الحبس الاحتياطي بعد انقضاء المدة التي قررها المجلس، وفيما عدا ما ذكر لا يجوز القبض على عضو الهيئة ، أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق معه، أو رفع الدعوى الجزائية عليه بإذن من اللجنة المذكورة، ويتم حبس أعضاء الهيئة، وتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية عليهم في أماكن مستقلة
بالإضافة إلى كثير من التوافقات بين
يظهر لي أن وجهة نظركم في إطلاق مسمى القاضي على المحقق هو القياس للتوافقات في بعض الجوانب بين المحقق والقاضي ..
ولايخفاكم أن شروط صحة القياس غير متحققة في ذلك
وحول التوافق في الحصانة التي منحت للقاضي والمحقق عند القبض فالوزراء ايضاً منحو حصانة عند القبض والسفراء والدبلوماسيين وغيرهم ..
بعد كل ماسبق .. ألا ترى أن إطـــلاق مسمى القاضي على المحقق مأخــوذ من القوانين الوضعية في الدول الأخرى .. ولايوجد في القضــاء الشرعي ما يؤيده !!
( تظـــل وجهـــة نظــر مطروحة للنقاش )
قاضي(التحقيق)
15-08-2011, 12:30 AM
بعد كل ماسبق .. ألا ترى أن إطـــلاق مسمى القاضي على المحقق مأخــوذ من القوانين الوضعية في الدول الأخرى .. ولايوجد في القضــاء الشرعي ما يؤيده !!
( تظـــل وجهـــة نظــر مطروحة للنقاش )
يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق....
قاضي(التحقيق)
15-08-2011, 12:55 AM
نصت المادة السابعة والخمسين بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية فقرة(2) على :
تخصص المحكمة لجلوس المدعي العام أثناء المرافعة مكانا لائقا بشرف وظيفته,ولا يكون في مواضع جلوس الخصوم .
قاضي(التحقيق)
15-08-2011, 01:11 AM
المادة السابعة والخمسين بعد المائة من اللائحة التنفيذية لنظام الاجراءات الجزائيةhttp://www.cojss.com/article.php?a=277
يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق....
أراها تعلقت بالعنق ولم تحط به .. !!
نصت المادة السابعة والخمسين بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية فقرة(2) على :
تخصص المحكمة لجلوس المدعي العام أثناء المرافعة مكانا لائقا بشرف وظيفته,ولا يكون في مواضع جلوس الخصوم .
هذا مشروعه اللائحة .. وليس النظــام
وتعلم أنه لم يعتمد بعد ..
وإن اعتمد .. فتمييز المدعي العام لا أرى انه يكفي لتسميته قاضٍ http://www.cojss.com/vb/images/icons/icon12.gif
قاضي(التحقيق)
15-08-2011, 03:35 PM
هذا مشروعه اللائحة .. وليس النظــام
وتعلم أنه لم يعتمد بعد ..
وإن اعتمد .. فتمييز المدعي العام لا أرى انه يكفي لتسميته قاضٍ http://www.cojss.com/vb/images/icons/icon12.gif
أخي الكريم:
العبرة ليست في كونه مشروع لا ئحة اعتمد أم لم يعتمد..إنما العبرة في تلك الأمانه التي يحملها المدعي العام أوالمحقق(قاضي التحقيق) والمكانة التي اعطاها النظام له من إشراف على الجهات الضبطية الأخرى..والإستقلالية والصلاحيات التي لم يعطها غيره.. فهى تكفيه عن أي مسمى آخر .
قاضي(التحقيق)
15-08-2011, 03:43 PM
أراها تعلقت بالعنق ولم تحط به .. !!
سواءا تعلقت أم أحاطت .. كلاهما سيان
والإستقلالية والصلاحيات التي لم يعطها غيره.. فهى تكفيه عن أي مسمى آخر .
إذاً لعــل في المسمى النظامي خير وبركـــه ( محقق / مدعي عام )
ولو ســاغ تسميته قاض لوجدته منصوصاً عليه في النظــام ..
وهذا لايعني الإنتقاص من شأنهم ، فالمهمام والمسؤليات التي يباشرونها لها من المكانة والأهمية مايميزها ويميز القائمين بها عن غيرهم ... أتمنى لكم التوفيق .
قاضي(التحقيق)
15-08-2011, 07:15 PM
إذاً لعــل في المسمى النظامي خير وبركـــه ( محقق / مدعي عام )
ولو ســاغ تسميته قاض لوجدته منصوصاً عليه في النظــام ..
وهذا لايعني الإنتقاص من شأنهم ، فالمهمام والمسؤليات التي يباشرونها لها من المكانة والأهمية مايميزها ويميز القائمين بها عن غيرهم ... أتمنى لكم التوفيق .
نسأل الله التوفيق لأصحاب الفضيلة والسعادة أعضاء هذا السلك العدلي الهام ..وأن يسددهم ويعينهم لكل ما فيه خير وصلاح للإسلام و للمسلمين
ابن قدامة
15-08-2011, 08:14 PM
نسأل الله التوفيق لأصحاب الفضيلة والسعادة أعضاء هذا السلك العدلي الهام ..وأن يسددهم ويعينهم لكل ما فيه خير وصلاح للإسلام و للمسلمين
المعمول به في المخاطبات الرسمية والتي توجه لرؤساء الفروع والدوائـر وأعضـاء الهيئة تصديرها بسعــادة لا فضيلــة !
قاضي تحقيق
15-08-2011, 09:56 PM
المعمول به في المخاطبات الرسمية والتي توجه لرؤساء الفروع والدوائـر وأعضـاء الهيئة تصديرها بسعــادة لا فضيلــة !
نواب معالي الرئيس وبعض رؤساء فروع الهيئة توجه لهم مكاتبات تصدر بفضيلة ، ولا يحتاج الموضوع لإنكار فبعضهم يستحق أكبر من ذلك لعلمه وفضله .
ابن عبدالرحمن
15-08-2011, 11:58 PM
الاخ في الله محام ماذكره فضيلة الدكتور الشيخ ناصر يبين لك وجه تسمية المحقق قاض وقولك تسمية المحقق قاض أنما هومن مستمد من القوانين الوضعية ليس بصحيح إذ أن التحقيق وتقييم الأدلة من مهام القاضي كما هو في الدعاوى المدنية لكن الدعاوى الجنائية والتي تقترن غالبا بحق عام جعلت مرحلة التحقيق سابقة على مرحلة الحكم لحاجة مثل هذه القضايا إلى جهد في جمع الأدلة وتقييمها ولتسريع البت في القضايا فعمل المحقق جزء من عمل القاضي الأساسي بل هو الركن الأعظم في القضاء غير أنه لايفصل في القضية مع أن المنظم أعطى المحقق صلاحية الفصل في القضية في بعض الحالات والتي هي بمثابة الحكم علما بأن المحققين لا تهمهم الألقاب بقدر ماتهمهم المسؤولية التي في أعناقهم فعمدة القاضي في حكمه يركن إلى ما توصل إليه المحقق غالبا
الاخ في الله محام ماذكره فضيلة الدكتور الشيخ ناصر يبين لك وجه تسمية المحقق قاض وقولك تسمية المحقق قاض أنما هومن مستمد من القوانين الوضعية ليس بصحيح إذ أن التحقيق وتقييم الأدلة من مهام القاضي كما هو في الدعاوى المدنية لكن الدعاوى الجنائية والتي تقترن غالبا بحق عام جعلت مرحلة التحقيق سابقة على مرحلة الحكم لحاجة مثل هذه القضايا إلى جهد في جمع الأدلة وتقييمها ولتسريع البت في القضايا فعمل المحقق جزء من عمل القاضي الأساسي بل هو الركن الأعظم في القضاء غير أنه لايفصل في القضية !!! مع أن المنظم أعطى المحقق صلاحية الفصل في القضية في بعض الحالات والتي هي بمثابة الحكم علما بأن المحققين لا تهمهم الألقاب بقدر ماتهمهم المسؤولية التي في أعناقهم فعمدة القاضي في حكمه يركن إلى ما توصل إليه المحقق غالبا
أعـــانكم الله وسددكم ونفع بكم ..
لكني لم أجد ما يدعم التسمية !!
ابن عبدالرحمن
16-08-2011, 03:55 AM
لكني لم أجد ما يدعم التسمية !!
ستجدها في المستقبل إذا رزقت فهما
ستجدها في المستقبل إذا رزقت فهما
سامحك الله ..
من لايوافقك الرأي لايعني وصفه بعدم الفهـــم ..!!
من حقك علي أن أحترم وجهة نظــرك ، ومن حقي عليك أن تحترم وجهة نظــري ..
تعودنا في هذا المنتدى على الحوار الراقي .. والإحترام المتبادل ..
ولعلي التمس لك العذر كونك حديث عهد به .. أعانك الله
ابن عبدالرحمن
16-08-2011, 05:36 AM
غفر الله لي ولك العذر والسموحة جزاك الله خيرا
وفهمي مطابق لفهمك في أنه لا يوجد مايدعم تسمية المحقق قاض لكن إذا قيد بقاضي التحقيق فانا أخالفك الرأي واحترم وجهة نظرك
غفر الله لي ولك العذر والسموحة جزاك الله خيرا
وفهمي مطابق لفهمك في أنه لا يوجد مايدعم تسمية المحقق قاض لكن إذا قيد بقاضي التحقيق فانا أخالفك الرأي واحترم وجهة نظرك
الله يبــارك فيك ، وعفا الله عني وعنك ..
أخي المبارك .. لعلنا نستكمل الحوار حول الموضــوع
هل كل أعمال المحقق لها الصفة القضائية ، وعليه لايمكن مقاضاة الهيئة عند التعدي أمــام القضــاء الإداري ..
مثال ذلك .. لو قام المحقق بتعذيب المتهم أثناء التحقيق ، ثم قرر حفظ القضية ، ولم يحرك الدعــوى العامة ، فمن هي الجهة القضائية المختصة بنظر دعــوى التعويض ؟
ابن عبدالرحمن
17-08-2011, 12:53 AM
لو قام المحقق بتعذيب المتهم أثناء التحقيق ، ثم قرر حفظ القضية ، ولم يحرك الدعــوى العامة ، فمن هي الجهة القضائية المختصة بنظر دعــوى التعويض ؟
التعذيب موجب للمساءلة الجزائية لأن النظام حظر ايذاء المقبوض عليه بأي نوع من أنواع الإيذاء وبالتالي فعلى من وقع عليه تعذيب من المحقق طلب إذن لجنة إدارة الهيئة لإقامة الدعوى الجزائية على المحقق ويحكم له في القضاء العادي وقد يكون الحكم قصاص أو دفع دية أو تعزير مثله مثل غيره والله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
لكن لعل تسأل عن تعويض من وقع عليه خطأ بموجب سلطة المجقق التقديرية التي منحها له النظام فبين يديك خطة بحث منقول اقتبست منه ما أظن أن فيه جوابا لهذا التساؤل
خطة الدراسة :
المبحث الأول :
وفيه خمسة مطالب على النحو التالي :
المطلب الأول :
التعريف بهيئة التحقيق والادعاء العام .
المطلب الثاني :
نشأة هيئة التحقيق والادعاء العام .
المطلب الثالث :
اختصاصات هيئة التحقيق والادعاء العام .
المطلب الرابع :
الطبيعة القانونية لهيئة التحقيق والادعاء العام .
المطلب الخامس :
مسئولية هيئة التحقيق والادعاء العام
المبحث الثاني :
وفيه ستة مطالب على النحو التالي :
المطلب الأول :
طبيعة القرارات التي تصدر عن هيئة التحقيق والادعاء العام .
المطلب الثاني :
الطعن في القرارات الصادرة عن هيئة التحقيق والادعاء العام .
المطلب الثالث :
طبيعة الدعاوى التي ترفع ضد هيئة التحقيق والادعاء العام .
المطلب الرابع:
القيود الواردة على القضاء الإداري .
المطلب الخامس:
بعض المبادىء القانونية التي قررها ديوان المظالم بشأن بعض الدعاوى المرفوعة ضد هيئة التحقيق والادعاء العام .
المطلب السادس:
قواعد استرشادية وإشارات على الطريق.
الخاتمة .
مسئولية هيئة التحقيق والادعاء العام
ويقصد بذلك مواجهة الحالة التي يباشر من خلالها الادعاء العام مهامه منذ ارتكاب الجريمة وحتى تقديم الجاني إلى المحاكمة, ثم تقضي المحكمة ببراءة الجاني,فهنا يثور التساؤل: هل يسأل المدعى العام أو تسأل الحكومة من بعده عن تعويض يطالب به من حكم القضاء ببراءته ؟
وجوابا عن هذا التساؤل، يقول الدكتور عماد النجار :
" لقد أخذت معظم التشريعات المقارنة بفكرة عدم مساءلة الادعاء العام , بل إنها قد ذهبت إلى عدم مساءلة الحكومة عن أخطاء الادعاء العام ، وبناء على ذلك لا يسوغ الحكم على عضو الادعاء العام بمصاريف الدعوى التي تكبدها المتهم الذي حكم ببراءته,وما تكبده حتى حصل على البراءة من جهد وأموال واستعانة بمحامين وغير ذلك من أوجه الإنفاق بسبب دعوى الحق العام ؛ لأن القول بخلاف ذلك، يعني أن يضطر المدعى العام إلى التردد والنكول عن مباشرة الادعاء العام خشية المساءلة اللاحقة,بل إنه سيخشى اتخاذ إجراء مقيد للحرية كالتوقيف مثلا لاحتمال القضاء بالبراءة فيعود الجاني الذي قضي ببراءته عليه بالمطالبة بالتعويض عن أيام حبسه ,ذلك لأن الأخذ بهذه الفكرة يعني استيلاء الخوف على الادعاء العام فلا يباشر مهامه خشية المساءلة اللاحقة, وفي ذلك ما فيه من الإضرار بالمجتمع وتهديد أمنه ومصالحه ولذلك استقرت النظم على عدم المساءلة ،غير أن ذلك لا يعني أن الادعاء العام طليق من كل القيود , فهو يسأل عن أفعاله المكونة للجرائم كالغش والفساد وغير ذلك من الأمور التي يتنزه عنها رجل القضاء ورجل الادعاء العام ,وهذه السلطات الممنوحة للادعاء العام من أجل غاية نبيلة شرعت لحماية المجتمع وأمنه وقيمه ومصالحه ,فإن انحرف بها عن غير غايتها هبط إلى حد المساءلة وإنزال العقاب عليه ، ولضمان استقلال الادعاء العام فإنه لا يجوز رده , لأن الرد إنما يكون للقاضي إذا وجد فيه سببا من الأسباب التي لا تجعله صالحا لنظر الدعوى ,أما الادعاء العام فهو خصم أصيل في دعوى الحق العام ,ولا يسوغ رد الخصم تحت أية دعوى من الدعاوى،ومع ذلك فإن الادعاء العام يخضع فيما بين أعضائه لمتابعة وإشراف الرؤساء,ويتبع الجميع وزير الداخلية الذي عليه دائما أن يتحقق من أن مباشرة الادعاء العام تسير نحو غاياته المرسومة دون ميل أو انحراف . على أن في وسع ممثل الادعاء العام التنحي عن نظر قضية ما إذا كان بينه وبين أطرافها عداوة أو مودة يرجح معها التأثير على سير الدعوى ,أسوة بما هو متبع في مجال التحقيق عملا بالمادة (13) من مشروع اللائحة التنظيمية للهيئة " (1).
ويقول الدكتور خالد بن خليل الظاهر في سياق الحديث عن عدم مسئولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية :
" ويقصد بالأعمال القضائية ، كل الأحكام القضائية والأعمال الولائية والتحضيرية سواء أكان عاديا أم استثنائيا ، وكذلك الأعمـــال الصــــادرة عن هيئة التحقيق والادعــاء العـــام ( أحكام التحقيق ) فيما يتعلق بالاتهام والتحقيق ، كما هو الحال في القبض والتفتيش والحبس الاحتياطي ، وذلك بخلاف أعمال الهيئة الأخرى ذات الطابع الإداري ، كالتفتيش على السجون ، فإن الدولة تسأل عنها ، وتعد من أعمال السلطة القضائية أيضا أعمال الضبط القضائي الرامية إلى كشف المجرمين وتعقبهم ، وبخلاف ذلك فإن أعمال الضبط الإداري التي يقوم بها رجال الشرطة بقصد المحافظة على النظام العام لاتدخل في نطاق الأعمال القضائية " (2).
وفي ذات السياق يقول الباحث / عوض بن حماد بن عوض الملا :
" لما كان أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام مكلفين طبقا لنظام الإجراءات الجزائية بإقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها أمام المحاكم المختصة ضد كل من تقوم الأدلة قبله على ارتكاب الجريمة ، وإذا لم يوفق عضو الهيئة في الإجراءات التي قد أجازها له النظام ضد متهم فإن ذلك لايرتب قبله أي مسئولية مدنية ولاجنائية ، عن خطئه في الإجراءات القانونية التي اتخذها تبعا لدواعي الاتهام ، أو التحقيق ، والتي تنطوي في كثير من الأحيان على الحد من حرية الأفراد ، حتى وإن ثبت في نتيجة المحاكمة أنه كان غير محق في إقامته للدعوى العمومية، وحتى في حالة التأكد من أن المتهم لم يقترف الجرم المنسوب إليه،وحتى لو ثبت أنه قد أخطأ في متابعة الدعوى الجنائية ، وأخطأ في تقدير الوقائع ، والحكمة من هذا المبدأ: أن القول بتقرير مبدأ مسئولية أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام ، بدون قيد يجعل الكثير منهم يتردد ، ويتراجع عندما يقوم بأعباء وظيفته ، خشية الخطأ ، وخشية المسئولية ، وهذا ليس من مصلحة المجتمع في شيء،لأن في هذا التردد والتراجع أكبر مشجع للمجرمين،فيختل الأمن وتدب الفوضى مع أن العدالة تحتاج لجرأة في التصرفات ليستتب الأمن بعدها. ولأنه إذا قيل بمسئولية هيئة التحقيق والإدعاء العام في كل حالة لضاعت حريتها في مباشرة الاتهام ، والقاعدة أنه لاتسأل النيابة العامة ( هيئة التحقيق والإدعاء العام) عن الأعمال التي تأتيها بخصوص الدعوى العمومية من تحقيق أو اتهام مسئولية مدنية ،فليس للمتهم إذا ما قضى ببراءته أن يرجع عليها بالتعويض أو المصاريف ، وذلك لاعتبارين :
الأول: وهو أن مباشرة النيابة العامة (هيئة التحقيق والإدعاء) لجميع إجراءات التحقيق والاتهام إنما يعتبر استعمالا للسلطة المخولة لها بمقتضى النظام ،وبالتالي يتوافر بشأنها دائما سبب الإباحة المتعلق بأداء الواجب واستعمال السلطة.
الثاني: أن النيابة العامة (هيئة التحقيق والإدعاء) هي مجرد خصم شكلي لاتهدف إلى تحقيق مصلحة ذاتية لها وإنما دائما ترعى الصالح العام ،ومن ثم فلا يجوز مساءلتها مدنيا عن أعمال القبض والتفتيش التي تجريها بصدد متهم معين إذا ما قضي ببراءته بعد ذلك ،ويظل عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بمنأى عن المسئولية الجنائية متى ماكان ملتزما بقواعد القانون وحسن النية ،ولذلك إذا استعمل عضو الهيئة حقا مخولا له بمقتضى النظام بحسن النية فلا مسئولية عليه حتى لو ظهر أنه أخطأ في التقدير(3)
المبحث الثاني :
وفيه ستة مطالب على النحو التالي :
المطلب الأول :
طبيعة القرارات التي تصدر عن هيئة التحقيق والادعاء العام .
إذا كانت القاعدة العامة تقضي أن القرارات الإدارية تصدر عن الإدارة ،فإن هذا لا يحول دون إمكانية تصور صدور قرارات إدارية عن كل من السلطتين التنظيمية أو القضائية ، فليس كل ما يصدر عن السلطة التنظيمية يعد عملا تنظيميا ، وأيضا ليس كل ما يصدر عن السلطة القضائية يعد عملا قضائيا (1).
وعليه فإن القرارات التي تصدر عن جهاز هيئة التحقيق والادعاء العام تتنوع ، وتنقسم بوجه عام إلى قسمين رئيسين هما على النحو التالي :
1. قرارات قضائية . 2. قرارات إدارية .
وكما هو معلوم ،أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره،لذا فإنه حري بنا أن نبدأ بتعريف كل منهما، ومن ثم نفرق بينهما،لنستطيع بعد ذلك تصنيف كل قرار إلى الفئة التي ينتمي لها ، ويتسق معها .
أولا: تعريف القرار القضائي :
يعرف القرار القضائي بأنه : " الذي يصدر في خصومة لبيان حكم القانون فيها " (2).
ثانيا: تعريف القرارات الإدارية :
يعرف القرار الإداري بأنه :
" إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة ، بما لها من سلطة بمقتضى الأنظمة واللوائح ، بقصد إحداث أثر قــــانوني يكـــــــــون جـــــائزا وممكنا " (3).
التمييز بين القرارات الإدارية والقرارات أو الأعمال القضائية :
إن التمييز بين القرارين القضائي والإداري أمر ليس بالسهل ,وذلك لوجود الشبه القوى بينهما،فالقرار الإداري يعتبر تخصيصا للحكم العام وللنظام وذلك بتطبيقه على الحالات الفردية ,وكذلك الحال بالنسبة للقرار القضائي والذي لا يعدو أن يكون تطبيقا فرديا للقاعدة العامة الواردة في النظام ,وهذا الشبه القوى ليس شبها بين الوظيفتين الإدارية والقضائية ، وإنما هو بين إحدى أدوات الإدارة أو وسائلها التي تستخدمها في مباشرة وظيفتها في تسيير المرافق العامة والمحافظة على أمن الدولة وسلامتها,وهى القرار الإداري,وبين وسيلة القضاء فــــــي أداء وظيفته في فض المنازعات ومحاكمـة مرتكـــــبي الجرائم , وهى القرار القضائي , فكلاهما ينقل حكم النظام من حالة العمومية والتجريد إلى حالة الخصوصية والتجسيد,وذلك بتطبيقه على الحالات الفردية التي يواجهها كل من القضاء والإدارة ، ومع ذلك فإن القرارات الإدارية تختلف عن الأعمال القضائية , ويترتب على التمييز بينهما نتائج بالغة الأهمية,فكل منهما يخضع لنظام مختلف : فالـقرارات الإدارية يجوز بصفة عامة إلغاؤها , وتعديلها , وسحبها ،أما القرارات القضائية فطرق الطعن عليها محددة على سبيل الحصر , كما أن القاعدة العامة تنص على أنه لا مسؤولية عن القرارات القضائية ، وللتمييز بين القرارات الإدارية والقضائية ، يتردد الفقه بين ثلاثة معايير هي : المعايير الشكلية . والمعايير الموضوعية , والمعايير المختلطة أو المزدوجة (4).
وتجنبا للإطــالة سنقصر الحديث عن المعايير المختلطة أو المزدوجة ، فنقول مستعينين بالله :
المعايير المختلطة :
إزاء إخفاق كل من المعايير الشكلية والموضوعية في التمييز بين العمل القضائي والعمل الإداري؛ذهب بعض الفقهاء سواء في فرنسا أو في مصر إلى الاعتماد على معيار مختلط يجمع بين المعايير الشكلية والموضوعية وهو الأقرب والأدق حيال ما يتعلق بالتمييز بين القرارات الإدارية والأعمال القضائية،ويمكن إيجاز ما يرتكز عليه هذا المعيار فيما يلي :
أولا: يجب أن يكون هناك نزاع يتطلب تدخل القاضي،على أن يحمل النزاع هنا على معناه الواسع,بحيث يقتصر على مجرد المواجهة بين مصالح متعارضة أمام القضاء الأمر الذي يستلزم تدخل الدولة من خلال السلطة القضائية لحسم هذا النزاع بموجب قرار يتمتع بحجية الأمر المقضي به
ثانيا: يجب أن يصدر هذا العمل عن هيئة ناط بها المنظم ولاية القضاء, وأن يتمتع أعضاؤها بالاستقلال (5).
ثالثا : يجب أن يحاط العمل القضائي بمجموعة من الإجراءات الشكلية التي تكفل حيدة الهيئة التي تتولى حسم النزاع , وتكفل حماية الدفاع وهذه الإجراءات تبعث على احترام العمل القضائي (6).
معيار التمييز بين العمل القضائي والقرار الإداري بالمملكة العربية السعودية :
لقد أخذ ديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية بالمعيار المختلط للتمييز بين القرارات الإدارية والأعمال القضائية .وقرر الديوان في حكم سابق له أنه " قد استقر فقه القضاء الإداري في مجال التمييز بين القرارات الإدارية التي يختص بنظر الطعون الموجهة إليها ، وبين القرارات القضائية التي تخرج عن اختصاصه استقر في هذا الشأن ،على أن القرار القضائي هو الذي تصدره هيئة خولها النظام سلطة القضاء وهي تباشر وظيفتها القضائية ". ومما لاشك فيه ولاريب أن جميع الضوابط السالفة الذكر تتوافر في العمل الذي تباشره هيئة التحقيق والادعاء العام؛حيث إنها تباشر العمل حيال نزاع يتطلب تدخل القاضي،إضافة إلى أنها من الهيئات التي ناط بها المنظم ولاية القضاء كما تقدم(7).وعملها محاط بمجموعة من الإجراءات الشكلية التي تكفل حيدتها حيال ما تباشره من مهام واختصاصات . هذا وقد أكدت برقيـــة صــــاحب السمو الملكــــي رئيس ديوان رئـــاسة مجلس الوزراء رقـــم( 35371/أب )وتاريخ 1/8/1427هـ،على هذا المعنى،حيث تضمنت التفرقة بين أعمال المباحث الإدارية من جهة كون بعض أعمالها لها صفة الضبطية القضائية تنحسر عنها ولاية ديوان المظالم وأعمال إدارية خاضعة لولايته ". كما قرر ديوان المظالم في أحد أحكامه ما يلي :
" لما كان بحث موضوع الاختصاص المتعلق بالولاية القضائية سابقا بحكم اللزوم عن الخوض في موضوع الدعوى بحسبانه مسألة أولية يتعين تحقيقها بداءة لاتصالها بالنظام العام ، ويتوجب التصدي لها من قبل الجهة المختصة من تلقاء ذاتها ولو لم يثر دفع بشأنها من المدعى عليها ، ولما كان ديوان المظالم في ضوء المادتين ( 1 ، 13 ) من نظامه هو جهة القضاء الإداري المناط به ولاية الفصل في كافة المنازعات الإدارية ، وهي تلك التي تكون جهة الإدارة طرفا فيها سواء أكان مثارها قرارا أو عقدا أو واقعة مادية ، إلا أن كون المدعى عليها جهة إدارية لايوجب وحده اختصاص الديوان ولائيا بنظر الدعوى ، فالمتعين النظر في موضوع الدعوى ، وما يطلبه أطرافه ، إذ إن لموضوع الدعوى أثره في تحديد الاختصاص من عدمه ، وحيث إنه بالنظر لموضوع هذه الدعوى وحقيقة ما يطلبه المدعي من إلزام المدعى عليها بتعويضه عن الأضرار اللاحقة به جراء إيقافه لديها ، وحيث إنه من المعلوم أن إيقاف المدعي إنما كان لغرض التحقيق معه فيما نسب إليه من اتهام ، ولما كان من الثابت أن التعويض عن أعمال التحقيق وما يتصل بها من إجراءات ليست من الأعمال والقرارات الإدارية التي تختص بها المحاكم الإدارية ، وإنما تختص بنظرها المحاكم الجزائية التي تتولى نظر القضية التي جرى فيها التحقيق وإيقاف المدعي ، وإذا ثبت ذلك فإنه لا مناص حينئذ من الحكم بعدم اختصاص المحاكم الإدارية بنظر هذه الدعوى " (8).
__________________________________________
(1) انظر : القرارات الإدارية وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية ، لفؤاد بن محمد بن موسى عبد الكريم المطلب الثاني :
الطعن في القرارات الصادرة عن هيئة التحقيق والادعاء العام .
يتضح مما تقدم أن القرارات الصادرة عن هيئة التحقيق والادعاء العام ، تنقسم إلى قسمين رئيسين " قرارات قضائية وأخرى إدارية " ، وعرفنا أن ديوان المظالم لاسلطان له على تلكم القرارات القضائية وأن ولايته تنحصر في نظر المنازعات المتعلقة بالطعن في القـرارات الإدارية (1).
بيد إنه وللأسف الشديد لا يزال الأمر حيال ذلك غير مستقر ، ومن هنا تباينت القرارات الشرعية الصادرة من المحاكم الإدارية حيال الدعاوى المرفوعة على هيئة التحقيق والادعاء العام فيما يتعلق بطلبات التعويض من قبل المتهمين الذين ترفع عليهم الدعاوى العامة أمام الجهات القضائية المختصة ، فيتم صرف النظر عن دعوى المدعي العام ، ويصدر الحكم بتبرئة المتهم مما نسب إليه .
الأمر الذي يدعونا انطلاقا من هذا الواقع المتباين إلى بسط القول حيال طبيعة تلكم الدعاوى التي ترفع على جهاز الهيئة ، إسهاما منا في الأخذ بيد ممثلي الهيئة في مختلف الفروع للتصدي لتلكم الدعاوى ، وهذا ما سوف نعرض له في المطالب القادمة من هذه الدراسة.
____________________________________
(
المطلب الثالث :
طبيعة الدعاوى التي ترفع ضد هيئة التحقيق والادعاء العام .
وفيه عدة مسائل :
المسألة الأولى : دعاوى طلب التعويض :
يختص ديوان المظالم بالفصل في دعاوى التعويض(1)،التي يرفعها كل متضرر من أعمال المرافق العامة سواء كانت قرارات إدارية باطلة (أي معيبة بأحد عيوب القرار الإداري ) أو أعمالا مادية تلحق ضررا بالمواطنين كأعمال الحفر وشق الطرق التي تلحق ضررا بالمباني , وحوادث السيارات وأية صوره من صور الاعتداء المادي على حرية الأفراد وأموالهم ويشترط للمسئولية عن الأعمال المادية أن يكون مرفقيا وليس شخصيا , وسواء كانت المسئولية تقصيرية أو قائمة على أساس تحمل مخاطر التبعة فإن الإدارة تلتزم التعويض عنها .
ويتم تحريك الدعوى للمطالبة بالتعويض في مواجهة الإدارة من لحظة نشوء الحق الشخصي وحتى انتهاء خمس سنوات من تاريخ نشوئه ، أما لو سكت المتضرر طوال الخمس السنوات التي نشأ فيها حقه للمطالبة بالتعويض ، ثم أراد أن يحركها بعد انقضائها ، فإن حقه يسقط بالتقادم ، مالم يكن له عذر شرعي حال دون رفع الدعوى (2).
وهذه الدعاوى بشكل عام لا تخلو ، إما أن يكون موضوعها المطالبة بالتعويض حيال فترة التوقيف التي قضاها المتهم على ذمة القضية المنتهية بصدور حكم من المحكمة المختصة بصرف النظر عن دعوى المدعي العام والحكم ببراءة المدعى عليه،أو المنتهية بحفظ الدعوى لعدم كفاية الأدلة ، استنادا للمادة ( 124 ) من نظام الإجراءات الجزائية ، أو أن موضوعها التظلم من قرارات إدارية صادرة من جهاز الهيئة قبل أحد منسوبيه ، كالتظلم من قرار نقل موظف من دائرة إلى أخرى أو من فرع لآخر ، في سياق المطالبة بإلغاء ذلكم القرار المطعون فيه وتعويض من صدر بحقه حيال الأضرار التي لحقت به من جرائه .
والدعاوى في هذا الباب لا تخرج إجمالا عن الآتي :
1. الدعاوى المرفوعة من قبل غير منسوبي الهيئة .
2. الدعاوى المرفوعة من قبل منسوبي الهيئة ( أعضاء – إداريين ) .
أولا- الدعاوى المرفوعة من قبل غير منسوبي الهيئة :
بالبحث والاستقراء نجد أن أغلب هذه الدعاوى تدور في فلك طلب التعويض حيال فترة التوقيف الاحتياطي ، التي قضاها _المتهم_ على ذمة القضية المنتهية بصدور حكم من المحكمة المختصة بصرف النظر عن دعوى المدعي العام والحكم ببراءة المدعى عليه،أو المنتهية بصدور قرار بحفظ الدعوى لعدم كفاية الأدلة؛استنادا للمادة ( 124 ) من نظام الإجراءات الجزائية .
وهذا النوع من الدعاوى قد ذهب ديوان المظالم في مجموعة من أحكامه إلى خروجها عن الاختصاص الولائي للديوان ، وأنها من قبيل الأعمال القضائية ، ومن أعمال الضبط الجنائي، التي لا سلطان للقضاء الإداري عليها، وصدر بذلك قرارات عدة ، منها القرار الصــــــــــادر من الدائـــــــــــرة الإداريــــــــة الأولــــــــــى التـــابعــة للمحكمة الإداريــــــــــة بمنطقة الريـــــاض برقــــم ( 245 / د /إ / 1) لعــــــام 1429هـ في القضيــــة رقــــــــم ( 5790 / 1/ ق ) لعام 1429هـ وقد تم تأييده مــــن محكمــــة الاستئنـــــاف برقـــم ( 429/إس /8 ) لعام 1430هـ ().
وأرى أنه من الأفضل رفعا لهذا التباين ، وقطعا لذلكم الاضطراب ، أن يتم الرفع بمجموع الأحكام القضائية الصادرة قِبل الهيئة ، إلى معالي رئيس المحكمة الإدارية العليا لإحالة هذه الأحكام من قبله للهيئة العامة التابعة للمحكمة الإدارية العليا ، ليتم نظرها من قبلها لتقرير مبدأ يسار عليه مستقبلا ؛للخلوص في نهاية المطاف بقرار حاسم للنزاع ، ورافع للخلاف حيال هذا النوع من الدعاوى
الثاني: أن النيابة العامة (هيئة التحقيق والإدعاء) هي مجرد خصم شكلي لاتهدف إلى تحقيق مصلحة ذاتية لها وإنما دائما ترعى الصالح العام ،ومن ثم فلا يجوز مساءلتها مدنيا عن أعمال القبض والتفتيش التي تجريها بصدد متهم معين إذا ما قضي ببراءته بعد ذلك ،ويظل عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بمنأى عن المسئولية الجنائية متى ماكان ملتزما بقواعد القانون وحسن النية ،ولذلك إذا استعمل عضو الهيئة حقا مخولا له بمقتضى النظام بحسن النية فلا مسئولية عليه حتى لو ظهر أنه أخطأ في التقدير(3)
أشكر لك أخي الكريم هذه المعلومات القيمة التي استفدت منها كثيراً ..
ومقدراً إجابتك الوافيه على مسألة تجاوز المحقق في مسألة التعذيب ، وقد سقتها على سبيل المثال ..
واسمح لي أن أعرض مثالاً آخــر لخطأ محتمل يظهر فيه عدم التزام عضو الهيئة بالقانون .. لنرى من خلاله هل يتحمل المسؤلية فيه عضو الهيئة أم جهاز الهيئة نفسه ..
إذا أوقف المحقق المتهم مدة تزيد عن خمسة أيام دون أمر من رئيس فرع الهيئة ، واطلق بعد أسبوعين ، وتم حفظ القضية ولم يتم تحريك الدعوى العامة ضد المتهم
فهنا دعـــوى التعويض عن السجن مدة (8) أيام ، توجه ضد الهيئة أم ضد العضــو ؟
والجهة المختصة هل هي المحكمة الإدارية أم الجزائية ؟
وإذا قلنا الجزائية فما وجه اختصاصها ، والدعوى العامة لم ترفع ؟؟
أيمن السهلي
17-08-2011, 05:01 AM
إسمح لي أخي الكريم بالمشاركة
دعوى التعويض توجه ضد الهيئة وليس العضو .
والجهة المختصة هي المحكمة الإدارية .
وتكون بذالك إذا ثبت أنه تم توقيف المتهم دون أمر بالتوقيف .سواء من المحقق الخمسة أيام أو من رئيس الدائرة في بقية الأيام .
ابن عبدالرحمن
17-08-2011, 05:04 AM
أشكر لك أخي الكريم هذه المعلومات القيمة التي استفدت منها كثيراً ..
ومقدراً إجابتك الوافيه على مسألة تجاوز المحقق في مسألة التعذيب ، وقد سقتها على سبيل المثال ..
واسمح لي أن أعرض مثالاً آخــر لخطأ محتمل يظهر فيه عدم التزام عضو الهيئة بالقانون .. لنرى من خلاله هل يتحمل المسؤلية فيه عضو الهيئة أم جهاز الهيئة نفسه ..
إذا أوقف المحقق المتهم مدة تزيد عن خمسة أيام دون أمر من رئيس فرع الهيئة ، واطلق بعد أسبوعين ، وتم حفظ القضية ولم يتم تحريك الدعوى العامة ضد المتهم
فهنا دعـــوى التعويض عن السجن مدة (8) أيام ، توجه ضد الهيئة أم ضد العضــو ؟
والجهة المختصة هل هي المحكمة الإدارية أم الجزائية ؟
وإذا قلنا الجزائية فما وجه اختصاصها ، والدعوى العامة لم ترفع ؟؟
الله يسلمك يا أخي
والجواب عما طرحته من تساؤل من وجهة نظري والتي تحتمل الصواب والخطأ أن من حق المتهم أن يرفع دعوى التعويض في المحكمة الإدارية على السجن(وزارة الداخلية) لإيقافه دون مستند نظامي فأمر المحقق لإيقافه أكثر من خمسة أيام ليس من صلاحيته وبالتالي وجود أمر الإيقاف كعدمه ولا يمكن لمأمور السجن أن يتمسك بأمر غير نظامي فهو مفرط ويتحمل تبعة تفريطه والمحقق لن يسلم من المساءلة التأديبية وفقا لما نص عليه نظام الهيئة والله أعلم
قاضي المظالم
17-08-2011, 12:09 PM
المحقق (عضو الهيئة أو عضو النيابة العامة في الدول الأخرى) لا يطلق عليه قاضي تحقيق أبداً .. هناك خلط في الأمور .. من يطلق عليه قاضي تحقيق هو القاضي المنتدب من هيئة المحكمة لإجراء التحقيق .. فهو قاضي من ضمن قضاة المحكمة تكلفه الأخيرة بإجراء التحقيق، وهنا تكون المحكمة نفسها سلطة التحقيق والقاضي المنتدب له هو قاضي التحقيق، ويكون ذلك عندما لا تقتنع المحكمة بالتحقيق الذي أجرته النيابة العامة أو ترى الأخيرة أهمية إجراء التحقيق من قبل قاضٍ من المحكمة، ومعلوم أن للمحكمة سلطة واسعة حيال قرار الاتهام وما ورد فيه؛ فلها قبوله والأخذ بما فيه بعد مناقشته وسماع الدفوع حياله ولها أن تغير التكييف الجنائي أو ما يسمى بالوصف الجرمي الصادر عن النيابة العامة تجاه الوقائع المنسوبة للمتهم، فلها على سبيل المثال تعديل التكييف من جناية لجنحة ومن تزوير محرر إلى حيازة محرر مزور، ولها أيضاً أن تطرح التحقيق الذي أجرته النيابة العامة وأن تنتدب من قضاتها من يقوم به تحت إشرافها وهنا نكون بصدد من يسمى بقاضي التحقيق.. أما إطلاق قاضي التحقيق على المحقق أو عضو الهيئة أو عضو النيابة العامة ولو كان النائب العام نفسه فلم يرد أبداً في أي من القوانين المقارنة، ولم يقل به أحد من فقهاء القانون الجنائي المعتبرين ... نعم هناك قوانين في بعض الدول تنص على إشغال وظائف النيابة العامة بقضاة (كقانون السلطة القضائية في الأردن) ولكنهم في الأصل قضاة في المحاكم وينتقلون منها لتُشغل بهم وظائف في النيابة العامة ويباشرون بحكم هذا الإشغال وظيفتي التحقيق والإدعاء .. ليس لأن هذه الوظائف قضائية بطبيعتها .. فجميع القوانين تمايز في نصوصها بين لفظتي (القضاة) و (أعضاء النيابة العامة) فلا يطلق على عضو النيابة العامة قاضي تحقيق وإن كان يؤدي عملاً قضائياً بجانب أعمال أخرى تعد أعمال إدارية .. لأنه من المعلوم أن النيابة العامة تباشر أعمالاً قضائية كالقبض والتفتيش والتوقيف والاستجواب وتباشر أعمالاً أخرى إدارية وتعتبر بعضها قرارات إدارية بالمعنى الحرفي كالتفتيش على السجون وإصدار قرارات بشأن التركات التي لا وارث لها وقرارات للمحافظة على الأموال العامة والخاصة وغير ذلك .. والأعمال القضائية التي يمارسها المحقق لا تجعله قاضياً .. فالقضاة هم أعضاء في هيئة المحاكم فحسب. ولذلك هناك تمايز واضح في تلك الدول بين عبارة (رجال القضاء أو القضاة) الذين يستمدون سلطة وولاية الحكم من الولاية الأصلية لرئيس الدولة ، و(رجال أو أعضاء النيابة العامة) الذين يستمدون من رئيس الدولة كذلك ولاية وسلطة أخرى مغايرة لها هي سلطة التحقيق والاتهام باعتبارهم نواب ولي الأمر على الدعوى العامة التي هي حق للمجتمع لا يمكن حمايته والمطالبة به من جميع أفراده بل من نائبٍ عنهم هو عضو النيابة العامة ... وهذا مما لا جدال فيه. وانظر التفرقة في التسمية بنص الفقرة الأولى من المادة 83 من قانون السلطة القضائية المصري: "تختص دوائر المواد المدنية والتجارية لمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأيٍّ من شؤونهم وذلك عدا النقل والندب؛ متى كان مبنى الطعن عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة إستعمال السلطة"أ.هـ علماً بأن المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكمها في 16/5/1982م بعدم دستورية هذا النص لما تضمنه من تحصين القرارات المتعلقة بالنقل والندب عن الطعن.
وفيما يلي أضع الباب المتعلق بقاضي التحقيق بكامله كما هو من قانون الإجراءات الجنائية المصري وفقاً لأحدث تعديلاته عام 2003م (وبالمناسبة هو القانون الذي نقله ربعنا بشكل شبه حرفي ليضعوا لنا نظام الإجراءات الجزائية الذي بين أيدينا من عام 1422هـ .. علماً بأن أصله المصري صدر بتوقيع الملك فاروق):
الباب الثالث
فى التحقيق بمعرفة قاضي التحقيق
الفصل الأول
فى تعيين قاضي التحقيق
مادة [64]
إذا رأت النيابة العامة فى مواد الجنايات أو الجنح أن تحقيق الدعوى بمعرفة قاضي التحقيق أكثر ملاءمة بالنظر إلى ظروفها الخاصة جاز لها فى أية حالة كانت عليها الدعوى أن تطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية ندب أحد قضاه المحكمة لمباشرة هذا التحقيق.
مادة [65]
لوزير العدل أن يطلب من محكمة الاستئناف ندب مستشار لتحقيق جريمة معينة أو جرائم من نوع معين ، ويكون الندب بقرار من الجمعية العامة ، وفى هذه الحالة يكون المستشار المندوب هو المختص دون غيره بإجراء التحقيق من وقت مباشرته العمل.
مادة [66](1) ملغاة
مادة [67]
لا يجوز لقاضي التحقيق مباشرة التحقيق فى جريمة معينة إلا بناء على طلب من النيابة العامة أو بناء على إحالتها إليه من الجهات الأخرى المنصوص عليها فى القانون.
مادة [68](2) ملغاة
الفصل الثاني
فى مباشرة التحقيق وفى دخول المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها فى التحقيق
مادة [69]
متى أحيلت الدعوى إلى قاضي التحقيق كان مختصاً دون غيره بتحقيقها.
مادة [70]
لقاضي التحقيق أن يكلف أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي القيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم ويكون للمندوب فى حدود ندبه كل السلطة التي لقاضي التحقيق.
وله إذا دعت الحال لاتخاذ إجراء من الإجراءات خارج دائرة اختصاصه أن يكلف به قاضي محكمة الجهة أو أحد أعضاء النيابة أو أحد مأموري الضبط القضائي بها.
وللقاضي المندوب أن يكلف لذلك عند الضرورة أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي طبقا للفقرة الأولي.
ويجب على قاضي التحقيق أن ينتقل بنفسه للقيام بهذا الإجراء كلما اقتضت مصلحة التحقيق ذلك.
مادة [71]
يجب على قاضي التحقيق فى جميع الأحوال التي يندب فيها غيره لإجراء بعض تحقيقات أن يبيد المسائل المطلوب تحقيقها والإجراءات المطلوب اتخاذها.
وللمندوب أن يجري أي عمل أخر من أعمال التحقيق ، أو أن يستجوب المتهم فى الأحوال التي يخشى فيها فوات الوقت متي كان متصلا بالعمل المندوب له ولازما فى كشف الحقيقة.
مادة [72]
يكون لقاضي التحقيق ما المحكمة من الاختصاصات فيما يتعلق بنظام الجلسة . ويجوز الطعن فى الأحكام التي يصدرها وفقا لما هو مقرر للطعن فى الأحكام الصادرة من القاضي الجزئي.
مادة [73]
يستصحب قاضي التحقيق فى جميع إجراءاته كاتباً من كتاب المحكمة يوقع معه المحاضر. وتحفظ هذه المحاضر مع الأوامر وباقي الأوراق فى قلم كتاب المحكمة.
مادة [74]
على رئيس المحكمة الإشراف على قيام القضاة الذين يندبون لتحقيق وقائع معينة بأعمالهم بالسرعة اللازمة وعلى مراعاتهم للمواعيد المقررة فى القانون.
مادة [75]
تعتبر إجراءات التحقيق ذاتها والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار ويجب على قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتل وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها ومن يخالف ذلك منهم يعاقب طبقا للمادة 310 من قانون العقوبات.
مادة [76]
لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يدعى بحقوق مدنية أثناء التحقيق فى الدعوى.
ويفصل قاضي التحقيق نهائياً فى قبوله بهذه الصفة فى التحقيق.
مادة [77]
للنيابة العامة وللمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية وللمسئول عنها ولوكلائهم أن يحضروا جميع إجراءات التحقيق ، ولقاضي التحقيق أن يجري التحقيق فى غيبتهم متى رأي ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة وبمجرد انتهاء تلك الضرورة يبيح لهم الإطلاع على التحقيق.
ومع ذلك فلقاضي التحقيق أن يباشر في حالة الاستعجال بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم ، ولهؤلاء الحق في الإطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات. وللخصوم الحق دائما فى استصحاب وكلائهم فى التحقيق.
مادة [78]
يخطر الخصوم باليوم الذي يباشر فيه القاضي إجراءات التحقيق وبمكانها.
مادة [79]
يجب على كل من المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها أن يعين له محلا فى البلدة الكائن فيها مركز المحكمة التي يجري فيها التحقيق إذ لم يكن مقيما فيها ، وإذا لم يفعل ذلك ، يكون إعلانه فى قلم الكتاب بكل ما يلزم إعلانه به صحيحا.
مادة [80 ]
للنيابة العامة الإطلاع فى أي وقت على الأوراق لتقف على ما جري فى التحقيق على ألا يترتب على ذلك تأخير السير فيه.
مادة [81 ]
للنيابة العامة وباقي الخصوم أن يقدموا إلى قاضي التحقيق الدفوع والطلبات التي يرون تقديمها أثناء التحقيق.
مادة [82 ]
بفصل قاضي التحقيق فى ظرف أربع وعشرين ساعة فى الدفوع والطلبات المقدمة إليه ، ويبين الأسباب التي يستند إليها.
مادة [83 ]
إذا لم تكن أوامر قاضي التحقيق صدرت فى مواجهة الخصوم تبلغ إلى النيابة العامة وعليها أن تعلنها لهم فى ظرف أربع وعشرين ساعة من تاريخ صدروها.
مادة [84 ]
للمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية وللمسئول عنها أن يطلبوا على نفقتهم أثناء التحقيق صورا من الأوراق أيا كان نوعها ، إلا إذا كان حاصلا بغير حضورهم بناء على قرار صادر بذلك) أ.هـ.
يقول د. شارع الغويري أستاذ القانون الجنائي المساعد بكلية الملك فهد الأمنية في كتابه (الضبطية الجنائية في المملكة العربية السعودية) ص 208، شرحاً للمادة (70) الآنفة: (... فما ينطبق على قضاء التحقيق كسلطة تحقيق ينطبق على النيابة العامة عندما تكون هي سلطة التحقيق – وهو الأصل في القانون المصري – وذلك بصريح نص القانون حيث نصت المادة (199) من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أنه فيما عدا الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها وفقاً لأحكام المادة (64) تباشر النيابة العامة التحقيق في مواد الجنح والجنايات طبقاً للأحكام المقررة لقاضي التحقيق...).
وعندما ثار الخلاف حول طبيعة الأمر الجنائي الصادر من وكيل النائب العام (وهو من أعضاء النيابة العامة) بتوقيع عقوبة ومدى مخالفته للمادة 66/2 من الدستور المصري التي ورد فيها أنه لا عقوبة إلا بحكم قضائي ، وطلب حينها وزير العدل من المحكمة الدستورية العليا التفسير ... أصدرت تلك المحكمة قرارها في 1/4/1978 في الطلب رقم 15 لسنة 8 انتهت فيه إلى أن الأمر الجنائي الصادر من وكيل النائب العام بتوقيع عقوبة في الأحوال التي ينص عليها القانون يدخل في مفهوم عبارة "حكم قضائي" الواردة في المادة 66/2 من الدستور... ومما أوردته في حكمها:
"ومن حيث إنه عن الأمر الثاني الخاص بكفالة ضمانات التقاضي في الأوامر الجنائية التي يصدرها وكيل النيابة ، فإن المادة 327 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمن صدر ضده الأمر الجنائي بتوقيع العقوبة من القاضي أو من وكيل النائب العام أن يعلن عدم قبوله بتقرير في قلم الكتاب خلال ثلاثة أيام من تاريخ إعلانه به، ورتبت على هذا التقرير سقوط الأمر واعتباره كأن لم يكن وتحديد جلسة تنظر فيها الدعوى أمام المحكمة، فإذا حضر الجلسة المحددة تنظر الدعوى في مواجهته وفقاً للإجراءات العادية. وللمحكمة أن تحكم في حدود العقوبة المقررة بعقوبة أشد من الغرامة التي قضى بها الأمر الجنائي (المادة 328 من قانون الإجراءات الجنائية). أما إذا لم يحضر تعود للأمر قوته ويصبح نهائياً واجب التنفيذ ــ ويستفاد من هذين النصين أن الشارع إذ أجاز لوكيل النائب العام إصدار الأمر الجنائي في الحالات المبينة في المادة 325 من قانون الإجراءات الجنائية لم يغفل ضمانات التقاضي في هذا الشأن إذ أجاز لمن صدر عليه الأمر أن يعترض عليه ورتب على هذا الاعتراض وجوب عرض الدعوى الجنائية من جديد على محكمة الدرجة الأولى لتفصل فيها بعد التحقيق النهائي الذي تجريه وبعد دعوة المتهم للحضور وسماع دفاعه. ومن حيث إن تحقيق هدف سرعة الفصل في القضايا الذي بلغ من الأهمية دعا الشارع إلى النص عليه في المادة 68 من الدستور التي تقضي بأن تكفل الدولة سرعة الفصل في القضايا، ثم هدف تخفيف العبء الذي ينوء به القضاة قد استوجب كلاهما أن يستحدث الشارع نظام الأوامر الجنائية للفصل في الدعاوى الجنائية البسيطة ونظام أوامر الأداء للفصل في الدعاوى المدنية والتجارية قليلة الأهمية وأن يعهد بالفصل فيها للقضاة ويشترك معهم وكلاء النيابة العامة في إصدار الأوامر الجنائية مع تحديد حد أقصى للغرامة التي يجوز توقيعها بهذه الأوامر وهو بالنسبة إلى القضاة أعلى منه بالنسبة إلى وكلاء النيابة، وقد سوى في إجراءات إصدار هذه الأوامر والاعتراض عليها ونظر الدعوى في حالة الاعتراض أمام المحكمة بالإجراءات العادية، وعلى الجملة في كافة الضمانات بين الأوامر التي تصدر من القضاة وتلك التي تصدر من وكلاء نيابة بعقوبة مالية بسيطة وخول المتهمين حق الاعتراض عليها وعندئذ يسقط الأمر الجنائي وتنظر الدعوى أمام المحكمة المختصة في مواجهتهم بالإجراءات العادية".أ.هـ
وقد انتقد فقهاء وقضاة هذا الحكم.. منهم د. أحمد فتحي سرور في كتابه: القانون الجنائي الدستوري ص 508، و د. فاروق عبدالبر نائب رئيس مجلس الدولة، في كتابه: دور المحكمة الدستورية المصرية في حماية الحقوق والحريات العامة ص 517 ، وقد أورد د. سرور ملحوظتين على الحكم، فقال:
(الثانية: أن نص المادة 325 مكررا من قانون الإجراءات الجنائية لا يتفق مع مبدأ (لا عقوبة بغير حكم قضائي) لأن الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة لا يعد بأية حالة من الأحوال حكماً قضائياً، لأنه يصدر من غير قاض، وتتوقف قوته على قبوله ممن صدر ضده بعدم الاعتراض عليه، وهو ما لا يتفق مع طبيعة الأحكام. والصفة القضائية في شخص القائم بالعمل هي ركن مفترض لإضفاء الصفة القضائية على هذا العمل. فالعمل القضائي بوجه عام لا بد لوجوده قانوناً أن يصدر من قاضٍ يباشر ولاية القضاء. فالقاضي هو شخص العمل القضائي. والنيابة العامة بوصفها جزءاً من السلطة القضائية، تتسم أعمالها بأنها صادرة من إحدى جهات القضاء ولكنها لا تتسم بطبيعة قضاء الحكم الدقيق. ومن ثم فإن اعتبار أعمال النيابة العامة ذات طبيعة قضائية لا يعني بالضرورة إسباغ صفة الحكم عليها، فليست كل أعمال السلطة القضائية أعمالاً فاصلة في النزاع).أ.هـ
كما خالف قسم التشريع بمجلس الدولة رأي المحكمة الدستورية، فحين عُرِضَ عليه مشروع قانون أعدته وزارة العدل بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بنظام الأوامر الجنائية، رأى قسم التشريع بكتابٍ له مؤرخ في 13 من يونيه سنة 1977 أن: (المشروع المعروض يتضمن تعديل المواد 323 و 324 و 325 مكرراً فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية ويستهدف التوسع في السلطة المخولة للقاضي الجزئي، ووكيل النيابة في إصدار الأوامر الجنائية. ولما كانت المادة 66 من الدستور تنص في فقرتها الثانية على أنه (... ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي ...)، ولما كان الأمر القضائي الصادر من وكيل النائب العام لا يمكن اعتباره حكما قضائياً لأنه صادر من غير قاض، أما الأمر الجنائي الصادر من القاضي الجزئي فيمكن اعتباره حكماً إذ أنه صادر من قاضٍ يفصل في خصومة وإن كان ذلك يتم بإجراءات موجزة مبسطة، لذلك فإن قسم التشريع قد انتهى بجلسته المعقودة بتاريخ 7/6/1997 ــ إلى عدم الموافقة على تعديل المادة 325 مكررا فقرة أولى بما يتضمن التوسع في السلطة المخولة لوكيل النائب العام في إصدار الأوامر الجنائية، ولا يرى مانعاً من الموافقة على تعديل المادتين 323 و 324 اللتين تتضمنان التوسع في سلطة القاضي الجزئي في إصدار الأوامر الجنائية).أ.هـ
والمقصود: أن الفرق بين القاضي والمحقق أمرٌ مقرر فقهاً وقضاءً ، ولا يمكن إنكاره أو تغطيته بتسمية المحقق بقاضي التحقيق...
في مصر مثلاً: القضاة في القضاء العام لا يصلون للقضاء إلا بعد مرورهم على وظائف النيابة العامة التي يعينون فيها بشرط بلوغهم عمر 21 سنة ثم متدرجين في الترقيات بدءاً من وكيل النيابة حتى منصب النائب العام مروراً الوكلاء والمساعدون والمعاونون ورؤوساء النيابة والمحامون العامون والمحامي العام الأول والنواب المساعدون، ويختار منهم مجلس القضاء ممن بلغ سن 30 سنة من يلتحق بالقضاء في المحاكم في الدرجات التي تقابل وظائفهم السابقة، وللقضاة بعد ذلك إذا ما رغبوا العودة مرة أخرى للنيابة العامة أن يتقدموا بطلب للمجلس ليصدر قراراً بذلك بناءً على صلاحيتهم وكفاءتهم لوظائف النيبابة العامة. وهناك تمارس النيابة العامة سلطتها عن طريق نيابات متخصصة ونيابات على مستوى محاكم الابتدائية والمحاكم الاستئنافية وأعضائها من درجة مساعد فما فوق غير قابلين للعزل ولهم حصانة قضائية، ويتبعون الكادر القضائي في درجات تقابل وتماثل درجات القضاة في المحاكم، بيد أنهم لا يعتبرون قضاة. وعند نقل بعضهم للقضاء يعين على درجة تعادل درجته السابقة.
في قطر نصت المادة (3) من قانون النيابة العامة : "يكون ترتيب أعضاء النيابة العامة كما يلي: 1-النائب العام. 2-محامي عام أول. 3-محامي عام. 4-رئيس نيابة أول. 5-رئيس نيابة. 6-وكيل نيابة أول. 7-وكيل نيابة. 8-وكيل نيابة مساعد" ونصت المادة (7) منه: "تتولى النيابة العامة سلطتي التحقيق والاتهام ومباشرة الدعوى، واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير المتعلقة بها ..." وبعد أن عددت المواد اللاحة لها شروط شغل هذه الوظائف، نصت المادة (14) منه: "يجوز أن يعين في وظائف النيابة العامة، الفئات التالية: 1-المستشارون بالمحاكم والقضاة والمساعدون القضائيون الحاليون والسابقون. 2-..."
في الكويت: صدر مرسوم بقانون رقم 14 لسنة 1977 في شأن درجات ومرتبات القضاة وأعضاء النيابة العامة-وإدارة الفتوى والتشريع وجاء في المادة (1) منه: "تكون درجات ومرتبات القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع طبقا للجدولين المرافقين لهذا القانون" وفي المادة (11) منه: "ينقل القضاة وأعضاء النيابة العامة الموجودون بالخدمة وقت العمل بهذا القانون إلى الدرجات الجديدة المعادلة لوظائفهم في جدولهم المرافق لهذا القانون مع احتفاظهم بأقدميتهم في هذه الدرجات، ويتقاضى كل منهم مرتب الدرجة الجديدة المنقول إليها مع العلاوات المقررة بحسب أقدميته أو المرتب الأساسي الذي يتقاضاه عند العمل بهذا القانون، أيهما أكبر.
وينقل بمرسوم أعضاء إدارة الفتوى والتشريع الموجودون بالخدمة وقت العمل بهذا القانون إلى الدرجات الجديدة المعادلة لوظائفهم في جدولهم المرافق لهذا لقانون وفقا للضوابط المبينة في الفقرة السابقة، أما من لا يصدر مرسوم بتعيينه منهم في تلك الدرجات فينقل إلى وظيفة أخرى لا تقل درجتها عن درجته، بالنسبة لوكء النيابة من الدرجة الثالثة والمحامين الموجودين بالخدمة عند العمل بهذا القانون، فينقل منهم بمرسوم من أمضى في الخدمة سنتين أو أكثر حتى تاريخ العمل بهذا القانون إلى درجة وكيل نيابة من الفئة ( ب ) أو محام من الفئة ( أ )، متى كانوا قد استوفوا شروط الترقية الأخرى. أما من لم يمض هذه المدة أو لم تتوافر فيه شروط الترقية فينقل إلى درجة وكيل نيابة من الفئة ( ج ) أو محام من الفئة ( ب )"
ومما سبق يتضح – بجلاء – أن ثمة تمايز بين وظيفة القضاء والنيابة العامة، وأن نصوص القوانين وإن وحدت بين الفئتين في بعض الحالات والإجراءات كإجراءات التعيين وشروطه والترقية والندب والحصانة والتأديب وغيرها وجعلت النيابة العامة جزءاً من السلطة القضائية إلاَّ أن ذلك لا يجعل القضاة وأعضاء النيابة العامة فئة واحدة ولا أنهم يمارسون وظيفة متماثلة ، فالوظيفة التي تقوم بها الفئتين وإن كانت قضائية إلا أن بينها إختلافاً كبيراً فسلطة البت والحكم تختلف عن سلطة التحقيق والاتهام. فالأولى هي القضاء لغة واصطلاحاً في جميع الدول هو شامل لجميع المنازعات سواءً كانت مدنية أو تجارية أو جناية أوإدارية أو غيرها وهو القضاء عينه كما قرره فقهاء الشريعة الإسلامية، بينما الثانية تتعلق بمباشرة وظيفتي التحقيق والاتهام في نوع محدد من القضاء وهو القضاء الجنائي، وهي مهمة مسندة في التنظيمات الحديثة لهيئة خاصة سواءً سميت (هيئة تحقيق وادعاء عام) أو (نيابة عامة) أو غيرها، وقد كانت قبل ذلك تباشرها السلطة التنفيذية ممثلة في الشرطة أو في تلك الهيئات والنيابات التي كانت تتبعها حين نشأتها أول مرة، وإنما لجأت التنظيمات والقوانين الحديثة لإلحاقها بالسلطة القضائية واعتبارها أعمالاً قضائية لخطورتها ومساسها بالحريات وتأثيرها على الأحكام الصادرة من المحاكم ، ولم يكن ذلك لاعتبارات تتعلق بكونها أعمالاً من صلب القضاء أو أنه يجب ممارستها من القاضي نفسه، أو أن القائم بها يعتبر قاضياً.
ومن جهة أخرى فإن القضاة متكافئون لا فرق بين صغيرهم وكبيرهم ولا بين من هم في أعلى السلم ومن هم في أسفله ولا بين رئيس ومرؤوس فالكل مستقل فيما يخص عمله ورأيه وتنزيل قضائه على الوقائع المعروضة، فرئيس الدائرة القضائية الذي يشغل درجة بأعلى السلم القضائي مساوٍ تماماً لزميله في الدائرة مصدرة الحكم ولو كان ملازماً قضائياً وليس لرأيه مزية وقوة تختلف عن بقية مشاركيه في الحكم، بل ليس لرئيس المحكمة ولا لرئيس المجلس ولا لأحد في السلطة القضائية مهما على منصبه أي قدرة رئاسية في التأثير على رأي وعقيدة من أصدر الحكم؛ وهذا المبدأ لا ينطبق من كل الوجوه على أعضاء هيئة التحقيق والإدعاء العام. فثمة تبعية رئاسية في النيابة العامة، بحسبان أن إجراءات الضبط القضائي وسلطتي التحقيق والاتهام تستهدف في الأساس تعقب المجرمين وتقديمهم للمحاكمة بعد القبض عليهم ومباشرة جميع الإجراءات النظامية بحقهم من تحقيق وتفتيش واستجواب ومواجهة واتهام، وتلك إجراءات أمنية تؤثر فيها المعلومات المتبادلة مع أجهزة الأمن الأخرى تبعاً للسياسة الأمنية ومؤدى ذلك اضمحلال استقلالية المرؤوس فيما يتعلق بما يجب عليه اتخاذه من أعمال وإجراءات وما يتوصل له من قناعات مقابل ما تتلقاه جهته الرئاسية من معلومات أمنية وتعاون مع السلطات التنفيذية الأخرى، مما يعني خضوع المحقق وافتقاره في بعض الأوقات لتوجيه وموافقة وقناعة من يعلوه في السلم الهرمي في سلطة التحقيق.
وعندئذٍ فإن المطالبة بوجود ضمانات الاستقلال والحيدة تكون للجهاز بوصفه كيان قضائي واحد ومستقل، وليس لأعضائه الذين يتبعون مرجعهم في الأعمال المناطة بهم. وهو ما يجعل وظيفة الحكم مباينة لوظيفة التحقيق، ويعزز في الوقت نفسه في رجال العدالة من قضاة نصبوا للفصل بين الخصومات ومحققين كلفوا بتهيأة القضية (تحقيقاً وادعاءً) كافة ضمانات الاستقلال والحيدة والبعد عن كل ريبة في استقامة إجراءاتهم وعدالة موازينهم.
متى تكون هيئة التحقيق والادعاء العام جزءاً من السلطة القضائية على الحقيقة:
كانت النيابة العامة فيما مضى من أجزاء السلطة التنفيذية، وفي هذا الصدد تقول محكمة القضاء الإداري في مصر القضية 1150 جلسة 17/11/1959م:
(إن التشريع المصري قد اعتبر النيابة العامة شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية خصتها القوانين بسلطة قضائية فيما يتعلق بالجرائم ورفع الدعوى العمومية على مرتكبيها، ومن ثم يتعين النظر في ماهية القرارات التي تصدرها لتمييز ما يعد منها عملاً قضائياً يخرج عن ولاية هذه المحكمة وما يعد عملاً إدارياً تمتد إليه ولايتها ...) وقد أكدت ذلك المحكمة الإدارية العليا بحكمها بتاريخ 7/3/1972م:
(إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن النيابة العامة هي في حقيقة الأمر شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية تجمع بين طرف من السلطة القضائية وآخر من السلطة الإدارية إذ خصتها القوانين بصفتها أمينة على الدعوى العمومية بأعمالٍ من صميم الأعمال القضائية وهي تلك التي تتصل بإجراءات التحقيق والاتهام كالقبض على المتهمين وحبسهم وتفتيش منازلهم ورفع الدعوى العمومية ومباشرتها أو حفظها إلى غير ذلك من الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية وغيره من القوانين، وهذه التصرفات تعد من الأعمال القضائية التي تخرج عن دائرة رقابة المشروعية التي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بمباشرتها على القرارات الإدارية. أما التصرفات الأخرى التي تباشرها النيابة العامة خارج نطاق هذه الأعمال القضائية فإنها تصدر عن النيابة العامة بصفتها سلطة إدارية، وتخضع تصرفاتها في هذا المجال لرقابة المشروعية التي للقضاء الإداري على القرارات الإدارية متى توافرت لها مقومات القرار الإداري بمعناه الاصطلاحي المقرر قانوناً).
وهذا المبدأ عدل عنه مجلس الدولة إلى تقرير دخول النيابة العامة كشعبه أصيلة من شعب السلطة القضائية.
أقول: ومهما يكن من أمر فإن مما أعتقده تمام الاعتقاد وهو ما ينادي به رجال القانون المصلحون الغيورون أن الهيئات القضائية التي تتشكل منها السلطة القضائية في أي دولة يجب أن تكون هيئات قضائية بالمعنى الحقيقي، أي هيئات تكون مهمتها الأصلية الفصل في المنازعة القضائية بأحكام حاسمة وملزمة وتهيئة ما يلزم لذلك الفصل من تحقيق واتهام مقرون بدليل ، وذلك لا يتحقق إلا حين تتوافر جميع ضمانات الاستقلالية بإنشاء هيئات قضائية مستقلة ومحايدة ومنبتة الصلة تماماً عن السلطة التنفيذية بحيث تغدو عضواً لا يتجزأ من السلطة القضائية لا مجرد فروع للسلطة التنفيذية وتابع من أتباعها ، ولا يكفي لإسباغ الصفة القضائية لأي هيئة الإتكاء على عضوية رئيسها في المجلس الأعلى للسلطة القضائية دون أن يكون هذا المجلس مهيمناً على كافة شؤون أعضاء تلك الهيئة ، كما لا يغني أيضاً النص على استقلالية أعضاء الهيئة في أعمالهم دون النص على استقلاليتهم في وظائفهم كتابعين للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أو لمجلس آخر خاص بهم يرتبط برئيس الدولة مباشرةً لا لمجلس خاص بهم تتحكم به السلطة التنفيذية (وزير الداخلية أو وزير العدل) ، وكل ما يقال عن تشابه النصوص الخاصة بتعيينهم وترقيتهم وتأديبهم ونحو ذلك بنصوص مقررة في نظام السلطة القضائية لا تجدي نفعاً طالما انقسمت شؤون أعضاء تلك السلطة من قضاة ومحققين على مجلسين أحدهما مستقل والآخر تهيمن عليه السلطة التنفيذية ولو على سبيل الإشراف. والقول بغير ذلك تنكر للحقيقة وغمطٌ سافر لوجهٍ مشرق من وجوه الإنصاف والحيدة.
لقد تضمن الفصل الثاني من الباب الثالث من قانون السلطة القضائية المصري في شأن تأديب أعضاء النيابة نصوصاً تنال – في رأيي – من استقلالية هذه الوظيفة، فنصت المادة 125: "أعضاء النيابة يتبعون رؤساء النيابة والنائب العام وهم جميعا يتبعون وزير العدل وللوزير حق الرقابة والإشراف على النيابة وأعضائها وللنائب العام حق الرقابة والإشراف على جكيع أعضاء النيابة وللمحامين العاملين بالمحاكم حق الرقابة والإشراف على أعضاء النيابة بمحاكمهم" وجاءت المادة 126: "لوزير العدل وللنائب العام أن يوجه تنبيها لأعضاء النيابة الذين يخلون بوجباتهم أخلالا بسيطا بعد سماع اقوال عضو النيابة ويكون التنبية سفاهة أو كتابة ولعضو النيابة أن يعرض على التنتبية الصادر إليه كتابة خلال أسبوع من تاريخ تبليغه إياه إلى اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 82لسنة 1969 في شان المجلس الأعلى للهيئات القضائية" ، وتضمنت المادة 127: "تاديبب أعضاء النيابة بجميع درجاتهم يكون من اختصاص مجلس التأديب المشار إليه في المادة 98 من هدا القانون" وعددت المادة 128: "العقوبات التأديبية التتى يحكم بها على أعضاء النيابة هي العقوبات ذاتها التي يجوز الحكم بها على القضاة"، كما نصت المادة 129 على أن: "يقيم النائب العام الدعوى التأديبية بناء على طلب وزير العدل وللوزير وللنائب العام أن يوقف عن العمل عضو النيابة...".
وإن كان وضع النيابة العامة في مصر تغير كثيراً فأصبحت أكثر استقلالية عن السلطة التنفيذية بحيث أصبح مجلس القضاء (المجلس الأعلى للهيئات القضائية) هو المهيمن على غالب شؤون أعضاء الهيئة لاسيما ما يتعلق بوظائفهم إلا أن التبعية لوزير العدل لازالت موجودة.
وبالرغم من أن نظام هيئة التحقيق والادعاء العام قد حوى نصوصاً مشابهة لتلك النصوص في القانون المصري. إلاَّ أنه طالما تفرد هذا النظام بنصٍ لا يوجد له نظير في قوانين النيابة العامة المقارنة وهو المتضمن تقرير استقلالية أعضائها وأنهم لا يخضعون إلا لأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية ولا يجوز التدخل في عملهم، فإنه بات من المُلح المطالبة بتفعيل تلك الاستقلالية بإلغاء كافة النصوص المتعارضة معها في نظام الهيئة ونظام الإجراءات الجزائية..
وحاصل ذلك كله: أن الهيئات القضائية ينبغي قصرها على الهيئات التي تفصل في القضايا وهي: القضاء العادي وتلحق به النيابة العامة كجزء لا يتجزأ منه، والقضاء الإداري، والمحكمة الدستورية في بعض الدول. على أنه ينبغي مراعاة أمور:
1ــ إبعاد أي نفوذ للسلطة التنفيذية كلية عن السلطة القضائية ورجالها، فلكي تكون لدينا هيئة تحقيق وإدعاء كجهة قضائية مستقلة يتعين أن تكون تابعة للقيادة القضائية تماماً كرجال القضاء، فلا يصح أن توضع تحت إشراف وزير الداخلية أووزير العدل، ولا أن يتدخل أيٌ منهما في اختيار رئيس الهيئة (النائب العام) ولا أعضاء مجلس إدارتها، أو مجلس التأديب أو يتفرد بإصدار قرار برفع الدعوى التأديبية على أعضائها، تماماً كالوضع في محاكم القضاء العادي والإداري حين لا يجعل النظام أي دور للسلطة التنفيذية في اختيار رؤساء المحاكم وأعضاء التفتيش وتشكيل الدوائر داخل المحاكم. ولا يكفي النص على استقلاليتها واستقلالية أعضائها دون أن تكون باقي نصوص تنظيمها متناغمة مع هذا الاستقلال ومؤكدةً له على النحو السالف بيانه.
2- أن الصفة القضائية للعمل تختلف عن الصفة القضائية للهيئة التي تباشر هذا العمل وبالطبع تختلف عن صفة الموظفين الذين يمثلون هذه الهيئة ، فقد يكون العمل في نفسه ذا طبيعة قضائية ويقدم من خلال جهة لا تتصف بمقومات وسمات الهيئة القضائية لاختلال شرط من الشروط اللازمة للحكم بقيام سلطة قضائية ومن أهم تلك الشروط الاستقلالية ، وهذه الاستقلالية لا تتوفر بمجرد وجود نص يشير بأن هذا العمل عمل قضائي وأن من يؤديه مستقل عن أي تدخل.
3- عدم الخلط بين الوظائف القضائية فتلك الوظائف وإن كانت تستهدف القيام بأعمال قضائية إلاّ أن وظيفة الحكم، تختلف اختلافاً جذرياً عن وظيفة التحقيق أو الاتهام. فمن يباشر الأولى قضاة، ومن يباشر الثانية محققون.
وبالله التوفيق
ابو محمد 2
17-08-2011, 03:05 PM
محقق قضائي , وليس قاضي تحقيق.
والفرق بينهما:
1- محقق قضائي يقوم بمهمة التحقيق في جميع القضايا المحالة إليه . ومنها اشتق اسمه.ويعد لائحة ادعاء يقدمها للقاضي ناظر الدعوى يكون فيها المحقق القضائي مدعٍ عام..
2- قاضي تحقيق : هو من تنتدبه وزارة العدل ليشترك في التحقيق بقضية ما على مستوى عال من الأهمية , ويكون بدرجة قاضي تمييز. سواء بمفرده أو مع لجنة مشكلة من جهات أخرى حكومية.
قاضي المظالم
17-08-2011, 03:14 PM
2- قاضي تحقيق : هو من تنتدبه وزارة العدل ليشترك في التحقيق بقضية ما على مستوى عال من الأهمية , ويكون بدرجة قاضي تمييز. سواء بمفرده أو مع لجنة مشكلة من جهات أخرى حكومية.
شكراً لمروركم الجميل أبا محمد ..
ولعلكم ترشدوني للمستند النظامي لما لوَّنتُه بالأحمر من مشاركتكم ..
وفقكم الله ..
ابن عبدالرحمن
17-08-2011, 03:17 PM
جزاك الله خير الجزاء على هذا التنبيه اللطيف والمعلومات المفيدة لكن المسألة هل يصح إطلاق لفظ قاضي تحقيق على عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بالمملكة العربية السعودية وليست المسألة هل يوجد في القوانين المقارنة من يطلق على عضو النيابة العامة أو عضو الهيئة لفظ قاضي تحقيق فمن حق كل دولة التنظيم وفق ماتراه محققا للمصلحة العامة
بمعنى لو صدر نظام يطلق على أعضاء الهيئة في المملكة قضاة فهل نقول لا غير صحيح لأن القانون المصري والقوانين الأخرى لم يطلق على أعضاء النيابة لفظ قاضي مع أن أعمالهم قضائية (قاضي تحقيق الجملة تفصح عن نفسها فليس قاض باطلاق وإنما قاض بمرحلة التحقيق بمعنى الشخص الذي يمارس عملا قضائيا وله صلاحيات قضائية في مرحلة التحقيق دون غيرها لو أردنا أن نأتي بعبارة تجمع بين ما يمارسه المحقق والصلاحيات الممنوحة له لم نجد أفضل من هذه العبارة أو نقول محقق قضائي هي هي صبه احقنه)
عمموما لا تهم التسمية قاضي تحقيق فراش تحقيق مراسل تحقيق محققاتي محوقي أي شي المهم أن الله يعين على أداء الأمانة وبراءة الذمة وما سوى ذلك فهو هين
ابن قدامة
17-08-2011, 03:31 PM
المحقق (عضو الهيئة أو عضو النيابة العامة في الدول الأخرى) لا يطلق عليه قاضي تحقيق أبداً .. هناك خلط في الأمور .. من يطلق عليه قاضي تحقيق هو القاضي المنتدب من هيئة المحكمة لإجراء التحقيق .. فهو قاضي من ضمن قضاة المحكمة تكلفه الأخيرة بإجراء التحقيق، وهنا تكون المحكمة نفسها سلطة التحقيق والقاضي المنتدب له هو قاضي التحقيق، ويكون ذلك عندما لا تقتنع المحكمة بالتحقيق الذي أجرته النيابة العامة أو ترى الأخيرة أهمية إجراء التحقيق من قبل قاضٍ من المحكمة، ومعلوم أن للمحكمة سلطة واسعة حيال قرار الاتهام وما ورد فيه؛ فلها قبوله والأخذ بما فيه بعد مناقشته وسماع الدفوع حياله ولها أن تغير التكييف الجنائي أو ما يسمى بالوصف الجرمي الصادر عن النيابة العامة تجاه الوقائع المنسوبة للمتهم، فلها على سبيل المثال تعديل التكييف من جناية لجنحة ومن تزوير محرر إلى حيازة محرر مزور، ولها أيضاً أن تطرح التحقيق الذي أجرته النيابة العامة وأن تنتدب من قضاتها من يقوم به تحت إشرافها وهنا نكون بصدد من يسمى بقاضي التحقيق.. أما إطلاق قاضي التحقيق على المحقق أو عضو الهيئة أو عضو النيابة العامة ولو كان النائب العام نفسه فلم يرد أبداً في أي من القوانين المقارنة، ولم يقل به أحد من فقهاء القانون الجنائي المعتبرين ... نعم هناك قوانين في بعض الدول تنص على إشغال وظائف النيابة العامة بقضاة (كقانون السلطة القضائية في الأردن) ولكنهم في الأصل قضاة في المحاكم وينتقلون منها لتُشغل بهم وظائف في النيابة العامة ويباشرون بحكم هذا الإشغال وظيفتي التحقيق والإدعاء .. ليس لأن هذه الوظائف قضائية بطبيعتها .. فجميع القوانين تمايز في نصوصها بين لفظتي (القضاة) و (أعضاء النيابة العامة) فلا يطلق على عضو النيابة العامة قاضي تحقيق وإن كان يؤدي عملاً قضائياً بجانب أعمال أخرى تعد أعمال إدارية .. لأنه من المعلوم أن النيابة العامة تباشر أعمالاً قضائية كالقبض والتفتيش والتوقيف والاستجواب وتباشر أعمالاً أخرى إدارية وتعتبر بعضها قرارات إدارية بالمعنى الحرفي كالتفتيش على السجون وإصدار قرارات بشأن التركات التي لا وارث لها وقرارات للمحافظة على الأموال العامة والخاصة وغير ذلك .. والأعمال القضائية التي يمارسها المحقق لا تجعله قاضياً .. فالقضاة هم أعضاء في هيئة المحاكم فحسب. ولذلك هناك تمايز واضح في تلك الدول بين عبارة (رجال القضاء أو القضاة) الذين يستمدون سلطة وولاية الحكم من الولاية الأصلية لرئيس الدولة ، و(رجال أو أعضاء النيابة العامة) الذين يستمدون من رئيس الدولة كذلك ولاية وسلطة أخرى مغايرة لها هي سلطة التحقيق والاتهام باعتبارهم نواب ولي الأمر على الدعوى العامة التي هي حق للمجتمع لا يمكن حمايته والمطالبة به من جميع أفراده بل من نائبٍ عنهم هو عضو النيابة العامة ... وهذا مما لا جدال فيه. وانظر التفرقة في التسمية بنص الفقرة الأولى من المادة 83 من قانون السلطة القضائية المصري: "تختص دوائر المواد المدنية والتجارية لمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأيٍّ من شؤونهم وذلك عدا النقل والندب؛ متى كان مبنى الطعن عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة إستعمال السلطة"أ.هـ علماً بأن المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكمها في 16/5/1982م بعدم دستورية هذا النص لما تضمنه من تحصين القرارات المتعلقة بالنقل والندب عن الطعن.
وفيما يلي أضع الباب المتعلق بقاضي التحقيق بكامله كما هو من قانون الإجراءات الجنائية المصري وفقاً لأحدث تعديلاته عام 2003م (وبالمناسبة هو القانون الذي نقله ربعنا بشكل شبه حرفي ليضعوا لنا نظام الإجراءات الجزائية الذي بين أيدينا من عام 1422هـ .. علماً بأن أصله المصري صدر بتوقيع الملك فاروق):
الباب الثالث
فى التحقيق بمعرفة قاضي التحقيق
الفصل الأول
فى تعيين قاضي التحقيق
مادة [64]
إذا رأت النيابة العامة فى مواد الجنايات أو الجنح أن تحقيق الدعوى بمعرفة قاضي التحقيق أكثر ملاءمة بالنظر إلى ظروفها الخاصة جاز لها فى أية حالة كانت عليها الدعوى أن تطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية ندب أحد قضاه المحكمة لمباشرة هذا التحقيق.
مادة [65]
لوزير العدل أن يطلب من محكمة الاستئناف ندب مستشار لتحقيق جريمة معينة أو جرائم من نوع معين ، ويكون الندب بقرار من الجمعية العامة ، وفى هذه الحالة يكون المستشار المندوب هو المختص دون غيره بإجراء التحقيق من وقت مباشرته العمل.
مادة [66](1) ملغاة
مادة [67]
لا يجوز لقاضي التحقيق مباشرة التحقيق فى جريمة معينة إلا بناء على طلب من النيابة العامة أو بناء على إحالتها إليه من الجهات الأخرى المنصوص عليها فى القانون.
مادة [68](2) ملغاة
الفصل الثاني
فى مباشرة التحقيق وفى دخول المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها فى التحقيق
مادة [69]
متى أحيلت الدعوى إلى قاضي التحقيق كان مختصاً دون غيره بتحقيقها.
مادة [70]
لقاضي التحقيق أن يكلف أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي القيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم ويكون للمندوب فى حدود ندبه كل السلطة التي لقاضي التحقيق.
وله إذا دعت الحال لاتخاذ إجراء من الإجراءات خارج دائرة اختصاصه أن يكلف به قاضي محكمة الجهة أو أحد أعضاء النيابة أو أحد مأموري الضبط القضائي بها.
وللقاضي المندوب أن يكلف لذلك عند الضرورة أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي طبقا للفقرة الأولي.
ويجب على قاضي التحقيق أن ينتقل بنفسه للقيام بهذا الإجراء كلما اقتضت مصلحة التحقيق ذلك.
مادة [71]
يجب على قاضي التحقيق فى جميع الأحوال التي يندب فيها غيره لإجراء بعض تحقيقات أن يبيد المسائل المطلوب تحقيقها والإجراءات المطلوب اتخاذها.
وللمندوب أن يجري أي عمل أخر من أعمال التحقيق ، أو أن يستجوب المتهم فى الأحوال التي يخشى فيها فوات الوقت متي كان متصلا بالعمل المندوب له ولازما فى كشف الحقيقة.
مادة [72]
يكون لقاضي التحقيق ما المحكمة من الاختصاصات فيما يتعلق بنظام الجلسة . ويجوز الطعن فى الأحكام التي يصدرها وفقا لما هو مقرر للطعن فى الأحكام الصادرة من القاضي الجزئي.
مادة [73]
يستصحب قاضي التحقيق فى جميع إجراءاته كاتباً من كتاب المحكمة يوقع معه المحاضر. وتحفظ هذه المحاضر مع الأوامر وباقي الأوراق فى قلم كتاب المحكمة.
مادة [74]
على رئيس المحكمة الإشراف على قيام القضاة الذين يندبون لتحقيق وقائع معينة بأعمالهم بالسرعة اللازمة وعلى مراعاتهم للمواعيد المقررة فى القانون.
مادة [75]
تعتبر إجراءات التحقيق ذاتها والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار ويجب على قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتل وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها ومن يخالف ذلك منهم يعاقب طبقا للمادة 310 من قانون العقوبات.
مادة [76]
لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يدعى بحقوق مدنية أثناء التحقيق فى الدعوى.
ويفصل قاضي التحقيق نهائياً فى قبوله بهذه الصفة فى التحقيق.
مادة [77]
للنيابة العامة وللمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية وللمسئول عنها ولوكلائهم أن يحضروا جميع إجراءات التحقيق ، ولقاضي التحقيق أن يجري التحقيق فى غيبتهم متى رأي ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة وبمجرد انتهاء تلك الضرورة يبيح لهم الإطلاع على التحقيق.
ومع ذلك فلقاضي التحقيق أن يباشر في حالة الاستعجال بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم ، ولهؤلاء الحق في الإطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات. وللخصوم الحق دائما فى استصحاب وكلائهم فى التحقيق.
مادة [78]
يخطر الخصوم باليوم الذي يباشر فيه القاضي إجراءات التحقيق وبمكانها.
مادة [79]
يجب على كل من المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها أن يعين له محلا فى البلدة الكائن فيها مركز المحكمة التي يجري فيها التحقيق إذ لم يكن مقيما فيها ، وإذا لم يفعل ذلك ، يكون إعلانه فى قلم الكتاب بكل ما يلزم إعلانه به صحيحا.
مادة [80 ]
للنيابة العامة الإطلاع فى أي وقت على الأوراق لتقف على ما جري فى التحقيق على ألا يترتب على ذلك تأخير السير فيه.
مادة [81 ]
للنيابة العامة وباقي الخصوم أن يقدموا إلى قاضي التحقيق الدفوع والطلبات التي يرون تقديمها أثناء التحقيق.
مادة [82 ]
بفصل قاضي التحقيق فى ظرف أربع وعشرين ساعة فى الدفوع والطلبات المقدمة إليه ، ويبين الأسباب التي يستند إليها.
مادة [83 ]
إذا لم تكن أوامر قاضي التحقيق صدرت فى مواجهة الخصوم تبلغ إلى النيابة العامة وعليها أن تعلنها لهم فى ظرف أربع وعشرين ساعة من تاريخ صدروها.
مادة [84 ]
للمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية وللمسئول عنها أن يطلبوا على نفقتهم أثناء التحقيق صورا من الأوراق أيا كان نوعها ، إلا إذا كان حاصلا بغير حضورهم بناء على قرار صادر بذلك) أ.هـ.
يقول د. شارع الغويري أستاذ القانون الجنائي المساعد بكلية الملك فهد الأمنية في كتابه (الضبطية الجنائية في المملكة العربية السعودية) ص 208، شرحاً للمادة (70) الآنفة: (... فما ينطبق على قضاء التحقيق كسلطة تحقيق ينطبق على النيابة العامة عندما تكون هي سلطة التحقيق – وهو الأصل في القانون المصري – وذلك بصريح نص القانون حيث نصت المادة (199) من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أنه فيما عدا الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها وفقاً لأحكام المادة (64) تباشر النيابة العامة التحقيق في مواد الجنح والجنايات طبقاً للأحكام المقررة لقاضي التحقيق...).
وعندما ثار الخلاف حول طبيعة الأمر الجنائي الصادر من وكيل النائب العام (وهو من أعضاء النيابة العامة) بتوقيع عقوبة ومدى مخالفته للمادة 66/2 من الدستور المصري التي ورد فيها أنه لا عقوبة إلا بحكم قضائي ، وطلب حينها وزير العدل من المحكمة الدستورية العليا التفسير ... أصدرت تلك المحكمة قرارها في 1/4/1978 في الطلب رقم 15 لسنة 8 انتهت فيه إلى أن الأمر الجنائي الصادر من وكيل النائب العام بتوقيع عقوبة في الأحوال التي ينص عليها القانون يدخل في مفهوم عبارة "حكم قضائي" الواردة في المادة 66/2 من الدستور... ومما أوردته في حكمها:
"ومن حيث إنه عن الأمر الثاني الخاص بكفالة ضمانات التقاضي في الأوامر الجنائية التي يصدرها وكيل النيابة ، فإن المادة 327 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمن صدر ضده الأمر الجنائي بتوقيع العقوبة من القاضي أو من وكيل النائب العام أن يعلن عدم قبوله بتقرير في قلم الكتاب خلال ثلاثة أيام من تاريخ إعلانه به، ورتبت على هذا التقرير سقوط الأمر واعتباره كأن لم يكن وتحديد جلسة تنظر فيها الدعوى أمام المحكمة، فإذا حضر الجلسة المحددة تنظر الدعوى في مواجهته وفقاً للإجراءات العادية. وللمحكمة أن تحكم في حدود العقوبة المقررة بعقوبة أشد من الغرامة التي قضى بها الأمر الجنائي (المادة 328 من قانون الإجراءات الجنائية). أما إذا لم يحضر تعود للأمر قوته ويصبح نهائياً واجب التنفيذ ــ ويستفاد من هذين النصين أن الشارع إذ أجاز لوكيل النائب العام إصدار الأمر الجنائي في الحالات المبينة في المادة 325 من قانون الإجراءات الجنائية لم يغفل ضمانات التقاضي في هذا الشأن إذ أجاز لمن صدر عليه الأمر أن يعترض عليه ورتب على هذا الاعتراض وجوب عرض الدعوى الجنائية من جديد على محكمة الدرجة الأولى لتفصل فيها بعد التحقيق النهائي الذي تجريه وبعد دعوة المتهم للحضور وسماع دفاعه. ومن حيث إن تحقيق هدف سرعة الفصل في القضايا الذي بلغ من الأهمية دعا الشارع إلى النص عليه في المادة 68 من الدستور التي تقضي بأن تكفل الدولة سرعة الفصل في القضايا، ثم هدف تخفيف العبء الذي ينوء به القضاة قد استوجب كلاهما أن يستحدث الشارع نظام الأوامر الجنائية للفصل في الدعاوى الجنائية البسيطة ونظام أوامر الأداء للفصل في الدعاوى المدنية والتجارية قليلة الأهمية وأن يعهد بالفصل فيها للقضاة ويشترك معهم وكلاء النيابة العامة في إصدار الأوامر الجنائية مع تحديد حد أقصى للغرامة التي يجوز توقيعها بهذه الأوامر وهو بالنسبة إلى القضاة أعلى منه بالنسبة إلى وكلاء النيابة، وقد سوى في إجراءات إصدار هذه الأوامر والاعتراض عليها ونظر الدعوى في حالة الاعتراض أمام المحكمة بالإجراءات العادية، وعلى الجملة في كافة الضمانات بين الأوامر التي تصدر من القضاة وتلك التي تصدر من وكلاء نيابة بعقوبة مالية بسيطة وخول المتهمين حق الاعتراض عليها وعندئذ يسقط الأمر الجنائي وتنظر الدعوى أمام المحكمة المختصة في مواجهتهم بالإجراءات العادية".أ.هـ
وقد انتقد فقهاء وقضاة هذا الحكم.. منهم د. أحمد فتحي سرور في كتابه: القانون الجنائي الدستوري ص 508، و د. فاروق عبدالبر نائب رئيس مجلس الدولة، في كتابه: دور المحكمة الدستورية المصرية في حماية الحقوق والحريات العامة ص 517 ، وقد أورد د. سرور ملحوظتين على الحكم، فقال:
(الثانية: أن نص المادة 325 مكررا من قانون الإجراءات الجنائية لا يتفق مع مبدأ (لا عقوبة بغير حكم قضائي) لأن الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة لا يعد بأية حالة من الأحوال حكماً قضائياً، لأنه يصدر من غير قاض، وتتوقف قوته على قبوله ممن صدر ضده بعدم الاعتراض عليه، وهو ما لا يتفق مع طبيعة الأحكام. والصفة القضائية في شخص القائم بالعمل هي ركن مفترض لإضفاء الصفة القضائية على هذا العمل. فالعمل القضائي بوجه عام لا بد لوجوده قانوناً أن يصدر من قاضٍ يباشر ولاية القضاء. فالقاضي هو شخص العمل القضائي. والنيابة العامة بوصفها جزءاً من السلطة القضائية، تتسم أعمالها بأنها صادرة من إحدى جهات القضاء ولكنها لا تتسم بطبيعة قضاء الحكم الدقيق. ومن ثم فإن اعتبار أعمال النيابة العامة ذات طبيعة قضائية لا يعني بالضرورة إسباغ صفة الحكم عليها، فليست كل أعمال السلطة القضائية أعمالاً فاصلة في النزاع).أ.هـ
كما خالف قسم التشريع بمجلس الدولة رأي المحكمة الدستورية، فحين عُرِضَ عليه مشروع قانون أعدته وزارة العدل بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بنظام الأوامر الجنائية، رأى قسم التشريع بكتابٍ له مؤرخ في 13 من يونيه سنة 1977 أن: (المشروع المعروض يتضمن تعديل المواد 323 و 324 و 325 مكرراً فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية ويستهدف التوسع في السلطة المخولة للقاضي الجزئي، ووكيل النيابة في إصدار الأوامر الجنائية. ولما كانت المادة 66 من الدستور تنص في فقرتها الثانية على أنه (... ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي ...)، ولما كان الأمر القضائي الصادر من وكيل النائب العام لا يمكن اعتباره حكما قضائياً لأنه صادر من غير قاض، أما الأمر الجنائي الصادر من القاضي الجزئي فيمكن اعتباره حكماً إذ أنه صادر من قاضٍ يفصل في خصومة وإن كان ذلك يتم بإجراءات موجزة مبسطة، لذلك فإن قسم التشريع قد انتهى بجلسته المعقودة بتاريخ 7/6/1997 ــ إلى عدم الموافقة على تعديل المادة 325 مكررا فقرة أولى بما يتضمن التوسع في السلطة المخولة لوكيل النائب العام في إصدار الأوامر الجنائية، ولا يرى مانعاً من الموافقة على تعديل المادتين 323 و 324 اللتين تتضمنان التوسع في سلطة القاضي الجزئي في إصدار الأوامر الجنائية).أ.هـ
والمقصود: أن الفرق بين القاضي والمحقق أمرٌ مقرر فقهاً وقضاءً ، ولا يمكن إنكاره أو تغطيته بتسمية المحقق بقاضي التحقيق...
في مصر مثلاً: القضاة في القضاء العام لا يصلون للقضاء إلا بعد مرورهم على وظائف النيابة العامة التي يعينون فيها بشرط بلوغهم عمر 21 سنة ثم متدرجين في الترقيات بدءاً من وكيل النيابة حتى منصب النائب العام مروراً الوكلاء والمساعدون والمعاونون ورؤوساء النيابة والمحامون العامون والمحامي العام الأول والنواب المساعدون، ويختار منهم مجلس القضاء ممن بلغ سن 30 سنة من يلتحق بالقضاء في المحاكم في الدرجات التي تقابل وظائفهم السابقة، وللقضاة بعد ذلك إذا ما رغبوا العودة مرة أخرى للنيابة العامة أن يتقدموا بطلب للمجلس ليصدر قراراً بذلك بناءً على صلاحيتهم وكفاءتهم لوظائف النيبابة العامة. وهناك تمارس النيابة العامة سلطتها عن طريق نيابات متخصصة ونيابات على مستوى محاكم الابتدائية والمحاكم الاستئنافية وأعضائها من درجة مساعد فما فوق غير قابلين للعزل ولهم حصانة قضائية، ويتبعون الكادر القضائي في درجات تقابل وتماثل درجات القضاة في المحاكم، بيد أنهم لا يعتبرون قضاة. وعند نقل بعضهم للقضاء يعين على درجة تعادل درجته السابقة.
في قطر نصت المادة (3) من قانون النيابة العامة : "يكون ترتيب أعضاء النيابة العامة كما يلي: 1-النائب العام. 2-محامي عام أول. 3-محامي عام. 4-رئيس نيابة أول. 5-رئيس نيابة. 6-وكيل نيابة أول. 7-وكيل نيابة. 8-وكيل نيابة مساعد" ونصت المادة (7) منه: "تتولى النيابة العامة سلطتي التحقيق والاتهام ومباشرة الدعوى، واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير المتعلقة بها ..." وبعد أن عددت المواد اللاحة لها شروط شغل هذه الوظائف، نصت المادة (14) منه: "يجوز أن يعين في وظائف النيابة العامة، الفئات التالية: 1-المستشارون بالمحاكم والقضاة والمساعدون القضائيون الحاليون والسابقون. 2-..."
في الكويت: صدر مرسوم بقانون رقم 14 لسنة 1977 في شأن درجات ومرتبات القضاة وأعضاء النيابة العامة-وإدارة الفتوى والتشريع وجاء في المادة (1) منه: "تكون درجات ومرتبات القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع طبقا للجدولين المرافقين لهذا القانون" وفي المادة (11) منه: "ينقل القضاة وأعضاء النيابة العامة الموجودون بالخدمة وقت العمل بهذا القانون إلى الدرجات الجديدة المعادلة لوظائفهم في جدولهم المرافق لهذا القانون مع احتفاظهم بأقدميتهم في هذه الدرجات، ويتقاضى كل منهم مرتب الدرجة الجديدة المنقول إليها مع العلاوات المقررة بحسب أقدميته أو المرتب الأساسي الذي يتقاضاه عند العمل بهذا القانون، أيهما أكبر.
وينقل بمرسوم أعضاء إدارة الفتوى والتشريع الموجودون بالخدمة وقت العمل بهذا القانون إلى الدرجات الجديدة المعادلة لوظائفهم في جدولهم المرافق لهذا لقانون وفقا للضوابط المبينة في الفقرة السابقة، أما من لا يصدر مرسوم بتعيينه منهم في تلك الدرجات فينقل إلى وظيفة أخرى لا تقل درجتها عن درجته، بالنسبة لوكء النيابة من الدرجة الثالثة والمحامين الموجودين بالخدمة عند العمل بهذا القانون، فينقل منهم بمرسوم من أمضى في الخدمة سنتين أو أكثر حتى تاريخ العمل بهذا القانون إلى درجة وكيل نيابة من الفئة ( ب ) أو محام من الفئة ( أ )، متى كانوا قد استوفوا شروط الترقية الأخرى. أما من لم يمض هذه المدة أو لم تتوافر فيه شروط الترقية فينقل إلى درجة وكيل نيابة من الفئة ( ج ) أو محام من الفئة ( ب )"
ومما سبق يتضح – بجلاء – أن ثمة تمايز بين وظيفة القضاء والنيابة العامة، وأن نصوص القوانين وإن وحدت بين الفئتين في بعض الحالات والإجراءات كإجراءات التعيين وشروطه والترقية والندب والحصانة والتأديب وغيرها وجعلت النيابة العامة جزءاً من السلطة القضائية إلاَّ أن ذلك لا يجعل القضاة وأعضاء النيابة العامة فئة واحدة ولا أنهم يمارسون وظيفة متماثلة ، فالوظيفة التي تقوم بها الفئتين وإن كانت قضائية إلا أن بينها إختلافاً كبيراً فسلطة البت والحكم تختلف عن سلطة التحقيق والاتهام. فالأولى هي القضاء لغة واصطلاحاً في جميع الدول هو شامل لجميع المنازعات سواءً كانت مدنية أو تجارية أو جناية أوإدارية أو غيرها وهو القضاء عينه كما قرره فقهاء الشريعة الإسلامية، بينما الثانية تتعلق بمباشرة وظيفتي التحقيق والاتهام في نوع محدد من القضاء وهو القضاء الجنائي، وهي مهمة مسندة في التنظيمات الحديثة لهيئة خاصة سواءً سميت (هيئة تحقيق وادعاء عام) أو (نيابة عامة) أو غيرها، وقد كانت قبل ذلك تباشرها السلطة التنفيذية ممثلة في الشرطة أو في تلك الهيئات والنيابات التي كانت تتبعها حين نشأتها أول مرة، وإنما لجأت التنظيمات والقوانين الحديثة لإلحاقها بالسلطة القضائية واعتبارها أعمالاً قضائية لخطورتها ومساسها بالحريات وتأثيرها على الأحكام الصادرة من المحاكم ، ولم يكن ذلك لاعتبارات تتعلق بكونها أعمالاً من صلب القضاء أو أنه يجب ممارستها من القاضي نفسه، أو أن القائم بها يعتبر قاضياً.
ومن جهة أخرى فإن القضاة متكافئون لا فرق بين صغيرهم وكبيرهم ولا بين من هم في أعلى السلم ومن هم في أسفله ولا بين رئيس ومرؤوس فالكل مستقل فيما يخص عمله ورأيه وتنزيل قضائه على الوقائع المعروضة، فرئيس الدائرة القضائية الذي يشغل درجة بأعلى السلم القضائي مساوٍ تماماً لزميله في الدائرة مصدرة الحكم ولو كان ملازماً قضائياً وليس لرأيه مزية وقوة تختلف عن بقية مشاركيه في الحكم، بل ليس لرئيس المحكمة ولا لرئيس المجلس ولا لأحد في السلطة القضائية مهما على منصبه أي قدرة رئاسية في التأثير على رأي وعقيدة من أصدر الحكم؛ وهذا المبدأ لا ينطبق من كل الوجوه على أعضاء هيئة التحقيق والإدعاء العام. فثمة تبعية رئاسية في النيابة العامة، بحسبان أن إجراءات الضبط القضائي وسلطتي التحقيق والاتهام تستهدف في الأساس تعقب المجرمين وتقديمهم للمحاكمة بعد القبض عليهم ومباشرة جميع الإجراءات النظامية بحقهم من تحقيق وتفتيش واستجواب ومواجهة واتهام، وتلك إجراءات أمنية تؤثر فيها المعلومات المتبادلة مع أجهزة الأمن الأخرى تبعاً للسياسة الأمنية ومؤدى ذلك اضمحلال استقلالية المرؤوس فيما يتعلق بما يجب عليه اتخاذه من أعمال وإجراءات وما يتوصل له من قناعات مقابل ما تتلقاه جهته الرئاسية من معلومات أمنية وتعاون مع السلطات التنفيذية الأخرى، مما يعني خضوع المحقق وافتقاره في بعض الأوقات لتوجيه وموافقة وقناعة من يعلوه في السلم الهرمي في سلطة التحقيق.
وعندئذٍ فإن المطالبة بوجود ضمانات الاستقلال والحيدة تكون للجهاز بوصفه كيان قضائي واحد ومستقل، وليس لأعضائه الذين يتبعون مرجعهم في الأعمال المناطة بهم. وهو ما يجعل وظيفة الحكم مباينة لوظيفة التحقيق، ويعزز في الوقت نفسه في رجال العدالة من قضاة نصبوا للفصل بين الخصومات ومحققين كلفوا بتهيأة القضية (تحقيقاً وادعاءً) كافة ضمانات الاستقلال والحيدة والبعد عن كل ريبة في استقامة إجراءاتهم وعدالة موازينهم.
متى تكون هيئة التحقيق والادعاء العام جزءاً من السلطة القضائية على الحقيقة:
كانت النيابة العامة فيما مضى من أجزاء السلطة التنفيذية، وفي هذا الصدد تقول محكمة القضاء الإداري في مصر القضية 1150 جلسة 17/11/1959م:
(إن التشريع المصري قد اعتبر النيابة العامة شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية خصتها القوانين بسلطة قضائية فيما يتعلق بالجرائم ورفع الدعوى العمومية على مرتكبيها، ومن ثم يتعين النظر في ماهية القرارات التي تصدرها لتمييز ما يعد منها عملاً قضائياً يخرج عن ولاية هذه المحكمة وما يعد عملاً إدارياً تمتد إليه ولايتها ...) وقد أكدت ذلك المحكمة الإدارية العليا بحكمها بتاريخ 7/3/1972م:
(إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن النيابة العامة هي في حقيقة الأمر شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية تجمع بين طرف من السلطة القضائية وآخر من السلطة الإدارية إذ خصتها القوانين بصفتها أمينة على الدعوى العمومية بأعمالٍ من صميم الأعمال القضائية وهي تلك التي تتصل بإجراءات التحقيق والاتهام كالقبض على المتهمين وحبسهم وتفتيش منازلهم ورفع الدعوى العمومية ومباشرتها أو حفظها إلى غير ذلك من الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية وغيره من القوانين، وهذه التصرفات تعد من الأعمال القضائية التي تخرج عن دائرة رقابة المشروعية التي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بمباشرتها على القرارات الإدارية. أما التصرفات الأخرى التي تباشرها النيابة العامة خارج نطاق هذه الأعمال القضائية فإنها تصدر عن النيابة العامة بصفتها سلطة إدارية، وتخضع تصرفاتها في هذا المجال لرقابة المشروعية التي للقضاء الإداري على القرارات الإدارية متى توافرت لها مقومات القرار الإداري بمعناه الاصطلاحي المقرر قانوناً).
وهذا المبدأ عدل عنه مجلس الدولة إلى تقرير دخول النيابة العامة كشعبه أصيلة من شعب السلطة القضائية.
أقول: ومهما يكن من أمر فإن مما أعتقده تمام الاعتقاد وهو ما ينادي به رجال القانون المصلحون الغيورون أن الهيئات القضائية التي تتشكل منها السلطة القضائية في أي دولة يجب أن تكون هيئات قضائية بالمعنى الحقيقي، أي هيئات تكون مهمتها الأصلية الفصل في المنازعة القضائية بأحكام حاسمة وملزمة وتهيئة ما يلزم لذلك الفصل من تحقيق واتهام مقرون بدليل ، وذلك لا يتحقق إلا حين تتوافر جميع ضمانات الاستقلالية بإنشاء هيئات قضائية مستقلة ومحايدة ومنبتة الصلة تماماً عن السلطة التنفيذية بحيث تغدو عضواً لا يتجزأ من السلطة القضائية لا مجرد فروع للسلطة التنفيذية وتابع من أتباعها ، ولا يكفي لإسباغ الصفة القضائية لأي هيئة الإتكاء على عضوية رئيسها في المجلس الأعلى للسلطة القضائية دون أن يكون هذا المجلس مهيمناً على كافة شؤون أعضاء تلك الهيئة ، كما لا يغني أيضاً النص على استقلالية أعضاء الهيئة في أعمالهم دون النص على استقلاليتهم في وظائفهم كتابعين للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أو لمجلس آخر خاص بهم يرتبط برئيس الدولة مباشرةً لا لمجلس خاص بهم تتحكم به السلطة التنفيذية (وزير الداخلية أو وزير العدل) ، وكل ما يقال عن تشابه النصوص الخاصة بتعيينهم وترقيتهم وتأديبهم ونحو ذلك بنصوص مقررة في نظام السلطة القضائية لا تجدي نفعاً طالما انقسمت شؤون أعضاء تلك السلطة من قضاة ومحققين على مجلسين أحدهما مستقل والآخر تهيمن عليه السلطة التنفيذية ولو على سبيل الإشراف. والقول بغير ذلك تنكر للحقيقة وغمطٌ سافر لوجهٍ مشرق من وجوه الإنصاف والحيدة.
لقد تضمن الفصل الثاني من الباب الثالث من قانون السلطة القضائية المصري في شأن تأديب أعضاء النيابة نصوصاً تنال – في رأيي – من استقلالية هذه الوظيفة، فنصت المادة 125: "أعضاء النيابة يتبعون رؤساء النيابة والنائب العام وهم جميعا يتبعون وزير العدل وللوزير حق الرقابة والإشراف على النيابة وأعضائها وللنائب العام حق الرقابة والإشراف على جكيع أعضاء النيابة وللمحامين العاملين بالمحاكم حق الرقابة والإشراف على أعضاء النيابة بمحاكمهم" وجاءت المادة 126: "لوزير العدل وللنائب العام أن يوجه تنبيها لأعضاء النيابة الذين يخلون بوجباتهم أخلالا بسيطا بعد سماع اقوال عضو النيابة ويكون التنبية سفاهة أو كتابة ولعضو النيابة أن يعرض على التنتبية الصادر إليه كتابة خلال أسبوع من تاريخ تبليغه إياه إلى اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 82لسنة 1969 في شان المجلس الأعلى للهيئات القضائية" ، وتضمنت المادة 127: "تاديبب أعضاء النيابة بجميع درجاتهم يكون من اختصاص مجلس التأديب المشار إليه في المادة 98 من هدا القانون" وعددت المادة 128: "العقوبات التأديبية التتى يحكم بها على أعضاء النيابة هي العقوبات ذاتها التي يجوز الحكم بها على القضاة"، كما نصت المادة 129 على أن: "يقيم النائب العام الدعوى التأديبية بناء على طلب وزير العدل وللوزير وللنائب العام أن يوقف عن العمل عضو النيابة...".
وإن كان وضع النيابة العامة في مصر تغير كثيراً فأصبحت أكثر استقلالية عن السلطة التنفيذية بحيث أصبح مجلس القضاء (المجلس الأعلى للهيئات القضائية) هو المهيمن على غالب شؤون أعضاء الهيئة لاسيما ما يتعلق بوظائفهم إلا أن التبعية لوزير العدل لازالت موجودة.
وبالرغم من أن نظام هيئة التحقيق والادعاء العام قد حوى نصوصاً مشابهة لتلك النصوص في القانون المصري. إلاَّ أنه طالما تفرد هذا النظام بنصٍ لا يوجد له نظير في قوانين النيابة العامة المقارنة وهو المتضمن تقرير استقلالية أعضائها وأنهم لا يخضعون إلا لأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية ولا يجوز التدخل في عملهم، فإنه بات من المُلح المطالبة بتفعيل تلك الاستقلالية بإلغاء كافة النصوص المتعارضة معها في نظام الهيئة ونظام الإجراءات الجزائية..
وحاصل ذلك كله: أن الهيئات القضائية ينبغي قصرها على الهيئات التي تفصل في القضايا وهي: القضاء العادي وتلحق به النيابة العامة كجزء لا يتجزأ منه، والقضاء الإداري، والمحكمة الدستورية في بعض الدول. على أنه ينبغي مراعاة أمور:
1ــ إبعاد أي نفوذ للسلطة التنفيذية كلية عن السلطة القضائية ورجالها، فلكي تكون لدينا هيئة تحقيق وإدعاء كجهة قضائية مستقلة يتعين أن تكون تابعة للقيادة القضائية تماماً كرجال القضاء، فلا يصح أن توضع تحت إشراف وزير الداخلية أووزير العدل، ولا أن يتدخل أيٌ منهما في اختيار رئيس الهيئة (النائب العام) ولا أعضاء مجلس إدارتها، أو مجلس التأديب أو يتفرد بإصدار قرار برفع الدعوى التأديبية على أعضائها، تماماً كالوضع في محاكم القضاء العادي والإداري حين لا يجعل النظام أي دور للسلطة التنفيذية في اختيار رؤساء المحاكم وأعضاء التفتيش وتشكيل الدوائر داخل المحاكم. ولا يكفي النص على استقلاليتها واستقلالية أعضائها دون أن تكون باقي نصوص تنظيمها متناغمة مع هذا الاستقلال ومؤكدةً له على النحو السالف بيانه.
2- أن الصفة القضائية للعمل تختلف عن الصفة القضائية للهيئة التي تباشر هذا العمل وبالطبع تختلف عن صفة الموظفين الذين يمثلون هذه الهيئة ، فقد يكون العمل في نفسه ذا طبيعة قضائية ويقدم من خلال جهة لا تتصف بمقومات وسمات الهيئة القضائية لاختلال شرط من الشروط اللازمة للحكم بقيام سلطة قضائية ومن أهم تلك الشروط الاستقلالية ، وهذه الاستقلالية لا تتوفر بمجرد وجود نص يشير بأن هذا العمل عمل قضائي وأن من يؤديه مستقل عن أي تدخل.
3- عدم الخلط بين الوظائف القضائية فتلك الوظائف وإن كانت تستهدف القيام بأعمال قضائية إلاّ أن وظيفة الحكم، تختلف اختلافاً جذرياً عن وظيفة التحقيق أو الاتهام. فمن يباشر الأولى قضاة، ومن يباشر الثانية محققون.
وبالله التوفيق
لا فوض فوك , ومن هنـا أدعوا د. نـاصر لتعديل مسمى المنتدى بحذف قضـاء التحقيق والاقتصـار على أعضاء هيئة التحقيق .
كل شيء صار عندنا قضاء , قاضي تحقيق , قاضي توثيق , أخاف بكرة يصير قاضي شرطي , وقاضي مهندس , وقاضي فراش !!!
قاضي المظالم
17-08-2011, 03:35 PM
هل يصح إطلاق لفظ قاضي تحقيق على عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بالمملكة العربية السعودية
أخي الكريم ..
طرح مسألة تسمية المحقق بقاضي التحقيق في هذا الموضوع لم يكن سببها التنظيم ، فالنظام الموجود بين أيدينا ليس فيه هذه التسمية ، والقادم غيب لا نعلمه ولا يمكن البناء عليه لأنه معدوم ، أساس النقاش يعود إلى طبيعة العمل .. فبعض الإخوة الذين أدلوا برأيهم هنا يرون أن مجرد اتصال عمل المحقق بالعمل القضائي وتبعيته للسلطة القضائية - بحكم الأصل - يجعله حقيقاً باسم (قاضي التحقيق) .. وطالما كان الأمر كذلك فقد ناقشت في تعقيبي طبيعة هذه الوظيفة وتسمية القائمين بها في القوانين المقارنة وفي الفقه القانوني .. وجواب سؤالك كامن فيما نقلته من كلام الدكتور: أحمد فتحي سرور ، ورأي قسم التشريع بمجلس الدولة .. إضافةً للأسباب الموجودة في ثنايا المشاركة .. ولعلكم تتفضلون بتأملها .. ولا يمكن اختصار الحقيقة الفقهية بنص نظامي نغلق بعده التفكير ..
قاضي المظالم
17-08-2011, 03:40 PM
لا فوض فوك , ومن هنـا أدعوا د. نـاصر لتعديل مسمى المنتدى بحذف قضـاء التحقيق والاقتصـار على أعضاء هيئة التحقيق .
كل شيء صار عندنا قضاء , قاضي تحقيق , قاضي توثيق , أخاف بكرة يصير قاضي شرطي , وقاضي مهندس , وقاضي فراش !!!
ولا فض فوك فضيلة الشيخ ..
وربما قاضي الضبط وقاضي الخبرة وقاضي المواعيد وقاضي تحضير الخصوم ووو ... ألا تراهم يقومون بأعمال تتصل بالقضاء لاسيما ردع المجرمين وإحضارهم "وتكفيتهم أمام القاضي" ..
ابن عبدالرحمن
17-08-2011, 05:20 PM
لا فوض فوك , ومن هنـا أدعوا د. نـاصر لتعديل مسمى المنتدى بحذف قضـاء التحقيق والاقتصـار على أعضاء هيئة التحقيق .
كل شيء صار عندنا قضاء , قاضي تحقيق , قاضي توثيق , أخاف بكرة يصير قاضي شرطي , وقاضي مهندس , وقاضي فراش !!!
هذا الجهاز يقف سدا منيعا ضد المجرمين والمفسدين والإرهابيين فلا أدري من اين تولد بغض بعض الناس له والله المستعان لاتهمنا كلمة قاض لكن بعض المشاركين في مشاركاتهم تعرفهم بلحن القول
ابن عبدالرحمن
17-08-2011, 05:21 PM
أخي الكريم ..
طرح مسألة تسمية المحقق بقاضي التحقيق في هذا الموضوع لم يكن سببها التنظيم ، فالنظام الموجود بين أيدينا ليس فيه هذه التسمية ، والقادم غيب لا نعلمه ولا يمكن البناء عليه لأنه معدوم ، أساس النقاش يعود إلى طبيعة العمل .. فبعض الإخوة الذين أدلوا برأيهم هنا يرون أن مجرد اتصال عمل المحقق بالعمل القضائي وتبعيته للسلطة القضائية - بحكم الأصل - يجعله حقيقاً باسم (قاضي التحقيق) .. وطالما كان الأمر كذلك فقد ناقشت في تعقيبي طبيعة هذه الوظيفة وتسمية القائمين بها في القوانين المقارنة وفي الفقه القانوني .. وجواب سؤالك كامن فيما نقلته من كلام الدكتور: أحمد فتحي سرور ، ورأي قسم التشريع بمجلس الدولة .. إضافةً للأسباب الموجودة في ثنايا المشاركة .. ولعلكم تتفضلون بتأملها .. ولا يمكن اختصار الحقيقة الفقهية بنص نظامي نغلق بعده التفكير ..
فضيلة قاضي المظالم وفقه الله
أولا / طرح المسألة كان بسبب مداخلة فضيلة الدكتور ناصر المشاركة رقم 7 حينما قال بأنهم سيسمون قضاة في المستقبل
ثانيا بارك الله فيك وسددك
تأملت ما ذكره د أحمد فتحي سرور لكن لم أعارضه لكي تدعوني لتأمله فكلام الدكتور يؤكد على أن طبيعة عمل الهيئة قضائي ولكنها لا تتسم بطبيعة قضاء الحكم الدقيق. وانظر الدقة في عبارته (الحكم الدقييييق)يقول الدكتور ومن ثم فإن اعتبار أعمال النيابة العامة ذات طبيعة قضائية لا يعني بالضرورة إسباغ صفة الحكم عليها، فليست كل ( الجمله هنا لها مفهوم مخالفة) أعمال السلطة القضائية أعمالاً فاصلة في النزاع قلت وهذا يتفق تماما مع تسمية المحقق قاضي تحقيق فليس قاض باطلاق وإنما قاض بمرحلة التحقيق بمعنى الشخص الذي يمارس عملا قضائيا وله صلاحيات قضائية في مرحلة التحقيق دون غيرها مع أن الفرق بين القاضي والمحقق أمر مقرر فقها ونظاما وبينما تمايز لكن لا يوجد مايمنع هذه التسميه فقها أو نظاما فهي تسمية تبين الواقع الفعلي لعمل المحقق وأنه قضائي هذا كل ما في الأمر فلماذا الضجيج
ثالثا / ليس صحيحا أن التحقيق ليس من مهام القاضي بل هو أهم مهمات القاضي في حال فرض عدم وجود جهة تحقيق إذ كيف يميز بين الحق والباطل
شكرا لك لمرورك هنا ولمشاركاتك عموما في المنتدى
د. ناصر بن زيد بن داود
17-08-2011, 06:08 PM
إخوتي الفضلاء :
لتعلموا أن هذا هو رأيي في الموضوع ، وقد كتبت عنه منذ ست سنين موضوعاً بعنوان :
(( قضاء التحقيق وقضاء التنفيذ )) ، وهو على هذا الرابط :
http://www.cojss.com/article.php?a=12 (http://www.cojss.com/article.php?a=12)
- لست أرى ما يدعو إلى النفرة من تلك التسمية ، فلا مشاحة في الاصطلاح ، وقد سبقت الدول المغاربية إلى اعتماد قضاء التحقيق نوعاً من أنواع القضاء ، وهم ألصق من غيرهم من الدول العربية بعصر ازدهار القضاء الإسلامي المتميز في بلاد الأندلس .
- لن يفوت على قضاة النظر العدلي والإداري أي شيء بانضمام إخوة لهم في الهم الحقوقي إلى رحابهم ، فإن أبوا فليلتفتوا إلى من يسمون من شريحة كبيرة من الناس بـ ( قضاة الملاعب ) ، ممن بلغت أجور من يستعان بهم من الخارج للعمل ساعة ونصف ما يعادل أجر قاضٍ سنة كاملة .
- لا أرى لكم التهييج في هذا الأمر ، ولا استجرار عتب وغضب إخواننا وزملائنا قضاة التحقيق ، فلن يزيدهم اللقب شرفاً ، ولن ينقصهم فقده . والله المستعان
ابوحافظ
17-08-2011, 07:06 PM
إخوتي الفضلاء :
لتعلموا أن هذا هو رأيي في الموضوع ، وقد كتبت عنه منذ ست سنين موضوعاً بعنوان :
(( قضاء التحقيق وقضاء التنفيذ )) ، وهو على هذا الرابط :
http://www.cojss.com/article.php?a=12 (http://www.cojss.com/article.php?a=12)
- لست أرى ما يدعو إلى النفرة من تلك التسمية ، فلا مشاحة في الاصطلاح ، وقد سبقت الدول المغاربية إلى اعتماد قضاء التحقيق نوعاً من أنواع القضاء ، وهم ألصق من غيرهم من الدول العربية بعصر ازدهار القضاء الإسلامي المتميز في بلاد الأندلس .
- لن يفوت على قضاة النظر العدلي والإداري أي شيء بانضمام إخوة لهم في الهم الحقوقي إلى رحابهم ، فإن أبوا فليلتفتوا إلى من يسمون من شريحة كبيرة من الناس بـ ( قضاة الملاعب ) ، ممن بلغت أجور من يستعان بهم من الخارج للعمل ساعة ونصف ما يعادل أجر قاضٍ سنة كاملة .
- لا أرى لكم التهييج في هذا الأمر ، ولا استجرار عتب وغضب إخواننا وزملائنا قضاة التحقيق ، فلن يزيدهم اللقب شرفاً ، ولن ينقصهم فقده . والله المستعان
بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم
قاضي(التحقيق)
17-08-2011, 08:15 PM
إخوتي الفضلاء :
لتعلموا أن هذا هو رأيي في الموضوع ، وقد كتبت عنه منذ ست سنين موضوعاً بعنوان :
(( قضاء التحقيق وقضاء التنفيذ )) ، وهو على هذا الرابط :
http://www.cojss.com/article.php?a=12 (http://www.cojss.com/article.php?a=12)
- لست أرى ما يدعو إلى النفرة من تلك التسمية ، فلا مشاحة في الاصطلاح ، وقد سبقت الدول المغاربية إلى اعتماد قضاء التحقيق نوعاً من أنواع القضاء ، وهم ألصق من غيرهم من الدول العربية بعصر ازدهار القضاء الإسلامي المتميز في بلاد الأندلس .
- لن يفوت على قضاة النظر العدلي والإداري أي شيء بانضمام إخوة لهم في الهم الحقوقي إلى رحابهم ، فإن أبوا فليلتفتوا إلى من يسمون من شريحة كبيرة من الناس بـ ( قضاة الملاعب ) ، ممن بلغت أجور من يستعان بهم من الخارج للعمل ساعة ونصف ما يعادل أجر قاضٍ سنة كاملة .
- لا أرى لكم التهييج في هذا الأمر ، ولا استجرار عتب وغضب إخواننا وزملائنا قضاة التحقيق ، فلن يزيدهم اللقب شرفاً ، ولن ينقصهم فقده . والله المستعان
الشيخ الدكتور..في الحقيقة أننا نفتقد بيننا لغة الحوار الهادف .. فقد غاب عنا هذا المفهوم الذي هو ركيزة من ركائز ديننا الحنيف ( وجادلهم بالتي هى أحسن...) (ولوكنت فظا غليظ....) وأنت.. أنت المثال الذي يجسد روح الحوار والطرح المتزن...إخواني أعضاء هذا المنتدى ..نحن هنا لنتناقش ... نحن هنا لنتحاور ... نحن هنا لنطرح الآراء .. لكن بالحكمة ..والعقل ..والرويه ... والخطاب الذي تعلوه قاعدة(رأي صواب يحتمل الخطأ..ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب)رسالتي للجميع /أعتقد أن الشريحة العظمى من رواد هذا المنتدى هم الشريحة المتميزة في المجتمع..بل أعتقد أنهم صفوة المجتمع ... فلم لا نجعل حوارنا هو صفوة الحوار .....!!!
سيادة القانون
17-08-2011, 10:40 PM
المحقق (عضو الهيئة أو عضو النيابة العامة في الدول الأخرى) لا يطلق عليه قاضي تحقيق أبداً .. هناك خلط في الأمور .. من يطلق عليه قاضي تحقيق هو القاضي المنتدب من هيئة المحكمة لإجراء التحقيق .. فهو قاضي من ضمن قضاة المحكمة تكلفه الأخيرة بإجراء التحقيق، وهنا تكون المحكمة نفسها سلطة التحقيق والقاضي المنتدب له هو قاضي التحقيق، ويكون ذلك عندما لا تقتنع المحكمة بالتحقيق الذي أجرته النيابة العامة أو ترى الأخيرة أهمية إجراء التحقيق من قبل قاضٍ من المحكمة، ومعلوم أن للمحكمة سلطة واسعة حيال قرار الاتهام وما ورد فيه؛ فلها قبوله والأخذ بما فيه بعد مناقشته وسماع الدفوع حياله ولها أن تغير التكييف الجنائي أو ما يسمى بالوصف الجرمي الصادر عن النيابة العامة تجاه الوقائع المنسوبة للمتهم، فلها على سبيل المثال تعديل التكييف من جناية لجنحة ومن تزوير محرر إلى حيازة محرر مزور، ولها أيضاً أن تطرح التحقيق الذي أجرته النيابة العامة وأن تنتدب من قضاتها من يقوم به تحت إشرافها وهنا نكون بصدد من يسمى بقاضي التحقيق.. أما إطلاق قاضي التحقيق على المحقق أو عضو الهيئة أو عضو النيابة العامة ولو كان النائب العام نفسه فلم يرد أبداً في أي من القوانين المقارنة، ولم يقل به أحد من فقهاء القانون الجنائي المعتبرين ... نعم هناك قوانين في بعض الدول تنص على إشغال وظائف النيابة العامة بقضاة (كقانون السلطة القضائية في الأردن) ولكنهم في الأصل قضاة في المحاكم وينتقلون منها لتُشغل بهم وظائف في النيابة العامة ويباشرون بحكم هذا الإشغال وظيفتي التحقيق والإدعاء .. ليس لأن هذه الوظائف قضائية بطبيعتها .. فجميع القوانين تمايز في نصوصها بين لفظتي (القضاة) و (أعضاء النيابة العامة) فلا يطلق على عضو النيابة العامة قاضي تحقيق وإن كان يؤدي عملاً قضائياً بجانب أعمال أخرى تعد أعمال إدارية .. لأنه من المعلوم أن النيابة العامة تباشر أعمالاً قضائية كالقبض والتفتيش والتوقيف والاستجواب وتباشر أعمالاً أخرى إدارية وتعتبر بعضها قرارات إدارية بالمعنى الحرفي كالتفتيش على السجون وإصدار قرارات بشأن التركات التي لا وارث لها وقرارات للمحافظة على الأموال العامة والخاصة وغير ذلك .. والأعمال القضائية التي يمارسها المحقق لا تجعله قاضياً .. فالقضاة هم أعضاء في هيئة المحاكم فحسب. ولذلك هناك تمايز واضح في تلك الدول بين عبارة (رجال القضاء أو القضاة) الذين يستمدون سلطة وولاية الحكم من الولاية الأصلية لرئيس الدولة ، و(رجال أو أعضاء النيابة العامة) الذين يستمدون من رئيس الدولة كذلك ولاية وسلطة أخرى مغايرة لها هي سلطة التحقيق والاتهام باعتبارهم نواب ولي الأمر على الدعوى العامة التي هي حق للمجتمع لا يمكن حمايته والمطالبة به من جميع أفراده بل من نائبٍ عنهم هو عضو النيابة العامة ... وهذا مما لا جدال فيه. وانظر التفرقة في التسمية بنص الفقرة الأولى من المادة 83 من قانون السلطة القضائية المصري: "تختص دوائر المواد المدنية والتجارية لمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأيٍّ من شؤونهم وذلك عدا النقل والندب؛ متى كان مبنى الطعن عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة إستعمال السلطة"أ.هـ علماً بأن المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكمها في 16/5/1982م بعدم دستورية هذا النص لما تضمنه من تحصين القرارات المتعلقة بالنقل والندب عن الطعن.
وفيما يلي أضع الباب المتعلق بقاضي التحقيق بكامله كما هو من قانون الإجراءات الجنائية المصري وفقاً لأحدث تعديلاته عام 2003م (وبالمناسبة هو القانون الذي نقله ربعنا بشكل شبه حرفي ليضعوا لنا نظام الإجراءات الجزائية الذي بين أيدينا من عام 1422هـ .. علماً بأن أصله المصري صدر بتوقيع الملك فاروق):
الباب الثالث
فى التحقيق بمعرفة قاضي التحقيق
الفصل الأول
فى تعيين قاضي التحقيق
مادة [64]
إذا رأت النيابة العامة فى مواد الجنايات أو الجنح أن تحقيق الدعوى بمعرفة قاضي التحقيق أكثر ملاءمة بالنظر إلى ظروفها الخاصة جاز لها فى أية حالة كانت عليها الدعوى أن تطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية ندب أحد قضاه المحكمة لمباشرة هذا التحقيق.
مادة [65]
لوزير العدل أن يطلب من محكمة الاستئناف ندب مستشار لتحقيق جريمة معينة أو جرائم من نوع معين ، ويكون الندب بقرار من الجمعية العامة ، وفى هذه الحالة يكون المستشار المندوب هو المختص دون غيره بإجراء التحقيق من وقت مباشرته العمل.
مادة [66](1) ملغاة
مادة [67]
لا يجوز لقاضي التحقيق مباشرة التحقيق فى جريمة معينة إلا بناء على طلب من النيابة العامة أو بناء على إحالتها إليه من الجهات الأخرى المنصوص عليها فى القانون.
مادة [68](2) ملغاة
الفصل الثاني
فى مباشرة التحقيق وفى دخول المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها فى التحقيق
مادة [69]
متى أحيلت الدعوى إلى قاضي التحقيق كان مختصاً دون غيره بتحقيقها.
مادة [70]
لقاضي التحقيق أن يكلف أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي القيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم ويكون للمندوب فى حدود ندبه كل السلطة التي لقاضي التحقيق.
وله إذا دعت الحال لاتخاذ إجراء من الإجراءات خارج دائرة اختصاصه أن يكلف به قاضي محكمة الجهة أو أحد أعضاء النيابة أو أحد مأموري الضبط القضائي بها.
وللقاضي المندوب أن يكلف لذلك عند الضرورة أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي طبقا للفقرة الأولي.
ويجب على قاضي التحقيق أن ينتقل بنفسه للقيام بهذا الإجراء كلما اقتضت مصلحة التحقيق ذلك.
مادة [71]
يجب على قاضي التحقيق فى جميع الأحوال التي يندب فيها غيره لإجراء بعض تحقيقات أن يبيد المسائل المطلوب تحقيقها والإجراءات المطلوب اتخاذها.
وللمندوب أن يجري أي عمل أخر من أعمال التحقيق ، أو أن يستجوب المتهم فى الأحوال التي يخشى فيها فوات الوقت متي كان متصلا بالعمل المندوب له ولازما فى كشف الحقيقة.
مادة [72]
يكون لقاضي التحقيق ما المحكمة من الاختصاصات فيما يتعلق بنظام الجلسة . ويجوز الطعن فى الأحكام التي يصدرها وفقا لما هو مقرر للطعن فى الأحكام الصادرة من القاضي الجزئي.
مادة [73]
يستصحب قاضي التحقيق فى جميع إجراءاته كاتباً من كتاب المحكمة يوقع معه المحاضر. وتحفظ هذه المحاضر مع الأوامر وباقي الأوراق فى قلم كتاب المحكمة.
مادة [74]
على رئيس المحكمة الإشراف على قيام القضاة الذين يندبون لتحقيق وقائع معينة بأعمالهم بالسرعة اللازمة وعلى مراعاتهم للمواعيد المقررة فى القانون.
مادة [75]
تعتبر إجراءات التحقيق ذاتها والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار ويجب على قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتل وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها ومن يخالف ذلك منهم يعاقب طبقا للمادة 310 من قانون العقوبات.
مادة [76]
لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يدعى بحقوق مدنية أثناء التحقيق فى الدعوى.
ويفصل قاضي التحقيق نهائياً فى قبوله بهذه الصفة فى التحقيق.
مادة [77]
للنيابة العامة وللمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية وللمسئول عنها ولوكلائهم أن يحضروا جميع إجراءات التحقيق ، ولقاضي التحقيق أن يجري التحقيق فى غيبتهم متى رأي ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة وبمجرد انتهاء تلك الضرورة يبيح لهم الإطلاع على التحقيق.
ومع ذلك فلقاضي التحقيق أن يباشر في حالة الاستعجال بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم ، ولهؤلاء الحق في الإطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات. وللخصوم الحق دائما فى استصحاب وكلائهم فى التحقيق.
مادة [78]
يخطر الخصوم باليوم الذي يباشر فيه القاضي إجراءات التحقيق وبمكانها.
مادة [79]
يجب على كل من المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها أن يعين له محلا فى البلدة الكائن فيها مركز المحكمة التي يجري فيها التحقيق إذ لم يكن مقيما فيها ، وإذا لم يفعل ذلك ، يكون إعلانه فى قلم الكتاب بكل ما يلزم إعلانه به صحيحا.
مادة [80 ]
للنيابة العامة الإطلاع فى أي وقت على الأوراق لتقف على ما جري فى التحقيق على ألا يترتب على ذلك تأخير السير فيه.
مادة [81 ]
للنيابة العامة وباقي الخصوم أن يقدموا إلى قاضي التحقيق الدفوع والطلبات التي يرون تقديمها أثناء التحقيق.
مادة [82 ]
بفصل قاضي التحقيق فى ظرف أربع وعشرين ساعة فى الدفوع والطلبات المقدمة إليه ، ويبين الأسباب التي يستند إليها.
مادة [83 ]
إذا لم تكن أوامر قاضي التحقيق صدرت فى مواجهة الخصوم تبلغ إلى النيابة العامة وعليها أن تعلنها لهم فى ظرف أربع وعشرين ساعة من تاريخ صدروها.
مادة [84 ]
للمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية وللمسئول عنها أن يطلبوا على نفقتهم أثناء التحقيق صورا من الأوراق أيا كان نوعها ، إلا إذا كان حاصلا بغير حضورهم بناء على قرار صادر بذلك) أ.هـ.
يقول د. شارع الغويري أستاذ القانون الجنائي المساعد بكلية الملك فهد الأمنية في كتابه (الضبطية الجنائية في المملكة العربية السعودية) ص 208، شرحاً للمادة (70) الآنفة: (... فما ينطبق على قضاء التحقيق كسلطة تحقيق ينطبق على النيابة العامة عندما تكون هي سلطة التحقيق – وهو الأصل في القانون المصري – وذلك بصريح نص القانون حيث نصت المادة (199) من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أنه فيما عدا الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها وفقاً لأحكام المادة (64) تباشر النيابة العامة التحقيق في مواد الجنح والجنايات طبقاً للأحكام المقررة لقاضي التحقيق...).
وعندما ثار الخلاف حول طبيعة الأمر الجنائي الصادر من وكيل النائب العام (وهو من أعضاء النيابة العامة) بتوقيع عقوبة ومدى مخالفته للمادة 66/2 من الدستور المصري التي ورد فيها أنه لا عقوبة إلا بحكم قضائي ، وطلب حينها وزير العدل من المحكمة الدستورية العليا التفسير ... أصدرت تلك المحكمة قرارها في 1/4/1978 في الطلب رقم 15 لسنة 8 انتهت فيه إلى أن الأمر الجنائي الصادر من وكيل النائب العام بتوقيع عقوبة في الأحوال التي ينص عليها القانون يدخل في مفهوم عبارة "حكم قضائي" الواردة في المادة 66/2 من الدستور... ومما أوردته في حكمها:
"ومن حيث إنه عن الأمر الثاني الخاص بكفالة ضمانات التقاضي في الأوامر الجنائية التي يصدرها وكيل النيابة ، فإن المادة 327 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمن صدر ضده الأمر الجنائي بتوقيع العقوبة من القاضي أو من وكيل النائب العام أن يعلن عدم قبوله بتقرير في قلم الكتاب خلال ثلاثة أيام من تاريخ إعلانه به، ورتبت على هذا التقرير سقوط الأمر واعتباره كأن لم يكن وتحديد جلسة تنظر فيها الدعوى أمام المحكمة، فإذا حضر الجلسة المحددة تنظر الدعوى في مواجهته وفقاً للإجراءات العادية. وللمحكمة أن تحكم في حدود العقوبة المقررة بعقوبة أشد من الغرامة التي قضى بها الأمر الجنائي (المادة 328 من قانون الإجراءات الجنائية). أما إذا لم يحضر تعود للأمر قوته ويصبح نهائياً واجب التنفيذ ــ ويستفاد من هذين النصين أن الشارع إذ أجاز لوكيل النائب العام إصدار الأمر الجنائي في الحالات المبينة في المادة 325 من قانون الإجراءات الجنائية لم يغفل ضمانات التقاضي في هذا الشأن إذ أجاز لمن صدر عليه الأمر أن يعترض عليه ورتب على هذا الاعتراض وجوب عرض الدعوى الجنائية من جديد على محكمة الدرجة الأولى لتفصل فيها بعد التحقيق النهائي الذي تجريه وبعد دعوة المتهم للحضور وسماع دفاعه. ومن حيث إن تحقيق هدف سرعة الفصل في القضايا الذي بلغ من الأهمية دعا الشارع إلى النص عليه في المادة 68 من الدستور التي تقضي بأن تكفل الدولة سرعة الفصل في القضايا، ثم هدف تخفيف العبء الذي ينوء به القضاة قد استوجب كلاهما أن يستحدث الشارع نظام الأوامر الجنائية للفصل في الدعاوى الجنائية البسيطة ونظام أوامر الأداء للفصل في الدعاوى المدنية والتجارية قليلة الأهمية وأن يعهد بالفصل فيها للقضاة ويشترك معهم وكلاء النيابة العامة في إصدار الأوامر الجنائية مع تحديد حد أقصى للغرامة التي يجوز توقيعها بهذه الأوامر وهو بالنسبة إلى القضاة أعلى منه بالنسبة إلى وكلاء النيابة، وقد سوى في إجراءات إصدار هذه الأوامر والاعتراض عليها ونظر الدعوى في حالة الاعتراض أمام المحكمة بالإجراءات العادية، وعلى الجملة في كافة الضمانات بين الأوامر التي تصدر من القضاة وتلك التي تصدر من وكلاء نيابة بعقوبة مالية بسيطة وخول المتهمين حق الاعتراض عليها وعندئذ يسقط الأمر الجنائي وتنظر الدعوى أمام المحكمة المختصة في مواجهتهم بالإجراءات العادية".أ.هـ
وقد انتقد فقهاء وقضاة هذا الحكم.. منهم د. أحمد فتحي سرور في كتابه: القانون الجنائي الدستوري ص 508، و د. فاروق عبدالبر نائب رئيس مجلس الدولة، في كتابه: دور المحكمة الدستورية المصرية في حماية الحقوق والحريات العامة ص 517 ، وقد أورد د. سرور ملحوظتين على الحكم، فقال:
(الثانية: أن نص المادة 325 مكررا من قانون الإجراءات الجنائية لا يتفق مع مبدأ (لا عقوبة بغير حكم قضائي) لأن الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة لا يعد بأية حالة من الأحوال حكماً قضائياً، لأنه يصدر من غير قاض، وتتوقف قوته على قبوله ممن صدر ضده بعدم الاعتراض عليه، وهو ما لا يتفق مع طبيعة الأحكام. والصفة القضائية في شخص القائم بالعمل هي ركن مفترض لإضفاء الصفة القضائية على هذا العمل. فالعمل القضائي بوجه عام لا بد لوجوده قانوناً أن يصدر من قاضٍ يباشر ولاية القضاء. فالقاضي هو شخص العمل القضائي. والنيابة العامة بوصفها جزءاً من السلطة القضائية، تتسم أعمالها بأنها صادرة من إحدى جهات القضاء ولكنها لا تتسم بطبيعة قضاء الحكم الدقيق. ومن ثم فإن اعتبار أعمال النيابة العامة ذات طبيعة قضائية لا يعني بالضرورة إسباغ صفة الحكم عليها، فليست كل أعمال السلطة القضائية أعمالاً فاصلة في النزاع).أ.هـ
كما خالف قسم التشريع بمجلس الدولة رأي المحكمة الدستورية، فحين عُرِضَ عليه مشروع قانون أعدته وزارة العدل بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بنظام الأوامر الجنائية، رأى قسم التشريع بكتابٍ له مؤرخ في 13 من يونيه سنة 1977 أن: (المشروع المعروض يتضمن تعديل المواد 323 و 324 و 325 مكرراً فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية ويستهدف التوسع في السلطة المخولة للقاضي الجزئي، ووكيل النيابة في إصدار الأوامر الجنائية. ولما كانت المادة 66 من الدستور تنص في فقرتها الثانية على أنه (... ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي ...)، ولما كان الأمر القضائي الصادر من وكيل النائب العام لا يمكن اعتباره حكما قضائياً لأنه صادر من غير قاض، أما الأمر الجنائي الصادر من القاضي الجزئي فيمكن اعتباره حكماً إذ أنه صادر من قاضٍ يفصل في خصومة وإن كان ذلك يتم بإجراءات موجزة مبسطة، لذلك فإن قسم التشريع قد انتهى بجلسته المعقودة بتاريخ 7/6/1997 ــ إلى عدم الموافقة على تعديل المادة 325 مكررا فقرة أولى بما يتضمن التوسع في السلطة المخولة لوكيل النائب العام في إصدار الأوامر الجنائية، ولا يرى مانعاً من الموافقة على تعديل المادتين 323 و 324 اللتين تتضمنان التوسع في سلطة القاضي الجزئي في إصدار الأوامر الجنائية).أ.هـ
والمقصود: أن الفرق بين القاضي والمحقق أمرٌ مقرر فقهاً وقضاءً ، ولا يمكن إنكاره أو تغطيته بتسمية المحقق بقاضي التحقيق...
في مصر مثلاً: القضاة في القضاء العام لا يصلون للقضاء إلا بعد مرورهم على وظائف النيابة العامة التي يعينون فيها بشرط بلوغهم عمر 21 سنة ثم متدرجين في الترقيات بدءاً من وكيل النيابة حتى منصب النائب العام مروراً الوكلاء والمساعدون والمعاونون ورؤوساء النيابة والمحامون العامون والمحامي العام الأول والنواب المساعدون، ويختار منهم مجلس القضاء ممن بلغ سن 30 سنة من يلتحق بالقضاء في المحاكم في الدرجات التي تقابل وظائفهم السابقة، وللقضاة بعد ذلك إذا ما رغبوا العودة مرة أخرى للنيابة العامة أن يتقدموا بطلب للمجلس ليصدر قراراً بذلك بناءً على صلاحيتهم وكفاءتهم لوظائف النيبابة العامة. وهناك تمارس النيابة العامة سلطتها عن طريق نيابات متخصصة ونيابات على مستوى محاكم الابتدائية والمحاكم الاستئنافية وأعضائها من درجة مساعد فما فوق غير قابلين للعزل ولهم حصانة قضائية، ويتبعون الكادر القضائي في درجات تقابل وتماثل درجات القضاة في المحاكم، بيد أنهم لا يعتبرون قضاة. وعند نقل بعضهم للقضاء يعين على درجة تعادل درجته السابقة.
في قطر نصت المادة (3) من قانون النيابة العامة : "يكون ترتيب أعضاء النيابة العامة كما يلي: 1-النائب العام. 2-محامي عام أول. 3-محامي عام. 4-رئيس نيابة أول. 5-رئيس نيابة. 6-وكيل نيابة أول. 7-وكيل نيابة. 8-وكيل نيابة مساعد" ونصت المادة (7) منه: "تتولى النيابة العامة سلطتي التحقيق والاتهام ومباشرة الدعوى، واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير المتعلقة بها ..." وبعد أن عددت المواد اللاحة لها شروط شغل هذه الوظائف، نصت المادة (14) منه: "يجوز أن يعين في وظائف النيابة العامة، الفئات التالية: 1-المستشارون بالمحاكم والقضاة والمساعدون القضائيون الحاليون والسابقون. 2-..."
في الكويت: صدر مرسوم بقانون رقم 14 لسنة 1977 في شأن درجات ومرتبات القضاة وأعضاء النيابة العامة-وإدارة الفتوى والتشريع وجاء في المادة (1) منه: "تكون درجات ومرتبات القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع طبقا للجدولين المرافقين لهذا القانون" وفي المادة (11) منه: "ينقل القضاة وأعضاء النيابة العامة الموجودون بالخدمة وقت العمل بهذا القانون إلى الدرجات الجديدة المعادلة لوظائفهم في جدولهم المرافق لهذا القانون مع احتفاظهم بأقدميتهم في هذه الدرجات، ويتقاضى كل منهم مرتب الدرجة الجديدة المنقول إليها مع العلاوات المقررة بحسب أقدميته أو المرتب الأساسي الذي يتقاضاه عند العمل بهذا القانون، أيهما أكبر.
وينقل بمرسوم أعضاء إدارة الفتوى والتشريع الموجودون بالخدمة وقت العمل بهذا القانون إلى الدرجات الجديدة المعادلة لوظائفهم في جدولهم المرافق لهذا لقانون وفقا للضوابط المبينة في الفقرة السابقة، أما من لا يصدر مرسوم بتعيينه منهم في تلك الدرجات فينقل إلى وظيفة أخرى لا تقل درجتها عن درجته، بالنسبة لوكء النيابة من الدرجة الثالثة والمحامين الموجودين بالخدمة عند العمل بهذا القانون، فينقل منهم بمرسوم من أمضى في الخدمة سنتين أو أكثر حتى تاريخ العمل بهذا القانون إلى درجة وكيل نيابة من الفئة ( ب ) أو محام من الفئة ( أ )، متى كانوا قد استوفوا شروط الترقية الأخرى. أما من لم يمض هذه المدة أو لم تتوافر فيه شروط الترقية فينقل إلى درجة وكيل نيابة من الفئة ( ج ) أو محام من الفئة ( ب )"
ومما سبق يتضح – بجلاء – أن ثمة تمايز بين وظيفة القضاء والنيابة العامة، وأن نصوص القوانين وإن وحدت بين الفئتين في بعض الحالات والإجراءات كإجراءات التعيين وشروطه والترقية والندب والحصانة والتأديب وغيرها وجعلت النيابة العامة جزءاً من السلطة القضائية إلاَّ أن ذلك لا يجعل القضاة وأعضاء النيابة العامة فئة واحدة ولا أنهم يمارسون وظيفة متماثلة ، فالوظيفة التي تقوم بها الفئتين وإن كانت قضائية إلا أن بينها إختلافاً كبيراً فسلطة البت والحكم تختلف عن سلطة التحقيق والاتهام. فالأولى هي القضاء لغة واصطلاحاً في جميع الدول هو شامل لجميع المنازعات سواءً كانت مدنية أو تجارية أو جناية أوإدارية أو غيرها وهو القضاء عينه كما قرره فقهاء الشريعة الإسلامية، بينما الثانية تتعلق بمباشرة وظيفتي التحقيق والاتهام في نوع محدد من القضاء وهو القضاء الجنائي، وهي مهمة مسندة في التنظيمات الحديثة لهيئة خاصة سواءً سميت (هيئة تحقيق وادعاء عام) أو (نيابة عامة) أو غيرها، وقد كانت قبل ذلك تباشرها السلطة التنفيذية ممثلة في الشرطة أو في تلك الهيئات والنيابات التي كانت تتبعها حين نشأتها أول مرة، وإنما لجأت التنظيمات والقوانين الحديثة لإلحاقها بالسلطة القضائية واعتبارها أعمالاً قضائية لخطورتها ومساسها بالحريات وتأثيرها على الأحكام الصادرة من المحاكم ، ولم يكن ذلك لاعتبارات تتعلق بكونها أعمالاً من صلب القضاء أو أنه يجب ممارستها من القاضي نفسه، أو أن القائم بها يعتبر قاضياً.
ومن جهة أخرى فإن القضاة متكافئون لا فرق بين صغيرهم وكبيرهم ولا بين من هم في أعلى السلم ومن هم في أسفله ولا بين رئيس ومرؤوس فالكل مستقل فيما يخص عمله ورأيه وتنزيل قضائه على الوقائع المعروضة، فرئيس الدائرة القضائية الذي يشغل درجة بأعلى السلم القضائي مساوٍ تماماً لزميله في الدائرة مصدرة الحكم ولو كان ملازماً قضائياً وليس لرأيه مزية وقوة تختلف عن بقية مشاركيه في الحكم، بل ليس لرئيس المحكمة ولا لرئيس المجلس ولا لأحد في السلطة القضائية مهما على منصبه أي قدرة رئاسية في التأثير على رأي وعقيدة من أصدر الحكم؛ وهذا المبدأ لا ينطبق من كل الوجوه على أعضاء هيئة التحقيق والإدعاء العام. فثمة تبعية رئاسية في النيابة العامة، بحسبان أن إجراءات الضبط القضائي وسلطتي التحقيق والاتهام تستهدف في الأساس تعقب المجرمين وتقديمهم للمحاكمة بعد القبض عليهم ومباشرة جميع الإجراءات النظامية بحقهم من تحقيق وتفتيش واستجواب ومواجهة واتهام، وتلك إجراءات أمنية تؤثر فيها المعلومات المتبادلة مع أجهزة الأمن الأخرى تبعاً للسياسة الأمنية ومؤدى ذلك اضمحلال استقلالية المرؤوس فيما يتعلق بما يجب عليه اتخاذه من أعمال وإجراءات وما يتوصل له من قناعات مقابل ما تتلقاه جهته الرئاسية من معلومات أمنية وتعاون مع السلطات التنفيذية الأخرى، مما يعني خضوع المحقق وافتقاره في بعض الأوقات لتوجيه وموافقة وقناعة من يعلوه في السلم الهرمي في سلطة التحقيق.
وعندئذٍ فإن المطالبة بوجود ضمانات الاستقلال والحيدة تكون للجهاز بوصفه كيان قضائي واحد ومستقل، وليس لأعضائه الذين يتبعون مرجعهم في الأعمال المناطة بهم. وهو ما يجعل وظيفة الحكم مباينة لوظيفة التحقيق، ويعزز في الوقت نفسه في رجال العدالة من قضاة نصبوا للفصل بين الخصومات ومحققين كلفوا بتهيأة القضية (تحقيقاً وادعاءً) كافة ضمانات الاستقلال والحيدة والبعد عن كل ريبة في استقامة إجراءاتهم وعدالة موازينهم.
متى تكون هيئة التحقيق والادعاء العام جزءاً من السلطة القضائية على الحقيقة:
كانت النيابة العامة فيما مضى من أجزاء السلطة التنفيذية، وفي هذا الصدد تقول محكمة القضاء الإداري في مصر القضية 1150 جلسة 17/11/1959م:
(إن التشريع المصري قد اعتبر النيابة العامة شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية خصتها القوانين بسلطة قضائية فيما يتعلق بالجرائم ورفع الدعوى العمومية على مرتكبيها، ومن ثم يتعين النظر في ماهية القرارات التي تصدرها لتمييز ما يعد منها عملاً قضائياً يخرج عن ولاية هذه المحكمة وما يعد عملاً إدارياً تمتد إليه ولايتها ...) وقد أكدت ذلك المحكمة الإدارية العليا بحكمها بتاريخ 7/3/1972م:
(إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن النيابة العامة هي في حقيقة الأمر شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية تجمع بين طرف من السلطة القضائية وآخر من السلطة الإدارية إذ خصتها القوانين بصفتها أمينة على الدعوى العمومية بأعمالٍ من صميم الأعمال القضائية وهي تلك التي تتصل بإجراءات التحقيق والاتهام كالقبض على المتهمين وحبسهم وتفتيش منازلهم ورفع الدعوى العمومية ومباشرتها أو حفظها إلى غير ذلك من الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية وغيره من القوانين، وهذه التصرفات تعد من الأعمال القضائية التي تخرج عن دائرة رقابة المشروعية التي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بمباشرتها على القرارات الإدارية. أما التصرفات الأخرى التي تباشرها النيابة العامة خارج نطاق هذه الأعمال القضائية فإنها تصدر عن النيابة العامة بصفتها سلطة إدارية، وتخضع تصرفاتها في هذا المجال لرقابة المشروعية التي للقضاء الإداري على القرارات الإدارية متى توافرت لها مقومات القرار الإداري بمعناه الاصطلاحي المقرر قانوناً).
وهذا المبدأ عدل عنه مجلس الدولة إلى تقرير دخول النيابة العامة كشعبه أصيلة من شعب السلطة القضائية.
أقول: ومهما يكن من أمر فإن مما أعتقده تمام الاعتقاد وهو ما ينادي به رجال القانون المصلحون الغيورون أن الهيئات القضائية التي تتشكل منها السلطة القضائية في أي دولة يجب أن تكون هيئات قضائية بالمعنى الحقيقي، أي هيئات تكون مهمتها الأصلية الفصل في المنازعة القضائية بأحكام حاسمة وملزمة وتهيئة ما يلزم لذلك الفصل من تحقيق واتهام مقرون بدليل ، وذلك لا يتحقق إلا حين تتوافر جميع ضمانات الاستقلالية بإنشاء هيئات قضائية مستقلة ومحايدة ومنبتة الصلة تماماً عن السلطة التنفيذية بحيث تغدو عضواً لا يتجزأ من السلطة القضائية لا مجرد فروع للسلطة التنفيذية وتابع من أتباعها ، ولا يكفي لإسباغ الصفة القضائية لأي هيئة الإتكاء على عضوية رئيسها في المجلس الأعلى للسلطة القضائية دون أن يكون هذا المجلس مهيمناً على كافة شؤون أعضاء تلك الهيئة ، كما لا يغني أيضاً النص على استقلالية أعضاء الهيئة في أعمالهم دون النص على استقلاليتهم في وظائفهم كتابعين للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أو لمجلس آخر خاص بهم يرتبط برئيس الدولة مباشرةً لا لمجلس خاص بهم تتحكم به السلطة التنفيذية (وزير الداخلية أو وزير العدل) ، وكل ما يقال عن تشابه النصوص الخاصة بتعيينهم وترقيتهم وتأديبهم ونحو ذلك بنصوص مقررة في نظام السلطة القضائية لا تجدي نفعاً طالما انقسمت شؤون أعضاء تلك السلطة من قضاة ومحققين على مجلسين أحدهما مستقل والآخر تهيمن عليه السلطة التنفيذية ولو على سبيل الإشراف. والقول بغير ذلك تنكر للحقيقة وغمطٌ سافر لوجهٍ مشرق من وجوه الإنصاف والحيدة.
لقد تضمن الفصل الثاني من الباب الثالث من قانون السلطة القضائية المصري في شأن تأديب أعضاء النيابة نصوصاً تنال – في رأيي – من استقلالية هذه الوظيفة، فنصت المادة 125: "أعضاء النيابة يتبعون رؤساء النيابة والنائب العام وهم جميعا يتبعون وزير العدل وللوزير حق الرقابة والإشراف على النيابة وأعضائها وللنائب العام حق الرقابة والإشراف على جكيع أعضاء النيابة وللمحامين العاملين بالمحاكم حق الرقابة والإشراف على أعضاء النيابة بمحاكمهم" وجاءت المادة 126: "لوزير العدل وللنائب العام أن يوجه تنبيها لأعضاء النيابة الذين يخلون بوجباتهم أخلالا بسيطا بعد سماع اقوال عضو النيابة ويكون التنبية سفاهة أو كتابة ولعضو النيابة أن يعرض على التنتبية الصادر إليه كتابة خلال أسبوع من تاريخ تبليغه إياه إلى اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 82لسنة 1969 في شان المجلس الأعلى للهيئات القضائية" ، وتضمنت المادة 127: "تاديبب أعضاء النيابة بجميع درجاتهم يكون من اختصاص مجلس التأديب المشار إليه في المادة 98 من هدا القانون" وعددت المادة 128: "العقوبات التأديبية التتى يحكم بها على أعضاء النيابة هي العقوبات ذاتها التي يجوز الحكم بها على القضاة"، كما نصت المادة 129 على أن: "يقيم النائب العام الدعوى التأديبية بناء على طلب وزير العدل وللوزير وللنائب العام أن يوقف عن العمل عضو النيابة...".
وإن كان وضع النيابة العامة في مصر تغير كثيراً فأصبحت أكثر استقلالية عن السلطة التنفيذية بحيث أصبح مجلس القضاء (المجلس الأعلى للهيئات القضائية) هو المهيمن على غالب شؤون أعضاء الهيئة لاسيما ما يتعلق بوظائفهم إلا أن التبعية لوزير العدل لازالت موجودة.
وبالرغم من أن نظام هيئة التحقيق والادعاء العام قد حوى نصوصاً مشابهة لتلك النصوص في القانون المصري. إلاَّ أنه طالما تفرد هذا النظام بنصٍ لا يوجد له نظير في قوانين النيابة العامة المقارنة وهو المتضمن تقرير استقلالية أعضائها وأنهم لا يخضعون إلا لأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية ولا يجوز التدخل في عملهم، فإنه بات من المُلح المطالبة بتفعيل تلك الاستقلالية بإلغاء كافة النصوص المتعارضة معها في نظام الهيئة ونظام الإجراءات الجزائية..
وحاصل ذلك كله: أن الهيئات القضائية ينبغي قصرها على الهيئات التي تفصل في القضايا وهي: القضاء العادي وتلحق به النيابة العامة كجزء لا يتجزأ منه، والقضاء الإداري، والمحكمة الدستورية في بعض الدول. على أنه ينبغي مراعاة أمور:
1ــ إبعاد أي نفوذ للسلطة التنفيذية كلية عن السلطة القضائية ورجالها، فلكي تكون لدينا هيئة تحقيق وإدعاء كجهة قضائية مستقلة يتعين أن تكون تابعة للقيادة القضائية تماماً كرجال القضاء، فلا يصح أن توضع تحت إشراف وزير الداخلية أووزير العدل، ولا أن يتدخل أيٌ منهما في اختيار رئيس الهيئة (النائب العام) ولا أعضاء مجلس إدارتها، أو مجلس التأديب أو يتفرد بإصدار قرار برفع الدعوى التأديبية على أعضائها، تماماً كالوضع في محاكم القضاء العادي والإداري حين لا يجعل النظام أي دور للسلطة التنفيذية في اختيار رؤساء المحاكم وأعضاء التفتيش وتشكيل الدوائر داخل المحاكم. ولا يكفي النص على استقلاليتها واستقلالية أعضائها دون أن تكون باقي نصوص تنظيمها متناغمة مع هذا الاستقلال ومؤكدةً له على النحو السالف بيانه.
2- أن الصفة القضائية للعمل تختلف عن الصفة القضائية للهيئة التي تباشر هذا العمل وبالطبع تختلف عن صفة الموظفين الذين يمثلون هذه الهيئة ، فقد يكون العمل في نفسه ذا طبيعة قضائية ويقدم من خلال جهة لا تتصف بمقومات وسمات الهيئة القضائية لاختلال شرط من الشروط اللازمة للحكم بقيام سلطة قضائية ومن أهم تلك الشروط الاستقلالية ، وهذه الاستقلالية لا تتوفر بمجرد وجود نص يشير بأن هذا العمل عمل قضائي وأن من يؤديه مستقل عن أي تدخل.
3- عدم الخلط بين الوظائف القضائية فتلك الوظائف وإن كانت تستهدف القيام بأعمال قضائية إلاّ أن وظيفة الحكم، تختلف اختلافاً جذرياً عن وظيفة التحقيق أو الاتهام. فمن يباشر الأولى قضاة، ومن يباشر الثانية محققون.
وبالله التوفيق
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ قاضي المظالم على هذا المبحث الأكثر من رائع وأتفق معك جملة وتفصيلاً ..وعرف اصاحبنا يقبل جميع المسميات فتلحظ المحقق قاضي تحقيق ، وخريج الشريعة "مستشار قانوني" وخريج القانون "مستشار شرعي" وفني الأشعة "ممرض" والصيدلي "طبيب" وكله لا مشاحة في الإصطلاح.! وسع صدرك..مشيها تمشي .!
الله يسلمك يا أخي
والجواب عما طرحته من تساؤل من وجهة نظري والتي تحتمل الصواب والخطأ أن من حق المتهم أن يرفع دعوى التعويض في المحكمة الإدارية على السجن(وزارة الداخلية) لإيقافه دون مستند نظامي فأمر المحقق لإيقافه أكثر من خمسة أيام ليس من صلاحيته وبالتالي وجود أمر الإيقاف كعدمه ولا يمكن لمأمور السجن أن يتمسك بأمر غير نظامي فهو مفرط ويتحمل تبعة تفريطه والمحقق لن يسلم من المساءلة التأديبية وفقا لما نص عليه نظام الهيئة والله أعلم
سرني إثراء هذا الموضــوع بالحوار والنقاش .. واسأل الله أن ينفع به
أخي الكريم .. تحمل إدارة السجن ( وزارة الداخلية ) للمسؤلية له وجاهته ، لكن للأسف .. دائماً ماتدفع بأنها جهة تنفيذية للأمر الصادر من المحقق ، وأنها لم تنشئ المركز القانوني الذي حول المتهم من حالة الحرية الى حالة السجن ، فلذلك لاتتحمل أي مسؤلية ..
للأسف أن القضــاء الإداري يأخذ بمثل هذا الدفع ويحكم بموجبه !! ووقفت على أحكــام من المحكمة الإدارية مؤيدة من الإستئناف في قضايا مشابهة تخلي مسؤلية الجهات التنفيذية عند تنفيذ مايصدر من الهيئة أو المحققين من أوامــر ..
وعند الأخذ بالقول الذي يرى أن أعمال الهيئة تندرج ضمن الأعمال القضائية ، فلن يكون للقضــاء الإداري ولاية للنظر في دعاوى التعويض ضد الهيئة ..
ومــادام أن الدعــوى العامة لم يتم تحريكها فلن يكون للمحكمة الجزائية ولاية في نظر الدعــوى ضد الهيئة ..
في حين أن نظــام الإجراءات الجزائية نص صراحة في المادة (217) على أن كل ( من أصابه ضرر نتيجة اتهامه كيداً، أو نتيجة إطالة مدة سجنه أو توقيفه أكثر من المدة المقررة الحق في طلب التعويض )
فمن هي الجهـــــة المختصة في نظـــر دعواه ؟؟؟؟
لاتزال الرؤيـــة غامضة حتى الآن ،
ابوحافظ
17-08-2011, 11:04 PM
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ قاضي المظالم على هذا المبحث الأكثر من رائع وأتفق معك جملة وتفصيلاً ..وعرف اصاحبنا يقبل جميع المسميات فتلحظ المحقق قاضي تحقيق ، وخريج الشريعة "مستشار قانوني" وخريج القانون "مستشار شرعي" وفني الأشعة "ممرض" والصيدلي "طبيب" وكله لا مشاحة في الإصطلاح.! وسع صدرك..مشيها تمشي .!
أخي العزيز مع احترامي لرأيكم الا أن فيه تجهيل للطرف الآخر ،كما أود التوضيح أن للحوار والنقاش قواعد وآداب أنقلها لكم باختصار:
الكلمة الطيبة صدقه والنقاش الناجح كان .. وما زال شارة كل فرد متميز واسع الأفق .. محب للرأي الآخر .. ففي النقاش تلتقي الآراء وتتفاعل في جو صحي تحوطه محاولة الوصول إلى الأصوب والأنفع ومن ثم لم تعد القضية رأي من نقف عنده بقدر ما أصبحت أي رأي أمثل تهتدي إليه .
*إذا أردنا أن ننمي هذه القيمة ونزكي أصولها سواء على مستوانا الفردي والجماعي فلا بد من وجود قدر من التربيه على بعض المنطلقات التي تزيد من نقاط الاتفاق وتقلل بقدر الإمكان من مساحة الأختلاف.
* وعلى من يرغب في إقامة نقاش ناجح لا بد وأن يدرك أن الاختلاف بين الناس في رؤيتهم وحكمهم على الأشياء قضية طبيعية وأن قيمة المرئ في أنه يختلف عن غيره أيضاً قضية طبيعية ويؤدي هذا الاختلاف إلى التكامل بعد ذلك .
*كما أن المناقش لا بد وأن يكون هدفه الوصول إلى الرأي الأمثل وليس الأنتصار لرأية ولذلك قال بعض اسلافنا (( ما ناظرت احداً إلا وودت أن يأتي الحق على لسانه)).
*وينبغي أن يحسن المرء.. ولا يناقش في قضية لا يعلم ابعادها وإلا كان هذا النقاش جدلاً وهوى ولا يسمن ولا يغني من جوع .
*كما ينبغى على المناقش أن يكون لديه الاستعداد للتنازل عن رأيه فالرجوع للحق فضيلة يحمد عليها .
*كما ينبغي مراعاة أدب النقاش ومنطلقاته من ضرورة توفير كل طرف من أطراف النقاش لصاحبه وأن يتسم كل منهما بالموضوعية والأتزان في عرض الرأي .
* وضروري أن ينتقد المناقش الفكرة المطروحه لا شخصية قائلها لأن المناقش إذا تعدى نقد الفكره إلى نقد الشخص جعل المناقشة في موقف الدفاع عن نفسة ولو بالباطل ونقد الفكره مسألة طبيعية فكثير من الأفكار تقوي ويشتد عودها بعد مرحلة من الأخذ والرد وتكامل وجهات النظر من كل طرف.
* أما نقد الشخص فهي مسألة غير أخلاقيه لأنك هنا تحطم خلية النحل في محاولتك ان تجني العسل.
* ثم لا بد وأن يكسب من يناقشة ولا يتعمد كسب المواقف على حساب أصحابها وينبغي أن يكون مستقراً في حسه أن كسب القلوب مقدم على كسب المواقف وإعطاء محدثك قدرة كأن تناديه بكنيته أو أحب الاسماء إليه وإذا كان صاحب لقب علمياً فلا بد وأن تناديه به وأن تدع للايام والأحداث وقتها في اقتناع محدثك برأيك فكم من الأراء لم يوافق عليها الآخرون أو قبلوها بغير قناعة ثم أثبتت الأيام صحتها .
* تذكر أن الناس ليسوا طرازاً واحدا .. فتفاوت عقولهم وأفكارهم ومستويات افكارهم ومستويات ثقافتهم والأدله التي تصلح لـ(س) من الناس قد لا تصلح لـ(ع) وطريقة المناقشة والمناقشة التي يتقبلها هذا ربما لا يتقبلها ذلك.. والمناقش الفطن يعرف متى يناقش وبالتالي يعرف الطريقة التي ينبغى له ان يناقشه بها
وفي الختام السيادة للشريعة الاسلامية وليس للقانون الوضعي.
*كما أن المناقش لا بد وأن يكون هدفه الوصول إلى الرأي الأمثل وليس الأنتصار لرأية ولذلك قال بعض اسلافنا (( ما ناظرت احداً إلا وودت أن يأتي الحق على لسانه)).
.
كـــلام جميل .. لافض فــــوك ..
ابن عبدالرحمن
17-08-2011, 11:32 PM
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ قاضي المظالم على هذا المبحث الأكثر من رائع وأتفق معك جملة وتفصيلاً ..وعرف اصاحبنا يقبل جميع المسميات فتلحظ المحقق قاضي تحقيق ، وخريج الشريعة "مستشار قانوني" وخريج القانون "مستشار شرعي" وفني الأشعة "ممرض" والصيدلي "طبيب" وكله لا مشاحة في الإصطلاح.! وسع صدرك..مشيها تمشي .!
تشارك من أجل أن تخبرنا بموافقتك جملة وتفصيلا هذا أقوى دليل عندك ثم تأتي بمسميات وظفية يعين عليها أشخاص في غير تخصصهم مالرابط بين مسألتنا وهذه أو أن الحق أبلج والباطل لجلج
لعلنا نترك المراء في هذه المسألة لوجه الله
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
سعادة الأخ محام وفقه الله لعل تساؤلك يجيب عنه فضيلة قاضي المظالم او اي شخص يعمل قاضيا بالديوان افتح للموضوع صفحة مستقلة لأني دفع السجن في غير محله ولايقبل هذا رأيي والله أعلم
قاضي تحقيق
17-08-2011, 11:50 PM
إخوتي الفضلاء :
لتعلموا أن هذا هو رأيي في الموضوع ، وقد كتبت عنه منذ ست سنين موضوعاً بعنوان :
(( قضاء التحقيق وقضاء التنفيذ )) ، وهو على هذا الرابط :
http://www.cojss.com/article.php?a=12 (http://www.cojss.com/article.php?a=12)
- لست أرى ما يدعو إلى النفرة من تلك التسمية ، فلا مشاحة في الاصطلاح ، وقد سبقت الدول المغاربية إلى اعتماد قضاء التحقيق نوعاً من أنواع القضاء ، وهم ألصق من غيرهم من الدول العربية بعصر ازدهار القضاء الإسلامي المتميز في بلاد الأندلس .
- لن يفوت على قضاة النظر العدلي والإداري أي شيء بانضمام إخوة لهم في الهم الحقوقي إلى رحابهم ، فإن أبوا فليلتفتوا إلى من يسمون من شريحة كبيرة من الناس بـ ( قضاة الملاعب ) ، ممن بلغت أجور من يستعان بهم من الخارج للعمل ساعة ونصف ما يعادل أجر قاضٍ سنة كاملة .
- لا أرى لكم التهييج في هذا الأمر ، ولا استجرار عتب وغضب إخواننا وزملائنا قضاة التحقيق ، فلن يزيدهم اللقب شرفاً ، ولن ينقصهم فقده . والله المستعان
لا فض فوك فضيلة شيخنا الفاضل ، وللأسف فمن خلال مزاملتي في العمل لكثير من القضاة (كمدعٍ عام) ، وجدت أن كثيرا منهم لا يستطيع النظر في أي قضية جنائة ليس فيها تلك الأوراق الخضراء أو الجديدة الصفراء (أوراق الهيئة) ، بل أخشى أن بعضهم غضب كون أوراق الهيئة صار لونها قريب من لون القرارات الشرعية !
نحن نعمل لله أولا ثم لخدمة هذه البلاد المباركة ، وأجهزة الدولة ليست مؤسسات خاصة نملكها ونحتكر مسمياتها حتى صارت عبارة قاضي ماركة عالمية وعلامة تجارية .
سيادة القانون
18-08-2011, 01:39 AM
أخي العزيز مع احترامي لرأيكم الا أن فيه تجهيل للطرف الآخر :
.
أحسن الله إليك لا أرى في ما ذكرته تجهيلاً لأحد من العالمين وليس في كلمة "مشيها تمشي" علاقة في ما ذكرته فرحاها يدور حول " لا تدقق" والخطاب كان لفضيلة قاضي المظالم بمعنى يافضيلة قاضي المظالم : لا تدقق ! الجماعة يريدون عضو هيئة التحقيق والادعاء العام " قاضياً" فليكنّ ذلك إن أرادو هم على أن يكون ذلك تحت بند " لا مشاحة في الإصطلاح" أما أن يقال عضو الهيئة هو قاضي تحقيق وفق الاصطلاح العلمي الذي يدرس في كليات الحقوق فهذا والله غير صحيح ولا نسلم به بل الجدال حوله مضيعة للوقت ..وحتى تتضح الصورة لك النقاش حوله كالنقاش حول الأصول لا الفروع بين فرقتين يدعون الحقيقة بينما هم في الأصول مختلفين .! لا شك جدال بيزنطي يستحيل معه الاقناع والأقتناع ولنا في مناظرات المستقلة حول ذلك أعظم العبرّ .! فنحن نأتي لكم من كتب أنتم لا تعترفون بها ولا تؤمن بصدق فحواها بينما هذه المسميات والإصطلاحات ماجاءت الا منها ومع ذلك تجادلون من أجل الجدال فقط وفي النهاية نحن المتهمون بتجهيلكم ونحن من يفتقد أدب الحوار والنقاش .! الله يسامحك ورمضان كريم.!
أ:
ا
وفي الختام السيادة للشريعة الاسلامية وليس للقانون الوضعي.
إذا أثبت لي أن الشريعة الإسلامية بمنزلة (الند) للقانون الوضعي حتى نبحث في مسألة السيادة من عدمها ..أقسم بالله أطلب تغيير المعرف .!
ولكنني أعلم بأنك -كمن سبقك- (مع الاحترام ) إلى هذا القول لا تفرق بين :
1- القانون والشريعة الإسلامية
2- ولا بين القانون والفقه الإسلامي
3- ولا بين الشريعة الإسلامية وبين الفقه الإسلامي
وأعلم مسبقاً في نهاية الحديث سوف ندخل في دهاليز .."لا مشاحة في الإصطلاح".!!
ابن عبدالرحمن
18-08-2011, 02:23 AM
أحسن الله إليك لا أرى في ما ذكرته تجهيلاً لأحد من العالمين وليس في كلمة "مشيها تمشي" علاقة في ما ذكرته فرحاها يدور حول " لا تدقق" والخطاب كان لفضيلة قاضي المظالم بمعنى يافضيلة قاضي المظالم : لا تدقق ! الجماعة يريدون عضو هيئة التحقيق والادعاء العام " قاضياً" فليكنّ ذلك إن أرادو هم على أن يكون ذلك تحت بند " لا مشاحة في الإصطلاح" أما أن يقال عضو الهيئة هو قاضي تحقيق وفق الاصطلاح العلمي الذي يدرس في كليات الحقوق فهذا والله غير صحيح ولا نسلم به بل الجدال حوله مضيعة للوقت ..وحتى تتضح الصورة لك النقاش حوله كالنقاش حول الأصول لا الفروع بين فرقتين يدعون الحقيقة بينما هم في الأصول مختلفين .! لا شك جدال بيزنطي يستحيل معه الاقناع والأقتناع ولنا في مناظرات المستقلة حول ذلك أعظم العبرّ .! فنحن نأتي لكم من كتب أنتم لا تعترفون بها ولا تؤمن بصدق فحواها بينما هذه المسميات والإصطلاحات ماجاءت الا منها ومع ذلك تجادلون من أجل الجدال فقط وفي النهاية نحن المتهمون بتجهيلكم ونحن من يفتقد أدب الحوار والنقاش .! الله يسامحك ورمضان كريم.!
القانون لم يتعلمه إلا شخص واحد هو من لقب نفسه بسيادة القانون أما بقية من على وجه الأرض فهم يتكلمون فيما لا يعلمون ولا يقرون كتب القانون ولا يعترفون بفحواها
يا أخي ينقل لنا فضيلة قاضي المظالم ما يفيد أن المسألة صالحة لئن تكون محل نقاش وتأتي أنت تقول أنها قولا واحدا والنقاش فيها مضيعة للوقت ثم تتمسكن وتدعي أن الناس يجهلونك نطالبكم بنفي صحة التسمية وتشطحون ذات اليمين وذات الشمال وتأتون بأدله في حقيقتها مؤيدة للتسمية ، الآن نتقد أخذ بعض القوانين العربية على علاتها وإذا أردنا مخالفتها قلتم أنى هذا من أجل الخوف على السطو على الماركة العالمية (قاض) من قبل المحققين خلاص مانبي نصير قضاة ارتاحوا
ابوحافظ
18-08-2011, 02:47 AM
أحسن الله إليك لا أرى في ما ذكرته تجهيلاً لأحد من العالمين وليس في كلمة "مشيها تمشي" علاقة في ما ذكرته فرحاها يدور حول " لا تدقق" والخطاب كان لفضيلة قاضي المظالم بمعنى يافضيلة قاضي المظالم : لا تدقق ! الجماعة يريدون عضو هيئة التحقيق والادعاء العام " قاضياً" فليكنّ ذلك إن أرادو هم على أن يكون ذلك تحت بند " لا مشاحة في الإصطلاح" أما أن يقال عضو الهيئة هو قاضي تحقيق وفق الاصطلاح العلمي الذي يدرس في كليات الحقوق فهذا والله غير صحيح ولا نسلم به بل الجدال حوله مضيعة للوقت ..وحتى تتضح الصورة لك النقاش حوله كالنقاش حول الأصول لا الفروع بين فرقتين يدعون الحقيقة بينما هم في الأصول مختلفين .! لا شك جدال بيزنطي يستحيل معه الاقناع والأقتناع ولنا في مناظرات المستقلة حول ذلك أعظم العبرّ .! فنحن نأتي لكم من كتب أنتم لا تعترفون بها ولا تؤمن بصدق فحواها بينما هذه المسميات والإصطلاحات ماجاءت الا منها ومع ذلك تجادلون من أجل الجدال فقط وفي النهاية نحن المتهمون بتجهيلكم ونحن من يفتقد أدب الحوار والنقاش .! الله يسامحك ورمضان كريم.!
إذا أثبت لي أن الشريعة الإسلامية بمنزلة (الند) للقانون الوضعي حتى نبحث في مسألة السيادة من عدمها ..أقسم بالله أطلب تغيير المعرف .!
ولكنني أعلم بأنك -كمن سبقك- (مع الاحترام ) إلى هذا القول لا تفرق بين :
1- القانون والشريعة الإسلامية
2- ولا بين القانون والفقه الإسلامي
3- ولا بين الشريعة الإسلامية وبين الفقه الإسلامي
وأعلم مسبقاً في نهاية الحديث سوف ندخل في دهاليز .."لا مشاحة في الإصطلاح".!!
سبحان الله،تسألني وتجيب عني ثم تذكر بأن الشريعة الاسلامية ليست ندا للقانون الوضعي،أترك التعليق للزملاء إن ارادوا ذلك.
سيادة القانون
18-08-2011, 02:50 AM
القانون لم يتعلمه إلا شخص واحد هو من لقب نفسه بسيادة القانون أما بقية من على وجه الأرض فهم يتكلمون فيما لا يعلمون ولا يقرون كتب القانون ولا يعترفون بفحواها
معلومة غير دقيقة بل مغلوطة شكلك تسمع اشاعات وتصدق؟! ..فهناك زملاء وزميلات لي درسوا معي القانون أحتفظ بصورهم في ألبوم التخرج .! يعني لاتصدق هذه الإشاعة أنه سيادة القانون هو الوحيد الذي درس القانون على وجه الأرض معلومات مغلوطة.! تأكد منها بارك الله فيك :)
يا أخي ينقل لنا فضيلة قاضي المظالم ما يفيد أن المسألة صالحة لئن تكون محل نقاش وتأتي أنت تقول أنها قولا واحدا والنقاش فيها مضيعة للوقت ثم تتمسكن وتدعي أن الناس يجهلونك نطالبكم بنفي صحة التسمية وتشطحون ذات اليمين وذات الشمال وتأتون بأدله في حقيقتها مؤيدة للتسمية ، الآن نتقد أخذ بعض القوانين العربية على علاتها وإذا أردنا مخالفتها قلتم أنى هذا من أجل الخوف على السطو على الماركة العالمية (قاض) من قبل المحققين خلاص مانبي نصير قضاة ارتاحوا
فعلاً النقاش حولها مضيعة للوقت ..جربنا أقناعك وأصحابك بالمنقول وفشلنا في ذلك سوف نجرب معكم هذه المرة المعقول لعله يفيد نفعاً :
أن القاضي يفصل بالخصومة ، وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام لا يفصل في الخصومة ، إن القاضي الجنائي يستطيع أن يغير تكييف الدعوى وقرار الاتهام الذي تقدم به عضو الهيئة" المدعي العام" بينما العضو لا يستطيع ذلك .
إن سلمنا أن المدعي العام أو المحقق هو " قاضياً" فهل القاضي يصلح أن يكون خصماً في دعوى ؟! وغيرها من الحجج التي تدحض فكرة أن يكون عضو الهيئة قاضياً ولكن مالكم كيف تحكمون .!!!
نعم مضيعة للوقت النقاش حول هذا الأمر ..وأرجو أن لا تغضبك الحقيقة .!
من أجل الخوف على السطو على الماركة العالمية (قاض) من قبل المحققين خلاص مانبي نصير قضاة ارتاحوا
هههههه عجيب "لعبوني والا بخرب" يا يصير عضو هيئة التحقيق والادعاء العام قاضي يا انتم غلطانين .! ياخوي خلاص أنت قاضي الله يهينك بركة هاللقب :)
سيادة القانون
18-08-2011, 03:00 AM
سبحان الله،تسألني وتجيب عني ثم تذكر بأن الشريعة الاسلامية ليست ندا للقانون الوضعي،أترك التعليق للزملاء إن ارادوا ذلك.
أخي الفكرة واضحة لا تصعبها على نفسك .!
قلت أن السيادة للشريعة الاسلامية لا للقانون الذي وصفته "بالوضعي" وأنت بهذا القول جعلت من الشريعة بمنزل القانون أو بحجم القانون وكأن هناك "ندية" بينهما ولو أنك تحسن التفرقة بينهما لما عقدت المقارنة أصلاً .!
ابوحافظ
18-08-2011, 03:13 AM
أخي الفكرة واضحة لا تصعبها على نفسك .!
قلت أن السيادة للشريعة الاسلامية لا للقانون الذي وصفته "بالوضعي" وأنت بهذا القول جعلت من الشريعة بمنزل القانون أو بحجم القانون وكأن هناك "ندية" بينهما ولو أنك تحسن التفرقة بينهما لما عقدت المقارنة أصلاً .!
اعذرني استاذي العزيز على جهلي ولا تغيّر اسم معرفك ولا داعي لأن تقسم بالله حيال ذلك.
قاضي المظالم
18-08-2011, 03:53 AM
فضيلة قاضي المظالم وفقه الله
أولا / طرح المسألة كان بسبب مداخلة فضيلة الدكتور ناصر المشاركة رقم 7 حينما قال بأنهم سيسمون قضاة في المستقبل
ثانيا بارك الله فيك وسددك
تأملت ما ذكره د أحمد فتحي سرور لكن لم أعارضه لكي تدعوني لتأمله فكلام الدكتور يؤكد على أن طبيعة عمل الهيئة قضائي ولكنها لا تتسم بطبيعة قضاء الحكم الدقيق. وانظر الدقة في عبارته (الحكم الدقييييق)يقول الدكتور ومن ثم فإن اعتبار أعمال النيابة العامة ذات طبيعة قضائية لا يعني بالضرورة إسباغ صفة الحكم عليها، فليست كل ( الجمله هنا لها مفهوم مخالفة) أعمال السلطة القضائية أعمالاً فاصلة في النزاع قلت وهذا يتفق تماما مع تسمية المحقق قاضي تحقيق فليس قاض باطلاق وإنما قاض بمرحلة التحقيق بمعنى الشخص الذي يمارس عملا قضائيا وله صلاحيات قضائية في مرحلة التحقيق دون غيرها مع أن الفرق بين القاضي والمحقق أمر مقرر فقها ونظاما وبينما تمايز لكن لا يوجد مايمنع هذه التسميه فقها أو نظاما فهي تسمية تبين الواقع الفعلي لعمل المحقق وأنه قضائي هذا كل ما في الأمر فلماذا الضجيج
ثالثا / ليس صحيحا أن التحقيق ليس من مهام القاضي بل هو أهم مهمات القاضي في حال فرض عدم وجود جهة تحقيق إذ كيف يميز بين الحق والباطل
شكرا لك لمرورك هنا ولمشاركاتك عموما في المنتدى
أخي الكريم:
أرجو التفريق بين صفة العمل وبين صفة القائم به .. فأعمال المحقق المتصلة بالتحقيق لا شك أنها قضائية ونحن نتفق في ذلك .. ولكن لا يطلق عليه اسم قاضٍ ولو مقيداً ب(التحقيق) لأن القضاء يعني لغة واصطلاحاً شرعياً وقانونياً (الفصل)
والتحقيق ليس فصلاً بل عمل قضائي دونه .. وإلا فإن بقية رجال الضبط الجنائي كرجال الشرطة إذا ندبهم المحقق يقومون بعمل قضائي وهو التحقيق فهل نسميهم قضاة التحقيق!!! ليس المحقق في هيئة التحقيق وحده المتفرد بأعمال قضائية هناك رجل الضبط الجنائي في الأماكن التي لا توجد فيها فروع للهيئة وأيضاً إذا ندبه المحقق لأعمال التحقيق .. وهناك المحققون من هيئة الرقابة والتحقيق فكلهم يمارسون أعمالاً قضائية .. ومعلوم أن فقهاء وقضاة مصر تكلموا عن النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة وقرروا عدم دخولها في الهيئات القضائية مع أن الأولى تقوم بعمل تحقيقي مماثل تماماً للنيابة العامة ، فهيئة النيابة الإدارية بمصر المماثلة لهيئة الرقابة والتحقيق لدينا تقوم بدور المحقق في المخالفات التي تنسب إلى العاملين في الجهاز الإداري للدولة وتقوم برفع الدعوى التأديبية أمام المحاكم التأديبية في مجلس الدولة ، وقد أثيرت مسألة إعتبارها من الهيئات القضائية أمام محكمة النقض فأصدرت حكماً بعدم دخولها في الهيئات القضائية خلافاً لمسلك المحكمة الدستورية العليا الذي هب القضاة والفقهاء لبيان خطأه وعواره ..
أرجو ألا تختلط الأمور بين اتفاقنا على أن أعمال التحقيق التي تقوم بها النيابة العامة قضائية وبين إعتبار أعضائها قضاة ..
ابن عبدالرحمن
18-08-2011, 05:56 AM
سعادة الأخ سيادة القانون وفقه الله
الآن نستطيع الوصول للحق الذي هوغايتي وغايتك بذكر الأدلة والبراهين بعيدا عن فضول الكلام أسأل الله لي ولك المغفرة
دليلك الأول القاضي يفصل بالخصومة ، وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام لا يفصل في الخصومة ،
الجواب / سلمنا جدلا أن حفظ القضية الذي هومن صلاحية المحقق وفق ما قرره النظام لا يعد فصلا فإن طبيعة بقية أعمال المحقق فيما يتعلق بالتحقيق أعمال قضائية إجماعا تجعل تسميته قاضي تحقيق سائغ بغض النظر هل هو متفق مع بند الاصطلاح العلمي أو القوانين المقارنة فلماذا نحجر واسعا وسبق أن بينت أن قيد (تحقيق ) في جملة (قاضي تحقيق) تزيل كثيرا من الإشكالات لكن ربما أنني لم استطع إيصال الفكرة إلى إذهانكم
دليلك الثاني إن القاضي الجنائي يستطيع أن يغير تكييف الدعوى وقرار الاتهام الذي تقدم به عضو الهيئة" المدعي العام" بينما العضو لا يستطيع ذلك
الجواب / تغيير تكييف الدعوى وقرار الاتهام من مستلزمات المحاكمة ومرحلة الحكم مرحلة لاحقة بعد مرحلة التحقيق ونحن نقول قاضي تحقيق لا قاض ثم هل تقصد المادة 159 من نظام الإجراءات الجزائية التي تنص على ألا تتقيد المحكمة بالوصف الوارد في لائحة الدعوى، وعليها أن تعطي الفعل الوصف الذي يستحقه ولو كان مخالفاً للوصف الوارد في لائحة الدعوى، وإذا جرى التعديل وجب على المحكمة أن تبلغ المتهم بذلك
فإن كان كذلك فالمادة التي بعدها تفيد أن للمدعي العام بعد إذن المحكمة أن يدخل تعديلات في لائحة الدعوى في أي وقت
دليلك الثالث إن سلمنا أن المدعي العام أو المحقق هو " قاضياً" فهل القاضي يصلح أن يكون خصماً في دعوى ؟!
الجواب / مسألة النقاش في المحقق أما المدعي العام فلم نتطرق له في النقاش فتسمية المحقق قاضي تحقيق واضحة بالنسبة لي وشرحها الشخص الذي له صلاحية القاضي ويزاول أعمالا قضائية في مرحلة التحقيق وبطبيعة الحال فمرحلة التحقيق سابقة لمرحلة الحكم فلا يأتي شخص ويقول المحقق لا يحكم نقول إن مرحلة التحقيق ليس فيها حكم بالمعنى الدقيق
ابن عبدالرحمن
18-08-2011, 06:11 AM
فضيلة قاضي المظالم وفقه الله
المسألة وما فيها جاءت بعد المداخلة بأنهم سيسمون قضاة قلتم لاتصح التسمية لغة وشرعا وقانونا فهذا رأيكم وهو رأي محترم ويكفي مشاركتكم جزاكم الله خيرا أما نحن فلا نرى مخالفتها لا لغة ولا شرعا ولاقانونا والله اعلم
مع علمنا أن الذين يقومون بأعمال الهيئة في المدن التي لا توجد بها دوائر تابعة للهيئة ربما أشخاص ليس معهم إلا شهادة الابتدائي
هذا الحوار ليس وراءه الرغبة في التكني باللقب لأنه سبق الهروب من القضاء بالمباشرة بالهيئة بعد تخرجي من المعهد العالي للقضاء لكن شدتني بعض الردود كأن فيها استهانة بالجهاز الذي انتمي إليه فرأيت من واجبي الاستماتة للدفاع
قاضي المظالم
18-08-2011, 08:07 AM
- لست أرى ما يدعو إلى النفرة من تلك التسمية ، ...
- لن يفوت على قضاة النظر العدلي والإداري أي شيء بانضمام إخوة لهم في الهم الحقوقي إلى رحابهم ، فإن أبوا ...
- لا أرى لكم التهييج في هذا الأمر ، ولا استجرار عتب وغضب إخواننا وزملائنا قضاة التحقيق ، فلن يزيدهم اللقب شرفاً ، ولن ينقصهم فقده ...
فضيلة شيخنا .. لم نكن نرجو منكم وأنتم من يُتعلم منكم آداب الحوار وتجنى بيديكم أطايب ثمراته إلقاء تهم لا محل لها ..
أتحدثُ عن نفسي: "بل الإنسان على نفسه بصيرة" .. ولا أظن من اتفقت معهم في الرأي إلا كحالي بل أفضل:
أولاً: لم نشارك في هذا النقاش ونخالفكم الرأي لمجرد النفرة من التسمية، ولا خوفاً أن يفوتنا شيءٌ ذا قيمة بانضمام نخبة من أفاضل القانونيين والشرعيين لجهات السلطة القضائية وهم من أهلها أصلاً .. ولم نستهدف بنقاشنا العلمي الموضوعي التهييج واستجرار عتب وغضب إخواننا كما قاله عدالتكم ..
ثانياً: الجملة الشرطية: "فإن أبوا ..." لا محل لها متى كان لفضيلتكم تأمل صادق ومتجرد فيما كتبه الضعيف "قاضي المظالم" لوجوه:
1-لقد خلعتُ في تعقيبي على أعمال التحقيق الصفة القضائية ولم أجردها من هذا الوصف .. وذكرت بأن هذا هو المستقر فقهاً وقضاءً.
2-صرحت بوضوح بأن هيئة التحقيق - من حيث الأصل - شعبة من شعب السلطة القضائية تتبع القضاء العام كحال مثيلتها في الدول الأخرى "النيابة العامة" .. وغاية ما هنالك أني طالبت بتكريس استقلاليتها وذلك بضم أعضائها للمجلس الأعلى للقضاء ليكون وحده المهيمن على كافة شؤونهم الوظيفية.
3-ما ورد في تعقيبكم جواباً للشرط عن "قضاة الملاعب" فيه إلماحة مستغربة من مثلكم .. فهل تقصد أن من يخالفكم كان دافعه حسد أعضاء الهيئة؟!!! إن كنتم تلمحون لما يشاع عن شمولهم بسلم رواتب القضاة فهذا والله مما لا يغضبنا .. ونحن والله نتمنى لهم الخير كما نرجوه لأنفسنا ولن يضيرنا ذلك ولن ينقصنا .. ومخالفتنا في تسميتهم بقضاة تحقيق لن تمنعهم ذلك، فرفع رواتبهم أمر وارد حتى ولو لم يطلق عليهم قضاة وتحققه ليس مفتقراً لضمهم للمجلس .. بل يمكن للضباط العسكريين أن ترفع رواتبهم بحيث يعطون نفس سلم القضاة بلا فرق من غير أن تتغير تسميتهم .. فالمسألة لا علاقة لها بالكادر على الإطلاق .. هل ترى ما يمنع أن يكون ما يتقاضاه (محقق أول) مساوياً تماماً لما يتقاضاه (قاضي أ).. وهل التسمية ستحول دون ذلك هداكم الله.
ولئن كان تعديل كادرهم ليماثل كادر القضاة أمراً مفرحاً ومبشراً للجميع، وربما مثَّل لفضيلتكم دافعاً للمسارعة في تسمية المنتدى بقضاء التحقيق، إلا أنه لا يصح أن يكون معتمداً في تنقص وإزدراء الرأي المخالف ولا عمدةً في نسبة الحسد لقائليه..
4-الخلاف حول تسمية المحقق الذي يعمل في هيئة التحقيق والإدعاء العام (النيابة العامة) بقاضي التحقيق.. وليس ثمة خلاف في وجود قضاة تحقيق في المحاكم .. ولا أن تُشغل وظائف أعضاء الهيئة بقضاة يتبعون للمحاكم بحيث يتناوبون عليها بجهاز الهيئة.. الخلاف محصور في المحقق التابع لهيئة التحقيق هل يسمى قاضي تحقيق لمجرد قيامه بوظيفة التحقيق دون أن يكون قاضياً في الأساس بهيئة المحكمة .. بمعنى هل يكفي وصف العمل بأنه قضائي والجهة بالقضائية ليجعل من يباشر التحقيق قاضياً ..
ولذلك: فليعلم فضيلتكم أنه لا يوجد لدي أدني حرج في أن يكون المحقق (قاضي تحقيق) ولكن لن يصح ذلك إلا في الحال التي يختار فيها المجلس الأعلى للقضاء من أعضاء الهيئة من تنطبق عليهم شروط القضاء وفق ما ورد في نظام القضاء ويجري ضمهم للمحاكم ويتبعون بالتالي المجلس .. ويكلفون بحكم خبرتهم بأعمال قضائية تتعلق بالتحقيق وإجراءاته ويزاولون أعمالهم بندب من المحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب هيئة التحقيق والإدعاء العام .. ولكنهم في الوقت نفسه قضاة بهيئة المحكمة، وإذا انتهى تكليفهم بذلك يعودون قضاة بالمحاكم..
أما أن يكون بالنيابة العامة من يسمى بقاضي تحقيق فهذا لا وجود له لا بمسمى الوظيفة قانوناً ولا بطبيعة العمل .. قضاة التحقيق هم قضاة بالمحاكم يكلفون بالتحقيق وهم بمثابة قاضي المحكمة الجزئية الذي يصدِّق على أقوال المتهم والقاضي الذي يُعرض عليه المتهم أول مرة فيقرر الإفراج عنه بكفالة أو بدونها أو حبسه أو مصادرة مضبوطات الجريمة ثم تحاكمه هيئة مشكلة من قاضٍ أو قضاة أخرون .. وأما النيابة العامة فهي جهاز مستقل عن المحكمة .. أرجو أن تكون الفكرة قد اتضحت حتى لا نسمع بأن أحد أعضاء الهيئة الموقرين زار قاضٍ من قضاة مصر فسأله: فين يشتغل سيادتكم؟ فيرد: بكل فخر واعتزاز أنا قاضي تحقيق بهيئة التحقيق والإدعاء العام زي النيابة العامة عندكم بالزبط. حينها لن يسمع إلا ضحكة مدوية.. بتقول أيه يبني قاضي تحقيق وتشتغل في النيابة العامة.. ودي تجي أزاي. ومن لم يقتنع فليسأل أحد قضاة مصر إلا إن قلتم بخصوصيتنا السعودية فهذه حجة قوية لا يمكن القفز عليها..
وقد سبقت الدول المغاربية إلى اعتماد قضاء التحقيق نوعاً من أنواع القضاء ،
لا أدري ما الدولة التي تقصدها تحديداً .. ولكن قاضي التحقيق بالمملكة المغربية لا يختلف عن نظيره في مصر .. فهو قاضٍ من هيئة المحكمة وليس محققاً من أعضاء النيابة العامة .. وانظر هذا البحث على موقع مدونة القانون المغربي على الرابط:
يقول الباحث "لم يذكر اسمه": (بحيث إذا كان الفصل 6 من الظهير بمثابة قانون رقم 448-74-1 الصادر بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) المتعلق بالإجراءات الانتقالية قد حصر القضاة المكلفين بالتحقيق في محاكم الاستئناف، فإن المادة 52 من ق.م.ج.الجديد قد أحدثت قضاة للتحقيق بالمحاكم الابتدائية إذ نصت على أن " * يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في المحاكم الابتدائية من بين قضاة الحكم فيها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية، * يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في محاكم الاستئناف من بين مستشاريها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل بناء على اقتراح من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف" ).
ثم قال: (علاقة قاضي التحقيق بالنيابة العامة:
لقد أعطى ق.م.ج الجديد وخاصة المادة 75 منه لقاضي التحقيق إذا كان حاضراً بمكان وقوع الجريمة المتلبس بها في أن يتخلى له الوكيل العام للملك ووكيل الملك أو ضباط الشرطة القضائية بقوة القانون عن عملية البحث إلا أن المادة 84 من نفس القانون ورد فيها أن قاضي التحقيق لا يستطيع إجراء أي تحقيق إلا بعد أن يتلقى من النيابة العامة مُلتَمَساً بإجراء التحقيق ولو كان قاضي التحقيق يقوم بالمهام المخولة له في حالة التلبس فالنيابة العامة هي الجهة المخول لها تعيين من يحقق في القضية عند تعدد قضاة التحقيق لدى محكمة الاستئناف.
وفي إطار علاقة قاضي التحقيق مع النيابة العامة فإن القانون الجديد للمسطرة الجنائية يلقي مجموعة من الواجبات على عاتق قاضي التحقيق منها: إحالة ملف القضية على النيابة العامة لاستدعاء الأطراف للمحاكمة، إخبار النيابة العامة عند الانتقال خارج نفوذ المحكمة، لا يصدر قاضي التحقيق الأمر بإلقاء القبض إلا بعد استشارتها، تلعب النيابة العامة دوراً فعالاً باستئناف قرارات قاضي التحقيق الباتة في رد الأشياء المحجوزة بعد صدور قرار بعدم المتابعة، تقديم الطعن بالاستئناف في قرارات الإفراج مع بقاء المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي. ومما يلاحظ في نطاق هذه العلاقة هو توسيع صلاحيات النيابة العامة في علاقتها بقاضي التحقيق، إذ لها صلاحيات في جل الاختصاصات الموكولة إليه).
ومن يتأمل ما سبق يلحظ الفرق بين قاض التحقيق والنيابة العامة ، فليس هو عضواً فيها كحال أعضاء هيئة التحقيق لدينا بل هو قاضي من المحكمة لذا فالقرارات التي يصدرها تفصل بين المتهم والنيابة كخصمين أمامه ..
وختاماً .. نرجو أن يأتي اليوم الذي يعدل فيه سلم رواتب إخواننا في الهيئة ليكون معادلاً لسلمنا تماماً .. وأن تضم فيه الهيئة للمجلس الأعلى للقضاة ونرى استقلاليتها عن السلطة التنفيذية واقعاً نعيشه وننعم به .. وأن يجري اختيار الشرعيين منهم ليكونوا قضاة في المحاكم الجزائية ويكلفوا بعمل قاضي التحقيق كما هو الحال في الدول الأخرى بشروطه وأحواله .. وإن ضُمَّ لهم القانونيون فخير على خير ولكن بعد تعديل نظام القضاء .. لا حسد في كل ذلك ولا غل ..
وأرجو من الدكتور إغلاق الموضوع فالمخالفين لتوجه فضيلته لم تلحقهم من الفائدة سوى عبارة: "لن يفوت على قضاة النظر العدلي والإداري أي شيء بانضمام إخوة لهم في الهم الحقوقي إلى رحابهم ، فإن أبوا ...
وعبارة " لا أرى لكم التهييج في هذا الأمر"
قاضي المظالم
18-08-2011, 08:43 AM
أزجي جزيل الشكر وجميل الثناء للإخوة الأفاضل الذين أسهموا في الإثراء "بسبب" عبر طرح ما لديهم من رؤى جليلة وفكر متميز .. وقد أدلى كلٌ بدلوه .. ولن نعدم فائدة من تلك المشاركات الطيبة والتفاعل الحسن ..
وأرجو من السادة الأكارم - وقد اتضحت الأراء - أن يتركوا النقاش في هذه المسألة .. ولننتقل لغيرها حفظاً للوقت والجهد .. وحتى لا يخرج الحوار عن هدفه الأسمى ..
وفق الله الجميع ..
د. ناصر بن زيد بن داود
18-08-2011, 11:33 AM
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ }
د. ناصر بن زيد بن داود
18-08-2011, 11:42 AM
هذا النص من مقالة سابقة نشرت قبل خمس سنوات بعنوان : جمع الشمل القضائي ، وهي على هذا الرابط :
http://www.cojss.com/article.php?a=56
وهذا نص المقصود منها :-
[ ولجمع الشمل القضائي في المملكة ههنا حلان ؛ أحدهما : غائيٌّ ، والآخر : انتقاليٌّ .
أما الحل الغائيُّ : فمع أنه ممكن التحقيق ابتداءً ، وخلال مدةٍ وجيزةٍ من صدور القرار السياسي باعتماده ، إلا أنَّ من الواقعية - في الوقت الحاضر – اعتبار ذلك الحل مثالياً ؛ ريثما يتم ترتيب البيت القضائي من الداخل .
- ويستلزم هذا الحل المثاليُّ ثلاثة أمورٍ هامة :-
الأمر الأول / تغيير تركيبة بعض الجهات الحكومية ؛ إذ لو تأملنا مسمى ( هيئة التحقيق والإدعاء العام ) لظهر لنا الازدواجيةُ في المهمة المناطة بالهيئة ؛ فهي الجهة المسؤولة عن التحقيق أولاً ، في ذات الوقت الذي هي الجهة التي تَدَّعِيْ على من حققت معه واطلعت على أدلة إدانته أو دلائل براءته .
وبدون مزايدةٍ من أحدٍ على افتراض الثقة بجميع رجال الهيئة وفي شقيها ( التحقيق ، الإدعاء العام ) ، فذلك ما لا حيدة عنه أبداً ، إلا أنَّ مبادئَ الحق والعدل توجب الفصل بين الشقين ؛ لتكونا دائرتين لا ارتباط لأيٍ منهما بالأخرى ؛ ويحصل ذلك : بنقل مهمة التحقيق إلى ما يسمى في كثيرٍ من دول العالم بـ ( قضاء التحقيق ) ، وبإقرار اختصاص الهيئة الموقرة بـ ( الإدعاء العام ) والوظائف الإشرافية الأخرى .
الأمر الثاني / تحديد الاختصاصات ؛ بأن تكون جهات الضبط مثل ( الشرطة ، المباحث ، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونحوها ) مسؤولةً عن : ضبط المتهمين ، وجمع الأدلة ، ومن ثَمَّ عرض الجميع على قضاء التحقيق .
- وأن تكون مهمة قضاء التحقيق : تنقيح الأدلة بعد جمعها ، وتصفية ما لا فائدة من الترافع بشأنه من القضايا أمام المحاكم المختصة ؛ لتوفير الوقت والجهد على جهات الإدعاء العام وعلى القضاء ، إضافة إلى رعاية مصالح أطراف القضية ذاتها .
- ويبقى الإدعاء العام : ممثلاً الدولةَ في القضايا العامة أثناء نظرها أمام الدوائر القضائية المختصة بعد ضبطها وانتهاء التحقيق فيها .
الأمر الثالث / توحيد الكوادر القضائية . ويتمثل هذا بتحوير مسميات جميع أعضاء اللجان القضائية في جميع الوزارات والمصالح الحكومية بما يوافقها من كادر القضاة أولاً ، ثم نقل تلك الكوادر إلى ملاك وزارة العدل التي بدورها تقوم على إعداد ما يلزم لمباشرة هذه اللجان اختصاصاتها القضائية المنصوص عليها في أنظمتها .]
قاضي تحقيق
18-08-2011, 03:26 PM
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ }
هذا النص من مقالة سابقة نشرت قبل خمس سنوات بعنوان : جمع الشمل القضائي ، وهي على هذا الرابط :
http://www.cojss.com/article.php?a=56
وهذا نص المقصود منها :-
[ ولجمع الشمل القضائي في المملكة ههنا حلان ؛ أحدهما : غائيٌّ ، والآخر : انتقاليٌّ .
أما الحل الغائيُّ : فمع أنه ممكن التحقيق ابتداءً ، وخلال مدةٍ وجيزةٍ من صدور القرار السياسي باعتماده ، إلا أنَّ من الواقعية - في الوقت الحاضر – اعتبار ذلك الحل مثالياً ؛ ريثما يتم ترتيب البيت القضائي من الداخل .
- ويستلزم هذا الحل المثاليُّ ثلاثة أمورٍ هامة :-
الأمر الأول / تغيير تركيبة بعض الجهات الحكومية ؛ إذ لو تأملنا مسمى ( هيئة التحقيق والإدعاء العام ) لظهر لنا الازدواجيةُ في المهمة المناطة بالهيئة ؛ فهي الجهة المسؤولة عن التحقيق أولاً ، في ذات الوقت الذي هي الجهة التي تَدَّعِيْ على من حققت معه واطلعت على أدلة إدانته أو دلائل براءته .
وبدون مزايدةٍ من أحدٍ على افتراض الثقة بجميع رجال الهيئة وفي شقيها ( التحقيق ، الإدعاء العام ) ، فذلك ما لا حيدة عنه أبداً ، إلا أنَّ مبادئَ الحق والعدل توجب الفصل بين الشقين ؛ لتكونا دائرتين لا ارتباط لأيٍ منهما بالأخرى ؛ ويحصل ذلك : بنقل مهمة التحقيق إلى ما يسمى في كثيرٍ من دول العالم بـ ( قضاء التحقيق ) ، وبإقرار اختصاص الهيئة الموقرة بـ ( الإدعاء العام ) والوظائف الإشرافية الأخرى .
الأمر الثاني / تحديد الاختصاصات ؛ بأن تكون جهات الضبط مثل ( الشرطة ، المباحث ، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونحوها ) مسؤولةً عن : ضبط المتهمين ، وجمع الأدلة ، ومن ثَمَّ عرض الجميع على قضاء التحقيق .
- وأن تكون مهمة قضاء التحقيق : تنقيح الأدلة بعد جمعها ، وتصفية ما لا فائدة من الترافع بشأنه من القضايا أمام المحاكم المختصة ؛ لتوفير الوقت والجهد على جهات الإدعاء العام وعلى القضاء ، إضافة إلى رعاية مصالح أطراف القضية ذاتها .
- ويبقى الإدعاء العام : ممثلاً الدولةَ في القضايا العامة أثناء نظرها أمام الدوائر القضائية المختصة بعد ضبطها وانتهاء التحقيق فيها .
الأمر الثالث / توحيد الكوادر القضائية . ويتمثل هذا بتحوير مسميات جميع أعضاء اللجان القضائية في جميع الوزارات والمصالح الحكومية بما يوافقها من كادر القضاة أولاً ، ثم نقل تلك الكوادر إلى ملاك وزارة العدل التي بدورها تقوم على إعداد ما يلزم لمباشرة هذه اللجان اختصاصاتها القضائية المنصوص عليها في أنظمتها .]
جزاك الله خيرا ، ونفع بك ، على ما أفدت .
قاضي المظالم
18-08-2011, 06:10 PM
إلا أنَّ مبادئَ الحق والعدل توجب الفصل بين الشقين ؛ لتكونا دائرتين لا ارتباط لأيٍ منهما بالأخرى ؛ ويحصل ذلك : بنقل مهمة التحقيق إلى ما يسمى في كثيرٍ من دول العالم بـ ( قضاء التحقيق ) ، وبإقرار اختصاص الهيئة الموقرة بـ ( الإدعاء العام ) والوظائف الإشرافية الأخرى .
إن كان المقصود مجرد الفصل بأن يكون التحقيق في جهة مستقلة بعيدة عن المحكمة الجزائية، بحيث لا يكون أعضاؤها من قضاة المحكمة فهذا غير صحيح .. فقضاء التحقيق في الدول الأخرى قضاء غير منفصل عن هيئة المحكمة الجنائية بل يقوم به بعض قضاتها تكليفاً .. كما أن وجوده بالمحكمة على هذا الحال لا يسلب النيابة العامة سلطة التحقيق الابتدائي فهي صاحبة الولاية الأصلية به .. وأعضاؤها حال قيامهم به لا يسمون قضاة بمجرده ..
د. ناصر بن زيد بن داود
19-08-2011, 08:14 PM
هذا جزء من بحث بعنوان ( الدعوى الجزائية في القانون اللبناني وأبرز مراحلها ) نشر في مجلة الجيش ، وهو من محفوظات دار العدالة على هذا الرابط :
http://www.justice-lawhome.com/vb/showthread.php?t=17486&highlight=%DE%C7%D6%ED+%C7% E1%CA%CD%DE%ED%DE (http://www.justice-lawhome.com/vb/showthread.php?t=17486&highlight=%DE%C7%D6%ED+%C7%E1%CA%CD%DE%ED%DE)
[ سلطات الملاحقة والتحقيق والحكم
يتميز نظام القضاء الجزائي في لبنان بتعدد السلطات التي تقوم بمهام الملاحقة والتحقيق والحكم في الدعوى, بحيث تتولّى سلطة أولى إقامة الدعوى وملاحقة الجرم, ثم تحيل الدعوى الىسلطة ثانية لتحقق فيها, وهي بدورها تحيل الملف الى سلطة ثالثة تتولّى المحاكمة والحكم.
أما السبب في الفصل بين سلطتي الملاحقة والتحقيق, فمردّه أنه يخشى أن يكون من يتولى سلطة الملاحقة (الإدعاء بالجرم) قد وقع في خطأ ما, فإذا أوكلت إليه أيضاً سلطة التحقيق في القضية, قد يستمر في الخطأ طوال مرحلة التحقيق. ولذلك, منع القانون على النائب العام الذي ادعى في قضية ما أن يتولى التحقيق أو الحكم فيها.
كذلك الأمر بالنسبة الى الفصل بين سلطتي التحقيق والحكم, فالهدف منه ألا يستمر في الخطأ من قام بالتحقيق في القضية, وقرر (عن خطأ) الظن بالمدعى عليه (في الجنحة) أو إتهامه (في الجناية), وكي لا يتمسك بالوجهة التي اقتنع فيها, بوصفه سلطة تحقيق, ويعتمدها فيالحكم, لا سيما وأن التحقيق يعتمد في بعض الأحيان على الشكّ, بينما الأحكام النهائية الصادرة عن سلطات الحكم لا تُبنى إلا على اليقين (أيما هو مؤكّد). لهذا, منع القانون على قاضي التحقيق الذي يتولى التحقيق في قضية ما أن يحكم فيها أو يشترك في الحكم فيها.
● سلطات الملاحقة:
توصّلاً لإجراء التحقيق والمحاكمة, لا بد من سلطة تتولى الملاحقة لتضع مرتكبي الجرائم بين أيدي سلطة التحقيق ومن ثم أمام المحاكمة. وكما ذكرنا, أناط القانون بقضاة النيابة العامة حصراً سلطة الملاحقة, إلا أنه أجاز للمتضرر تحريك الدعوىالعامة بادعائه الشخصي, وحصر في حالات معينة حق تحريكها به, وفي حالات أخرى أقر مبدأ إسقاطها تبعاً لإسقاط الحق الشخصي... الخ.
فيكون القانون اللبناني بذلك قد تبنى طريقة “الإتهام القضائي العام”, وأخذ أيضاً بنظام “الإتهام الشخصي”.
نذكر أن قانون أصول المحاكمات الجزائية نظّم النيابة العامة بطريقةهرمية, ووضع على رأسها النائب العام لدى محكمة التمييز, الذي تشمل سلطته جميع قضاة النيابة العامة, بمن فيهم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية, وفي مرتبة أدنى, تقوم نيابة عامة إستئنافية لدى محكمة الإستئناف, ونيابة عامة مالية, يرأس كلّ نائب عام دائرته, ويوزّع الأعمال الداخلة في إختصاصه على المحامين العامين الذين يعاونونه. ووفق هذا التنظيم, لم يعد وزير العدل في قمة هرم تنظيم النيابات العامة, كما كان الأمر عليه في السابق, ذلك أن القانون الجديد خفّف من سلطاته في هذا المجال, وأعطاه فقط حق الطلب الى النائب العام التمييزي إجراء التعقبات بشأن الجرائم التي يتصل خبرها بعلمه.
● سلطات التحقيق:
تتمثل سلطات التحقيق بالهيئات التي تتولى جمع الأدلة على الجرائم وفاعليها, حتى إذا تبيّن لها أن الجرم قائم, والأدلة كافية, والفاعل معروف, اتخذت قرارها بإحالته الى المحكمة المختصة (محكمة الجنايات أو القاضي المنفرد الجزائي) لتتولى إصدار الحكم بحقه.
أما إذا لم يكن الفعل موضوع الإدعاء مما يشكل جرماً جزائياً, أو لم تتوفر الأدلة بحق المدعى عليه, أو إذا كانت الدعوى بشأنه قدسقطت بأحد أسباب السقوط, فتقرر منع المحاكمة عنه.
نظّم القانون سلطات التحقيق, ونصّ على أن تتألف دائرة التحقيق في كلّ محافظة من قاضي تحقيق أوّل (يرأس الدائرة), ومن قاضي تحقيق أو أكثر, وعلى أن تتولى غرفة من غرف محاكم الإستئناف المدنية مهام الهيئة الإتهامية في كل محافظة.
في الواقع, إن مهام التحقيق يتولاها مبدئياً قاضي التحقيق, أما الهيئة الإتهامية, فلا تقوم بها إلا عند الضرورة, الى جانب وظائفها الأخرى المحددة قانوناً (إشارة الى أن الهيئة الإتهامية هي المرجع الإستئنافي لقرارات قاضي التحقيق, تتولى وحدها سلطة الإتهام في الجناية, وتمارس حق التصدي في الحالات المبيّنة قانوناً).
من الضروري التوضيح أنه إذا كان الأصل أن الدعوى العامة تمرّبالمراحل الثلاث, وهي الملاحقة والتحقيق والحكم, إلا أنه, وفي الجنحة, ولا سيما في الجنحة المشهودة, قد ترى النيابة العامة أن الأدلة متوفرة بحق الفاعل, وأنه معروف, فتدعي عليه مباشرة أمام سلطة الحكم (القاضي المنفرد الجزائي), من دون أن تحيل الدعوى الى قاضي التحقيق ليحقق فيها.
أما إذا رأت أن الأمر يتطلّب التحقيق, فإنها تدعي بها أمام قاضي التحقيق, الذي يتولى عند الضرورة إحالة الملف الى قضاء الحكم (القاضي المنفرد الجزائي). هذا في الجنحة.
أما في الجناية, فإن النيابة العامة مُلزمة بالإدعاء أمام قاضي التحقيق, ولا يمكنها الإدعاء مباشرة أمام سلطة الحكم, أي محكمة الجنايات, لأن هذه الأخيرة لا تضع يدها على الدعوى إلا بعد إكتمال التحقيق فيها من قبل قاضي التحقيق, وبموجب قرار من الهيئة الإتهامية.
يتسم التحقيق الإبتدائي بخصائص ثلاث:
* هو مكتوب برمته, فالقاضي يملي على الكاتب ما يجب تدوينه في إفادات يجري الإستماع إليها, أومعاملات أو إجراءات تطرأ على الملف... وسواها.
* هو سري (باستثناء ما يتعلّق بالقرار الظني), بمعنى أنه لا يُسمح لأحد الإطلاع على مجرياته, حتى ولو كان من فرقاء الدعوى. إلا أن هذه السرية لا تشمل النائب العام الذي يتوجب عليه متابعة الدعوى باستمرار, وإبداء مطاليبه ومطالعاته فيها, ومراقبة القرارات التي يتخذها قاضي التحقيق للطعن بها إذا ارتأى ذلك.
إشارة الى أن كل من يفشي سرية ملف التحقيق أو ينشر وثيقة من وثائقه, يتعرض للملاحقة الجزائية.
* يقوم قاضي التحقيق بمهمة مزدوجة, فهو من جهة, يجمع الأدلة ويتثبت منها, بوصفه قاضياً محققاً, ومن جهة أخرى, يتخذ القرارات الرامية الى البت بالمطالب والدفوع الشكلية المثارة أمامه... وغيرها. وبعد ختام التحقيق, يتخذ قراراً نهائياً بمنع المحاكمة أو بالإحالة الى المرجع المختص.
● سلطات الحكم:
يتولى سلطات الحكم, كلّ بحسب إختصاصه, القاضي المنفرد الجزائي, محكمة الإستئناف, محكمة الجنايات, محكمة التمييز والمجلس العدلي.]
__________________
ابوحافظ
19-08-2011, 08:52 PM
فضيلة الدكتور اذا تم تغيير مسمى اعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام الى قضاة التحقيق فهل يبقى مسمى(هيئة التحقيق والادعاء العام)على ما هو عليه أم سيتم تغييره.
د. ناصر بن زيد بن داود
19-08-2011, 08:58 PM
هذا نص من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري :
[ الباب الثالث
في جهات التحقيق
الفصل الأول
في قاضي التحقيق
القسم الأول
أحكام عامة
المادة 66: التحقيق الابتدائي وجوبي في مواد الجنايات.
أما في مواد الجنح فيكون اختياريا ما لم يكن ثمة نصوص خاصة. كما يجوز إجراؤه في مواد المخالفات إذا طالبه وكيل الجمهورية.
المادة 67: لا يجوز لقاضي التحقيق أن يجري تحقيقا إلا بموجب طلب من وكيل الجمهورية لإجراء التحقيق حتى ولو كان ذلك بصدد جناية أو جنحة متلبس بها.
ويجوز أن يوجه الطلب ضد شخص مسمى أو غير مسمى.
ولقاضي التحقيق سلطة اتهام كل شخص ساهم بصفته فاعلا أو شريكا في الوقائع المحال تحقيقها إليه.
فإذا وصلت لعلم قاضي التحقيق وقائع لم يشر إليها في طلب إجراء التحقيق تعين عليه أن يحيل فورا إلى وكيل الجمهورية الشكاوى أو المحاضر المثبتة لتلك الوقائع.
ويتبع في حالة الشكوى المصحوبة بادعاء مدني ما نص عليه في المادة 72 وما يليها.
المادة 68: يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة.
وتحرر نسخة عن هذه الإجراءات وكذلك عن جميع الأوراق ويؤشر كاتب التحقيق أو ضابط الشرطة المنتدب على كل نسخة بمطابقتها للأصل وذلك مع مراعاة ما أشير إليه في الفقرة الخامسة من هذه المادة.
وترقم وتجرد جميع أوراق الملف بمعرفة كاتب التحقيق أولا بأول حسب تحريرها أو ورودها لقاضي التحقيق.
غير أنه إذا أمكن استخراج هذه النسخ بطريق الصور الفوتوغرافية أو بطريقة أخرى مشابهة، فيجري ذلك حين إحالة الملف أو تبادل الملفات وحينئذ تستخرج الصور عند تسليم الملف وتكون بالعدد الضروري منها يقوم الكاتب بالتحقق من مطابقة الملف المنسوخ للملف الأصلي.
وإذا كان الغرض من التخلي المؤقت عن الملف اتخاذ طريق للطعن فيه تعين استخراج النسخ على الفور حتى لا يتعطل على أية حال تهيئة الدعوى.
وإذا كان من المتعذر على قاضي التحقيق أن يقوم بنفسه بجميع إجراءات التحقيق جاز له أن يندب ضباط الشرطة القضائية للقيام بتنفيذ جميع أعمال التحقيق اللازمة ضمن الشروط المنصوص عليها في المواد 138 إلى 142.
وعلى قاضي التحقيق أن يراجع بنفسه عناصر التحقيق الذي أجري على هذه الصورة.
(الأمر رقم 69-73 المؤرخ في 16 سبتمبر 1969) ويجري قاضي التحقيق بنفسه أو بواسطة ضابط الشرطة القضائية طبقا للفقرة السادسة أو بواسطة أي شخص مؤهل لذلك من وزير العدل، تحقيقا عن شخصية المتهمين وكذلك حالتهم المادية والعائلية أو الاجتماعية غير أن هذا التحقيق اختياري في مواد الجنح.
ويجوز لقاضي التحقيق أن يأمر بإجراء الفحص الطبي كما له أن يعهد إلى طبيب بإجراء فحص نفساني أو يأمر باتخاذ أي إجراء يراه مفيدا. وإذا كانت تلك الفحوص الطبية قد طلبها المتهم أو محاميه فليس لقاضي التحقيق أن يرفضها إلا بقرار مسبب.
المادة 68: مكرر (القانون رقم 90-24 المؤرخ في 18 غشت 1990) تحرر نسخة عن الإجراءات حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 68، وتوضع خصيصا تحت تصرف محامي الأطراف عندما يكونون مؤسسين، ويجوز لهم استخراج صور عنها.
المادة 69: (القانون رقم 82-03 المؤرخ في 13 فبراير 1982) يجوز لوكيل الجمهورية سواء في طلبه الافتتاحي لإجراء التحقيق أو بطلب إضافي في أية مرحلة من مراحل التحقيق، أن يطلب من القاضي المحقق كل إجراء يراه لازما لإظهار الحقيقة.
ويجوز له في سبيل هذا الغرض الإطلاع على أوراق التحقيق، على أن يعيدها في ظرف ثمان وأربعين ساعة.
وإذا رأى قاضي التحقيق أنه لا موجب لاتخاذ الإجراءات المطلوبة منه يتعين عليه أن يصدر قرارا مسبقا خلال الأيام الخمسة التالية لطلب وكيل الجمهورية.
المادة 70: إذا وجد بإحدى المحاكم عدة قضاة تحقيق فإن وكيل الجمهورية يعين لكل تحقيق القاضي الذي يكلف بإجرائه.
المادة 71: يجوز أن يطلب المتهم أو المدعي المدني من وكيل الجمهورية لحسن سير العدالة تنحية قاضي التحقيق عن الدعوى لقاض آخر من قضاة التحقيق.
وعلى وكيل الجمهورية أن يبت في هذا الطلب خلال ثمانية أيام ويكون قراره غير قابل لأي طعن. ]
د. ناصر بن زيد بن داود
19-08-2011, 09:42 PM
(( لا مشاحة في الاصطلاح )) ، فلتبق التسمية كما كانت ، أو فلتعدل إلى النيابة العامة ، أو إلى هيئة الادعاء العام .
المهم : أن يجري التحقيق في كل القضايا قضاة ؛ بإدراج المحققين الحاليين في المؤسسة القضائية ، فلا فضل لقضاة المحاكم على إخوانهم المحققين في شيء ، فشروط التعيين لكلا النوعين واحدة ، والهم من كلٍ منهم مشترك .
ومتى أدرجوا في كادر القضاة فلن نحتاج إلى ندب قاضٍ جزائي لكل قضية ، ولو قلنا بذلك لاحتجنا لأكثر من نصف مليون قرار ندب لضبوطات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقط ، دون غيرها من جهات الضبط الجنائي .
نحن نسعى إلى الأفضل ، لا أن نقبع في ظل الآخرين ، ولا أن نسعى من وراء الركب الحضاري .
وكما قال الشاعر :
ونحنُ أُناسٌ لا توسُّطَ عندَنَا = لنا الصَّدرُ دونَ العالمينَ أو القبرُ
قاضي المظالم
20-08-2011, 12:15 AM
أخي الكريم: ابن عبدالرحمن ..
سألخص لكم ما قلتُه في نقاط رئيسية:
1-السلطات القضائية في الدولة ثلاث هي: القضاء العام (قانون خاص)، والقضاء الإداري (قانون عام)، والقضاء الدستوري (قانون عام).
القضاء العام: يتكون من محاكم الدرجة الأولى (مدنية، جنائية ، تجارية، أحوال شخصية (أو محاكم الأسرة)، وبعض الدول تشكل محاكم أخرى متخصصة).
في مصر: تزيد جهتين قضائتين أخريين هما النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة .. وهذا محل إشكال وخلاف على المستوى الفقهي ، وعلى المستوى القضائي بين محكمة النقض ومجلس الدولة من جهة والمحكمة الدستورية العليا من جهة أخرى.
المهم أنه لا خلاف في النيابة العامة فهي جهة قضائية تنتسب للقضاء الجنائي ، وهذا الانتساب لا يعني أن أعضاءها قضاة.
2-هيئة التحقيق والادعاء العام لدينا = النيابة العامة في الدول الأخرى. لا فرق
النيابة العامة كجزأ لا يتجزأ من السلطة القضائية تفرد لها بعض الدول قانوناً خاصاً بها كالسعودية وقطر مثلاً ، وغالب الدول تجعل لها أبواباً خاصة في صلب قانون السلطة القضائية كمصر والإمارات على سبيل المثال.
لم أجد دولة واحدة تسمي أعضاء النيابة العامة قضاة لا لفظاً مطلقاً ولا مقيداً بـ(التحقيق)، إلا بالنص على أن وظائفهم تشغل بقضاة "على سبيل الإشغال" كقانون النيابة العامة في الأردن، أو أن بعض قضاة بالمحاكم يكلفون بالعمل بها. كقانون السلطة القضائية بمصر.
والسبب في ذلك أن النيابة العامة هي من تباشر الدعوى العمومية أمام المحاكم فهي تقوم بالنيابة عن المجتمع سواءً كان ذلك في مهمة التحقيق أو مهمة الإدعاء إضافة إلى مهمة أخرى سابقة لذلك كله وهي كون أعضائها من رجال الضبط الجنائي (القضائي) الذي يعمل على تعقب المجرمين وضبطهم والقبض عليهم يشاركة في هذه المهمة بقية رجال الضبط الجنائي. ولذلك فمن غير المقبول أن يكون القضاة هم من يباشر تلك الإجراءات إلا بصفة خاصة بعيدة عن كونهم قضاة.
3-الوظيفة الرئيسية للنيابة العامة هي التحقيق والإدعاء، وينبني على ذلك أمور:
الأول: أنها صاحبة الاختصاص الأصيل في ذلك، فولايتها على التحقيق الابتدائي عامة، بينما من يسمى بقضاة التحقيق لا يباشرون هذه المهمة إلا في حالات خاصة "انظر الفصل المتعلق بقضاء التحقيق في قانون الإجراءات الجنائية المصر".
الثاني: لا يمكن زوال هذه الجهة نهائياً إلا بترتيب أمرين كلاهما لا يتفق وصحيح أحكام القانون ومبادىء العدالة. 1-أن يكون بقية رجال الضبط الجنائي (كرجال الشرطة) أصحاب ولاية عامة بالتحقيق الابتدائي في جميع الجنايات والجنح والجرائم. أو 2-أن يكون القضاة هم أصحاب الولاية العامة في ذلك، وهو ما لا تعرفه القوانين كولاية عامة لهم في جميع الجنايات والجنح والجرائم. وإنما في نوع محدد على سبيل الحصر وفي حالات معينة.
وهذا يعني بقاء هذه الجهة مشكلة من أعضاء ليسوا قضاة وإنما بمراتب ومسميات تصور الفهم الدقيق لمهمتهم وهي النيابة عن المجتمع وحمايته والمطالبة بحقه.
وإذا قلنا بفصل الوظيفتين فتكون وظيفة الادعاء للنيابة العامة ووظيفة التحقيق للقضاة لترتب على ذلك أمرين: 1-أن نخلق قانوناً مبتكراً للنيابة العامة لم تعرفه بقية الدول، فجميعها تقرر لتلك الجهة سلطتي التحقيق والادعاء. 2-أن يجبر مدعٍ على إقامة دعوى استقل غيره بإنشاء أدلتها والتصرف فيها، فكيف تكون قدرته على إثبات دعواه وتقديم دليله بتحقيقات لم يطلع عليها أولم يقتنع بكفايتها أو نتيجتها. فإن قيل هذا يرد أيضاً على القضية التي يباشرها قاضي التحقيق بالمحكمة. فالجواب: أنه لا يغل يدها عن الادعاء قضاءً وفق التحقيق الذي تجريه وفق اختصاصها الأصيل به، وزوال هذه الوظيفة عنها بالكلية مؤداه أن تكون دائماً في موقف المأذون له، فتصبح السلطة منحة. وقوانين الدول لا خلاف بينها على تقرير سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. ومعلوم أن هناك فرق بين الحاليتين: فحفظ الأوراق يكون قبل إجراء أي تحقيق فيها أي بعد البلاغ والتحري وجمع الأدلة، والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى يكون بعد التحقيق الابتدائي. وسلب ما قررته تلك القوانين من النيابة العامة معناه أن يكون حفظ الأوراق من اختصاص القضاة ببلاغ يقدم لهم مباشرة في أي واقعة أو بأوراق وبلاغات يتلقاها بقية رجال الضبط الجنائي ويحيلونها مباشرة للمحكمة لأن حق الحفظ الذي كان مقرراً للنيابة العامة أضحى موكولاً للمحكمة (قضاء التحقيق).
4-نحن لا نقول بأنه لا يوجد قضاة تحقيق ، أو أن أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام لا يجوز التحاقهم بالقضاء .. كل ما هنالك الرغبة في توضيح أمر قانوني .. (لأن البعض هداه الله يظن أن أمور التنظيم يمكن أن تبنى على وجهات النظر والرؤى الخاصة والأفكار المختلقة بعيداً عن الفقه القانوني) .. وهذا التوضيح مفاده: لا يصح أن تقول: (قضاء التحقيق = النيابة العامة) أو = هيئة التحقيق والادعاء العام .. هذا لا يصح .. إن أردت أن تطلق عليهم هذه التسمية فلابد من نقلهم كقضاة في المحاكم .. لكن لتلحظ أمور:
= لا يمكن أن يُلغى وجود النيابة العامة ، ولا أن تُسلب منها سلطة التحقيق الابتدائي.
= لا يمكن أن يباشر قضاة التحقيق مهمة التحقيق في كل القضايا بل بشروط وحالات معينة أو بطلب من صاحبة الولاية الأصلية بذلك (النيابة العامة).
= إذا كان ذلك كذلك، فماذا تسمي من بقي من محققي النيابة العامة ممن لم يلتحق بقضاء التحقيق.. نحن نقول أعضاء النيابة العامة وهو المتفق عليه فقهاً وقضاءً .. ومن لم يقبل بقول عملاق القانون الجنائي (د. أحمد فتحي سرور) وفقيه القضاء الإداري والدستوري القاضي د. فاروق عبدالبر وفتوى قسم التشريع بمجلس الدولة المصري فهل سيقبل بقول قاضي المظالم .. لا أظن ..
إذن سننحي الفقه جانباً ونرتكن لوجهات النظر ..
ابوحافظ
20-08-2011, 12:33 AM
أخي الكريم: ابن عبدالرحمن ..
سألخص لكم ما قلتُه في نقاط رئيسية:
1-السلطات القضائية في الدولة ثلاث هي: القضاء العام (قانون خاص)، والقضاء الإداري (قانون عام)، والقضاء الدستوري (قانون عام).
القضاء العام: يتكون من محاكم الدرجة الأولى (مدنية، جنائية ، تجارية، أحوال شخصية (أو محاكم الأسرة)، وبعض الدول تشكل محاكم أخرى متخصصة).
في مصر: تزيد جهتين قضائتين أخريين هما النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة .. وهذا محل إشكال وخلاف على المستوى الفقهي ، وعلى المستوى القضائي بين محكمة النقض ومجلس الدولة من جهة والمحكمة الدستورية العليا من جهة أخرى.
المهم أنه لا خلاف في النيابة العامة فهي جهة قضائية تنتسب للقضاء الجنائي ، وهذا الانتساب لا يعني أن أعضاءها قضاة.
2-هيئة التحقيق والادعاء العام لدينا = النيابة العامة في الدول الأخرى. لا فرق
النيابة العامة كجزأ لا يتجزأ من السلطة القضائية تفرد لها بعض الدول قانوناً خاصاً بها كالسعودية وقطر مثلاً ، وغالب الدول تجعل لها أبواباً خاصة في صلب قانون السلطة القضائية كمصر والإمارات على سبيل المثال.
لم أجد دولة واحدة تسمي أعضاء النيابة العامة قضاة لا لفظاً مطلقاً ولا مقيداً بـ(التحقيق)، إلا بالنص على أن وظائفهم تشغل بقضاة "على سبيل الإشغال" كقانون النيابة العامة في الأردن، أو أن بعض قضاة بالمحاكم يكلفون بالعمل بها. كقانون السلطة القضائية بمصر.
والسبب في ذلك أن النيابة العامة هي من تباشر الدعوى العمومية أمام المحاكم فهي تقوم بالنيابة عن المجتمع سواءً كان ذلك في مهمة التحقيق أو مهمة الإدعاء إضافة إلى مهمة أخرى سابقة لذلك كله وهي كون أعضائها من رجال الضبط الجنائي (القضائي) الذي يعمل على تعقب المجرمين وضبطهم والقبض عليهم يشاركة في هذه المهمة بقية رجال الضبط الجنائي. ولذلك فمن غير المقبول أن يكون القضاة هم من يباشر تلك الإجراءات إلا بصفة خاصة بعيدة عن كونهم قضاة.
3-الوظيفة الرئيسية للنيابة العامة هي التحقيق والإدعاء، وينبني على ذلك أمور:
الأول: أنها صاحبة الاختصاص الأصيل في ذلك، فولايتها على التحقيق الابتدائي عامة، بينما من يسمى بقضاة التحقيق لا يباشرون هذه المهمة إلا في حالات خاصة "انظر الفصل المتعلق بقضاء التحقيق في قانون الإجراءات الجنائية المصر".
الثاني: لا يمكن زوال هذه الجهة نهائياً إلا بترتيب أمرين كلاهما لا يتفق وصحيح أحكام القانون ومبادىء العدالة. 1-أن يكون بقية رجال الضبط الجنائي (كرجال الشرطة) أصحاب ولاية عامة بالتحقيق الابتدائي في جميع الجنايات والجنح والجرائم. أو 2-أن يكون القضاة هم أصحاب الولاية العامة في ذلك، وهو ما لا تعرفه القوانين كولاية عامة لهم في جميع الجنايات والجنح والجرائم. وإنما في نوع محدد على سبيل الحصر وفي حالات معينة.
وهذا يعني بقاء هذه الجهة مشكلة من أعضاء ليسوا قضاة وإنما بمراتب ومسميات تصور الفهم الدقيق لمهمتهم وهي النيابة عن المجتمع وحمايته والمطالبة بحقه.
وإذا قلنا بفصل الوظيفتين فتكون وظيفة الادعاء للنيابة العامة ووظيفة التحقيق للقضاة لترتب على ذلك أمرين: 1-أن نخلق قانوناً مبتكراً للنيابة العامة لم تعرفه بقية الدول، فجميعها تقرر لتلك الجهة سلطتي التحقيق والادعاء. 2-أن يجبر مدعٍ على إقامة دعوى استقل غيره بإنشاء أدلتها والتصرف فيها، فكيف تكون قدرته على إثبات دعواه وتقديم دليله بتحقيقات لم يطلع عليها أولم يقتنع بكفايتها أو نتيجتها. فإن قيل هذا يرد أيضاً على القضية التي يباشرها قاضي التحقيق بالمحكمة. فالجواب: أنه لا يغل يدها عن الادعاء قضاءً وفق التحقيق الذي تجريه وفق اختصاصها الأصيل به، وزوال هذه الوظيفة عنها بالكلية مؤداه أن تكون دائماً في موقف المأذون له، فتصبح السلطة منحة. وقوانين الدول لا خلاف بينها على تقرير سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. ومعلوم أن هناك فرق بين الحاليتين: فحفظ الأوراق يكون قبل إجراء أي تحقيق فيها أي بعد البلاغ والتحري وجمع الأدلة، والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى يكون بعد التحقيق الابتدائي. وسلب ما قررته تلك القوانين من النيابة العامة معناه أن يكون حفظ الأوراق من اختصاص القضاة ببلاغ يقدم لهم مباشرة في أي واقعة أو بأوراق وبلاغات يتلقاها بقية رجال الضبط الجنائي ويحيلونها مباشرة للمحكمة لأن حق الحفظ الذي كان مقرراً للنيابة العامة أضحى موكولاً للمحكمة (قضاء التحقيق).
4-نحن لا نقول بأنه لا يوجد قضاة تحقيق ، أو أن أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام لا يجوز التحاقهم بالقضاء .. كل ما هنالك الرغبة في توضيح أمر قانوني .. (لأن البعض هداه الله يظن أن أمور التنظيم يمكن أن تبنى على وجهات النظر والرؤى الخاصة والأفكار المختلقة بعيداً عن الفقه القانوني) .. وهذا التوضيح مفاده: لا يصح أن تقول: (قضاء التحقيق = النيابة العامة) أو = هيئة التحقيق والادعاء العام .. هذا لا يصح .. إن أردت أن تطلق عليهم هذه التسمية فلابد من نقلهم كقضاة في المحاكم .. لكن لتلحظ أمور:
= لا يمكن أن يُلغى وجود النيابة العامة ، ولا أن تُسلب منها سلطة التحقيق الابتدائي.
= لا يمكن أن يباشر قضاة التحقيق مهمة التحقيق في كل القضايا بل بشروط وحالات معينة أو بطلب من صاحبة الولاية الأصلية بذلك (النيابة العامة).
= إذا كان ذلك كذلك، فماذا تسمي من بقي من محققي النيابة العامة ممن لم يلتحق بقضاء التحقيق.. نحن نقول أعضاء النيابة العامة وهو المتفق عليه فقهاً وقضاءً .. ومن لم يقبل بقول عملاق القانون الجنائي (د. أحمد فتحي سرور) وفقيه القضاء الإداري والدستوري القاضي د. فاروق عبدالبر وفتوى قسم التشريع بمجلس الدولة المصري فهل سيقبل بقول قاضي المظالم .. لا أظن ..
إذن سننحي الفقه جانباً ونرتكن لوجهات النظر ..
فضيلة قاضي المظالم لو حصل وقضت الاوامر السامية بضم أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام للمجلس وجعلهم قضاة تحقيق فهل يعُد ذلك مخالفة ؟.
قاضي المظالم
20-08-2011, 12:46 AM
فضيلة قاضي المظالم لو حصل وقضت الاوامر السامية بضم أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام للمجلس وجعلهم قضاة تحقيق فهل يعُد ذلك مخالفة ؟.
هل يعد "ضمهم للمجلس وتسميتهم بقضاة تحقيق" مخالفة؟!!
جوابه موجود بوضوح في مشاركاتي حول هذا الموضوع ..
وتحديداَ .. تأمل ما طالبتُ به في هذا الشأن ..
ابوحافظ
20-08-2011, 12:49 AM
هل يعد "ضمهم للمجلس وتسميتهم بقضاة تحقيق" مخالفة؟!!
جوابه موجود بوضوح في مشاركاتي حول هذا الموضوع ..
وتحديداَ .. تأمل ما طالبتُ به في هذا الشأن ..
أشكر فضيلتكم على هذا التوضيح.
د. ناصر بن زيد بن داود
20-08-2011, 01:53 AM
أخي العزيز : قاضي المظالم .
لعل تعقيب فضيلتكم الأخير من باب ( إياك أعني ) ، ولذلك فسأكون مباشراً ، لا متوارياً .
أولاً/ درست وإياك ذات المراحل الأربع الأولى من التعليم قبل التحاقنا بسلك القضاء ، ثم شاء الله لك قضاءً تجد مراجعه عند رجال القانون ، وأسلك وأمثالي قضاءً أجد مراجعه هي نفس الأصول والقواعد والفروع التي درستها خلال مراحل تعليمي الست .
ثانياً/ مما اشتركنا في تعلمه معاً : أننا نعرف الرجال بالحق ، ولا نعرف الحق بالرجال ، ولا بالعماليق ، حتى أن أسلافنا عليهم الرضى والرضوان صرحوا بقولهم : كلٌ يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر عليه الصلاة والسلام ، وزاد الأئمة : فأمروا باتباع الحديث وأقوال الصحابة فيما لا نص فيه ، وتوقفوا في التابعين ، فقالوا عنهم : هم رجال ونحن رجال .
- ولعل عمالقة القانون جاؤوا بعد عصر التابعين بألف وأربعمائة عام .
ثالثاً/ علم الشريعة له مصادره المقدسة المعصومة ، ومع ذلك اختلفت المفاهيم في تفسير بعضها ، فنشأت من ذلك مدارس الفقه ومذاهبه .
وعلم القانون رؤى ونظريات يراها مفكرو العصر ، فينتهجونها ، ثم يأتي زمان له دولة ورجال غيرهم ، فينقضون ويفتلون ، ولو بقي الآخرون على ما ورثوه لما كان لهم مزيد فضل ، ولا ثاقب نظر ، ولا مسايرة للنوازل والمتغيرات .
مع أن تلك النظريات لا أصل لها تستند إليه غير إجالة الفكر ووجهة النظر التي يراها رجل القانون ، فيُروِّج لها ، وينشرها في محاضراته ودروسه ومؤلفاته ، وقد يساعده حظه فيتصل بأحد الساسة ، ليضع نظرياته تلك موضع التطبيق بما أوتي من سلطة .
رابعاً/ لعلي لا أهِم في أن القانون الإداري نشأ قبل أقل من قرنين ونصف فقط، وقبل نشوئه قامت دولً كثيرة بسطت نفوذها في الشرق والغرب منذ عهد ذي القرنين وحتى آخر خلفاء بني عثمان ، فلم يضر تلك الدول جهلهم بنظريات القانون المعاصرة ؛ لأن كل دولة كان لها قانونها الذي استطاعت به تسيير أمورها ومواكبة توسع رقعتها .
- فلن يضر بلادنا أن خالفت د. سرور ، ود. فاروق في مسألة تنظيمية بحتة لنا فيها تعليلنا وتسبيبنا .
- ولن يضر نظريات الأساتذة الكرام لو أن رجال القضاء السعودي اتخذوا تعديلاً بسيطاً في جانب من جوانب التنظيم القضائي .
- بل ولن يضر ذلك بلاده - العزيزة علينا أجمعين - لو أخذت برأي أساتذة القانون في المغرب والجزائر والعراق ولبنان ، وما عليه القضاء البريطاني الذي هو مضرب المثل اليوم في بسط العدالة بين أفراد مجتمعه في جميع أنواع الأقضية .
أخي الفاضل :
لسنا في مقام مزاحمة أولئك العمالقة ، وليس في أيدينا معاول هدم لنظرياتهم ، ولن تزول دولتنا الفتية إن خالفناهم ، كما لن ينقص ذلك من قدرهم عند من يستند إلى آرائهم ويعتمد على تشريعاتهم ، إن هي إلا وجهات نظر لا نُلزم بها أحداً ، ولا نزعم خطأ غيرها بقدر ما نرجو صوابها ونأمل حسن وكمال الاستفادة منها . والله المستعان
قاضي المظالم
20-08-2011, 02:43 AM
أخي العزيز : قاضي المظالم .
لعل تعقيب فضيلتكم الأخير من باب ( إياك أعني ) ، ولذلك فسأكون مباشراً ، لا متوارياً .
أولاً/ درست وإياك ذات المراحل الأربع الأولى من التعليم قبل التحاقنا بسلك القضاء ، ثم شاء الله لك قضاءً تجد مراجعه عند رجال القانون ، وأسلك وأمثالي قضاءً أجد مراجعه هي نفس الأصول والقواعد والفروع التي درستها خلال مراحل تعليمي الست .
ثانياً/ مما اشتركنا في تعلمه معاً : أننا نعرف الرجال بالحق ، ولا نعرف الحق بالرجال ، ولا بالعماليق ، حتى أن أسلافنا عليهم الرضى والرضوان صرحوا بقولهم : كلٌ يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر عليه الصلاة والسلام ، وزاد الأئمة : فأمروا باتباع الحديث وأقوال الصحابة فيما لا نص فيه ، وتوقفوا في التابعين ، فقالوا عنهم : هم رجال ونحن رجال .
- ولعل عمالقة القانون جاؤوا بعد عصر التابعين بألف وأربعمائة عام .
ثالثاً/ علم الشريعة له مصادره المقدسة المعصومة ، ومع ذلك اختلفت المفاهيم في تفسير بعضها ، فنشأت من ذلك مدارس الفقه ومذاهبه .
وعلم القانون رؤى ونظريات يراها مفكرو العصر ، فينتهجونها ، ثم يأتي زمان له دولة ورجال غيرهم ، فينقضون ويفتلون ، ولو بقي الآخرون على ما ورثوه لما كان لهم مزيد فضل ، ولا ثاقب نظر ، ولا مسايرة للنوازل والمتغيرات .
مع أن تلك النظريات لا أصل لها تستند إليه غير إجالة الفكر ووجهة النظر التي يراها رجل القانون ، فيُروِّج لها ، وينشرها في محاضراته ودروسه ومؤلفاته ، وقد يساعده حظه فيتصل بأحد الساسة ، ليضع نظرياته تلك موضع التطبيق بما أوتي من سلطة .
رابعاً/ لعلي لا أهِم في أن القانون الإداري نشأ قبل أقل من قرنين ونصف فقط، وقبل نشوئه قامت دولً كثيرة بسطت نفوذها في الشرق والغرب منذ عهد ذي القرنين وحتى آخر خلفاء بني عثمان ، فلم يضر تلك الدول جهلهم بنظريات القانون المعاصرة ؛ لأن كل دولة كان لها قانونها الذي استطاعت به تسيير أمورها ومواكبة توسع رقعتها .
- فلن يضر بلادنا أن خالفت د. سرور ، ود. فاروق في مسألة تنظيمية بحتة لنا فيها تعليلنا وتسبيبنا .
- ولن يضر نظريات الأساتذة الكرام لو أن رجال القضاء السعودي اتخذوا تعديلاً بسيطاً في جانب من جوانب التنظيم القضائي .
- بل ولن يضر ذلك بلاده - العزيزة علينا أجمعين - لو أخذت برأي أساتذة القانون في المغرب والجزائر والعراق ولبنان ، وما عليه القضاء البريطاني الذي هو مضرب المثل اليوم في بسط العدالة بين أفراد مجتمعه في جميع أنواع الأقضية .
أخي الفاضل :
لسنا في مقام مزاحمة أولئك العمالقة ، وليس في أيدينا معاول هدم لنظرياتهم ، ولن تزول دولتنا الفتية إن خالفناهم ، كما لن ينقص ذلك من قدرهم عند من يستند إلى آرائهم ويعتمد على تشريعاتهم ، إن هي إلا وجهات نظر لا نُلزم بها أحداً ، ولا نزعم خطأ غيرها بقدر ما نرجو صوابها ونأمل حسن وكمال الاستفادة منها . والله المستعان
شيخي المبجل: الدكتور ناصر ..
قد قلتُ ما هداني الله لعلمه وفهمه .. فإن كان صواباً فمنه سبحانه .. وإن كان خطأً فمن تقصيري والشيطان .. واستغفر الله ..
والتلميح خارج سياق النقاش بقراءة النيات والتفتيش في القلوب بدأ بتعقيبكم على خلاف ما تعودناه منكم .. وقد عهدتني متأثراً غاية التأثر بما تخطه أناملكم .. ولكن الحق كما قلتم لا يُعرف بالرجال ..
وأما عن الطريق والطريقة .. فأنتم تعلمون من شأني ما لا يعلمه غيركم .. فلا تلمني ..
ولا بأس .. فغداً صبحٌ جديد .. وذات مرة قال لي أحد مشايخي: أنت لا تُعمر في كل حالٍ زمناً طويلاً .. وقد رأيتُ ما قاله صدقاً وحقاً في كل شؤوني .. ولا أخفيكم أنه لشيء مُفرح لا مُحزن .. فربما تراني يوماً أبعد ما أكون عن القانون والقضاء .. فغداً صبحٌ جديد ..
"وهذا القدر يغني" .. والله من وراء القصد ..
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.