المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المحاكم المرورية ... الخطوة المرتقبة في تنظيم المرور



ابوعبدالعزيز
08-03-2009, 11:04 AM
جريدة الاقتصادية - الأحد 11 ربيع أول 1430 هـ. الموافق 08 مارس 2009 العدد 5627

المحاكم المرورية ... الخطوة المرتقبة في تنظيم المرور

هناك اليوم جهود جادة للارتقاء بالوضع المروري في المملكة, وهذه الجهود تتكامل مع ما تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين من مشاريع كبيرة في بناء الطرق والجسور في مختلف مناطق المملكة فهناك كثير من المشكلات المرورية التي هي فعلا بحاجة إلى التعامل معها بجدية من خلال أطر تنظيمية حديثة قادرة على حلها, فالمملكة تعاني كثرة الحوادث المرورية وما ينتج عنها من ضحايا وإصابات وتلفيات هي كبيرة بالمقاييس المعتادة, فثلث أسرة المستشفيات الحكومية يشغلها ضحايا الحوادث وهذا له أثر سلبي في مجمل الخدمات الصحية, أما الوفيات وبالأخص من فئة الشباب فالعدد كبير وهذا يكفي للتعبير عن أننا نعيش أمام مشكلة لا بد من الاهتمام بحلها. ومعظم هذه الحوادث ما كانت تحدث لو كان هناك انضباط والتزام بالأنظمة المرورية، فالمشكلة عندنا ذات وجهين, الأول إيجاد مناخ عام منضبط تتوفر فيه كل الأدوات والإمكانات التي لا تسمح بحدوث المخالفة المرورية من الأصل, فهذا الجانب هو جانب وقائي وهو على قدر كبير من الأهمية لأننا يجب أن ننشغل أولا بمنع وقوع الحادث لأن مجرد وقوعه ستكون له خسائر وآثار سلبية صغيرة أو كبيرة, وبعد ذلك يتوجه حرصنا إلى أن تكون الحوادث الواقعة صغيرة ولا تتجاوز خسائرها الأمور المادية. والجانب الآخر هو التعامل مع الحادث بعد وقوعه ويتمثل في معاقبة من تسبب في حدوث الحادث وضمان حقوق من تضرر منه فكلما كان هناك حرص بأن يدفع المخطئ ثمن خطأه فإننا بذلك سيكون عندنا ثقافة نظام تردع السائق من أن يتساهل في ارتكاب التجاوزات والمخالفات التي تؤدي إلى وقوع الحوادث. ففي الجانب الأول وهو الجانب الوقائي نسمع عن مشروع ضخم سيكلف تنفيذه البلايين من الريالات لمراقبة الشوارع في مختلف مناطق المملكة, وهذا المشروع يهدف بصورة خاصة إلى الحد من السرعة الزائدة التي هي السبب الرئيس لوقوع الحوادث وهي أيضا السبب الأول لجعل الحوادث عندنا تنتج عنها إصابات بشرية أكبر من المعدل لنوعية هذه الحوادث فهذا المشروع لو طبق فعلا وبالشكل الذي خطط له واستمر الاهتمام به أثناء تشغيله وصيانته فإنه سيحدث نقلة كبيرة في تنظيم المرور في المملكة فالسرعة التي هي أم المشكلات المرورية سيكون من السهل ضبطها ومتابعة مرتكبيها ومعاقبتهم وبعدها سنجد تراجعا كبيرا في نسبة وحجم الحوادث المرورية.
أما على الجانب الآخر فتأتي ضرورة المبادرة والإسراع في إنشاء المحاكم المرورية. فبالرغم أن هناك اقتناعا بأهمية المحاكم المرورية وأن مناقشة هذا الموضوع والحديث عنه قد استغرقا فترة طويلة جدا وأنه لم يعد هناك ما هو في حاجة إلى المناقشة وتبيان فوائده في هذا الإطار إلا أن الأمر صار أكثر إلحاحا في الوقت الحاضر. فالتطوير والارتقاء بالمرور في المملكة لن يكتمل من دون أن يكون عندنا نظام قضائي ومحاكم مرورية متخصصة في هذا المجال. فغياب مثل هذه المحاكم تتضرر منه عدة أطراف, فتحديد نسبة الخطأ وتعيين مسؤولية من تسبب في الخطأ عملية بحاجة إلى أناس لهم دراية بالأنظمة المرورية وعندهم القدرة على تشخيص ما حدث في الواقع ومن ثم تحديد حقوق الأطراف ذات العلاقة بالموضوع وهذا مكانه المحاكم المرورية فرجل المرور في ميدان العمل يجب أن يدرب فقط على رصد وقائع الحادث على طبيعته من دون تحديد المخطئ في ذلك ومن ثم تترك المسؤولية للمحاكم المرورية لدراسة الحادث والاستماع للأطراف ومناقشة الحقائق والمعلومات الخاصة بالحادث وربما استدعاء من لهم خبرة في هذا المجال، وبعدها يكون لقاضي المحكمة كلمة الفصل في تحديد المخطئ والحكم بالنتيجة المترتبة على هذا الحادث فغياب مثل هذه المحاكم يؤدي بالنتيجة إلى أن رجال المرور يسعون وهم ربما غير ملامين في ذلك لإنهاء الموضوع بالتصالح بين الأطراف، وهذا فيه ظلم لأحد الأطراف وفيه عدم ردع للطرف المخطئ من معاودة ارتكاب الخطأ مرة أخرى.
فمن حق المجتمع وهو اليوم يبشر باهتمام وجدية ومشاريع كبيرة ومكلفة للارتقاء بالوضع المروري في المملكة أن يتطلع لأن تكون المحاكم المرورية من المشاريع التي سترى النور في إطار هذا التنظيم الجديد فليس هناك ما يمنع هذا الأمر بل إن الظروف وحجم المشكلات المرورية صارا يحتمان علينا الإسراع في الشروع في إيجاد هذه المحاكم وسيكون لإيجادها فعلا الدور المكمل للارتقاء بالأنظمة المرورية في المملكة.