ابوعبدالعزيز
25-04-2009, 01:18 PM
جريدة الرياض - السبت 29 ربيع الآخر 1430هـ - 25 ابريل 2009م - العدد 14915
آلية إحضار الخصوم تحتاج إلى إجراءات جديدة وملزمة..!
«تخصيص القضاة» يقلل من تأخر البت في القضايا
بريدة،تحقيق–ملفي الحربي
يتذمر بعض المتخاصمين امام المحاكم من تعدد وتباعد مواعيد جلسات التقاضي، وآلية إحضار خصومهم في المحاكم الشرعية، مطالبين بآلية تضبط التعامل مع القضايا وأطرافها وتطبق على الجميع، وقد بررالقضاة تأخير القضايا إلى تعددها وتنوعها، مقارنة بأعدادهم. بينما طالب المحامون بإيجاد عقوبات لأصحاب الدعاوى الكيدية التي يشغل أصحابها أفراداً وجهات قضائية ونظامية وتنفيذية بقضاياهم دون وجه حق، مؤكدين على أن أفضل الحلول للحد من تأخر القضايا في المحاكم هو الأخذ بمبدأ التخصص للقضايا المتنازع حولها، وتصنيف القضاة تبعاً لهذا التخصيص. قضاتنا أرحم!
في البداية يشير المحامي تركي بن عبد العزيز الكريدا إلى أن تأخر التقاضي من شأنه أن يولد المرارة والحسرة لدى المتداعين، لاسيما أصحاب الحقوق الذين يتكبدون مشقة التداعي على مدار جلسات متعاقبة، ولسنوات طوال، حتى أن لسان حال بعضهم، يعبر عن أمنيته بانتهاء الخصومة ولو لصالح خصمه، على اعتبار أن اليأس إحدى الراحتين!
وقال إن تفسير أبعاد هذه الظاهرة، والوقوف على أسبابها، يستدعي ضرورة النظر إلى المشكلة من جميع الزوايا؛ لاستظهار أصحاب المسؤولية كلٌ حسب موقعه، حتى يمكن تبني تصور فعَّال للحد من تناميها، مؤكداً على أن ظاهرة بطء التقاضي، هي ظاهرة عالمية وليست مجرد مشكلة محلية، وهذه الظاهرة لم تقتصر على النامي من الدول فحسب، بل أرَّقت الدول المتقدمة أيضاً، التي وقفت عاجزة عن وضع حل جذري يقضي على هذه المشكلة بشكل نهائي، والإنصاف يقتضي تقرير حقيقة أولية، ألا وهي أن الوضع في المملكة أقل بكثير مما عليه في بعض الدول حيث ، نجد أن متوسط عمر الدعوى يتراوح بين (7) و(10) سنوات منذ ولادتها، وحتى انتهائها بموجب حكم نهائي، ومع ذلك فإننا بهذه المقارنة لا نشفع للمحاكم في المملكة بشكل مطلق، حيث إن هناك –للأسف- قضايا قد استغرقت سنوات طوال، ولم يفصل فيها حتى يومنا هذا بشكل نهائي، ولا حتى ابتدائي، لاسيما القضايا التي تتعلق بتصفية التركات، أو الشركات؟!!
تحسن ملحوظ في المواعيد..ولكن!
ويشير المحامي يوسف الخريصي إلى أن هناك تحسناً ملحوظاً في مواعيد جلسات التقاضي، ضارباً مثلاً بالمحكمة العامة ببريدة والتي طبقت نظاماً حاسوبياً لجلسات التقاضي قلص مواعيد التقاضي بشكل ملحوظ. ويضيف زميله المحامي الكريدا إن أكثر المتفائلين لا يمكنه طرح تصور يقضي بشكل نهائي على ظاهرة بطء التقاضي، ولكن غاية المُنى، هو تبني بعض الآليات التي يكون من شأنها التقليل من تنامي الظاهرة، والحد من تداعياتها بالقدر الذي لا ينال من جودة المخرجات القضائية التي هي عنوان للحقيقة، بحسبان أنه يجب دائماً ألا يكون استهداف العدالة الناجزة، على حساب الدقة والجودة.
وأضاف أن نظام القضاء الجديد جاء ليعكس نهوض الدولة –حفظها الله- بمسؤوليتها، واهتمامها بتطوير مرفق حيوي كالقضاء، وحرصها على بذل محاولات جادة؛ لمعالجة ظاهرة بطء التقاضي، من واقع تفعيل مبدأ التخصص القضائي، لاسيما ما نصت عليه المواد (6) (9) (20) من النظام، بشأن تخصيص دوائر قضائية لنظر نزاعات معينة، ولا شك أن إحالة نوعية معينة من الدعاوى، إلى دوائر متخصصة، من شأنه تنمية المهارات العدلية للقضاة، بما ينعكس بالضرورة على سرعة الفصل، ودقة الإنجاز، وقلة الأخطاء .. ويشير الكر يدا إلى أن التخصص بلغ مداه بما أوردته المادة (20) من نظام القضاء الجديد، بشأن تقسيم المحكمة الجزائية إلى دوائر متخصصة، نيط بإحداها نظر دعاوى القصاص والحدود، والأخرى بدعاوى التعزير، والأخيرة بدعاوى الأحداث.. وهو ما يجسد ترسيخ مبدأ التخصص القضائي، من خلال الانتقال من التصور الكلي، المتمثل في تخصيص محكمة الجزائية، إلى تصور أدق، بتقسيم المحكمة الجزائية إلى ثلاثة أقسام.
مقترحات تطويرية
ويقترح المحامي يوسف الخريصي عدة اقتراحات لتطوير إجراءات التقاضي منها فرز الجلسات حسب مراحل كل قضية، فجلسة لرصد المستندات والتقارير الطبية أو الشهود والخبراء لها وقتها المتوقع وجلسات إصدار الحكم والإصلاح والترافع لها وقتها وقضايا الدعاوى لها وقتها ولا تساوى بجلسات الردود والترافع وكذا القضايا الجنائية ولعل تطبيق النظام القضائي الجديد يساعد على هذا.ويرى المحامي يوسف الخريصي أهمية تعيين باحث شرعي على الأقل في كل مكتب قضائي ليقوم بمهمة تدقيق المستندات من وكالات و حصر ورثة ونص عقد أو تقرير و سندات تملك و خلافه، وتلخيص الدعوى و تحريرها، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات والتدقيقات تحتاج وقتاً فقد يستهلك رصد الوكالات والمستندات أكثر من ساعة، فضلا إذا تغير الوكيل أو استجد ما يتطلب رصده واستفادة مما يقوم به الفريق الطبي المساعد للجراح من تهيئة المريض وتقاريره فلا يكون أمام الطبيب إلا اتخاذ القرار المناسب مع الأخذ بالاختلاف بين العملين، مضيفاً أموراً يرى أنها تحقق الضبط والجلسات وتساعد على زيادة الإنتاجية وهي الالتزام بمواعيد الدوام الرسمي، فيجب أن يكون المسؤول في مكتبه متهيئاً قبل الثامنة وتطبيق النظام بحذافيره وإتاحة المجال لتبادل المذكرات وأن يلزم المتقدم بمذكرة يلخص محتواها ورفع كفاءة المترافعين ورفض أي وكيل غير مؤهل لما يتميز به المحامي من خدمة لموكليه وللمحكمة أيضا وزيادة عدد القضاة. وقال في عام 1410ه كان عدد القضاة في محكمة بريده العامة ( الكبرى) ثمانية قضاة وعدد القضايا المنظورة حسب إحصائية وزارة العدل هي 3015 قضية فقط وفي عام 1429ه أي بعد ثلاثة وعشرين عاماً أصبح عددهم تسعة قضاة وعدد القضايا المنظورة تقارب عشرين ألف قضية أي بمعدل لكل قاضي 2000قضية على اختلافها (الجنائي، أحوال الشخصية،عقاري،..)، وهذا عدد مهول قد يؤثر على المترافعين ودقة الأحكام.
ويضيف المحامي الكريدا اقتراحات عملية؛ لمعالجة تأخر الجلسات وبطء التقاضي، ومنها زيادة عدد المحاكم كماً ونوعاً، وزيادة عدد القضاة بالقدر الذي يتناسب مع الزيادة المضطرة في أعداد القضايا المتدفقة، وتخصيص فريق من الباحثين الشرعيين، والقانونيين ليكونوا في عون القاضي، لاسيما في ظل ضرورة مواكبة المستحدثات التنظيمية، وكذلك دعم القاضي بكوادر إدارية مدربة، وذات كفاءة عالية، وكذلك تقنين الأحكام الشرعية لما له من مميزات أبرزها توفير الوقت الذي ينفقه القاضي عادةً في البحث والاجتهاد، وتفعيل مراقبة أداء القضاة عن طريق الأجهزة المختصة، ومكافأة المحسن، ومحاسبة المقصر.
ويتفق المحاميان الكر يدا والخريصي على أهمية تفعيل النصوص النظامية السارية بشأن الدعاوى الكيدية؛ للحد من تنامي ظاهرة اللدد في الخصومة، ورفع الدعاوى الكيدية، التي يستطيل نصلها فيصيب الأبرياء، وذلك لضمان عدم إقدام أي شخص على إشغال منصة القضاء دون الاستناد إلى مسوغات، أو دلائل، ويطالبان بتحميل المماطل أتعاب المحاماة، وأجرة التقاضي، والتعويض عن العطل والضرر الناشئ عن الدعاوى الباطلة أو الكيدية.
ضوابط قضائية
وكشف القاضي بالمحكمة الجزئية في بريدة الشيخ إبراهيم بن عبد الله الحسني جملة من الضوابط والاجراءات المعمول بها للتقاضي بين المتخاصمين،هي:
- عدد الجلسات لا يقل عن (6) في كل يوم، وذلك حسب الفقرة رقم (1) من لائحة المادة رقم(59) من نظام المرافعات والواقع انه في المحاكم العامة اوالجزئية في المدن الكبيرة غالبا ماتفوق الجلسات التي فيها خصومات عشر جلسات، إضافة للقضايا الانهائيه من إثبات الطلاق والولايات وحصور الورثة وتصديق الاقارير والاجابة على استفسارات الجهات الحكومية عن السجناء وإطلاق سراحهم والجواب على محكمه التمييز في بعض ملحوظاتها وقسمة التركات وأذون البيع والشراء واثبات الوصايا والأوقاف وسائر الانهاءات والتي لاتحسب من ضمن الجلسات العشرالمذكورة.
- ميعاد الحضور أمام المحكمة العامة ثمانية أيام على الأقل من تاريخ تبليغ صحيفة الدعوى، ويجوز في حالة الضرورة نقص هذا الميعاد إلى أربع وعشرين ساعة وفقاً للمادة (40)من نظام المرافعات فحددت المادة ثمانية أيام هي الحد الأقل للموعد ويجوز تمديد الموعد أكثر من ذلك حسب كثرة المعاملات في المحكمة والمواعيد تحديدها صار حاليا في الحاسب الآلي، ففي بريده في كل يوم ثمانية مواعيد للدعاوى دون الانهاءات فمادام هناك موعد شاغر قريب لايقبل النظام إعاد الموعد ولو طلب المراجع التأجيل إلا بإذن من القاضي نفسه.
- ميعاد الحضور أمام المحكمة الجزئية ثلاثة أيام ويجوز نقص الميعاد إلى ساعة في حالة الضرورة المادة(40) من نفس النظام وهذا الموعد هو الأقل ويسري عليه ما ذكر في الفقرة التي قبلها
- تضاف مدة ستين يوماً إلى المواعيد لمن كان محل إقامته خارج المملكة وللقاضي الزيادة على ذلك عند الحاجة المادة(22) ولائحتها.
-هناك دعاوى مستعجلة وهي دعاوى المعاينة لإثبات الحالة ودعوى منع التعرض للحيازة ودعوى استردادها ودعوى المنع من السفر ودعوى وقف الأعمال
الجديدة ودعوى طلب الحراسة والدعوى المتعلقة بأجرة الأجير اليومية والدعاوى الأخرى التي يعطيها النظام صفة الاستعجال كدعاوى الخادمات الهاربات على كفلائهن في حالة استضافتهن وهذه الدعاوى ميعاد الحضور فيها أربع وعشرون ساعة على الأقل ويجوز الزيادة عند الاقتضاء وفق للمادتين 234و235 من نظام المرافعات.
وعن تعدد المواعيد (موعد أول وثان وثالث) ومايراه بعض الخصوم من أنها تعطيل في إنهاء التقاضي، قال الشيخ الحسني هناك دعاوى تنهى في جلسة واحدة وبعضها في جلستين وبعضها في ثلاث جلسات وبعضها أكثر من ذلك؛ حسب ملابسات الجلسات، فقضية بمبلغ قرض ويدعي المدعي ويقر المدعى عليه فيحكم مباشره ولكن بعض القضايا تحتاج إلى شهود وبعضها كقسمة التركات تحتاج إلى حضور ورثة ووكالات من الورثة مخولة للقسمة وتحتاج للنظر في صكوك العقارات وهل يعتمد عليها عند الإفراغ؟، وهل هي سارية المفعول؟، واذاكان أحد الورثة ممتنعاً تحتاج إلى حكم بالقسمة اوالبيع كما تحتاج إلى لجنة لتثمين العقار وقد تحتاج إلى لجان إذا كانت العقارات في مدن كثيرة وليس في مدينة واحدة، وإذا كانت القضية في جناية مثلا طعن فهذه تحتاج إلى لجان اللجنة الأولى طبيب اواثنان يصفون الجناية ويسمون اسمها ثم يشكل القاضي لجنة أخرى لتقدير مايستحقه المجني عليه اذالم تكن مقدره في الشرع أصلا،وهي المسماة الحكومة وهذا كله في حال حضور الخصوم وبعض الناس يظن أن الدعاوى واحدة ويجب أن تنتهي في جلسة واحدة وهذا مايسبب الأخذ والرد عند البعض وان المحكمة لم تبت بل أن البعض من القضايا يكون شهودها متفرقين داخل وخارج المملكة ويحتاج القاضي إلى استخلاف ولايستطيع البت حتى ترد الشهادات إليه وهكذا.
المتهربون عن الحضور
وأشار إلى أن تهرب الخصوم من حضور الجلسات هو دليل على ضعف الإيمان وقلته حيث إن المحافظة على المواعيد والالتزام بها من صفات المؤمنين، والأمم المتحضرة، موضحاً أن نظام المرافعات لم ينص على عقوبة محددة على المتهرب عن الحضور لكن لو أحيل للتأديب وكان تهربه لغير سبب مع حضوره وغناه لجرى تأديبه وتعزيره على ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام (مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته)، وذلك حسب عموم الشريعة وهناك سبب آخر من جهة المخاصم فلو طالب المدعي بمصاريفه نتيجة مماطلة المدعى عليه وتهربه حتى ألجأه إلى ترك إشغاله وأعماله لحكم له بأجور التقاضي كما يقرره الفقهاء،كما أن القاضي ينبغي له إذا ظهر له كذب المدعي أو المدعى عليه وان الدعوى كيدية أن يعزر المدعي في ضبط القضية استنادا للفقرتين 6و7 من لائحة المادة رقم 4 من نظام المرافعات وقد أدبنا مدعى عليه في ضبط القضية بعد الحكم عليه بالمبلغ مباشره بجلده 30سوطا لقاء ظهور كيدية ماجاب ودفع به وصدق ذلك من محكمة التمييز استنادا على ماذكرنا.
علاج التأخير
وأوضح الشيخ الحسني جملة من الحلول التي تعين على علاج تأخرحضور المتخاصمين،وهي:
- إذا تبلغ المدعى عليه لشخصه أو وكيله الشرعي في القضية نفسها بموعد الجلسة وصحيفة الدعوى ولم يحضر ولم يقدم عذرا مقبولا لاهو ولا وكيله فيسير القاضي بالقضية ويحكم عليه بعد ثبوت موجب الدعوى ويعد الحكم في حقه حضوريا وفق المادة رقم(55) ولائحتها رقم(1) من نظام المرافعات وقد فعلنا هذا كثيرا ويفعله كثير من القضاة ومستعدون لاطلاعكم على عشرات الأحكام من هذا النوع وبعد اكتسابها القطعية نفذت حسب النظام.
-إذا كان التبليغ لم يكن لشخص المدعى عليه ولم يحضر في الجلسة الأولى فيؤجل في جلسة لاحقة ويعاد التبليغ فان لم يحضر وغاب الشخص فتحكم المحكمة في القضية ويعد الحكم غيابيا في حق المدعى عليه ويكون على حجته متى ماحضر وفي كلتا الحالتين يبلغ الحكم للمدعى عليه فان تعذر التبليغ رفع الحكم لمحكمة التمييز وان تبلغ فله ثلاثون يوما من تاريخ التبليغ فان لم يقدم اعتراضه فيكتسب الحكم القطعية ويجب انفاذه.
- إذا كانت الدعوى مما لايقضى فيه بالنكول كدعوى المرأة طلاقها وليس لها بينه فهنا يلزم الزوج بالحضور للإقرار بالطلاق اونفيه ولا تجلس المرأة معلقة.
- إذا كانت الدعاوى من أناس كثر وكان النصب والاحتيال ظاهرا فيها فهنا للدعوى شقان جنائي وحقوقي فللقاضي إدراج المدعى عليه في قائمة المطلوبين للمراجعة وهي نافع وذلك بإيقاف خدمات المشتكي في الحاسب الآلي إذا لايستطيع إجراء أي معاملة مربوطة بالحاسب كما لايستطيع السفر خارج المملكة حتى يلغى من قائمة المنع.
- إذا كان المدعى عليه يريد السفر وخشي المدعي من ضياع حقه فله التقدم للمحكمة ناظرة القضية بمنع خصمه من السفر وللمحكمة منعه عاجلا وإدراجه على قائمة الممنوعين من السفر وفقا للمادة رقم 236 من نظام المرافعات.
آلية إحضار الخصوم تحتاج إلى إجراءات جديدة وملزمة..!
«تخصيص القضاة» يقلل من تأخر البت في القضايا
بريدة،تحقيق–ملفي الحربي
يتذمر بعض المتخاصمين امام المحاكم من تعدد وتباعد مواعيد جلسات التقاضي، وآلية إحضار خصومهم في المحاكم الشرعية، مطالبين بآلية تضبط التعامل مع القضايا وأطرافها وتطبق على الجميع، وقد بررالقضاة تأخير القضايا إلى تعددها وتنوعها، مقارنة بأعدادهم. بينما طالب المحامون بإيجاد عقوبات لأصحاب الدعاوى الكيدية التي يشغل أصحابها أفراداً وجهات قضائية ونظامية وتنفيذية بقضاياهم دون وجه حق، مؤكدين على أن أفضل الحلول للحد من تأخر القضايا في المحاكم هو الأخذ بمبدأ التخصص للقضايا المتنازع حولها، وتصنيف القضاة تبعاً لهذا التخصيص. قضاتنا أرحم!
في البداية يشير المحامي تركي بن عبد العزيز الكريدا إلى أن تأخر التقاضي من شأنه أن يولد المرارة والحسرة لدى المتداعين، لاسيما أصحاب الحقوق الذين يتكبدون مشقة التداعي على مدار جلسات متعاقبة، ولسنوات طوال، حتى أن لسان حال بعضهم، يعبر عن أمنيته بانتهاء الخصومة ولو لصالح خصمه، على اعتبار أن اليأس إحدى الراحتين!
وقال إن تفسير أبعاد هذه الظاهرة، والوقوف على أسبابها، يستدعي ضرورة النظر إلى المشكلة من جميع الزوايا؛ لاستظهار أصحاب المسؤولية كلٌ حسب موقعه، حتى يمكن تبني تصور فعَّال للحد من تناميها، مؤكداً على أن ظاهرة بطء التقاضي، هي ظاهرة عالمية وليست مجرد مشكلة محلية، وهذه الظاهرة لم تقتصر على النامي من الدول فحسب، بل أرَّقت الدول المتقدمة أيضاً، التي وقفت عاجزة عن وضع حل جذري يقضي على هذه المشكلة بشكل نهائي، والإنصاف يقتضي تقرير حقيقة أولية، ألا وهي أن الوضع في المملكة أقل بكثير مما عليه في بعض الدول حيث ، نجد أن متوسط عمر الدعوى يتراوح بين (7) و(10) سنوات منذ ولادتها، وحتى انتهائها بموجب حكم نهائي، ومع ذلك فإننا بهذه المقارنة لا نشفع للمحاكم في المملكة بشكل مطلق، حيث إن هناك –للأسف- قضايا قد استغرقت سنوات طوال، ولم يفصل فيها حتى يومنا هذا بشكل نهائي، ولا حتى ابتدائي، لاسيما القضايا التي تتعلق بتصفية التركات، أو الشركات؟!!
تحسن ملحوظ في المواعيد..ولكن!
ويشير المحامي يوسف الخريصي إلى أن هناك تحسناً ملحوظاً في مواعيد جلسات التقاضي، ضارباً مثلاً بالمحكمة العامة ببريدة والتي طبقت نظاماً حاسوبياً لجلسات التقاضي قلص مواعيد التقاضي بشكل ملحوظ. ويضيف زميله المحامي الكريدا إن أكثر المتفائلين لا يمكنه طرح تصور يقضي بشكل نهائي على ظاهرة بطء التقاضي، ولكن غاية المُنى، هو تبني بعض الآليات التي يكون من شأنها التقليل من تنامي الظاهرة، والحد من تداعياتها بالقدر الذي لا ينال من جودة المخرجات القضائية التي هي عنوان للحقيقة، بحسبان أنه يجب دائماً ألا يكون استهداف العدالة الناجزة، على حساب الدقة والجودة.
وأضاف أن نظام القضاء الجديد جاء ليعكس نهوض الدولة –حفظها الله- بمسؤوليتها، واهتمامها بتطوير مرفق حيوي كالقضاء، وحرصها على بذل محاولات جادة؛ لمعالجة ظاهرة بطء التقاضي، من واقع تفعيل مبدأ التخصص القضائي، لاسيما ما نصت عليه المواد (6) (9) (20) من النظام، بشأن تخصيص دوائر قضائية لنظر نزاعات معينة، ولا شك أن إحالة نوعية معينة من الدعاوى، إلى دوائر متخصصة، من شأنه تنمية المهارات العدلية للقضاة، بما ينعكس بالضرورة على سرعة الفصل، ودقة الإنجاز، وقلة الأخطاء .. ويشير الكر يدا إلى أن التخصص بلغ مداه بما أوردته المادة (20) من نظام القضاء الجديد، بشأن تقسيم المحكمة الجزائية إلى دوائر متخصصة، نيط بإحداها نظر دعاوى القصاص والحدود، والأخرى بدعاوى التعزير، والأخيرة بدعاوى الأحداث.. وهو ما يجسد ترسيخ مبدأ التخصص القضائي، من خلال الانتقال من التصور الكلي، المتمثل في تخصيص محكمة الجزائية، إلى تصور أدق، بتقسيم المحكمة الجزائية إلى ثلاثة أقسام.
مقترحات تطويرية
ويقترح المحامي يوسف الخريصي عدة اقتراحات لتطوير إجراءات التقاضي منها فرز الجلسات حسب مراحل كل قضية، فجلسة لرصد المستندات والتقارير الطبية أو الشهود والخبراء لها وقتها المتوقع وجلسات إصدار الحكم والإصلاح والترافع لها وقتها وقضايا الدعاوى لها وقتها ولا تساوى بجلسات الردود والترافع وكذا القضايا الجنائية ولعل تطبيق النظام القضائي الجديد يساعد على هذا.ويرى المحامي يوسف الخريصي أهمية تعيين باحث شرعي على الأقل في كل مكتب قضائي ليقوم بمهمة تدقيق المستندات من وكالات و حصر ورثة ونص عقد أو تقرير و سندات تملك و خلافه، وتلخيص الدعوى و تحريرها، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات والتدقيقات تحتاج وقتاً فقد يستهلك رصد الوكالات والمستندات أكثر من ساعة، فضلا إذا تغير الوكيل أو استجد ما يتطلب رصده واستفادة مما يقوم به الفريق الطبي المساعد للجراح من تهيئة المريض وتقاريره فلا يكون أمام الطبيب إلا اتخاذ القرار المناسب مع الأخذ بالاختلاف بين العملين، مضيفاً أموراً يرى أنها تحقق الضبط والجلسات وتساعد على زيادة الإنتاجية وهي الالتزام بمواعيد الدوام الرسمي، فيجب أن يكون المسؤول في مكتبه متهيئاً قبل الثامنة وتطبيق النظام بحذافيره وإتاحة المجال لتبادل المذكرات وأن يلزم المتقدم بمذكرة يلخص محتواها ورفع كفاءة المترافعين ورفض أي وكيل غير مؤهل لما يتميز به المحامي من خدمة لموكليه وللمحكمة أيضا وزيادة عدد القضاة. وقال في عام 1410ه كان عدد القضاة في محكمة بريده العامة ( الكبرى) ثمانية قضاة وعدد القضايا المنظورة حسب إحصائية وزارة العدل هي 3015 قضية فقط وفي عام 1429ه أي بعد ثلاثة وعشرين عاماً أصبح عددهم تسعة قضاة وعدد القضايا المنظورة تقارب عشرين ألف قضية أي بمعدل لكل قاضي 2000قضية على اختلافها (الجنائي، أحوال الشخصية،عقاري،..)، وهذا عدد مهول قد يؤثر على المترافعين ودقة الأحكام.
ويضيف المحامي الكريدا اقتراحات عملية؛ لمعالجة تأخر الجلسات وبطء التقاضي، ومنها زيادة عدد المحاكم كماً ونوعاً، وزيادة عدد القضاة بالقدر الذي يتناسب مع الزيادة المضطرة في أعداد القضايا المتدفقة، وتخصيص فريق من الباحثين الشرعيين، والقانونيين ليكونوا في عون القاضي، لاسيما في ظل ضرورة مواكبة المستحدثات التنظيمية، وكذلك دعم القاضي بكوادر إدارية مدربة، وذات كفاءة عالية، وكذلك تقنين الأحكام الشرعية لما له من مميزات أبرزها توفير الوقت الذي ينفقه القاضي عادةً في البحث والاجتهاد، وتفعيل مراقبة أداء القضاة عن طريق الأجهزة المختصة، ومكافأة المحسن، ومحاسبة المقصر.
ويتفق المحاميان الكر يدا والخريصي على أهمية تفعيل النصوص النظامية السارية بشأن الدعاوى الكيدية؛ للحد من تنامي ظاهرة اللدد في الخصومة، ورفع الدعاوى الكيدية، التي يستطيل نصلها فيصيب الأبرياء، وذلك لضمان عدم إقدام أي شخص على إشغال منصة القضاء دون الاستناد إلى مسوغات، أو دلائل، ويطالبان بتحميل المماطل أتعاب المحاماة، وأجرة التقاضي، والتعويض عن العطل والضرر الناشئ عن الدعاوى الباطلة أو الكيدية.
ضوابط قضائية
وكشف القاضي بالمحكمة الجزئية في بريدة الشيخ إبراهيم بن عبد الله الحسني جملة من الضوابط والاجراءات المعمول بها للتقاضي بين المتخاصمين،هي:
- عدد الجلسات لا يقل عن (6) في كل يوم، وذلك حسب الفقرة رقم (1) من لائحة المادة رقم(59) من نظام المرافعات والواقع انه في المحاكم العامة اوالجزئية في المدن الكبيرة غالبا ماتفوق الجلسات التي فيها خصومات عشر جلسات، إضافة للقضايا الانهائيه من إثبات الطلاق والولايات وحصور الورثة وتصديق الاقارير والاجابة على استفسارات الجهات الحكومية عن السجناء وإطلاق سراحهم والجواب على محكمه التمييز في بعض ملحوظاتها وقسمة التركات وأذون البيع والشراء واثبات الوصايا والأوقاف وسائر الانهاءات والتي لاتحسب من ضمن الجلسات العشرالمذكورة.
- ميعاد الحضور أمام المحكمة العامة ثمانية أيام على الأقل من تاريخ تبليغ صحيفة الدعوى، ويجوز في حالة الضرورة نقص هذا الميعاد إلى أربع وعشرين ساعة وفقاً للمادة (40)من نظام المرافعات فحددت المادة ثمانية أيام هي الحد الأقل للموعد ويجوز تمديد الموعد أكثر من ذلك حسب كثرة المعاملات في المحكمة والمواعيد تحديدها صار حاليا في الحاسب الآلي، ففي بريده في كل يوم ثمانية مواعيد للدعاوى دون الانهاءات فمادام هناك موعد شاغر قريب لايقبل النظام إعاد الموعد ولو طلب المراجع التأجيل إلا بإذن من القاضي نفسه.
- ميعاد الحضور أمام المحكمة الجزئية ثلاثة أيام ويجوز نقص الميعاد إلى ساعة في حالة الضرورة المادة(40) من نفس النظام وهذا الموعد هو الأقل ويسري عليه ما ذكر في الفقرة التي قبلها
- تضاف مدة ستين يوماً إلى المواعيد لمن كان محل إقامته خارج المملكة وللقاضي الزيادة على ذلك عند الحاجة المادة(22) ولائحتها.
-هناك دعاوى مستعجلة وهي دعاوى المعاينة لإثبات الحالة ودعوى منع التعرض للحيازة ودعوى استردادها ودعوى المنع من السفر ودعوى وقف الأعمال
الجديدة ودعوى طلب الحراسة والدعوى المتعلقة بأجرة الأجير اليومية والدعاوى الأخرى التي يعطيها النظام صفة الاستعجال كدعاوى الخادمات الهاربات على كفلائهن في حالة استضافتهن وهذه الدعاوى ميعاد الحضور فيها أربع وعشرون ساعة على الأقل ويجوز الزيادة عند الاقتضاء وفق للمادتين 234و235 من نظام المرافعات.
وعن تعدد المواعيد (موعد أول وثان وثالث) ومايراه بعض الخصوم من أنها تعطيل في إنهاء التقاضي، قال الشيخ الحسني هناك دعاوى تنهى في جلسة واحدة وبعضها في جلستين وبعضها في ثلاث جلسات وبعضها أكثر من ذلك؛ حسب ملابسات الجلسات، فقضية بمبلغ قرض ويدعي المدعي ويقر المدعى عليه فيحكم مباشره ولكن بعض القضايا تحتاج إلى شهود وبعضها كقسمة التركات تحتاج إلى حضور ورثة ووكالات من الورثة مخولة للقسمة وتحتاج للنظر في صكوك العقارات وهل يعتمد عليها عند الإفراغ؟، وهل هي سارية المفعول؟، واذاكان أحد الورثة ممتنعاً تحتاج إلى حكم بالقسمة اوالبيع كما تحتاج إلى لجنة لتثمين العقار وقد تحتاج إلى لجان إذا كانت العقارات في مدن كثيرة وليس في مدينة واحدة، وإذا كانت القضية في جناية مثلا طعن فهذه تحتاج إلى لجان اللجنة الأولى طبيب اواثنان يصفون الجناية ويسمون اسمها ثم يشكل القاضي لجنة أخرى لتقدير مايستحقه المجني عليه اذالم تكن مقدره في الشرع أصلا،وهي المسماة الحكومة وهذا كله في حال حضور الخصوم وبعض الناس يظن أن الدعاوى واحدة ويجب أن تنتهي في جلسة واحدة وهذا مايسبب الأخذ والرد عند البعض وان المحكمة لم تبت بل أن البعض من القضايا يكون شهودها متفرقين داخل وخارج المملكة ويحتاج القاضي إلى استخلاف ولايستطيع البت حتى ترد الشهادات إليه وهكذا.
المتهربون عن الحضور
وأشار إلى أن تهرب الخصوم من حضور الجلسات هو دليل على ضعف الإيمان وقلته حيث إن المحافظة على المواعيد والالتزام بها من صفات المؤمنين، والأمم المتحضرة، موضحاً أن نظام المرافعات لم ينص على عقوبة محددة على المتهرب عن الحضور لكن لو أحيل للتأديب وكان تهربه لغير سبب مع حضوره وغناه لجرى تأديبه وتعزيره على ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام (مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته)، وذلك حسب عموم الشريعة وهناك سبب آخر من جهة المخاصم فلو طالب المدعي بمصاريفه نتيجة مماطلة المدعى عليه وتهربه حتى ألجأه إلى ترك إشغاله وأعماله لحكم له بأجور التقاضي كما يقرره الفقهاء،كما أن القاضي ينبغي له إذا ظهر له كذب المدعي أو المدعى عليه وان الدعوى كيدية أن يعزر المدعي في ضبط القضية استنادا للفقرتين 6و7 من لائحة المادة رقم 4 من نظام المرافعات وقد أدبنا مدعى عليه في ضبط القضية بعد الحكم عليه بالمبلغ مباشره بجلده 30سوطا لقاء ظهور كيدية ماجاب ودفع به وصدق ذلك من محكمة التمييز استنادا على ماذكرنا.
علاج التأخير
وأوضح الشيخ الحسني جملة من الحلول التي تعين على علاج تأخرحضور المتخاصمين،وهي:
- إذا تبلغ المدعى عليه لشخصه أو وكيله الشرعي في القضية نفسها بموعد الجلسة وصحيفة الدعوى ولم يحضر ولم يقدم عذرا مقبولا لاهو ولا وكيله فيسير القاضي بالقضية ويحكم عليه بعد ثبوت موجب الدعوى ويعد الحكم في حقه حضوريا وفق المادة رقم(55) ولائحتها رقم(1) من نظام المرافعات وقد فعلنا هذا كثيرا ويفعله كثير من القضاة ومستعدون لاطلاعكم على عشرات الأحكام من هذا النوع وبعد اكتسابها القطعية نفذت حسب النظام.
-إذا كان التبليغ لم يكن لشخص المدعى عليه ولم يحضر في الجلسة الأولى فيؤجل في جلسة لاحقة ويعاد التبليغ فان لم يحضر وغاب الشخص فتحكم المحكمة في القضية ويعد الحكم غيابيا في حق المدعى عليه ويكون على حجته متى ماحضر وفي كلتا الحالتين يبلغ الحكم للمدعى عليه فان تعذر التبليغ رفع الحكم لمحكمة التمييز وان تبلغ فله ثلاثون يوما من تاريخ التبليغ فان لم يقدم اعتراضه فيكتسب الحكم القطعية ويجب انفاذه.
- إذا كانت الدعوى مما لايقضى فيه بالنكول كدعوى المرأة طلاقها وليس لها بينه فهنا يلزم الزوج بالحضور للإقرار بالطلاق اونفيه ولا تجلس المرأة معلقة.
- إذا كانت الدعاوى من أناس كثر وكان النصب والاحتيال ظاهرا فيها فهنا للدعوى شقان جنائي وحقوقي فللقاضي إدراج المدعى عليه في قائمة المطلوبين للمراجعة وهي نافع وذلك بإيقاف خدمات المشتكي في الحاسب الآلي إذا لايستطيع إجراء أي معاملة مربوطة بالحاسب كما لايستطيع السفر خارج المملكة حتى يلغى من قائمة المنع.
- إذا كان المدعى عليه يريد السفر وخشي المدعي من ضياع حقه فله التقدم للمحكمة ناظرة القضية بمنع خصمه من السفر وللمحكمة منعه عاجلا وإدراجه على قائمة الممنوعين من السفر وفقا للمادة رقم 236 من نظام المرافعات.