المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السلطة التقديرية للإدارة في الفقه الاسلامي



قاضي المظالم
11-05-2009, 11:59 PM
الكاتب/ الدكتور خالد خليل الظاهر
المعهد العالي للقضاء جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

في الأصل يشترط لكل التصرفات الإدارية أن تكون متوافقة مع قواعد موضوعة من قبل، أي خضوع تلك التصرفات لنصوص الشريعة الإسلامية والأنظمة الصادرة بالاستناد إليها، حتى لا تتعرض تلك التصرفات للبطلان، ولهذا أصبحنا أمام ضوابط لتقييد عمل السلطة التقديرية للإدارة... لذا يجب تقييد العمل بالسلطة التقديرية بالشروط الآتية:

1- عدم مخالفة النص من الكتاب أو السنة: يجب على رجل الإدارة في كل تصرفاته أن ينظر في نصوص الكتاب والسنة، فإن وجد الحكم في أحدهما منصوصاً عليه بالوجوب أو الحظر، كانت سلطته مقيدة بما هو منصوص عليه، وأما إن خيره النص، أو سكت عن بيان حكم تلك القضية، كان له الحرية في التعامل إزاءها.

2- عدم مخالفة الإجماع: فإذا كانت القضية غير منصوص عليها، لا في الكتاب ولا في السنة المطهرة، فعلى رجل الإدارة أن ينظر في ما أجمع عليه علماء الأمة، لأن السلطة كما تتقيد بالنص، تتقيد أيضاً بما هو على إجماع فلا يجوز أن يخرج عنه.

3- عدم مخالفة مقاصد الشريعة الإسلامية: إن الشريعة موضوعة لمصالح العباد، ودرء المفاسد عنهم، فمن قصد غير ما وضعت له، كان مناقضاً لها فيكون عمله باطلاً، لقوله تعالى: «ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت سعيراً» (النساء 115) وعليه يجب أن تكون تصرفات المكلفين سائرة في فلك هذه المقاصد، غير خارجة عنها ولا مصادمة لها، وغير ذلك معناه مخالفة التشريع في مقاصده وأهدافه.

4- عدم مخالفة العرف: جاء الإسلام لإصلاح ما فسد من أوضاع الناس، ولم يكن من أهدافه هدم ما اعتاده الناس من عادات صالحة، تعارفوا عليها جيلاً بعد جيل، وهو باحترامه للعرف يكون قد شرعه للناس، وبناء على القاعدة الفقهية «العادة محكمة» ومقتضى ذلك استقرار المجتمع وضبط إجراء الأعمال وفق الأعراف التي في اعتبارها مصلحة معتبرة شرعاً... ويقصد بالعرف بصفة عامة، اعتياد الناس في مجتمع ما على ممارسة سلوك أو تصرف معين مرات متكررة ولفترة طويلة، ما يجعل الاعتقاد بين الناس جميعاً بأن ذلك السلوك أو التصرف هو قاعدة نظامية ملزمة، فالعرف قاعدة غير معروفة، ولكنه يتمتع بصفة الالتزام شأنه شأن القواعد المدونة. والأدلة على تحكيم العرف في قوله تعالى: «خذ العفو وأمر بالعرف» الأعراف 199، وقوله: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف» البقرة 227. وقوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرام، لا يعضد شوكه ولا يختلى خلاه، ولا ينفر صيده، ولا تلتقط لقطته ولا المعروف». إن شارع الإسلام كان له اهتمام بمراعاة العرف الصالح، إذ إن الإسلام جاء لإصلاح ما فسد من أوضاع الناس، ولم يكن هدفه هدم ما اعتاده الناس من عادات صالحة، لذا يشترط في السلطة التقديرية للإدارة في الفقه الإسلامي أن تراعي العرف في ممارساتها الإدارية، حتى لا تصادر قوانين الناس التي أقرها لهم الشرع الإسلامي، لكي لا يؤد العمل إلى فساد.

5- عدم مخالفة قواعد سد الذرائع: إن على رجل الإدارة، قبل أن يتخذ أي تصرف إداري، أن ينظر وأن يتأكد أن ذلك التصرف لا يخالف الكتاب أو السنة المطهرة أو أمراً مجمعاً عليه، ولا يخل بقصد من مقاصد الشارع، وأن يراعي العرف الذي تعارف الناس عليه...
وإن سد الذرائع هو نوع من المصلحة لأنه «عبارة عن أمر غير ممنوع لنفسه، قويت التهمة في أدائه، إلى فعل محظور» أو هو الطريق، والوسائل، حتى لا تؤدي إلى آثارها المقصودة سواء أكانت محمودة، أم مذمومة، صالحة أم فاسدة، ضارة أم نافعة، وقد بنى الشاطبي قاعدة من الذرائع على أصل مهم، ألا وهو قصد الشارع إلى النظر في مآلات الأفعال، سواء كانت موافقة أم مخالفة، لأن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو الاحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل، فقد يكون مشروعاً لمصلحة فيه تستجلب، أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه، وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه أو لمصلحة تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك.
لذا فإن النظر إلى المآلات لا يعتمد على مقصد العامل ونيتة بل على نتيجة العمل وثمرته، فبحسب النتيجة والثمرة يحسن العمل أو يقبح، ويطلب أو يمنع، لأن الأصل في اعتبار الذرائع سواء في سدها أم فتحها هو النظر إلى مآلات الأفعال، فيأخذ الفعل حكماً يتفق مع ما يؤول إليه سواء قصده الفاعل أم لم يقصده، أي أن العلاقة بين قاعدة سد الذرائع ومآلات الأفعال هي السببية، فالذريعة إذا كانت تؤدي إلى مفسدة أو ضرر سدت، وإذا كانت تؤدي إلى مصلحة أو خير فتحت، فالمال سبب والذريعة سبب.
لذا على الإدارة أن تعمل سلطتها التقديرية، بحيث لا يكون في قراراتها المتخذة ذريعة إلى مفسدة يمنعها الشارع. جاءت هذه الضوابط لتقييد نشاط الإدارة في استعمالاتها لسلطاتها التقديرية، لكي لا تخرج عن الأصل، وهو أن تكون كل تصرفات الإدارة موافقة مع قواعد موضوعة من قبل، وأن تكون كل تصرفاتها موافقة لنصوص الشريعة الإسلامية، ذلك هو الأصل والله أعلم.

قاضي المظالم
14-05-2009, 08:15 PM
شكرا لك أخي قاضي المظالم على هذا النقل
(صرت أعقب لمشاركاتي) في ظل عدم الاهتمام بالمواضيع العلمية في المنتدى واقتصار التعليقات -وبكم هائل- على مواضيع أين ذهبت معاملتنا وهل نراجع بكره ولا بعده وهل وقعت المعاملة وصرفت المكافأة ولا بعد
الحمد لله رب العالمين

المحامي أحمد المالكي
14-05-2009, 08:47 PM
شيخنا الفاضل
شكراً جزيلا على هذا النقل المبارك
ولاشك بأننا جميعا مقصرون , لكن أظن إن القادم أفضل , فهذه هي البدايات
وفق الله الجميع

ناصر بن زيد بن داود
15-05-2009, 02:24 AM
لا تحزن يا ابن الخال أبا إبراهيم . فلولا أن المشاركة منقولة : لكان حقاً علينا تقييمها ، والثناء على مبدعها .
شكراً لك على النقل ، واعذرنا على عدم التعليق ، ولك أن تعتبر بإبي عبد العزيز ؛ فأغلب مشاركاته أخبار ، ولك أن تنظرها لتجدها بلا تعليقات . كان الله في عونه

أما عن أصحاب المعاملات والباحثين عن المباشرة : فلقد كنا كذلك من قبل ، فمنَّ الله علينا .

قاضي المظالم
15-05-2009, 03:31 AM
لا أقصد بالتعليق -بالضرورة- الثناء على صاحب الموضوع وإنما التعقيب بذكر فائدة في ذات الموضوع أو قيد أو مداخلة أو استفسار أو طرح إشكال أو حتى معارضة أو إضافة أو نقل من مصدر أو بحث آخر ونحو ذلك فهذا مما يثري الطرح ويعمق الفائدة ويحفرها في الذاكرة
أما مشاركات الأخ العزيز أبو عبدالعزيز فجزاه الله عنا خير الجزاء فقد سد باب الأخبار القضائية خير مسد ونقل عن عاتق الأعضاء عبء زيارة المواقع الإخبارية وتتبع الأنباء القضائية وهو باب ولا شك مهم جداً ... وأنا من المعجبين كثيراً بجهده وتميزه وأسأل الله ألا يحرمه الأجر الجميل لما يصنع
وبالنسبة للأخوة أصحاب الفضيلة الملازمين (مع وقف التنفيذ المؤقت) فأسأل الله لهم الإعانة وحسن الصبر على ما يعانونه من الهم الذي وضعوا فيه مكرهين ومن غير اختيار ولا قدرة على تغييره
وعتبي الجميل إليهم ألا يكترثوا بذلك كثيراً فهم مأجورون إن شاء الله بصبرهم واحتسابهم ... وأرى من الأفضل لهم بذل الجهد في تكوين العلمية الراسخة في المجال الذي هم مقدمون على ولوجه ... فالعمل شاق والحمل كبير والمسؤولية أمام الله عظيمة ... كما أن مسؤولية تقديم الصورة الحسنة عن حملة الشريعة معقودة على عواتقهم وعين الناقد بصيرة ... وفق الله الجميع لمرضاته

عمر الأزهري
23-05-2009, 08:58 PM
الكاتب/ الدكتور خالد خليل الظاهر
المعهد العالي للقضاء جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


ولهذا أصبحنا أمام ضوابط لتقييد عمل السلطة التقديرية للإدارة... لذا يجب تقييد العمل بالسلطة التقديرية بالشروط الآتية:
1- عدم مخالفة النص من الكتاب أو السنة: يجب على رجل الإدارة في كل تصرفاته أن ينظر في نصوص الكتاب والسنة، فإن وجد الحكم في أحدهما منصوصاً عليه بالوجوب أو الحظر ....
2- عدم مخالفة الإجماع: فإذا كانت القضية غير منصوص عليها، لا في الكتاب ولا في السنة المطهرة، فعلى رجل الإدارة أن ينظر في ما أجمع عليه علماء الأمة .............
3- عدم مخالفة مقاصد الشريعة الإسلامية
4- عدم مخالفة العرف: .

لا .. لا
هذا الكلام غير صحيح - مع الاعتذار لشخص صاحبة

فلا يجوز - مطلقا - لرجل الإدارة مقارنه اعمالة بالكتاب والسنه مباشرة ، ولا يتصل ابدا بهما ولا بمقاصد الشرعية ولا العرف .. والا اصبح مشرع .
ثم وش عرف موظف بالبلدية او المواصلات او الزراعة بالفقة الاسلامي والكتاب والسنه حتى يستطيع موظفي السلطة التنفيذية القول بان هذا العمل موافق للكتاب والسنه او غير موافق
الامر يتطلب فقهاء مختصين في الفقة الإدري وفقة التشريع .

موظف الإدارة يقارن عمله ( قراره ) مع النظام - فقط . ولا يتعدى حدود النظام .
وشكرا

قاضي المظالم
23-05-2009, 09:34 PM
الأخ الفاضل عمر
مع احترامي أيضاً لشخصك الكريم وشكري على مداخلتك القيمة
يبدو أنه لم يتضح لكم المقصود من السلطة التقديرية للإدارة والتي تعني ترك مساحة لرأي جهة الإدارة لتتصرف وتبدي رأياً أو إجراءً أو عملاً مادياً ضمن مساحة معينة لم يرد نص شرعي ولا نظامي بوجوب تقيدها حياله بأمر محدد ...
فمثلاً حين ينص النظام على وجوب قمع المظاهرات والقبض على مثيري الشغب ولا ينص على طريقة معينة ولا أسلوب متبع ولا إجراءات محددة ولا درجات تصاعدية ثم تلجأ الإدارة برأيها إلى قمع ذلك بخراطيم المياه القوية أو الضرب أو القنابل المسيلة للدموع أو اعتقال عوائل منظمي الشغب ونحو ذلك فهنا نحن أمام سلطة تقديرية لكنها مضبوطة بالضوابط محل البحث
فالمسأله أخي الكريم لا تتعلق بسن أنظمة أو لوائح أو فرض قواعد عامة مجردة من الوقائع بل هي مرتبطة بتصرفات الإدارة المادية حيال وقائع معينة يتعين عليها نظاماً التصرف حيالها ولكن ضمن سلطة تقديرية ومساحة اختيارية لنوعية الفعل أو أداته أو توقيته ونحو ذلك فالغاية معروفة ومحددة سلفاً والوسيلة وما يتعلق بها من ظروف الزمان والمكان والإجراء مطلقة لما يستجد على ساحة التنفيذ حرصاً من المنظم على عدم غل يد الإدارة بإلزامها بتصرف معين قد لا يصلح بالضرورة في كل الوقائع التي من شأنها التجدد والتغير وعدم القدرة على حصر أنواعها وملابساتها وخطورتها مهما أوتي المنظم من خبرة وحنكة ...

وما ذكرته مجرد مثال فقط

عمر الأزهري
23-05-2009, 11:31 PM
الأخ

فالمسأله أخي الكريم لا تتعلق بسن أنظمة أو لوائح أو فرض قواعد عامة مجردة من الوقائع بل هي مرتبطة بتصرفات الإدارة المادية حيال وقائع معينة يتعين عليها نظاماً التصرف حيالها ولكن ضمن سلطة تقديرية ومساحة اختيارية لنوعية الفعل أو أداته أو توقيته ونحو ذلك فالغاية معروفة ومحددة سلفاً والوسيلة وما يتعلق بها من ظروف الزمان والمكان والإجراء مطلقة لما يستجد على ساحة التنفيذ حرصاً من المنظم على عدم غل يد الإدارة بإلزامها بتصرف معين قد لا يصلح بالضرورة في كل الوقائع التي من شأنها التجدد والتغير وعدم القدرة على حصر أنواعها وملابساتها وخطورتها مهما أوتي المنظم من خبرة وحنكة ...

وما ذكرته مجرد مثال فقط

حتى وان كان سيدي الفاضل / قاضي المظالم
الامر لا يتعلق بسن أنظمة ولوائح - واعلم ان الامر كذلك
السلطة التقديرية للموظف الإدارية مقيدة بقواعد النظام لا غيره ، ولا ينظر اطلاقا
لاحكام الشريهة ذاتها .
ومن المعتاد ان يكون تنظبم أمر معين ، بمجموعة نصوص ، يفترض ان تتكامل هذه النصوص فيما بينها . ولا يؤخذ نص منها بمفرده ومن ثم يتصرف الموظف الاداري بناء على سلطة تقديرية ممنوحة له في هذا النص دون ان يتقيد ببقية النصوص النظامية في ذلك التنظيم
فالقواعد تسن على حالات ثلاث
(1) عندما يكون المشرع قد عرف الأفكار للقاعدة النظامية، وثبت العلاقة بين الواقعة والطائفة، وبذلك يصبح تكييف الواقعة إجباريا ومفروض من قبل المشروع - بالنسبة للقاضي والإداري والخصوم .

(2) عندما يضم المشرع للقاعدة واقعة تبقى نواه إلى حد ما همزة وصل بين القاعدة النظامية وعناصرها

(3) عندما تنص القاعدة نفسها على إمكانية المخالفة ، ويمكن أن يبدو مدهشا أن تجعل من إمكانية المخالفة عنصر جوهري في النظام القانوني ، متى كانت فعاليتها يبدو مشروطا بقابليتها للتوقع المطلق . فالقاعدة القانونية لم تقرر لأجل مراكز استثنائية والتي يمكن القول عنها بأنها غير عادية ، لان الغير عادي هو واقعة تصطدم بالعادة . فهنا وفي مثل هذه الحالة يسميها البعض ( فراغ تشريعي ) والبعض الآخر يسميها( عدم حسن نية المشرع )

وفي جميغ الفروض - وايا كان كيفية سن المشرع القاعدة النظامية - فالسلطة التقديرية للإدارة مقيدة بالنظام - فقط - ولا ترتقي بنفسها للنظر لاحكام الشرعية مباشرة - نهائيا -
فالنظر للشرعية مباشرة من اختصاص المشرع - فقط - والمشرع عندما ينظر للشريعة لسن الانظمة هو ايضا يمارس سلطة تقديرية مقيدة بنظام الحكم .
فلا القاضي ولا الإداري يجوز لايا منمها تقنين سلطتهما التقديرية بناء على احكام الشريعة مباشرة - انما بناء على احكام النظام فقط .
حالة واحدة يسمح الفقة للقاضي ان يكون " مشرعا وقاضيا " في وقت واحد هي عندما يعرض علية مسألة لم يضع لها المشرع حلا .

قاضي المظالم
24-05-2009, 01:07 AM
أستغرب أخي من جدالك الذي لا يلتقي مع الموضوع ولو في جزئية يسيرة منه

فطرحك مبني على القول بأن إعمال رجل الإدارة للشريعة ووقوفه عند حدودها يعني -حتماً وبالضرورة - أنه أصبح مشرعاً وهذا لا يقول به أحد فهو لم يضع قيداً على النظام ولم يجرِ استثناءاً على أحكامه بل عمل بالقاعدة النظامية وقيد نفسه بما لا يخالف الشريعة عند العمل بها وليس في ذلك أي نوع من التشريع.

ولعله غاب عن ذهنك بأن أحكام الشريعة الإسلامية جزء لا يتجزأ من النظام الذي حصرت تصرفات رجل الإدارة فيه دون غيره بل الشريعة هي الحاكمة على النظام كله والمهيمنة عليه ولو احتجت الإدارة قضاءً على صحة تصرفها بنصوص نظامية ثبت مخالفتها لحكم الشرع لوجب إهدار تلك النصوص ولا كرامة وهو ما يسمى في القضاء الإداري بالرقابة السلبية على القوانين بحيث لا يلغي القاضي الإداري النص النظامي وإنما يهدر العمل به ... (راجع للنظام الأساسي للحكم ليتبين لك ذلك).

وطرحك أيضاً مبني على القول بأنه لا يتصور عقلاً ولا عادةً أن يغيب عن المنظم -حين وضعه للنظام- أي جزئية وأي واقعة إلا وقد رسم لها حلاً وحكماً ووضع لها نصاً وهنا يلزمك القول بأنه لا سلطة تقديرية لجهة الإدارية مطلقاً وإنما سلطتها مقيدة على كل الأحوال وهذه بدعة لم يسبقك بها أحد حتى في شريعة حمورابي وقوانين قراقوش.

وإن طلبت الإقالة وسلمت بأنه لا يمكن النص على كل الجزئيات والوقائع وأن للإدارة سلطة تقديرية إلا أن المنظم وضع قواعد عامة مجردة تساعد الإدارة على نظم جزئيات الوقائع في سلكها فهنا يلزمك القول بأن قواعد الشريعة العامة أولى من قواعد النظام العامة وإلا فعليك بمراجعة كتب العقيدة والبدء من جديد وهذا مما لا يقول به مسلم وأنزهك عن ذلك ...

وعلى كل الأحوال فكلامك غريب جداً وليس هذا تقليلاً من علمك وإنما لكون ما تجدال فيه لم يتحمس له منكري الشرائع فهم متفقون على أن سلطة الإدارة تقديرية وأن ذلك لا يلغي احترام منظومة المجتمع من الأعراف والعادات بل والأديان عند كثير من الدول.

وهنا أسألك هب لو أن مديراً مارس دوره المنصوص عليه نظاماً في رقابة موظفي الإدارة واحتج على توجيه السباب والشتم لهم بل والتعيير والقذف بنص النظام على منحه صلاحية توبيخهم على التقصير - في ظل عدم وجود نص نظامي يمنع ذلك بتاتاً- فهل يعاقب عملاً بقواعد الشريعة باعتباره أتى منهياً عنه شرعاً عند ممارسة واجبه النظامي ومقتضى ذلك: القول بأن النظام جاء بحقه في التوبيخ والتنبيه ولم ينص على صيغة معينة ولا على إجراء يُتخذ وإنما هي سلطة تقديرية للإدارة محكومة بقواعد الشريعة والعرف الذي لا يخالفها.

وأوضح من ذلك أنه من مهام الدولة الرئيسة حفظ الأمن والصحة العامة والسكينة العامة فهل يمكن لك أن ترشدني إلى أنظمة واضحة تحصر جميع جزئيات ذلك الحفظ وطرقه ووسائله وأدواته وووو ...

لو عمل رجال القضاء الإداري بفهمك لنقضت أحكام الشريعة وأهدرت نصوص الدين ولنطقوا بالتخلي عنها وإعمال القوانين بديلاً لا يلوون على شيء

وأما ما تمسكت به من التقعيد فأنا وأنت نعلم يقيناً بأنه غير منطبق على الموضوع وهو يتعلق بنهج المنظم عند سنه للنظام ولا يعني هذا التقسيم -بحال- حصره جميع الوقائع والجزئيات وسلامته من النقص والنسيان وإلا لما رأيت نظاماً يجري فيه التعديل والإلغاء والزيادة والنقصان ... وهذا هو محل الخلاف بيننا فلاتذهب بعيداً ...

وحتى أخفف عليك الموضوع أثبت لي أنه لا توجد واقعة في الحياة يمكن أن تباشرها جهة الإدارة أو تواجهها واقعاً إلا وقد رسم النظام سبيل التصرف فيها سواءً في ذات النظام أو في نظامٍ آخر بحيث لا نحتاج للرجوع للشريعة أو للعرف ... مع ملاحظة أن النظام قد يكون مع نصه على الواقعة مخالفاً للحكم الشرعي وهذا مكمن الخطورة التي لا ترى فيها بأساً ... ومع هذا كله فعجزك ظاهر أما النظام الأساسي للحكم وهو سيد الأنظمة وقد جعل القران الكريم والسنة النبوية دستوراً للبلاد ومعلوم أن القانون لا يجوز أن يخالف الدستور ... فهل فهمت لماذا يجب ألا تغيب الشريعة عن السلطة التقديرية للإدارة ؟؟؟؟
راجع نفسك جيداً ... وأرجو ألَّا تكون واعياً لخطورة ما تقول

ناصر بن زيد بن داود
24-05-2009, 01:22 AM
الإخوة الأكارم :
كانت جهات التحقيق في بعض البلاد العربية تنتزع الاعترافات من المعتقلين بوسائل محرمة ، كالفجور بهم ، أو بمحارمهم أمام أعينهم ، أو اتخاذ وسائل أقبح منها تتنافى مع كرامة الإنسان ؛ فضلاً عن المسلم ؛ مثل : إهانة المصحف الشريف ، وسب الأنبياء والصحابة ، تسليط البغايا على أهل العفاف ، تسليط الكلاب المدربة على السجناء ؛ كما جاء في سجن أبو غريب ، ونحو ذلك .

وفي ظني : أن ترك السلطة التقديرية لهؤلاء مفتوحة - كما فهمنا من ظاهر كلام صاحبنا الأزهري - ستجعل من هذه الممارسات الشنعاء أموراً مناطة بالمدير ؛ دون اعتبار لضوابط الشريعة ، ولا للكرامة الآدمية المعبر عنها اليوم بـ ( حقوق الإنسان ) .

أتمنى أن أكون على خطأ ، فنحن نحسن الظن بأخينا ؛ ولو على حساب فهمنا .

قاضي المظالم
24-05-2009, 01:34 AM
أصبت فضيلة الدكتور بارك الله فيك

أرجو ألاَّ أكون متحاملاً على أخينا الفاضل عمر الأزهري غفر الله لنا جميعاً
وإنما حملني على الرد أعلاه أنه وعلى فرض أن ما قاله وجهة نظر قانونية بحته غاب عنها البحث الشرعي فلم أرى من يقول بذلك قانوناً فكلهم متفقون على أن السلطة التقديرية يجب ألا تخرق الأديان والأعراف بل وحقوق الإنسان وكرامته كما مثَّل عليه فضيلة الدكتور ... هلا أتحفتنا ياشيخ عمر بنقول قانونية في ذلك مع ذكر المصدر

القاضي إياس
24-05-2009, 12:10 PM
في الحقيقة تأسيس جيد لأصول القضاء الإداري في المملكة


وبانتظار تتمته.

أو نشره كاملاً يا شيخ أباإبرهيم مثل ما صنعت في البحث التجاري شرح القانون التجاري فهو نفيس وهذا أيضاً مهم في بابه وهو ماتجيده.

مع أخذ الإعتبار أن قاضي المظالم يكون عادة متنقلاً في السوابق بين الدوائر المختلفة في الديوان.

فتجده يلازم مثلاً في الإدارية ثم يتعين عضواً في التجارية ثم أصيلاً في الفرعية ويترأس جزائية أو تأديبية وكهذا..

فلن نعدم منك فائدة مع سعة تخصصك وخبرتك القضائية المتميزة.

بارك الله فيك ولا عدمنا أنامل سطرت هذا الموضوع ونقلته لنا.

عمر الأزهري
24-05-2009, 05:29 PM
الأمر هنا واضح وثابت من ثلاثة أوجه أساسية :

أولها : اختصاص ديوان المظالم ، فهو لا ينظر إلا أن كان التصرف الإداري مطابق او غير مطابق للنظام ، ولم يسبق له أن اصدر حكم ببطلان تصرف لأنه مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية " ذاتها " يؤكد ذلك منطوق قراره رقم 21 / ت لعام 1400 بالآتي ( الديوان جهة القضاء الإداري التي أولاها النظام الفصل في المنازعات الإدارية التي تثور بين جهات الإدارة المختلفة والأفراد على أساس من صحيح حكم ) . وقراره رقم 121/ت/3 - 1412هـ بالآتي ( رفض الدعوى المقدمة من المدعى بالمطالبة بإلغاء قرار البلدية المدعى عليها ... رفض الدعوى على أساس انه ... لا يجوز وقف قرارات الإدارة أو إلغاؤها ما دامت لم تخطئ في إصدارها وكانت مطابقة للنظام )

ثانيا : " نظرية النظام الإداري وقضاؤه " كانت ناشئيه على أساس مبدأ الفصل بين السلطات الذي أصبح يجيز رقابة حقيقية على الإدارة وهي رقابة لم تكن ممكنة في ضل نظام إدماج السلطات، وقد وضع أساس فكرة (القضاء الإداري ) حكم Blanco الشهير الصادر عام 1873م عن محكمة التنازع الفرنسية بالمنطوق التالي ( أن المسئولية التي تتحملها الدولة عن الأضرار التي تحدث للأفراد بواسطة الأشخاص الذين تستخدمهم لا يمكن أن يتم تنظيمها بواسطة المبادئ الواردة في التقنين المدني ، وان مسئولية الدولة تخضع لقواعد خاصة، تختلف باحتياجات المرفق وضرورة التوفيق بين حقوق الدولة والحقوق الخاصة ).
والمقصود بقواعد خاصة هو ما يسمى فقها بـ ( النظام العام ) وهو النظام الإداري الذي يحكمه الفقه الإداري . أما النظام الخاص فهو النظام الذي يحكمه فقه العلائق بين الأفراد بعضهم البعض . وفي ضل دولة لا تفرق بين النظام العام والنظام الخاص فان الأفراد لا يتمتعون بالحماية من عسف وسوء استخدام السلطة . وفي ذلك يقول الدكتور محمد فؤاد البناء في مؤلفة؛ مبادئ وأحكام القانون الإداري ص 95: ( متى فرقت الدولة بين القانون العام وبين القانون الخاص وجعل لكل منهما قاضية الطبيعي، فقد تم وضع أعمال السلطة تحت مضلة المشروعية وتمتع الأفراد بحقوق وحريات. أما إذا كان الدولة لا تفرق بين العنصرين ، فأن السلطة لا تكون في مكانها الصحيح ونجدها في نطاق القضاء المدني ) .
وإعادة أمر التصرفات الإدارية لقواعد فقه الشريعة مباشرة المعنية بأحكام العلائق فيما بين الأفراد بعضهم البعض يؤدي إلى ما يسمى فقها " غش النظام " وفي ذلك يقول الدكتور سيد أحمد محمود- في مؤلفه " الغش الإجرائي " ص 27 ما يلي ( الغش نحو النظام يكون في – الغالب الأعم- عن طريق الاختصاص القضائي للوصول إلى تطبيق نظام معين والتهرب بذلك من أحكام النظام الواجب التطبيق أصلا ، وذلك عن تغيير ضابط الإسناد لقصد الإفلات من أحكام نظام معين للوصول إلى هدف غير مشروع ).
وبالتالي متى كان الموظف الإداري لم يدرس - مطلقا - الفقه الإداري ، وغير مختص في ذلك ، فكيف يقال بان ينظر قي أحكام الكتاب والسنه مباشرة والفقه الإسلامي لتصرف من تصرفاته ما دام لا يوجد في أحكام الكتاب والسنه نظرية مستقلة " للفقه الإداري " .

ثالثا : علاقة موظفي الدولة بالدولة هي ، علاقة تنظيميه يحكمها الأنظمة ولوائحها التنفيذية ، وعلى ذلك، فهم يقومون ويقعدون، انعقادا وحلا ، وقضاء وتنفيذا طبقا لأحكام النظام ، وبالتالي ليس – لكائن من كان – أن يفرض على غيرة التزام او عقاب ، او جزاء او حرمان ، او أمرا او نهيا ، دون نص من النظام . علة ذلك : أن كل الوظائف التي تقوم بها سلطات الدولة وموظفيها هي ، في الأصل ؛ وظائف الدولة " ذاتها " .
فسلطات الدولة تقوم بهذه الوظائف - بالنيابة – عن الدولة ، وبناء على تفويض نظامي ولا تمارس هذه السلطات حقوق شخصية تتصرف فيها كما تشأ . وإنما تمارس وظائف تحددها النصوص الحاكمة بنظام الحكم وغيره من الأنظمة طبقا لما نصت علية المادة 44 من النظام الأساسي للحكم بالآتي " تتكون الدولة من السلطة القضائية / التنظيمية / التنفيذية " وتعمل وفق هذا النظام والأنظمة الأخرى " ، وهنا لم يقول النص تعمل هذه السلطات وفق أحكام الشريعة والأنظمة إنما وفق نظام الحكم والأنظمة الأخرى .
وبهذه المثابة فمرجعية سلطات الدولة وما يتفرع عنها من أجهزة ومرافق مصدرين لا ثالث لهما أولهما ؛ النظام الأساسي للحكم وما يتبعه من أنظمة أساسية كنظام مجلس الوزراء ونظام مجلس الشورى ، وثانيهما ؛ ما يصدر من أنظمة بمراسيم ملكية .
ولا يجوز– لأي جهة كانت - أن تشرعن تصرفاتها من الكتاب او السنه او الفقه الإسلامي.. مباشر. والقول بغير ذلك يؤدي – حتما – إلى تضارب وتعارض نصوص نظام الحكم مع بعضها البعض ، ويؤدي كذلك لهدم مبدأ أساسي هو " مبدأ فصل السلطات المنصوص علية في المادة 44 من نظام الحكم .
والفقه مستقر على ان الاختصاص الوظيفي لا يفترض ولا يستنتج ولا يستدل عليه بأدوات استنتاج لا تعبر عنه صراحة لأنه نقلا للولاية وإسناد للسلطة ، ومن ثم يتعين إفراغه في صيغة تقطع بإرادته و يلزم في التعبير عنه أن يكون صحيحاً لا تشوبه مظنة ولا تعتريه خفية وأن يكون استظهاره مباشراً من مسنده .
وبالتالي متى كان النظام لم ينص على ان تقوم الإدارة بوزن تصرفاتها - في حالة السلطة التقديرية - مع أحكام الشريعة مباشرة ، فليس لها أن تقوم بذلك . وان تصرفت بمثل هذا التصرف فتصرفها عدما لا باطلا لمخالفة قواعد اختصاصها النظامي الذي جعل ( النظام ) وحدة شريعة أعمالها وتصرفاتها في السلطة المقيدة والسلطة التقديرية . وفي ذلك يقول ديوان المظالم في حكمه رقم 134د/ف/9 لعام 1418 ما يلي ( ... القرارات المنعدمة وهي تلك التي تصدر معيبة بعيوب جسيمة كمخالفة قواعد الاختصاص ) .
وقد شبه الفقه قواعد الاختصاص الوظيفي بقواعد الأهلية في لأن كلاهما يقوم في الأساس على القدرة على مباشرة التصرف النظامي . ويتضح الاختلاف من حيث المقصود في كل منها , فالهدف من قواعد الاختصاص حماية المصلحة العامة أما قواعد الأهلية فالهدف منها هو حماية الشخص ذاته , وأن الأهلية في النظام الخاص هي القاعدة , أما عدم الأهلية فاستثناء على هذه القاعدة , ويختلف الاختصاص عن ذلك في أنه يستند دائماً إلى النظام الذي يبين حدود أمكان مباشرة العمل النظامي .


وختاما ؛ فالخلاف لا يفسد للود قضية ، والمعرفة لا توجد دون خلاف وحوار .

تحية وإجلال للجميع

قاضي المظالم
25-05-2009, 01:56 AM
ما زلت ياأزهري !!!

لا ... وتقولها بكل ثقة:(لم يسبق لديوان المظالم أن حكم ببطلان تصرفات الإدارة بسبب مخالفتها للشريعة ...)
طيب ... أنا كنت أحسن الظن فيك في البداية ... لكن ليس بعد أن فعلت فعلتك التي فعلت في إجتزاء حكم الديوان الأول ونقلت منه ما تريد فقط وتركت آخره ...

قرأت تعقيبك الجاهل متأخراً ولي رد عليه في الغد بإذن الله ... وسيقتصر الرد على ما ذكرته في عبارتك الكاذبة أعلاه ولن أتطرق لنقولاتك الأخرى لأن الواضح لكل مطلع عليها أنك حاطب ليل تنقل من كتب القانون ولا تفقه ما تنقله ... والرد على السفه سفه مثله

لا أنسى أن أبدي إعجابي الشديد بعبارتك (تشرعن) ... ممكن تبين لنا من أي اللغات اقتبستها ...

أرجو من فضيلة الدكتور التكرم بالنشر كاملاً ... فالظاهر أن الرجل دخل الموقع لهدف ...

عمر الأزهري
25-05-2009, 06:37 AM
وش هالكلام هداك الله

ما شاء الله تبارك الله على المنطق وآدب الحوار

خلاص اخوي اتوقف هنا

اما انت فدور على راحتك لعلك تجد حكم من احكام ديوان المظالم صدر ببطلان تصرف لمخالفته احكام الشريعة . او تجد موظف من موظفي الادارة ينظر في احكام الكتاب والسنه ان كان تتوافق مع تصرفه ام لا
الحمد لله رب العالمين