المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب المنتديات - من مشاركات الوسطية



ناصر بن زيد بن داود
16-05-2009, 09:13 PM
ينقسم المشتركون في الكتابة في صفحات مواقه الشبكة المعلوماتية إلى :
1/ القسم المشاغب المتمرد المازح ملح الصفحة قلباً وقالباً .
وهذا لا غنى عنه في كل صفحة يُبَدِّد مَلَلَها ، ويُحَلِّي جِدَّها بشيءٍ من الهزل النافي للكلل .

2/ القسم الذي يغلب عليه الشك ، ويُخشى عليه من غلبة الارتياب ؛ أشبه ما ينطبق عليه الحديث التالي عن صَفِيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ  * أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً ، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ ، فَقَامَ النَّبِيُّ  مَعَهَا يَقْلِبُهَا ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ رَجُلانِ مِنْ الأَنْصَارِ ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ  : عَلَى رِسْلِكُمَا ! إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ . فَقَالا : سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! . وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا . فَقَالَ النَّبِيُّ  : إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا * .
وهذا الصنف : غيور ، نقي السيرة ، يفرِط في حب الآخرين ، ويبالغ في الاحتياط لنفسه وقد يعاني طويلاً من جلد الذات عند حدوث بعض الحوادث البسيطة التي لا يرقبها الآخرون بمنظاره الحساس جداً . والملاحظ : أنه لا يعرف أنه مصاب بهذا العَرَض ، ويُنكر على من يذكر لَه داءه ، أو يصف لَه دواءه ، غير أنه لا يذهب بعيداً في إنكاره لصفاء سريرته .
وهذا النوع محبٌ لغيره على طريقته ؛ يشك في بعض الظواهر ، وقد يُعمِل مخيلته في التحليل لتلك المواقف ، فتذهب به بعيداً ؛ مثل : السفينة في المحيط ؛ إذا انحرفت ولو بمقدار خمس درجات فقط ؛ فإن مسافة العودة إلى الغاية المقصودة تزداد كلما زادت المسافة المقطوعة في الاتجاه المائل .
ومثل هؤلاء : إذا لم يُبادر المصلحون إلى اجتثاث عروق الشك من نفوسهم : ربما نغَّص ذلك عليهم ، ونغَّصوا هم على غيرهم . وهذا ما فعله المصطفى  مع صاحبيه .

3/ القسم المتشدق : كثير الكلام . أقرب ما ينطبق عليه قول المصطفى  * .. .. وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ : الثَّرْثَارُونَ ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ ، وَالْمُتَفَيْهِقُونَ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ ؟ . قَالَ : الْمُتَكَبِّرُونَ *
قال الترمذي : وَالثَّرْثَارُ هُوَ الْكَثِيرُ الْكَلامِ ، وَالْمُتَشَدِّقُ : الَّذِي يَتَطَاوَلُ عَلَى النَّاسِ فِي الْكَلامِ وَيَبْذُو عَلَيْهِمْ .
ومثل هذا : ترد مشاركاته ؛ ليُهذبها مرة بعد أخرى ؛ حتى يعتاد الصياغة المناسبة لمرتادي نشاط الموقع ، ولعله يعتاد ذلك فينفعه في حياته العامة ، أو يظهر منه ما يستدعي توجيهه إلى المشاركة في موقع آخر يناسب قدراته وسماته .

4/ القسم المندفع المتعجل : ما إن يظهر لَه خلاف ما يرى صوابه ، حتى يثور في وجه مخالفه وهو ــ وإن كان على حق ــ إلا أن الحكمة تقتضي معاملة المخالف من باب المحاورة ؛ كما في قصة الشاب الذي يستأذن في الزنا .
روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ  قَالَ : إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ  ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا . فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ . قَالُوا : مَهْ مَهْ . فَقَالَ : ادْنُهْ . فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا ، قَالَ : فَجَلَسَ . قَالَ : أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ ؟ . قَالَ : لا وَاللَّهِ ! جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ . قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ . قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لابْنَتِكَ ؟ . قَالَ : لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ . قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ . قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ ؟ . قَالَ : لا وَاللَّهِ ! جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ . قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ . قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ ؟ . قَالَ : لا وَاللَّهِ ! جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ . قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ . قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ ؟ . قَالَ : لا وَاللَّهِ ! جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ . قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالاتِهِمْ . قَالَ : فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ ! اغْفِرْ ذَنْبَهُ ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ . فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ * .
ــ وقد تقتضي الحكمة المعاملة بالمثل على وجه يعلم المخالف انكشاف مكره وظهور عواره .
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ  قَالَتْ : دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  ، فَقَالُوا : السَّامُ عَلَيْكُمْ . قَالَتْ عَائِشَةُ : فَفَهِمْتُهَا ، فَقُلْتُ : وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ . قَالَتْ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  : مَهْلاً يَا عَائِشَةُ ! ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَوَ لَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟! . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  : قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ * .

5/ حامل الهم ، حارس الثغر ، داعية الرشاد ، مريد الإصلاح ، نصير الحق .
يداوي الجراح ويضمدها ، ويعدل الكسور ويجبرها ، ويقطع بمبضعه الدمامل والثآليل ؛ إن لزم الأمر .
تراه مرة بالمراهم ، ومرة يسقي العسل ، ومرة يسقي المُرَّ ترياقاً ، ومرة يجرح الجلد ، ومرة يستخرج الدماء بالعصر والفصد والحجم ، يبضع ويرفأ .

-