«فريق العمل الواحد» يتولى مهمة التحديث في الأنظمة والإجراءات ومواكبة المتغيرات
وزارة العدل.. الانفتاح على الآخر يعزز من استقلالية القضاء
أدار الندوة - أحمد الجميعة
المشاركون في الندوة
الشيخ علي بن محمد التركي
رئيس محكمة الاستئناف في الرياض
الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد
القاضي بالمحكمة العليا
د.عبدالله بن حمد السعدان
وكيل الوزارة للشؤون القضائية المكلف-المتحدث الرسمي
م.محمد بن مطلق اليحيى
مدير عام المشاريع والصيانة
الشيخ محمد بن عبدالرحمن البابطين
مدير عام مأذوني عقود الأنكحة
حمد بن حمود الحوشان
مدير عام إدارة الإعلام والنشر
م. ماجد بن إبراهيم العدوان
مدير عام الحاسب الآلي ومركز المعلومات
أحمد بن إبراهيم اليوسف
مدير عام إدارة العلاقات العامة
[justify]
نجح وزير العدل د. محمد العيسى منذ تسلم مهامه في تقديم رؤية عمل واضحة فكرياً ومهنياً لما يجب أن يكون عليه العمل العدلي في المملكة، منطلقاً في ذلك من ثوابت شرعية، ودعم القيادة الرشيدة، وانفتاح دولي على الإجراءات العدلية، وتأسيس بنية تقنية قادرة على دقة وسرعة وجودة العمل، كذلك تأسيس عمل توثيقي يتواكب والتطورات الاقتصادية والمجتمعية..
مهمة التحديث التي يقودها وزير العدل حالياً سيتحقق معها مخرجات مميزة، لأن "الرجل المناسب" استطاع أن يتعامل مع كثير من المعوقات والتحديات التي تواجه وزارته بشفافية مطلقة، فهو لا يخجل من الاعتراف بالتقصير أو تدني
[/justify]
مستوى بعض الخدمات، كونه يدرك أن التصحيح بحاجة إلى اعتراف، ومبادرة في اتخاذ قرارات شجاعة للتغيير للأفضل، ومن ثم "العمل بفريق واحد" للتنفيذ..
"الرجل المنفتح" على كثير من القضايا المجتمعية يدرك تماماً أنه يتولى جانباً مهماً في تحسين الصورة النمطية عن المملكة في الغرب، ولذا فهو يوازن في رؤيته، ومنهجة، وقراراته، بين جانب شرعي له استقلاليته الكاملة، وبين الرغبة في الانفتاح على الآخر على قاعدة "الحكمة ضالت المؤمن"..
"ندوة الثلاثاء" تلتقي في حوار موسع مع معالي وزير العدل د. محمد العيسى حول كثير من القضايا المجتمعية، والأنظمة العدلية، والتطورات المستقبلية في عمل الوزارة.
الأنظمة القضائية
في البداية أكد "د.العيسى" على أن المنظومة العدلية في المملكة تسير ولله الحمد على أحسن حال، وهي -إن شاء الله- في توجهها إلى أحسن مآل، بفضل دعم وتوجيه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني –حفظهم الله-، حيث بذلت القيادة الرشيدة للقطاع العدلي الكثير، ولم يبق إلاّ أن يقوم مسؤولو القطاع العدلي بواجبهم، مشيراً إلى أن هناك حرصاً من الدولة على الثراء التشريعي للمؤسسة القضائية، حيث صدر نظام القضاء، ونظام ديوان المظالم، وعلى وشك صدور نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية، مستدركاً من أن هناك نظامين للمرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية نافذين حالياً، لكن النظامين الجديدين للمرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية هما نظامان محدثان للنظامين النافذين.
وقال:"لقد تركز النظام القضائي الجديد على درجات التقاضي، حيث أحدث محكمتين علييين، هما: المحكمة العليا بوزارة العدل، والمحكمة الإدارية العليا بديوان المظالم، كما نظمت درجات التقاضي بتحديث عصري لسد بعض الفراغات الإجرائية، إلى جانب تحديث الاستئناف ليواكب الجوانب العصرية في التحديثات القضائية، حيث كان الاستئناف في السابق يمر بمرحلة من مراحل القضية بعد
وزير العدل متحدثاً خلال الندوة
نقضها من التمييز، أما الآن فقد تم إنشاء محاكم الاستئناف، وهي محاكم مهمة جداً تستأنف القضية أمامها مجدداً وبمعنى آخر تولد القضية من جديد، لكن قضاة الاستئناف عند نظر القضية لا يتجاهلون الأوراق وملف القضية"، موضحاً أن هناك محكمة عليا في النظام القضائي الجديد، فالمجلس الأعلى للقضاء أو مجلس القضاء الأعلى سابقاً كان يشتمل على هيئتين، الهيئة الدائمة وكانت تمثل المحكمة العليا، والهيئة العامة التي هي الآن المجلس الأعلى للقضاء، وانتقلت الهيئة الدائمة والتي كانت تمثل المحكمة العليا إلى محكمة مستقلة اسمها المحكمة العليا لها رئيس بمرتبة وزير وأعضاؤها تسعة كل منهم يشغل أعلى درجات سلك القضاء.
وأضاف أن البعض كان يتوقع أن النظام عزز من استقلال السلطة القضائية؛ وهذا غير صحيح، لأن استقلال السلطة القضائية موجود منذ قام كيان المملكة، كما أن هناك ضمانات وهناك حصانة، ولكن النظام الجديد ركز على الجوانب الإجرائية وأحدث بعض المواد التي كان من المهم إضافتها للنظام الجديد.
كتابات العدل
وأشار إلى أن ما يتعلق بكتابات العدل، وما نسميه في الوزارة بالعمل التوثيقي، فلا نزال بحاجة إلى تنظيم الإجراءات الخاصة بهذه الكتابات، كما نعاني من نقص حاد في كتّاب العدل، موضحاً أن هناك 150 وظيفة شاغرة لكتّاب العدل، وتقريباً أنهينا خلال شهرين شغل 50 منها، ونسعى -إن شاء الله- هذا العام إكمال الباقي لكي نسد العجز، كما أن هناك أمراً يتطلع إليه الجميع ونرجو أن نصل إليه مطلع العام المقبل، وهو إيجاد بنية تحتية تقنية لكتابات العدل، حيث تربط كتابات العدل جميعها آلياً، ويستطيع المواطن الإفراغ من أي كتابة عدل، حيث سيتم إلغاء الولاية المكانية، واستبدالها بنظام "المحفظة العقارية"، بحيث يكون لكل مواطن محفظة خاصة به، ويمكن أن تتطور هذه المحافظ لتكون "بورصة" متاحة وسهلة في البيع والشراء في السوق، كما أن هناك آلية تدرس الآن بحيث أن صك العقار يستلم من كتابات العدل ويرهن حتى يتم البيع؛ والشخص المشتري سيصله بالبريد مقابل تكاليف إجرائية.
تحديات قائمة
واستعرض "د.العيسى" أبرز التحديات والمعوقات التي تواجه وزارته، وقال: إننا لا نعاني من نقص القضاة بقدر ما نعاني من عدم تأهيل المكتب القضائي المريح لعمل القضاة، حيث لا يوجد للقاضي باحث على مستوى التأهيل في الشريعة والنظام، ولا يوجد لديه محضّر قضية، حيث يقوم القاضي بجميع هذه الأعباء، وأعباء أخرى إدارية وتوثيقية، كذلك لا يوجد في المحاكم نظام وساطة الذي يسمى "نظام المصالحة والتوفيق"، فما هو موجود حالياً هو إجراءات أو عمل مبدئي بجهود فردية لم يأخذ الطابع الرسمي، مشيراً إلى أن نظام الوساطة والتوفيق في بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية حد من وصول 90% من القضايا إلى المحاكم، وفي الأردن بلغ تقريباً 40%، وهذا النظام لا يستهان به، وله أهمية بالغة ومخرجاته أفضل من مخرجات القضاء، لماذا؟، لأن القاضي عندما يبتّ في الحكم سيكون واحد راضياً والآخر غير راضٍ، أما نظام الوساطة فالجميع راضٍ، فإذا كان 90% من المشاكل يمكن أن يخرج منها الطرفان بالرضا، فأعتقد أن هذا رقم عليه رهان كبير ونأمل تحقيقه مستقبلاً.
وأضاف أن هناك ضعفاً في ثقافة التحكيم لدينا في المملكة؛ رغم أن لها عوائد مادية على الخزينة العامة للدولة، ففي فرنسا مثلاً؛ يمثل عائد التحكيم مصدراً قومياً في طليعة المصادر القومية المتميزة، كذلك من المعاناة التي نواجهها في وزارة العدل الدعاوى الكيدية، كذلك ليس هناك رسماً على القضايا، موضحاً أن مجانية التقاضي قد يعتبرها البعض أنها ميزة وفي رأيي أنا ورأي الكثير من الزملاء
.. ويتسلم هدية «الرياض» من الزميل تركي السديري
في الوزارة أنها في حاجة إلى مراجعة، وقد جلسنا مع بعض الوفود الأجنبية وكنا نريد أن نتميز بهذا، فقالوا لنا إنها سلبية، داعياً إلى أن الترافع أمام المحكمة يجب أن يكون مقصوراً على المحامين، أما محدودي الدخل فإن المعونة القضائية تتكفل بها لمن يستحق؛ وهو معمول به في وزارات العدل في معظم الدول، كما نعاني من البنية التحتية التقنية في المحاكم، لاسيما المباني المستأجرة منها، وهي مبانٍ متعبة جداً ومزعجة، والمباني الجديدة -إن شاء الله- سنجهزها تجهيزاً كاملاً، كذلك هناك ازدواجية في الإجراءات الإدارية في دورة القضية أو في دورة العمل التوفيقي؛ سواءً في المحاكم أو في كتابة العدل، ونسعى إلى توحيد الإجراءات وإلغاء الازدواجية.
دور العدالة
وحول المشروعات الجديدة لدور العدالة في المملكة، أوضح "م.اليحيى" أنه سيتم في السنة الحالية -إن شاء الله- استلام 14 مشروعاً، وطرح 84 مشروعاً متوسطة إلى صغيرة (4 قضاة إلى 9 قضاة فأكثر)، كذلك يتم هذا العام دراسة إنشاء مجمعات كبيرة بداية بمدينة مكة المكرمة، وتشمل مجمع محاكم جزائية واستئناف والمحكمة العامة والأحوال الشخصية.
وقال: لقد راعينا في هذه المشروعات جميع المتغيرات التنظيمية والتقنية والفنية، وكذلك عمليات الفصل، وإيجاد إدارات متخصصة، وقاعات واسعة تستوعب أعداداً كبيرة من الحضور يصلون إلى 80 شخصاً في القاعة، كذلك لدينا تصاميم خاصة للمجلس الأعلى للقضاء بساحات واسعة، كما أن هناك دراسة للتوزيع الجغرافي في مناطق المملكة لنشر الخدمة في كافة المناطق مع مراعاة طبيعة الأرض وسرعة الوصول إلى هذه المناطق، كذلك هناك تنسيق بيننا وبين البلديات لتفعيل خدمة "جوجل إرث" بحيث يصل الشخص إلى المحكمة في أقرب مكان له أو إلى كتابة العدل.
وأضاف أن مشروعات الوزارة الحالية راعت التوسع المستقبلي في المكاتب القضائية، وعملية التأثيث، فالمشروعات الصغيرة من (4 قضاة إلى 6 قضاة) يمكن أن تتوسع إلى (12 قاضياً)، كذلك راعينا في دراسة وتصميم الإدارات النسائية أن تكون متكاملة ومستقلة بكافة الخدمات المطلوبة فيها، وكذلك إيجاد مصاعد خاصة لكبار السن وذوي الظروف الخاصة، كما أوجدنا منطقة خاصة للسجناء لعدم الاحتكاك بالجمهور ومنحهم الخصوصية الكافية.
البوابة الإليكترونية
وأوضح "د.العيسى" أن الوزارة ماضية في تحديث موقع البوابة الإليكترونية على النت، بما يتيح للفرد إلغاء الوكالة، أو الحصول على "البرنت" حول وكالته بالدقيقة، والاتصال بالهاتف وتقديم آخرعمليات جرت على الوكالة أو إلغاء الوكالة، ويمكن كذلك تحديد موعد الجلسة عن طريق البوابة إذا تم ربط جميع المحاكم آلياً، ونرجو مستقبلاً أن تقدم كتابة عدل الرياض الأولى موعداً لاستلام الصك عن طريق الجوال الذي بدأوا فيه بشكل محدود.
مأذونو الأنكحة
وقال "البابطين" إن إدارة مأذوني الأنكحة في الوزارة تعمل على رصد ومتابعة أعمال المأذونين، من خلال إيجاد إدارات مختصة في المحاكم، إلى جانب إيجاد منتديات وملتقيات توعوية للمأذونين في عدد من المناطق، بهدف تنمية الوعي الشرعي والنظامي لدى المأذونين حيال إجراء عقود الأنكحة، والضوابط التي تمت في هذا الجانب؛ وبالذات لائحة عقود الأنكحة، حيث حوت مواد تقارب ثلاثين مادة تقريباً، كما تسعى الإدارة إلى مراجعة اللائحة لضم كافة التعليمات والتعاميم المنظمة وجعلها ضمن منظومة عمل واحدة.
المحكمة العليا
وتناول "الشيخ الحميد" اختصاصات المحكمة العليا التي قد يجهلها البعض، وأهمها: مراجعة الأحكام والقرارات التي تصدرها وتؤيدها محاكم الاستئناف في قضايا القتل أو القطع أو الرجم أو القصاص في النفس أو في ما دونها، ومراجعة الأحكام والقرارات التي تصدر أو يؤيدها أو تؤيدها محاكم الاستئناف المتعلقة بقضايا لم ترد في الفقرة السابقة أو في مسائل نهائية ونحوها، مثل قضية النسب التي عرضت على المحكمة؛ متى ما كان محل الاعتراض على الحكم وفقاً للنقاط، وهذه المادة ستفعل -إن شاء الله- بعد انتهاء نظام المرافعات بعد تعديل بعض مواده، كما لدينا باب النقض، وهذا من محاسن النظام الجديد، وكما نعلم أن النظام في السابق لا يجيز لمجلس القضاء الأعلى أن ينظر في قضية انتهت محكمة التمييز فيها، لأنها أخذت صفة القطع إلاّ بموافقة المقام السامي، ولكن عندما يفعل نظام النقض؛ فهو يفتح الباب للجميع.
تكافؤ النسب
كما تحدث "الشيخ الحميد" عن قضية النسب المثارة إعلامياً، وقال: أود أن أنبه إلى أمر في هذا الموضوع، وهو أن تدخل الإعلام قبل صدور الحكم غير مناسب وغير معمول به، بل أعتقد أنه ممنوع في كثير من الدول، ولكن عندما يصدر القضاء في قضية معينة ويكون لها صدى اجتماعي فيتدخل الإعلام، فلا شك أن هذا يساهم في توعية الناس وعلى إظهار حقوق الناس، وهو ما حدث في قضية النسب التي لا تخفى على الجميع، ومن فضل الله سبحانه وتعالى أن هذه القضية أخذت أبعاداً إنسانية وأبعاداً اجتماعية وكان لقرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -وفقه الله- إحالتها إلى المحكمة العليا فتح كبير لتطبيق العدل في هذه القضية، فنحن الآن نعلم أنها قضية إنسانية واجتماعية، حيث ارتبط رجل بامرأة بعقد شرعي صحيح وبولاية أبيها ثم عاشا فترة من الزمن وأنجبا، ثم بعد ذلك حصل ما حصل من اعتراض بدعوى النسب، وحينما عرضت هذه القضية على أصحاب الفضيلة والمعالي الذين نظروا ودققوا في هذا الحكم انطلقوا من منطلقات شرعية من القرآن والسنة ومنطلقات اجتماعية تدعم وحدة البلاد وتماسكها الاجتماعي، ومن هنا جاء القرار وفي نظري قرار صائب في نقض الحكم الذي انتهى بالتفريق ثم بحمد الله ومنته رجعت الزوجة إلى زوجها وانضمت الأسرة من جديد وعاش الأطفال في حضن أبيهم وحضن أمهم.ونبه "د.العيسى" على أن قضية النسب أحيلت من قبل خادم الحرمين الشريفين للنظر فيها في المحكمة العليا؛ لأن اختصاصات المحكمة العليا بموجب النظام الجديد لن تنفذ إلاّ بعد صدور نظام المرافعات الشرعية ونظام الجزاءات الجديدين، فمتى صدرا فلا يحتاج الأمر إلى الرفع إلى المقام السامي، ولكن المحكمة العليا تباشر أعمال الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى، التي لا تنظر في مثل هذه القضايا إلاّ بأمر سام.
د. العيسى خلال حديثه إلى رئيس التحرير عن خطط وبرامج الوزارة المستقبلية
محاكم الاستئناف
وتحدث "الشيخ التركي" عن محاكم الاستئناف، وقال: توجد في الوقت الحاضر محكمتان، محكمة في مكة المكرمة ومحكمة في الرياض، ومحكمة مكة يتبعها سبع مناطق ومحكمة الرياض يتبعها ست مناطق، وتنظر جميع ما يطلب فيه الاستئناف أو يطلب فيه التدقيق في القضايا الحقوقية، والقضايا الجزائية، وقضايا الأحوال الشخصية، والقضايا الجنائية الكبرى، مشيراً إلى أن هناك قضايا تدقق بقوة النظام، مثل قضايا أموال القاصرين، والوقف، وقضايا القتل، موضحاً أن محكمة الاستئناف في الرياض- ويتبعها ١٢٣ محكمة- أنهت العام المنصرم تدقيق حوالي (٢٥٠٣٩) قضية.
الأحكام البديلة ومدونة الأحكام
وفي سؤال للزميل أحمد الجميعة عن الأحكام البديلة ومدونة الأحكام، أوضح "د.العيسى" أن لدى الوزارة رؤية تجاه الأحكام البديلة، حيث تنوي عقد ندوة بهذا الخصوص بالتعاون مع إحدى المؤسسات الأكاديمية داخل المملكة، وقال: إن كثيراً من القضاة يقدرون إيجابية الأحكام البديلة، ولكن تفعيلها يحتاج إلى ثلاثة أمور، الأول، أن يكون ذلك مشمولاً بمدونة لتقنين الأحكام؛ مسمى فيها الحكم البديل، أو يعطي سلطة تقديرية للقاضي في إطار مسمى الأحكام البديلة لوقائع معينة.
الثاني: أن تطلع المحكمة العليا وهي على قدر المسؤولية في هذا الجانب، فما يصدر عن المحكمة العليا من أحكام استقر عليها العمل تمثّل مبدأً قضائياً، فإذا انتهت المحكمة في سن مبدأ قضائي على ضوء قضية فيها حكم بديل لواقعة معينة فينطوي تحت هذه القضية أمثالها ومن يخالفها يعتبر خالف مبدأ قضائياً استقرت عليه المحكمة العليا، وبالتالي هو حري بالنقض، الثالث: هو الحراك العلمي لهذا المفهوم الإيجابي.
أما ما يتعلق بمدونة الأحكام، فإن مدونة الأحكام القضائية معناها تقنين الأحكام ونشرها، ولدى وزارة العدل إصدار سنوي اسمه مدونة الأحكام القضائية، وأنا من وجهة نظري اعتبرها نماذج وليست مدونة، وأتمنى أن يغير اسمها، فلا فائدة من نشر الحكم دون استخلاص مبدأ منه.
نظاما "المرافعات والجزائية"
وفي سؤال آخر حول أبرز ملامح نظامي المرافعات والإجراءات الجزائية الذي يدرس الآن في مجلس الشورى، أوضح "د.العيسى" أنهما لم يخرجا في إطارهما العام عن النظامين السابقين، لكن عدلت المواد التي تأثرت بنظام القضاء الجديد، فمثلاً هناك محكمة عليا وهناك استئناف، ونظام المرافعات السابق ليس فيه هذا، فعدلت المواد على ضوء ذلك، وهي تعديلات محدودة.
تفاوت الأحكام
وفي سؤال للزميل سليمان العصيمي عن تفاوت الأحكام، أجاب "د.العيسى" قائلاً: نحن لا ننكر من أن هناك تفاوتاً، ولكن ذلك في حدود ضيقة، وليست ظاهرة، والمعول في حلها أمران، هما: تقنين الأحكام القضائية وسيتم ذلك قريباً، والثاني نشر الأحكام والمبادئ القضائية من قبل المحكمة العليا، حيث علمت أن هناك توجهاً كبيراً لتحقيق ذلك.
د. العيسى يقدم هدية الوزارة لرئيس التحرير
وعلق "الشيخ التركي" على أن بعض وسائل الإعلام تنقل الأحكام قبل أن تكتسب صفة القطعية، وهي بذلك قابلة للتعديل وربما الإلغاء.
وأكد "الشيخ الحميد" أن كل شخص كفل له النظام أن يعترض إذا لم يقنع بالحكم سواءً كان قليلاً أم كثيراً، وإذا قرر عدم قناعته فلا يجوز للقاضي أن يلزمه بالتنفيذ، لأنه لم يأخذ صفته القطعية، والصفة القطعية تأتي من طريقين إن كانت حقوقاً عامة، وهي إما القناعة الذاتية، وإما تصديقه من محكمة الاسئتناف، مشيراً إلى أنه مع نظام الترافع الجديد؛ فإن القضايا الكبيرة لا تكتسب القطعية إلا بعد أن تصدق عليها المحكمة العليا.
المحاكم المتخصصة
وفي سؤال آخر عن المحاكم المتخصصة والقضاة المتخصصون، أوضح وزير العدل أن المحاكم المتخصصة من ميزات النظام الجديد، وتشمل على محاكم تجارية -ستنتقل من ديوان المظالم إلى وزارة العدل-، ومحاكم عمالية، وأخرى للأحوال الشخصية، ومحاكم عامة، ومحاكم جزائية تتعلق بالجنايات، ويجوز لمجلس القضاء الأعلى إنشاء محاكم أخرى متخصصة بعد موافقة الملك عليها، والمحاكم المرورية ستكون ضمن المحاكم العامة ويجوز للمجلس الأعلى للقضاء أن ينشئ محاكم مرورية بعد موافقة الملك عليها.
تعامل القضاة
وسؤال ثالث عن التعامل القاسي من بعض القضاة، حيث أوضح "الشيخ الحميد" أنها ليست ظاهرة، ونحن لا ننكرها، وبكل شفافية أقول نعم يوجد مع الأسف من لا يعطي الصورة المضيئة لكافة قضاتنا وكتاب العدل الذين نفخر بهم جميعاً، لكن إذا وجد مثل ذلك هناك دورات تأهيلية للقضاة تنظم وتطرح مثل هذه المواضيع التي يتذمر منها بعض أفراد المجتمع، وأنا أجزم -إن شاء الله- أنه مع هذا التقدم وهذا التنوير الذي تعيشه وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى سوف تختفي مثل هذه الأمور.وقال إن لكل قضية ظروفها المناطقية وظروفها في وجود سوابق جنائية على المدعى عليه وغير ذلك، ولكن أعتقد أنها ستقل بعد صدور تقنين الأحكام وخاصة في القضايا التعزيرية، أما القضايا الحدية فهذه لا نقاش فيها لأنها ثابتة من خلال كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الترافع أمام أكثر من قاضٍ
وطرح الكاتب د.حمد اللحيدان سؤالاً حول إمكانية الترافع أمام أكثر من قاضٍ، وأجاب "د.العيسى" أن ما يتعلق بالقضاء الابتدائي العام –وليس ديوان المظالم- فإن الأفضل أن يكون من قاض واحد، حيث استطلعنا الكثير من التجارب الخارجية فوجدناهم يؤيدون ذلك، أما الاستئناف فمن ثلاثة. وعلق "الشيخ التركي" من أن القضاء الفردي يكون أدق وأسرع من أن يكون من ثلاثة قضاة، لأن الكثير من القضاة يحصل بينهم اختلاف في وجهة النظر فيحتاجون إلى مرجح وتتفاوت
المشاركون في الندوة من وزارة العدل
الجلسات وتكثر، حيث كان بعض الناس يشتكون من ديوان المظالم في نظر القضايا بصفة ثلاثية، أما القضايا الخطرة فهي تنظر من ثلاثة وتدقق من خمسة، مؤكداً على أنه مع النظام القضائي الجديد وحال تطبيقه سيكون في كل الأحكام مراجعة، وكل من يطلب الاستئناف يمكّن منه، فهو ليس ملزماً بالحكم الابتدائي الذي صدر إلا إذا اقتنع به.
هوية المرأة في المحكمة
وقدم الكاتب د.علي الخشيبان تساؤلاً حول التحقق من هوية المرأة في المحاكم، وأجاب "د.العيسى" من أن هذه مشكلة كبيرة، واكتفي بأن أقول لعلها تحل قريباً، وبشكل حاسم -بإذن الله-، مشيراً إلى أن المشكلة تبرز للمرأة إذا لم يكن لها أحد المعارف، فقد تكون زوجة أجنبية وربما متجنسة وهي لا تعرف أحداً.
التجارب العالمية
وفي سؤال للكاتب د.مطلق المطيري حول إفادة الوزارة من المدارس القضائية في الخارج، أوضح وزير العدل أنه يجب ان نفرق بين الجوانب الإجرائية والموضوعية، فالجانب الموضوعي أو الفني المهني الدقيق في العمل القضائي هذا مربوط بأحكام الشريعة الإسلامية ولا يقبل أي مزايدة؛ أما الجوانب الإجرائية فقد استفاد النظام الجديد من النقلات النوعية في الأنظمة القضائية في جميع دول العالم، فمثلاً لا يوجد في الشريعة الإسلامية شيء اسمه المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف، ودرجة تقاضي وكل هذه من المدارس العصرية في المنظومة القضائية.
وأوضح "الشيخ الحميد" أن الوزارة ترسل وفوداً قضائية إلى كافة الدول في الجانب الإجرائي، وقد ذهبت الوفود إلى فرنسا وألمانيا وأمريكا وبريطانيا للاستفادة من المنظومة العدلية هناك، والوزارة تنوي عقد شراكات كبيرة وعلى نطاق واسع مع العديد من الدول سواءً على نطاق الحكومات أو القطاع الخاص وتبادل الزيارات والاستفادة من الخبرات والاطلاع على المواد البحثية والعلمية والتطبيقية، وهناك مذكرات تفاهم واتفاقيات قضائية مع بعض الدول، ونرجو ان نفعل الأحكام الموجودة فيها.
وكشف"د.العيسى" من أن هناك مذكرة تفاهم بيننا وبين فرنسا، ونأمل أن تنتهي قريباً -إن شاء الله-، وطبعاً فرنسا رائدة في الجانب القانوني والقضائي وقريبة من نموذج المملكة.
ثقافة التحكيم
وفي سؤال ثانٍ حول ضعف ثقافة التحكيم، أوضح "د.العيسى" أن القاضي لا علاقة له بما يتعلق بالتحكيم، لأن التحكيم له مسار آخر، مشيراً إلى أن ثقافة التحكيم مجتمعية، وعندما يكون هناك حراك علمي تتبناه وزارة العدل فهي تسلط الضوء على أهمية التحكيم لدى الجميع؛ مؤسسات وأفراداً، مؤكداً على
لقطة جماعية لضيوف الندوة
أن التحكيم أسرع من القضاء، وله عدة فوائد، أهمها أنه يحفظ السرية، ويضع الخيار أمام المحكم فيما يريد، إلى جانب سرعة انهاء الحكم التحكيمي.
كليات الشريعة
وسؤال ثالث عن مخرجات كليات الشريعة، أكد "د.العيسى" على أن هذه الكليات تقدم لنا مادة أكاديمية، وما بعد ذلك هو عمل الجهة القضائية، وهو التدريب، وما لم يكن هناك تدريب فإن المادة الأكاديمية تصدأ وتأسن وتبقى مكانها ولا تتغير، فالتدريب له أهمية حيث يصقل المادة الأكاديمية ويصقل الموهبة ويحرك العقلية القضائية ويطلعها على كل جديد.
نشر الإحصائيات
وقدم د.عبدالحميد السليمان تساؤلاً حول أهمية تقديم وزارة العدل للأرقام الدقيقة عن الظواهر والأحداث المجتمعية، وإفادة الباحثين منها، وقال وزير العدل مجيباً: نحن مستعدون لتزويد أي جهة تريد هذه الاحصائيات، وهي موجودة بأرقام دقيقة، ويمكن نشرها ليس أمام الباحثين فقط، وإنما أمام الرأي العام.
قضايا القتل العمد مؤلمة ودوافعها تافهة..والسبب حمل السلاح!
بين "الشيخ الحميد" أن قضايا القتل العمد ليست كثيرة في مجتمعنا؛ ولكنها مؤلمة، ودوافعها تافهة، فهي مؤلمة للمجتمع أن فقد شاباً وقد يفقد شاباً آخر عندما ينفذ حد القصاص، ومؤلمة للأسرة حين يذهب في ريعان شبابه هذا الابن أو هذا الأخ، وتافهة حين يرى المراهق تشجيعاً من زملائه على حمل السلاح والانتقام به من الآخر، أو من أبيه حين يغرس فيه موروثات جاهلية، مثل:"إذا لم تأخذ حقك بيدك فأنت لست بشجاع أو برجل".
وضرب فضيلته مثلاً بالمضاربات التي تحدث أمام المدارس، أو أي خصام شبابي، حيث يقوم أحدهم بحمل السكين وغرزها في صدر زميله..، أو رفع السلاح وتصويبه على آخر، والشارع الحكيم جعل من صفات القتل العمد أن يقتله بما
يقتل. وقال: إننا اليوم في دولة مؤسسات، ودولة متحضرة، وهناك شرط، وإمارات مناطق، وهناك محاكم، وباب ولي الأمر مفتوح، فالإنسان ليس في حاجة إلى أن يأخذ حقه بيده، كما إنني أحذر من حمل السلاح، وخصوصاً بين الشباب، داعياً أن يكون هناك حملة وطنية للحد من حمل السلاح، وبيان الوعيد الشديد من الله عز وجل في قتل العمد (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جنهم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً)، فالإنسان لو تصور هذا الوعيد الشديد ترتعد فرائصه، ومع ذلك للأسف لا يحمل هذا الشاب أو هذا الأب هذا المفهوم من الوعيد الشديد!.
الحكم الغيابي معطل..والمنع من السفر وكشف الأموال على المماطل في التنفيذ
أجاب "د.العيسى" في مداخلة للزميل أحمد الجميعة حول آلية إحضار الخصوم، ومدى إمكانية تفعيل الحكم الغيابي، ونظام التنفيذ الجديد؛ على أنه لا يؤيد أن يسترسل القاضي في طلب الخصم بما يخرج عن تطبيق النظام، فلا بد عند المماطلة من تفعيل الحكم الغيابي، مشيراً إلى أن هناك نظاماً للحكم الغيابي ولكن لم يفعل غالباً، والسبب أن القاضي ينطلق من رؤية أن الحكم الحضوري أفضل من الحكم الغيابي، وهذا صحيح، ولكن يفترض أن لا يكون ذلك على حساب المماطلة بحقوق الآخرين.
وقال إن هناك مشروعاً لنظام التنفيذ سيصدر قريباً -بإذن الله-، موضحاً أن أبرز ملامح هذا النظام هو توسيع سلطة قاضي التنفيذ، حيث يحق له منع الشخص الذي لا ينفذ الحكم الشرعي من السفر، والتمتع بالخدمات العامة، إلى جانب الإفصاح عن كافة أمواله في البنوك وعقاراته المدونة في كتابات العدل، كما قلص النظام كثيراً من سجن الأفراد.
تراجع عن 95% من حالات الطلاق المعلنة!
نبه "البابطين" إلى أن أرقام الطلاق المعلنة من قبل الوزارة هي ما تم تحريره من صكوك، مستدركاً من أن 95% تقريباً من أصحاب هذه الصكوك راجعوا زوجاتهم قبل انتهاء العدة، بينما 5% وقع الطلاق دون أن يحصل التراجع، مشيراً إلى أن أرقام الطلاق تأتي في بعض الأحيان غير مفصّلة، فهناك الخلع وهناك الفسخ.
الحميد نقل فتاوى أبن باز وأبن عثيمين بعدم جوازه
د.العيسى يرد على المتحفظين من تنظيم «زواج القاصرات»..
أكد «د.العيسى» على أن زواج القاصرات أصبح حرجاً ومقلقاً جداً في نظر المجتمع، وقال: أنا استغرب تحفظ البعض من إيجاد تنظيم معين نحو هذا الزواج، مرجعاً الحاجة إلى ذلك التنظيم إلى أمرين: الأول؛ أن هذا أمر مباح ولولي الأمر أن يقيد المباح، والثاني: أن هناك تنظيماً يتعلق بزواج آخر وهو زواج الأجنبيات، فلماذا لا يكون هناك تنظيم لزواج القاصرات.
وعلق «الشيخ الحميد» قائلاً: إن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز –رحمه الله- سئل عن هذا الموضوع، فأجاب: ليس للأب ولا لغير الأب أن يرغم موليته على الزواج ممن لا تريده، ثم عرج سماحته وذكر أنه حتى الصغيرة دون التسع سنوات، وهناك كلام جميل لابن عثيمين -رحمه الله-؛ يقول فيه: لا يجوز تزويج الصغيرة ما دون البلوغ والمستند في ذلك لا تنكح البكر حتى تستأذن، ومن التعليل أيضاً الأب لا يملك أن يبيع خاتماً من حديد بغير رضاها فكيف يجبرها أن تبيع خاتم نفسها؟، وقال -رحمه الله- في شرح كتاب النكاح (ص57) لو أن رجلاً طلب من هذه المرأة أن تؤجر نفسها لمدة يومين لخياطة الثياب وهي عند أهلها ولم تقبل، فهل يملك أبوها أن يجبرها على ذلك؟، وقال سماحته: الجواب لا، فكيف يجبرها على أن تتزوج من ستكون معه في نكد من العقد إلى الفراق؟.
وأضاف «أخلص من ذلك إلى أنه حتى من الناحية الشرعية فإننا نجد أن كلام العلم واضح، وإذا أردنا أن نبحث في المسألة نجد أن عالمين معاصرين جليلين قد رجحا أنه لا يجوز إجبار الصغيرة على الزواج»، داعياً أن يكون هناك تنظيم لهذا الزواج؛ الذي لم يشكل ظاهرة مقلقة في المجتمع، ولكنها حوادث فردية تظهر بين وقت وآخر».
ويرى «الشيخ التركي» أن زواج الصغيرة أدق في التعبير من زواج القاصرة؛ الذي قد يدخل فيه القصور العقلي وغيره، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر في الأحاديث المتفق عليها أن البكر تستأذن وإذنها صمتها، وجاء في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «تستأمر اليتيمة فإن بكت أو سكتت فهو رضاها، وإن أبت فلا جواز عليها»، ويفهم من ذلك أنه لا يجوز إجبار الصغيرة على الزواج.
وأوضح «د.العيسى» أن الوزارة لا تملك هذا الأمر، وإنما عليها تقديم مرئياتها أمام ولي الأمر، وتوضح فيه سلبيات هذا الزواج، مشيراً إلى أن الوزارة تسعى قدر وسعها في أن تقدم دراسة وافية لهذا الموضوع، ويكفي أن تكون هناك قضية واحدة ويكون لها أصداء سلبية عن المملكة في آخر العالم، ولاسيما أن المتربصين بهذه الدولة كُثر.
http://www.alriyadh.com/2010/03/02/article503113.html