حددت المادة 65 من نظام العمل والعمال السعودي واجبات العمال منها (أن يحفظ الأسرار الفنية والتجارية والصناعية للمواد التي ينتجها، أو غير مباشرة، وجميع الأسرار المهنية المتعلقة بالعمل أو المنشأة التي من شأن إفشائها الإضرار بمصلحة رب العمل).
والالتزام بحفظ الأسرار أمر يقتضيه مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود وواجب الإخلاص والأمانة في علاقات العمل. ولم يعرف نظام العمل والعمال أسرار العمل تعريفا جامعا مانعا، وإنما اكتفى بوصفها بالأسرار الفنية والتجارية والصناعية والمهنية. وفي كتابه (التزام العامل بالأمانة والإخلاص في علاقات العمل الفردية) هناك اجتهادات بعض فقهاء قانون العمل في تعريف أسرار العمل، فذكر أن بعض الفقهاء عرفها بأنها (كل ما يتعلق بطريقة الإنتاج أو بمعاملات المحل ومدى نشاطه، وعرفها البعض الآخر بأنها المعلومات التي تتعلق بالمنشأة والتي أوجب القانون كتمانها أو جرى العرف بذلك بحيث يترتب على إذاعتها الإضرار بالمنشأة أو زعزعة الثقة فيها وبشرط ألا يكون هذا الكتمان ساترا لجريمة جنائية أو حائلا دون الكشف عن جريمة تمت أو في مرحلة شروع).
وعلاوه علي ذلك (كل معلومة ذات قيمة تمس بقدرة المشروع على المنافسة يمكن أن تدخل في إطار السرية، ويلتزم العامل بكتمانها، سواء كانت هذه المعلومة تتعلق بأموال معنوية للمشروع أو بأعمال مادية، وتشمل المعلومات في الجانب الأول المعلومات المبتكرة الأصلية والمعلومات الفريدة الاستراتيجية المتعلقة بخطط المشروع، أما الجانب الثاني فيشمل المعلومات التي تنصب على رأسمال المشروع من الناحية الاقتصادية كالوضع الاقتصادي للمشروع في الحاضر أو في المستقبل).
ومن جهة أخرى،بأن اي معلومه (مبتكرة أو أصلية إذا كانت تنصب على معرفة معينة تسمح بإنتاج أو بأداء خدمة بما يميز المشروع عن غيره من المشاريع الأخرى، كابتكار طريقة فنية للدعاية أو تقنية معينة لتحسين الإنتاج أو التوزيع. كما تكون المعلومة فريدة ولها خصوصية إذا لم يكن في مقدور الغير الوصول إليها، وليس بشرط أن تكون جديدة فقد تكون مزيجا من طرق فنية قديمة أو معروفة ولكن تم توليفها بشكل خاص.
وتكون المعلومة استراتيجية حينما لا تكون مبتكرة ولكن تتضمن معلومات محددة كاستمارات العناوين الخاصة بالعملاء أو الموردين أو سجل بياناتهم وهي أمور تعتبر من عناصر تحقيق النجاح للمشروع وتمثل استثمارا معنويا وماليا له).
والعامل ملزم بالمحافظة على أسرار العمل حتى ولو لم ينص على هذا الالتزام في عقد العمل لأن هذا الالتزام موجود بنص النظام ولا يشترط النص عليه في العقد وإذا نص عليه في العقد، فإن ذلك يعد مجرد تأكيد لهذا الالتزام وليس منشئا له، ويتحقق الإخلال بالالتزام بالسرية من خلال إطلاع الغير على السر سواء كان هذا الغير شخصا أم عدة أشخاص أم كان منشأة أخرى وسواء كان الإفشاء للسر كليا أو جزئيا، طالما أن هناك ضررا يصيب المشروع من جراء الإفشاء، لكن الإفشاء لا يتحقق حال كون السر قد شاع أو عرف أو انتشر بين الناس، أو كان من السهل على الغير معرفته والإطلاع عليه.
وصفوة القول إنه إذا توافر للمعلومة التي اطلع عليها العامل بمناسبة عمله في المشروع صفة السرية التزم بكتمانها.
وطبقا للمادة 80 من نظام العمل السعودي يحق لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة أو تعويض أو إشعار سابق، إذا ثبت أن العامل أفشى الأسرار الصناعية أو التجارية الخاصة بالعمل الذي يعمل فيه. وطبقا لقواعد المسؤولية المدنية يحق لصاحب العمل مطالبة العامل بالتعويض عن أي ضرر فعلي لحق به جراء إخلال العامل بهذا الالتزام.
كما .. لم يرد نص في نظام العمل والعمال السعودي يعالج هذه المسألة ولكن بعض فقهاء قانون العمل يرون أن العامل ملزم بالمحافظة على الأسرار حتى بعد انقضاء عقد العمل منعا لأي تحايل من العامل بأن يقوم بإنهاء العقد ثم يستعمل الأسرار التي أطلع عليها أو بعضها لمصلحة منافس لصاحب العمل، لكن ذلك لا يمنع العامل من الاستفادة من هذه الأسرار لنفسه في مشروع خاص به يقيمه بعد انتهاء عقده ما لم يكن مرتبطا مع صاحب العمل بشرط عدم المنافسة، وما لم تكن هذه الأسرار مسجلة كبراءة اختراع لصاحب العمل. ويرى بعض فقهاء قانون العمل أن قصر الالتزام بعدم إفشاء أسرار صاحب العمل على مدة سريان مفعول العقد قد يترتب عليه تجريد هذا الالتزام من أي قيمة حقيقية، إذ يمكن للعامل سيئ النية أن يسعى إلى إنهاء الرابطة العقدية بأي ذريعة حتى يتمكن من بيع الأسرار التي علم بها إلى أي مشروع آخر منافس لصاحب العمل، لذلك أقترح أن يدخل المشرع السعودي تعديلا على نظام العمل على نحو يلزم العامل صراحة بالمحافظة على أسرار صاحب العمل حتى بعد انقضاء الرابطة العقدية، وإلى أن يتم هذا التعديل، فإن على أصحاب الأعمال السعوديين إن أرادوا حماية أسرارهم بعد انقضاء عقود العمل، أن يضمنونها نصا يلزم عمالهم بالمحافظة على أسرار العمل بعد انقضاء الرابطة العقدية. منقول