جريدة الاقتصادية - الاثنين 28 صفر 1430 هـ. الموافق 23 فبراير 2009 العدد 5614

سلك القضاء وخريجو كليات القانون والأنظمة في نظام القضاء الجديد

د. حسـن بن عيسى الملا
أبدأ أولاً بتقديم الشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين لما يوليه للقضاء من اهتمام بالغ ظهر في مراسيم الإصلاح والتغيير لهذا المرفق المؤثر في حياة كل مواطن ومقيم في هذا البلد العزيز. هذا الشكر والامتنان ليس وليد الساعة، بل هو مستحق وغير مدفوع كما يعبر به المحاسبون القانونيون، فهو مستحق منذ أن صدر المرسوم الملكي الكريم رقم م/78 تاريخ 19/9/1428هـ الخاص بنظام القضاء وديوان المظالم، الذي قال عنه المراقبون في حينه إنه كان نقلة نوعية في الاتجاه الصحيح، ليستجيب لمتطلبات العدالة والعهود والمواثيق الدولية ويعيد بناء إحدى السلطات الثلاث في أي دولة حديثة.
إلا أنه على الرغم من صدور آلية التنفيذ لذلك المرسوم إلا أن هناك من تساءل عن قابلية ذلك المرسوم للتنفيذ، وهل لدى الجهاز التنفيذي القائم حينذاك القدرة على التنفيذ، وإذا كانت لديه القدرة، فهل لديه الرغبة في تغيير النمط الذي اعتاده وكرسه للقضاء على مدى عقود من الزمن.
وجاءت المراسيم الأخيرة المتعلقة بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء، وهيئة كبار العلماء والمحكمة العليا، لتجيب عن تلك التساؤلات، ولتثبت لكل مَن يهمه الأمر، إحاطة القيادة السياسية بكل المعوقات التي تحول دون تطوير مرفق القضاء، وقدرتها على تذليلها.
والآن، وقد دخل نظام القضاء مرحلة التنفيذ الفعلي، فهو في حاجة إلى عدد كبير من القضاة المتمرسين لملء الشواغر في محاكم الاستئناف والمحاكم العليا عامة أو إدارية، وقضاة للعمل في المحاكم المتخصصة التي أحدثها النظام كمحاكم الأحوال الشخصية والتجارية والعمالية والمرورية، وربما تأتي بعدها أكثر من 30 لجنة ذات اختصاص قضائي تمارس عملها في عدد من الوزارات والأجهزة الحكومية، يجب أن تتحول إلى محاكم متخصصة، تعمل تحت سلطة القضاء.
ومعلوم أن الجهاز القضائي كان يعاني نقصاً في عدد القضاة قبل صدور النظام الجديد واستحداث المحاكم الجديدة، بسبب شروط تولي القضاء المعمول بها في نظام القضاء القديم.
ومعلوم أيضاً أن هناك أعدادا كبيرة من خريجي كليات الحقوق والأنظمة والقانون، الذين يعدون مؤهلين لتولي القضاء في جميع دول العالم، محرومين من الانتماء إلى سلك القضاء في المملكة.
وهنا تستوقفني المادة (31ـ د) من نظام القضاء الصادر في عام 1428هـ التي نصت على أن من شروط تعيين القضاة "أن يكون حاصلاً على شهادة إحدى كليات الشريعة في المملكة أو شهادة أخرى معادلة لها بشرط أن ينجح في الحالة الأخيرة في امتحان خاص يعدّه المجلس الأعلى للقضاء".
هذه المادة تفتح لخريجي كليات الأنظمة والقانون باب تولي القضاء، والمؤمَّل من المجلس الأعلى للقضاء أن يُفعِّلها من خلال وضع آلية للامتحان الخاص الذي نصت عليه المادة، لتعيين قضاة من خريجي كليات الأنظمة والقانون، خاصة في المحاكم المتخصصة المستحدثة كالمحاكم التجارية، ومحاكم المرور، والمحاكم العمالية، وتلك المحاكم التي من المتوقع أن تحل محل عدد من اللجان ذات الاختصاص القضائي كلجان الاعتراض على الربط الزكوي والضريبي والفصل في المنازعات المصرفية، ومنازعات الأوراق التجارية، وحتى الشكاوى ضد الأخطاء الطبية التي تقوم بها الآن لجنة في وزارة الصحة
.