بنيان المرداس..يهدمه العُمر..معالي الوزير!!
السبت 29, يناير 2011

ناصر صالح المنصور
لجينيات ـ الحمد لله مصلح عمل المصلحين ، وباتر عمل المفسدين ، ومؤيد المؤمنين بالنصر والعز والتمكين ، متى هم أقاموا الصلاة مع المصلين ، وأمروا بالمعروف برفق ونهوا عن المنكر بلين ، والصلاة والسلام على من وعد المخلصين المصلحين بالنجاة والفوز يوم الدين ، ومتوعد الظالمين المفسدين بنار السموم والعذاب المبين.

في فترة من فترات الزمن كانت تمارس وزارة العدل تجاهلاً عنيفاً ولا مبالاة شديدةً وتهميشاً واضحاً لمرفق عظيم في ماضي هذه الأمة الغراء وحاضرها ، لفترة تربوا على الأربعين عاماً.

غير أن القائمين على هذا المرفق العظيم في أرض الواقع كانوا وبكل جدارة أصحاب همٍ ونزاهةٍ ونقاءٍ فقادوا زمام هذه الباخرة وشقوا عُباب ذلك البحر المتلاطم بكل جدارة وحنكة وتميز.

ولابد ووفقاً للسنن الربانية أن يخرج الله جيلاً بعد ذلك الجيل يستطيع أن يكمل تلك المسيرة وبكل جدارة وذلك لأنهم تربوا على أيدي أولئك الأسبقين فكانت الأسباب والمعطيات مؤهلةً لنتائج بيضاء ناصعة تسر الناظرين.

*مقدمة بسيطة:

مرت كتابة عدل جدة الأولى بفترة كانت تحتضر وآلت إلى السقوط -إلا أن الله رحم- ، غير أن الله أنقذها بذلك الشيخ المفضال الذي قدم وبذل واحترق فاستقام أمرها بعد اعوجاج ، وأثمرت وأيعنت بعد ما ذبلت وانحنى عودها.

ما قدمه وبذله ذلك الرجل الفاضل كان وبكل صراحة وبكل حق جهداً وعملاً يدل على أن فاعله رجل يمتلك مقومات لا تكاد تجدها في غيره (والخير في الأمة إلى قيام الساعة) تجعله بل تؤهله إلى أن يقوم بعمل أكبر وأشق بكل جدارة وتمكن.

بالفعل لفت الأنظار إليه (وبغير قصد ولا حرص –كذلك نحسبه والله حسيبنا وحسيبه ولا نزكي على الله أحدا- وللعلم فوالذي شق السمع والبصر أنه لا يعرفني ولا يعلم بي) ولكن هذه هي السنن الربانية أن من عمل وقدم فإنه يـُـقدم على غيره ممن لم يقدم ولم يبذل ، لأن الأول له دلائل وبراهين تدل على أنه يمتلك ما لا يمتلكه غيره من مقومات القيادة والنجاح.

*عودة بسيطة:

بعد حقبة من الزمن ليست بالبسيطة قررت وزارة العدل أن تلتفت لذلك المرفق العظيم فصدر قرار معالي وزير العدل بإنشاء وكالة لشؤون التوثيق كوكالة جديدة ولدت من رحم الظلام لترى النور بعد أن يأست ، ليستقل هذا المرفق العظيم عن وكالة مرفق القضاء الذي وإن قلت أن وكالة الشؤون القضائية لديها ما يشغلها -وكم أثقل كاهله هذا المرفق لعظمه وجليل شأنه- لكنت محقاً.

هذا المرفق كونه ناشئ فإن من الدلالات العقلية أن يبذل له من الجهد ما يُمكّنه ليضرب بأطناب جذعه في الأرض ليكن شجرةً طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ولتؤتي أكلها كل حين.

فإن مما سبق يفرض أن يكون القائم على هذه الوكالة رجل يمتلك مقومات نجاح هذه الوكالة ولينجح كذلك من خلفه ذلك المرفق ولينجح من خلفه رجال التوثيق.

فكان قرار معالي وزير العدل في مكانه حين أصاب كبد الحقيقة فاختار ذلك الرجل الذي قدمنا ببعض جهده في المقدمة السابقة ، ليكن باري القوس الذي يحسن بريه ورميه بل وصناعته.

تولى فضيلة الشيخ أسامة بن إبراهيم المرداس زمام وقيادة تلك السفينة ، وبدأ يكافح وينافح حتى أسس البنيان على أرض ذات صلابة لا على جرف هار ، فحدد الهدف ورسم الخطة وبذل الأسباب ، فتحقق في عهده إنجاز آلاف المعاملات وتعيين ما يبروا على 180 كاتب عدل لأول مرة في تاريخ وزارة العدل ، وحقق رغبة ما يربوا على السبعين من كتاب العدل رغباتهم في النقل ممن حرموه من قبل تجاهلاً أو تعسفاً سمها ما شئت فكانت الحركة الأولى والمثلى على مستوى تاريخ وزارة العدل .

نبذ بل وطرح بل وأدار رأسه للوجاهة والواسطة ومحاولات خرق النظام ، كان همه إنجاز العمل وتحقيق العدل وحرصاً لتحقيق هموم أولياء الأمر.

فأسس هذا البنيان وشيّده حتى استقر قائماً ، فلا تجد معاملة بحاجة إلى دراسة إلا درست ومحصت ، ولا طلب للرأي والمعاونة إلا بذل لطالبه ووجد ما يشفي غليله.

فوجدوا رجال التوثيق بغيتهم ومرادهم وأمنهم ، فأقبلت النفوس وخبتت الظنون و أثمر الجهد ووضح الطريق وتحقق الهدف.

إلا أن بعض النفوس أخرجت ما يخرجه اللئام ويخفيه الكرام ، فظهر الحسد والحقد والوشاية والتملق والتزلف ، وبدأ ذلك الرجل يُحارب ويُهمش بل ويُصنف ، وبدأت النفوس في الاحتقان لينفجر بحقد أهوج بقرار إعفاء فضيلته من منصبه لكونه خالف الرغبات وطرح الواسطة وأنجح الوكالة.

ثم يصدر معاليه قراراً يبرهن فيه وفائه لماضيه ولأصحابه القدامى يقضي بتعيين فضيلة القاضي الإداري (ب) طارق العــُـمر وكيلاً لشؤون التوثيق ، وليغادر ديوان المظالم إلى وزارة العدل كما غادر كثير معه وحطوا رحالهم في تلك الوزارة.

فاستبشر بقدوم فضيلته رجاءَ أن يكمل المسيرة التي حققها سلفه وتعب في ذلك البنيان الذي كان نصيب دوام سلفه في هذه الوكالة ما يربوا على ست عشرة ساعة في اليوم.

تمر الأيام والإدبار يزداد والإقبال يرتاب ، فتحطمت الآمال مع فضيلة القاضي الإداري الشيخ طارق العُمر ، ولا يلام في ذلك ، ففضيلته يسبح في بحر لا يجيد فيه السباحة ، فكما أن للقضاء رجاله فللتوثيق رجاله ورجالاته ، والاعتذار من البداية خير من الإعفاء في النهاية.

وتجاوز الأمر من الإحباط إلى هدم بنيان سلفه ، فصار إلى الجرف الهار أقرب ، فلا إنجاز ولا توقيع للمعاملات في وقتها المحدد ، فصار الابتعاد من فضيلته عن رجال التوثيق أقرب منه إلى الاقتراب ، وصار الغمط والهضم لهم أوضح وأبين ، فانعدمت الإنجازات كما انعدم معها التقدير والاحترام ، وليأذن لي فضيلته أو ليرفض فالسيل بلغ الزبى والماء جاوز حاجزه وسده.

فانهدم يا معالي الوزير بنيان التوثيق إلا قليلاً منه ، لكونك لم تثق في أهل التوثيق ، بل أوكلت أمرهم إلى غيرهم ، ولا أحد أدرى بنفسه من نفسه ، ولا أدرى بشعاب مكة من أهلها ، وكذلك سقط من سقط ممن مضى أو ممن هم حولنا إذا أوكلوا الأمر إلى غير أهله ، ولا يعني أن يراد بغير أهله فقط الأمانة والصدق ، لا بل لا بد من الشرطين اللذين اشترطتهما بنت شعيب (إنّ خير من إستأجرت القوي الأمين) ، فلا تكفي الأمانة دون القوة ، ولا القوة دون الأمانة .

ولا أدرى بالأمر مثلك معالي الوزير ، فالقضاء لأهل القضاء ، وكذلك التوثيق لأهل التوثيق.

ألا تنظر معالي الوزير إلى التأخر الواضح في إنجاز معاملات المواطنين في وكالة الوزارة لشؤون التوثيق ، ولتنظر إلى تاريخ ورودها وتاريخ تسديدها ، ولتقارن بيننها وبين المعاملات في عهد سلفه، لتجد أن الخرق زاد على الراقع ، فالأمر جلل ويحتاج إلى تدخل جراحي يستأصل المرض من شأفته ، ويعيد المياه إلى مجاريها.

معالي الوزير الأمة لا تتعلق بالرجال ولا تقدسهم ، ففي سيرة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه دروساً تعطي أن الأمة لا تتعلق في النصر والتمكين بالرجال ، فهاهو يعزل سيف الله المسلول عن قيادة الجيوش والأمة أحوج ما يكون لخالد بن الوليد –رضي الله عنه- إلا أن الفراسة العُمرية أصابت -كما أصبت أنت سابقاً- كبد الحقيقة فولى الأمر وآل إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح –رضي الله عنهما- ، فالمراد أن من رجال التوثيق من يصلح أن يسد هذا المكان ، فالغرق هو ما أخشاه على فضيلة الوكيل الحالي ، فقد تخبط وتلخبط وتلعثم وتركك وتردد في الأمر ، وكأنك يا معالي الوزير لم تصل بوزارتك إلى المركز الأول في سرعة انتقال الملكية العقارية على مستوى العالم إلا برجال التوثيق وذلك بشهادتك نفسك بأنهم هم أصحاب ذلك الإنجاز أصحاب القوة والأمانة ، أفلا يجدر أن تنظر إلى أنهم أهل للثقة والولاية لذلك المنصب من فضيلة القاضي الإداري الشيخ طارق العمر؟

ألا إن الأمر ليس كما يُرادُ له معالي الوزير ، وما هكذا تورد الأبل يا معالي الوزير ، فلا أظنك بحاجة إلى إعادة سياسة التجهيل لمرفق التوثيق ، إلا أنك حين تمارس ذلك فأنت من يجعل الأمر كذلك.

معالي الوزير الدعوة موجهة لك بنظرة جادة في وكالة الوزارة لشؤون التوثيق ، فيخشى أن يزداد الغضب على سياسة فضيلة وكيل الوزارة لشؤون التوثيق وغض النظر من قِبل معاليكم عن ذلك فيحتاج إلى مخاطبة النائب الثاني وولي العهد وخادم الحرمين الشريفين.

فأبوابهم مشرعة للجميع وحرصهم على الأمانة والقوة واضح أيضاً للجميع ، فانظر في الأمر واتق الله فيمن وليته ولاية وهو في نفسه بحاجة في هذا الأمر إلى ولاية ، واجعل الأمور في نصابها وأنزل الناس منازلهم ، فرجال التوثيق أهل للثقة من غيرهم ، فالعجب أن العكس منتفي في حقهم أفلا يكون منتفياً فيهم.

أسأل الله أن ينير بصيرتك معالي الوزير في النظر إلى هذا الأمر ، إنه ولي وذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ناصر صالح المنصور

n.s.almnsoor@hotmail.com

منقول من لجينات

http://www.lojainiat.com/index.cfm?d...ontentid=53820