بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم سيادة القانون
يرجى عند النقل ذكر المصدر : منتدى مركز الدراسات القضائية التخصصي.
أولاً: عناصر الحكم القضائي
لا غرو أن الحكم القضائي هو ثمرة الإجراءات القضائية وهدف الخصومة النهائي والذي يعرف من خلال عنصرين أساسيين هما منطوقه وأسبابه.
ونظراً لأهمية ذلك فقد أحاط المنظم السعودي في نظام المرافعات الشرعية الحكم القضائي بعدة ضمانات وقيّد القضاة بإتباعها حتى لا يدخل الحكم دائرة البطلان ويمكن لنا استعراض هذه الضمانات والمنصوص عليها في المادة الرابعة والستون بعد المائة من نظام المرافعات الشرعية على النحو التالي:
1- أسم المحكمة التي أصدرت الحكم وأسماء القضاة الذين اشتركوا في إصداره ،وبذلك قضت المادة الرابعة والستون بعد المائة من نظام المرافعات على أنه " بعد الحكم تصدر المحكمة إعلاماً حاوياً لخلاصة الدعوى ....وأسماء القضاة الذين اشتركوا في الحكم وأسم المحكمة التي نظرت الدعوى أمامها".
وأهمية هذه الضمانة تكمن في التأكد من صدور الحكم من محكمة مختصة ، ومن صلاحية القضاة في نظر الدعوى.
2-تاريخ إصدار الحكم وقد جاء في المادة السابقة ما نصه " وأسم المحكمة التي نظرت الدعوى ....وتاريخه مع حذف الحشو والجمل ...".
وتتمثل أهمية تاريخ الحكم في معرفة بدء ميعاد الطعن أو الاعتراض على الحكم والذي يبدأ احتسابه من تاريخ تسليم إعلام الحكم للمحكوم عليه،وبذلك قضت المادة السادسة والسبعون بعد المائة بالنص على أنه"يبدأ ميعاد الاعتراض على الحكم من تاريخ تسليم إعلام الحكم للمحكوم عليه" و تحسب مدة الاعتراض خلال ثلاثين يوماً كما جاء في المادة الثامنة والسبعون بعد المائة " مدة الاعتراض بطلب التمييز ثلاثون يوماً ".
3-أسماء الخصوم بالكامل أو أسماء وكلائهم .
لا يدخل أسماء الخصوم ووكلائهم في عناصر الحكم القضائي وحسب بل هو شرط لقيام الدعوى برمتها إذ لا يصح أن ترفع الدعوى مع جهالة المدعى أو المدعى عليه كذلك من شروط صحتها توافر الصفة في أطراف الخصومة سواء أكان المدعي أو المدعى عليه أصيلاً أووكيلاً عن غيره أو ولياً عن المحجور عليه أو القاصر.
4-خلاصة ما تقدم به الخصوم من طلبات ودفوع وما استندوا إليه من أدلة وحجج شرعية وقانونية وبذلك نصت المادة الرابعة والستون بعد المائة على أنه" بعد الحكم تصدر المحكمة إعلاماً حاوياً لخلاصة الدعوى والجواب والدفوع الصحيحة وشهادة الشهود بلفظها وتزكيتها وتحليف الأيمان...".
ويستفاد من هذه الضمانة معرفة ما إذا كانت المحكمة قد تقيدت في حكمها بطلبات الخصوم أم لا إذ أن المبدأ المقرر في ذلك يقضي بعدم الجواز للمحكمة أن تحكم بأكثر مما يطلبه أطراف الدعوى، كما يستفاد من هذه الضمانة أيضاً معرفة مدى التزام المحكمة بالرد على دفاع الخصوم أو دفوعهم تطبيقاً لمبدأ المواجهة بين أطراف الخصومة .
والجدير بالذكر أن المنظم السعودي جعل من عدم تقيد المحكمة بطلبات الخصوم سبباً من أسباب إعادة النظر في الحكم القضائي وعلى ذلك قضت المادة الثانية والتسعون بعد المائة بالنص على أنه " يجوز لأي من الخصوم أن يلتمس إعادة النظر في الأحكام النهائية:
د- إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو قضى بأكثر مما طلبوه ، ومثال ذلك :كما لو طلب المدعي من المحكمة الحكم على المدعي عليه بتسليم المبيع وأصدرت المحكمة حكمها بإلزام المدعى عليه بهذا التسليم إضافة إلى التعويض عن الضرر الحاصل من التأخير.
5-منطوق الحكم ، ويقصد به كما عرفه بعض الفقه "بالقرار الذي أصدرته المحكمة في الطلبات، كأن تكون قد ردت دعوى الدائن أو قررت عدم تملك الحائز عن طريق الحيازة لعدم توافر شروطها".
وتتمثل أهمية المنطوق كعنصر من عناصر الحكم القضائي في أن إجراءات التنفيذ لا تنصب إلا على فحواه كما يتعذر القول بدونه بوجود حكم أو بإمكانية تنفيذه.
6-أسباب الحكم "حيثياته" ، ويقصد به الأدلة الواقعية والشرعية والقانونية التي أسست عليها المحكمة قرارها.
وقد نصت على ضرورة النطق بالحكم مع أسبابه المادة الثالثة والستون بعد المائة من نظام المرافعات الشرعية والتي جاء فيها"ينطق الحكم في جلسة علنية بتلاوة منطوقه أو بتلاوة منطوقه مع أسبابه".
ونخلص مما تقدم ، ضرورة أن يشتمل الحكم القضائي على هذه العناصر فهو يدور وجوداً وعدماً معها بالمعنى المقصود منه كما تعتبر الضمانة الحقيقية لأطراف النزاع من حيث تنفيذ حيثياته أو فرصة الاعتراض عليه.
ثانياً :تقسيمات الحكم القضائي
درج الفقه القانوني على تقسيم الأحكام القضائية بحسب الزاوية التي ينظر إليها إلى عدة أنواع نذكر منها :
1-الحكم الفاصل في موضوع الدعوى :
هو الحكم القطعي الذي يحسم موضوع النزاع برمته بحيث لا يصبح للمحكمة فيما بعد أي سلطة بالعودة إليه ،ومثاله: الحكم الصادر بشأن دفع أثير من قبل أحد الخصوم أثناء سير الدعوى كالدفع بعدم الاختصاص والذي تجيب عليه المحكمة إما بحكم يقبل هذا الدفع أو يرده.
والحكم القطعي الفاصل في موضوع الدعوى من الأحكام التي تقبل الطعن "الاعتراض" بصورة عامة وفقاً لإجراءات الاعتراض .
2-الحكم غير الفاصل في موضوع الدعوى:
وهو بخلاف ما سبق ، يقصد به الحكم الذي يصدر أثناء سير الدعوى ولكنه لا يحسم النزاع بشكل نهائي وإنما يقتصر دوره على تنظيم إجراءات الدعاوى كالقرار الذي يضم فيه دعوى لأخرى أو قرار تأجيل الجلسة لموعد آخر أو قرار طلب رأي الخبير القضائي.
وتسمى مثل هذه الأحكام بالأحكام التحضيرية أو التمهيدية وميزة هذه الأحكام أنها لا تقبل الطعن بشكل مستقل عن الحكم الذي ينهي النزاع ، وبذلك قضت المادة الخامسة والسبعون بعد المائة من نظام المرافعات الشرعية على أنه "لا يجوز الاعتراض على الإحكام التي تصدر قبل الفصل في الدعوى ، ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها ، إلا مع الاعتراض على الحكم الصادر في الموضوع" .
3-الأحكام القابلة للطعن :
وهي الأحكام التي تصدرها المحاكم في درجتها الأولى "الابتدائية" وهذه الأحكام تقبل الطعن بشكل دائم وعلى ذلك قضت المادة التاسعة والسبعون بعد المائة من نظام المرافعات الشرعية على أن الأحكام جميعها تقبل الطعن "التمييز" إلا أنها قد استثنيت بعض الأحكام والتي سوف نتعرف عليها لاحقاً .
4-الأحكام غير القابلة للطعن:
وهي الأحكام التي لا تقبل الطعن بأي طريق ٍ كان وتعد استثناء على الأصل العام بجواز الطعن في الأحكام القضائية وعلى ذلك نصت المادة التاسعة والسبعون بعد المائة –سالفة الذكر- " جميع الأحكام قابلة للتمييز باستثناء الأحكام في الدعاوى اليسيرة التي يحددها مجلس القضاء الأعلى بقرار يصدر من هيئته العامة بناءً على اقتراح من وزير العدل".
وبالرغم من ذلك -والى حد علمي القاصر- لا يوجد و حتى هذه الساعة تنظيماً قانونياً من قبل المجلس الأعلى للقضاء يحدد ماهية هذه الدعاوى اليسيرة والذي يعني معه جواز الطعن في كل الأحكام اليسيرة منها وغير اليسيرة.
أنتهى.