جريدة المدينة - الأحد 8 مارس 2009ميلادي - 12 ربيع الأول 1430هجري
اليامي: تقنين الأحكام القضائية يمنع التناقض ولا يغلق باب الاجتهاد
قال د. هادي اليامي نائب رئيس لجنة المحامين السعوديين عضو مجلس هيئة حقوق الانسان لـ "المدينة" :إن تقنين الاحكام القضائية لايغلق باب الاجتهاد وانما يمنع إصدار احكام متباينة ومتناقضة في القضايا التعزيرية المتشابهة واضاف ان التقنين يسهم ايضا في سد نقص خبرة بعض القضاة حديثي العهد وتيسير الوصول إلى الرأي الراجح وسرعة الفصل في القضايا .
ورأى أن المطالبة بتقنين أحكام الشريعة الإسلامية في هذا الوقت لايعد مطلبا جديد وإنما استكمالاً لدعوة ومطالبات سابقة حين أمر الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بتشكيل لجنة فقهية متخصصة تتولى إصدار مجلة للأحكام الشرعية، وقد جاء نص التوجيه كمايلي " إن جلالة الملك ،يفكر في وضع مجلة للأحكام الشرعية، يعهد إلى لجنة من خيار علماء المسلمين الاختصاصيين استنباطها من كتب المذاهب الأربعة المعتبرة وهذه المجلة ستكون مشابهة لمجلة الأحكام التي كانت الحكومة العثمانية وضعتها عام 1293هـ، ولكنها تختلف عنها بأمور؛ أهمها: عدم التقيد حين الاستنباط بمذهب دون آخر، بل تأخذ ما تراه في صالح المسلمين من أقوى المذاهب حجة ودليلاً من الكتاب والسنة.
منع التقنين
واضاف : في عهد الملك فيصل حظي تقنين القضاء باهتمام كبير فوجّه أمره في عام 1393هـ إلى هيئة كبار العلماء لمناقشته وقد انقسمت الاراء بين مؤيد ومعارض وصدر قرار الهيئة بمنع التقنين وعدم جوازه برأي الأغلبية فيما رأى ستة من الأعضاء جواز التقنين. وفي المرحلة الحالية يؤيد فريق من العلماء وطلبة العلم تقنين القضاء ومن أبرزهم الشيخ عبدالله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء و الشيخ عبدالمحسن العبيكان,والذي طالب بتشكيل لجنة على مستوى عال لصياغة الفقه في مواد مؤكدا ان القضاة يحتاجون إلى إعادة تأهيل لمعرفة ذلك . واصدر الشيخ عبدالعزيز القاسم في عام 1385هـ كتاباً في هذا الشأن بعنوان "الإسلام وتقنين الأحكام دعوة مخلصة لتقنين أحكام الشريعة"،
الاحكام المتناقضة
وارجع اليامي زيادة الدعوات بتقنين احكام الشريعة الى الرغبة في منع وتجنب صدور أحكام متباينة ومتناقضة في القضايا التعزيرية المتشابهة لأن ذلك يدفع المغرضين إلى الزعم بعدم قدرة الشريعة الإسلامية على مواكبة العصر لافتقاد الأحكام للعدالة كما يزعزع ثقة المتقاضين فيما يصدر ضدهم من أحكام.
كما يؤدي ذلك الي سد نقص خبرة بعض القضاة حديثي العهد بالقضاء، وتيسير مهمة البحث عن الرأي الراجح دون الغوص في كتب الفقه التي لا يعيها إلا الفقهاء المتخصصون .وتوقع ان يؤدى ذلك ايضا الى سرعة الفصل في القضايا ومعرفة المتقاضين لأبسط الأحكام من خلال تقنين محدد وقضاء واضح المعالم فضلا عن الاستفادة من الاراء الفقهية التي تزخر بها المراجع الفقهية المختلفة.
اغلاق باب الاجتهاد
أما الاعتراض على تقنين أحكام الشريعة الإسلامية بدعوى انه يغلق باب الاجتهاد فمردود عليه بأن التقنين ذاته اجتهاد وأنه قابل للتغير والتعديل بتغيّر الظروف والمصالح. واوضح ان القضايا الجنائية المقننة أحكامها بمواد وفقرات محددة مثل أنظمة الرشوة والتزوير واستغلال النفوذ الوظيفي التي يختص بنظرها ديوان المظالم موضح بها المخالفة والعقوبة المقررة من سجن وغرامة أو أي عقوبة تبعية أخرى، وللقاضي حرية إيقاف تنفيذ العقوبة وفق ظروف يقدرها من قبيل الاجتهاد، ولم ينشأ عن ذلك أي مشكلات من أي نوع.كما ان نظام المخدرات الذى وضع حد أدنى وأقصى لمواد العقاب فيه اتاح للقاضي حرية اختيار العقوبة اللازمة التي تردع المتهم، فله تشديد العقوبة وتخفيفها والنزول بها عن الحد الأدنى والإعفاء منها وحفظ القضية وإيداع المتعافي أحد الدور الصحية المخصصة للعلاج حسب ظروف القضية والمتهم وفقا لاعتبارات معينة تضمّنها النظام، ويعتبر ذلك اجتهادا من القاضي من حيث اختيار العقوبة أو أي إجراء آخر.
واستطرد اليامي موضحا : في غير الأنظمة الجنائية نرى التقنين في نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية والمحاماة والشركات والعمل والعمال والأوراق التجارية وغير ذلك من الأنظمة الأخرى مؤكدا الحاجة الي اعادة النظر في الانظمة القضائية لتكون اكثر ضبطا ووضوحا للقاضي وللمتقاضي خصوصا مع الانفتاح العالمي الكبير الذي نعيشه