بلغني من غير واحد من القضاة خبر طلب أصحاب المعالي رئيس المجلس الأعلى للقضاء ووزير العدل ورئيس ديوان المظالم من القضاة الرفع بما يرونه محققاً المصلحة العامة ودافعاً المسيرة القضائية نحو الأمام .
فقمت بتلخيص المقالات التي لها مساس بهذا الطلب الكريم ، وأتحت ذلك للجميع في موقع المركز ومنتداه ، ليطلع عليه من يراه ، وليقتبس منه من شاء ، وليجد طريقه للتطبيق ممن جعله الله هادياً ودليلاً إلى الرشد والخير ؛ ليفوز بما جاء في الحديث الصحيح (( فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ )) .
وقد رأيت توجيه الخطاب لأصحاب المعالي الثلاثة رؤوس المؤسسة القضائية السعودية نفع الله بهم وألهمهم رشدهم .
-
-
الخطاب :
-
صاحب المعالي / رئيس المجلس الأعلى للقضاء ..................... سلمه الله
صاحب المعالي / وزير العــــدل ..................... سلمه الله
صاحب المعالي / رئيس ديوان المظالم ..................... سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :-
يسرني أن أضع بين أيديكم خلاصة ما كتبته في الصحافة المحلية حول القضاء والقضاة ؛ منذ اليوم الثاني عشر من شهر رمضان المبارك عام 1426هـ ؛ لتتفضلوا بالإطلاع عليه ، واتخاذ ما ترونه مناسباً حيال الرفع من شأن القضاء الشرعي في بلاد الحرمين ؛ بما يحقق طموحات قيادتها وآمال أهلها .
وأصول المرفق موجودة بطولها - ومعها غيرها مما يهم الشأن القضائي - في الموقع المعلوماتي (( مركز الدراسات القضائية التخصصي )) من شبكة الإنترنت على الرابط التالي : http://www.cojss.com
لازلتم في حفظ الله ورعايته . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
.................................................. ....................... محبكم : ناصر بن زيد بن داود
=============================
النظم المقترحة : http://www.cojss.com/article.php?a=13
عند إصدار نظام جديد يُراد منه الوفاء بأكبر قدرٍ من الغرض الذي سُنَّ لأجله - يتوجه عمل الآتي:-
أولاً / الإعلان عن قرب صدور النظام في جميع الصحف المحلية .
ثانياً / تحديد الجهة المعنية بوضع النظام ؛ لاستقبال الآراء والاقتراحات حيال مضمون النظام .
ثالثاً / استكتاب المعنيين بالنظام حول ما ينبغي أن يشتمل عليه من موضوعات .
رابعاً / تخصيص منتدى في شبكة الإنترنت ؛ لمطارحة الرأي من المهتمين بأمر ذلك النظام .
خامساً / عقد الندوات المتتابعة في الصحف والإذاعة والتلفاز ؛ لبحث موضوع النظام .
سادساً / تعيين صندوق بريد لاستقبال الانتقادات لمحتويات النظام ، بعد مناقشة موضوعه في وسائل الإعلام .
سابعاً / عرض النظام بعد اكتسابه الصياغة المقصودة على الجهات الرسمية المعنية بتطبيقه ؛ للمراجعة النهائية خلال ثلاثة أشهر على الأكثر .
ثامناً / إلزام الجهات المعنية بالتطبيق بعرض النظام على أفراد تلك الجهات ؛ لاستطلاع ما لدى المباشرين للتطبيق والذين هم أدرى الجميع بالثغرات ، وألصقهم بدقائق تطبيقه .
تاسعاً / الاهتمام بجميع الأطاريح والاقتراحات السالفة من قِبَلِ واضعي النظام ، ومن لجان الصياغة والمراجعة ، ومن المجالس المعنية بالتصويت على النظام .
لعل رعاية هذه الأمور تُساعد على استيفاء متعلقات النظام ، وتُخفِّف الاحتقانات من معارضيه ، وتُشجِّع على المشاركة في وضعه من المعنيين بتطبيقه ، كما ترفع من شأن نتائج تلك المشاركة الشعبية في الداخل والخارج ؛ بإعطاء الانطباع الشُوريِّ في وضع وتطبيق أنظمة الدولة.
==================================
استقلال القضاء : http://www.cojss.com/article.php?a=35
يمكن تلخيص السبل الكفيلة بترسيخ استقلال القضاء والقضاة في الآتي :-
1/ أمن القاضي على وظيفته ؛ بحيث لا يخشى الفصل التعسفي ، وهو ما نصت عليه المادة (2) من نظام القضاء ( القضاة غير قابلين للعزل إلا في الحالات المبينة في هذا النظَام ) . والحقُّ أنَّ النظامَ قد كفل هذا المبدأ ، غير أن الباقي على جهات الاختصاص هو حسنُ التطبيق ، كما يلزم تدقيقُ ذلك التطبيق من جهة اعتماده ؛ حرصاً على تحقيق العدالة لأهل العدل ، كما نحرص على تحقيقها منهم ؛ سواءً بسواءٍ .
2/ قطع كل الميزات التي لا يتساوى فيها القضاة مع بعضهم من أيِّ جهةٍ في الدولة ؛ حتى لا تكون سبباً في ضعف تجرد وحيادية القاضي ، فتؤثر على نزاهته وسلامة أحكامه .
3/ تمكين القاضي من الاتصال المباشر بأولي الأمر عند التعرض لما يخل باستقلاله ، ويمكن تأكيد هذا الحق بتكرار إعلانه كل عام ؛ حتى يكون أبلغ في الردع والزجر .
4/ تحديد العقوبات اللازمة لكل من يخل باستقلال القضاء ؛ سواء : من القضاة أنفسهم ، أو من غيرهم ليكون الجميع على بينةٍ من أمرهم .
=======================================
الدوائر القضائية : http://www.cojss.com/article.php?a=1
ينبغي تقسيم القضايا إلى نوعين /
الأول منها : ينظر لدى دائرة قضائية مكونة من ثلاثة قضاة ؛ مثل : الجرائم الكبرى ، الأموال الزائدة عن مائة ألف ريال ، العقارات ، الفسوخ في الأنكحة والعقود المالية ، تصفية الشركات ، الإفلاس .
والثاني منها : ينظر لدى قاضي فرد ؛ مثل : التعازير ، قضايا الأسرة ، الحقوق دون المائة ألف ريال .
فبحسب القضية يكون توجيهها للنظر فيها ؛ بسيطة كانت أو معقدة ؛ حتى لا يخوض في القضية فرد . ومثل هذا الإجراء حاصل في ديوان المظالم .
==============================
نقل القضاة : http://www.cojss.com/article.php?a=22
حلولُ هذه المعضلةِ يَتَمَثَّلُ في أمورٍ منها :
الأول / وجوبُ اعتبارِ أنظمةِ الدولةِ مرجِعاً مَرعِيَّاً لِكُلِّ القرارات ؛ بعد التأكدِ من إلمامِ المعنيين بالأمر بمضامينها ، وما لا نصَّ عليه من تلك القرارات : فالطَّرحُ جانباً هو حَقُّه .
الثاني / ينبغي أن تُحَدَّدَ مُدَّةٌ لا يجوز للقاضي طلبُ النقلِ قَبْلَهَا ، ومدةٌ أخرى لا يسوغُ للمجلس إهمالُ طلب القاضي النقلَ بعدها . وقد ذكرت تقديراً لهذه المدد في الموضوع التالي .
الثالث / يلزم تحديدُ مسافةٍ معقولةٍ بين المكانين السابقِ واللاحقِ للقاضي المنقول ؛ كي لا يتضاعفَ الضررُ عليه بِغَيْرِ ما يَهْدِفُ إليه نَصُّ النظامِ ومَقصِدُهُ .
الرابع / لابُدَّ من تمكين القاضي من الإطلاع على سببِ النقلِ الذي يرى المجلسُ الموقرُ أنه لمصلحته البحتة ، ولابُدَّ من تمكينه من إبداءِ رأيه حِيَالَه ، ومعرفةِ الخياراتِ الممكنةِ ، وتمكينه - أيضاً - من الاعتراضِ لدى الجهةِ المختصةِ بنظرِ القضايا الإداريةِ ( ديوان المظالم ) عند اللزوم .
الخامس / حتميَّةُ تَفْعِيْلِ المادة (87) من نظام القضاء حول دَوْرِ وزارةِ العدلِ في دراسةِ ما يَرِدُ إليها من مجلس القضاء الأعلى من مقترحاتٍ أو قراراتٍ ؛ ليتعدَّى إلى منح الوزارةِ حَقَّ التحفظ على بعض قراراتِ المجلس بنقل القضاة ؛ أياً كان سببُ النقلِ ؛ وإلى حقَّ اقتراح التعديل عند تعذُّرِ تَطَابُقِ الرأيِ بين المجلس ومقام الوزارة .
====================================
تنقلات القضاة : http://www.cojss.com/article.php?a=10
يجب أن يتم جدولة الأماكن الشاغرة ، ونشرها وإطلاع المعنيين بالأمر عليها ، ومن ثم استطلاع رغباتهم ؛ ليكون التخصيص قريباً من الحاجة . هذا أولاً .
ثانياً / يلزم أن تصنَّف الأماكن الشاغرة إلى ثلاث فئات : كبرى ، ومتوسطة ، وصغرى ، وأن تحدَّد مدةٌ إلزاميَّةٌ لكل فئة ؛ على سبيل المثال :-
1/ للفئة الأولى ((خمس سنوات)) ؛ بحيث لا يقبل أيُّ طلبِ نقلٍ قبل إمضائها .
2/ للفئة الثانية ((أربع سنوات)) .
3/ للفئة الثالثة ((ثلاث سنوات)) .
على أن يؤخذ على القاضي المعيَّن إقرارٌ بالالتزام بمضمونه ؛ لتتم محاسبته على ضوئه . وهذا يقضي على ازدحام الطلبات والطالبين - فترة انعقاد المجلس - وبنسبةٍ عاليةٍ جداً لا تقل عن ثمانين بالمائة ((80%)) .
ثالثاً / من يُنقل لاحقاً - حسب طلبه ، أو بموافقته - يلزمه العمل حيث تم نقله مدة ((خمس سنوات)) فلا يجوز له طلب نقلٍ خلالها .
رابعاً / من اقتضت المصلحة العامة نقله - بلا طلبٍ منه - فيلزمه العمل في المكان المنقول إليه مدة ((ثلاث سنوات)) ، وينظر في طلبه النقل بعدها إن شاء .
خامساً / القضاء التام على القرارات الدوَّارة ؛ التي تبرم في غير الجلسات المعتبرة نظاماً .
سادساً / تقليص مدة الجلسة بحيث لا تزيد عن ثلاثة أيام في المرة الواحدة ، وتكثيرها بحيث ينعقد المجلس كل شهرين على الأقل .
سابعاً / الإعلان عن القرارات في جميع الصحف المحلية فور انتهاء الجلسة ؛ لقطع الطريق على إعادة النظر في بعضها ؛ بحسب شخصِ من تتعرَّض له ، أو طريقته في الاعتراض والإلحاح وتكثيف المراجعة .
ثامناً / تطوير نظام القضاء ؛ وبخاصة : المواد المنظمة لقرارات النقل والإعفاء والترقية ، وتفعيلها قبل اتخاذ هذه القرارات ، والنصُّ على ذلك في قرارات المجلس ؛ على أن لا يجاز من القرارات ما تحفَّظ عليه أيٌ من الأعضاء بسبب نقصٍ في الإجراءات .
==========================
الحقوق المعنوية : http://www.cojss.com/article.php?a=25
لقد رأيت لزوم الكتابة عن حقوق القضاة المعنوية ؛ لما لها من أثرٍ ظاهرٍ على الأداء وحسن سير الأعمال في جميع القطاعات ، وأوجزت ذلك في أمور :
أولاً / اللقاءات الخاصة :
يعمد بعض القضاة إلى زيارة المسؤولين في وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى بقصد السلام فقط ، أو التهنئة بالعيد ، أو بسلامة الوصول من سفر ونحوه ؛ سواءٌ : في الرياض ، أو في الطائف .
وهذه زيارات مجاملة يتقنها البعض ؛ وإن كانت على حسابِ أعمالهم وأجزاءَ غاليةٍ من أوقات دوامهم .
ولله در المسؤول الذي يجعل مكان مثل هذه الاستقبالات في منزله مرة أو مرتين كل أسبوع .
أما اللقاءات المقصودة فهي التي يُرَادُ منها مصلحة القاضي بطلب نقلٍ ونحوه ، أو مصلحة العمل بطلب مشورة أو شرحِ موقفٍ ما ، والتي يحتاج القاضي فيها إلى لقاءٍ مختصر وخلوة بالمسؤول لا تطول عادة .
ولو أدرك المعنيون بالأمر أهميتها وأثرها في نفوس القضاة لما تأخروا عن تحقيقها .
ثانياً / قرارات التدقيق :
أدركت وزملائي الرعيلَ الأولَ من قضاة محكمة التمييز والهيئة القضائية العليا ، وطَعِمنا حلاوةَ تعبيراتهم في تدقيق الأحكام ، وقت أن كان التعامل بين القاضي وبين جهات التدقيق تعاملاً مهذباً ؛ سواءٌ : في التعبير عن الملحوظات ، أو : عن تصديق الأحكام ، لقد كانت تلك التعبيرات ممزوجةً بالتماس الأعذار عند الاستدراك على القاضي ، ومُتَوَّجَةً بعبارات الثناء على ما يقوم به القاضي من جهدٍ وحسن إدراك مُوصِلٍ للحكم الصائب .
ولم نكن نتلقى العبارات القاصرة ؛ مثل (لم نجد ما يوجب النقض) أو (لم نر ما يوجب الملاحظة !!) هكذا !!.
أما عبارات التصديق الأصيلة فمنها (قررت الهيئة صحة الحكم) ومنها (قررت الهيئة أن الحكم صحيح وموافق للأصول الشرعية والنظامية) ونحو ذلك .
ومن حقوق القضاة المعنوية العودة إلى فيض ذلك المعين الصافي ، الدافع للإبداع ، المُسعِدِ للأسماع .
ثالثاً / التفتيش :
إذ يشتكي كثيرٌ من القضاة من أخلاقيات قِلَّةٍ من المفتشين عند التحقيق في قضية ما ؛ ولعل ذلك بسبب شيوع مبدأ لبعض رموزهم ، وهو أن (القاضي متهمٌ حتى تثبت براءته) لا العكس ؛ الذي نصت الشرائع على صحته ولزوم تطبيقه في حَقِّ كُلِّ مُتَّهَمٍ .
ويذكر ضحايا تلك السجايا الشاذة : أن المفتش يأتي مشحوناً بالانفعالات ، محملاً بالتوجيهات ؛ لِتَطَلُّبِ العثرات ، واستنباط الزَّلاَّت ؛ ولو باللجوء إلى إغراء أو تهديد القاضي أو موظفيه ؛ لَعَلَّه يدرك شيئاً فينفخ فيه لتضخيمه .
ونحمد الله أن ذلك غيرُ شائعٍ فيهم ؛ وإن كان موجوداً حقيقةً ، ولقد أدركت ثلاثةً من خيرة أسلافهم ؛ يقعون على الحسنة كما يقع النحل على الأزهار ، ويشيدون بما يرون من تَمَيُّزٍ ، ويلتمسون الحلول لما قد يرون من قصور ، بارك لهم في أعمالهم وأعمارهم وذراريهم .
ومن حقوق القضاة المعنوية التأدب معهم ومع موظفيهم ، كما ينبغي على القاضي أن يفعله مع الخصوم سواءً بسواء ولا فرق ! .
وليعلم أولئك القلة الشاذة أن ما يحقق المصلحة العامة هو : خلوص النية لله في أداء العمل ، فقديماً قال الشاعر:
إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى *** فأوَّلُ ما يجني عليه اجتهاده
رابعاً / المشاركة في القرارات :
يَعْمَدُ الكثير من الدوائر في سبيل تطوير أدائها إلى استطلاع رأي منسوبيها ؛ لمعرفة آراء ذوي الاختصاص في مناطق عدة ، ومن مجموع تلك الاقتراحات - مضافاً إليها الخبرات العالية والتجارب الطويلة للمسؤولين - يُمكِنُ صياغة القرارات ، وابتداع الأنظمة المناسبة الجامعة لكثيرٍ من المزايا الخالية من الكثير من الأخطاء .
=================================
الحقوق المادية : http://www.cojss.com/article.php?a=24
الحقوق التي يحسن اعتمادها للقضاة ، والتي يحظى به غيرهم من قضاة الدول المتقدمة ومنها :
أولاً / الرعاية الصحية :
إذ القاضي في المدن الكبرى وأسرته يقفون اليوم في طوابير المستوصفات و المستشفيات الحكومية ، أو يتوجهون إلى مثيلاتها الخاصة طلباً للعلاج ، أما في المدن الصغيرة أو القرى النائية فلابد أن يَشُدَّ القاضي رحله لعلاج طِفلِهِ ، أو خادمته ، أو لعرض نفسه على طبيبٍ لأيِّ عارضٍ صحيٍ . وقد حَزَّ في نفسي خبرٌ تضمن أن أسرة رئيس إحدى المحاكم ناشدت المسؤولين التوسط لنقل فضيلته إلى أحد المستشفيات لعلاجه ؛ ولو كان للقضاة تأمينٌ طبيٌ لما احتاجت الأسرة الفاضلة لإعلان حاجتها تلك في صحيفة يومية .
ثانياً / النقل :
إذ يتم تعيين القاضي أَوَّلَ أمره في أماكنَ بعيدةٍ يحتاج معها إلى سيارة نقلٍ قادرةٍ على تحمُّل ظروف البلد التي يعمل فيها ؛ سواءٌ : كانت جبليةً ، أو صحراويةً ، أو ريفيةً ، أو ساحليةً . ويتوجب عليه رعاية كونها تحتمل السفر من وإلى بلدته الأصلية في الإجازات والعطلات ، وبواقع أربع مرات في العام على أقل تقدير . فكان تأمين سيارة لكلِّ قاضي مطلباً ضرورياً وهاماً.
ثالثاً / السكن :
إن من المعتبر تخصيص سكن للقضاة ؛ بحيث إذا وفدوا إلى بلدٍ - حال التعيين أو النقل - يجدونه أمامهم ، وعند نقلهم يتركونه للخَلَفِ الآتي بعدهم ؛ حتى لا يُمضي القاضي وقته في البحث عن السكن ، وتأثيثه ، والمماكسة في أجرته ، ونقل الأثاث ، وفكه ، وتركيبه ، ونحو ذلك .
وإذا علمنا : أن أصغر مدينة - من بين عشرات المدن العسكرية في بلادنا اليوم - تحوي أكثر من ألف وحدة سكنية ، وأن جميع القضاة - في المملكة كلها - لا يتعدون الألف قاضٍ : فإننا نجزم - والحالة هذه – أنَّ سُرعة إنفاذ بناء تلك الوحدات السكنية كما أنه ممكنٌ ويسير ، فهو مطلبٌ ضروريٌ وهامٌ ؛ لكونه يخدم قطاع القضاء الذي هو أحد أهم قطاعات الدولة .
ومن اللائق الإشارة إلى أن جلالة الملك خالد بن عبد العزيز يرحمه الله أمر باعتماد صرف بدل سكن للقضاة عام 1398هـ ؛ إلا أن القضاة لم يُسعَدُوا بإنفاذ هذا الأمر السامي الكريم حتى هذه الساعة .
رابعاً / المراجع العلمية :
يحتاج القاضي لأداء عمله إلى تأمينِ مراجعَ فقهيةٍ ، وحديثيَّةٍ ، وأصوليةٍ ، ولغويةٍ ، وحقوقيةٍ ؛ وبخاصة : القضاة في الأماكن النائية والبعيدة عن الحواضر الملأى بالمكتبات العامة ، كما يحتاج كل قاضٍ إلى تأمين جهاز حاسبٍ آليٍ ، واشتراكٍ في الشبكة العنكبوتية (الانترنت) ؛ ليبقى على صلةٍ بكل جديدٍ في العالم ، وللتواصل مع زملائهم كما لمسته من كثيرٍ منهم ، ومن لم يتقن التعامل مع الحاسب منهم فإنه يحتاج إلى دوراتٍ متخصصةٍ في استخداماته المتنوعة ، وكل ذلك من إعداد القاضي وتهيئته وتوفير عدته وعتاده اللازمة لإتقانه عمله كما هو مطلوب منه .
خامساً / السفر :
يضطر القاضي إلى السفر عِدَّةَ مرات كل عامٍ ؛ من وإلى بلده الأصلي ، أو إلى مكة المكرمة لأداء العمرة أو الحج ، وكثيرٌ من القضاة يلجأ إلى مسؤولي الخطوط أو إلى كبار المسؤولين في بلدانهم ؛ لإجراء تلك الحجوزات .
وإنَّ مما يُحَقِّقُ استقلالية القضاء أن يُصرفَ لكل قاضٍ بطاقة الفرسان من ( الفئة الذهبية ) ، فهي بطاقة تعطي صاحبها : أفضلية الحجز ، وزيادة الوزن ، والخدمة الذهبية المتوفرة في المطارات ؛ وذلك مما يليق بهؤلاء النَّفَر الذين لا يُرهقون المطارات جيئةً وذهاباً إلا بمعدل مرة أو مرتين في الفصل الواحد على أكثر تقدير ، وتوفير هذه الخدمة للقضاة لا يُثقل كاهل الدولة بشيءٍ ، غير أنها تغني القاضي عن تَكفُّفِ الآخرين .
سادساً / الخادم :
يحتاج القاضي إلى قضاءِ حوائجَ كثيرةٍ ؛ منها : اليومي ، والأسبوعي ، والشهري ، الأمر الذي يجعله مضطراً إلى مباشرة تلك الحوائج بنفسه ؛ مما يُلجِئُهُ إلى الاتصال بذوي التجارات وأصحاب الخدمات ، وقد يتعرض خلال هذا الاتصال إلى المحاباة أو الابتزاز ، ولا يليق ذلك بمنصبه الذي يجعله عرضةً للالتقاء بمن حاباه في المحكمة في يومٍ تالٍ ؛ مما يجعل الخادمَ حاجةً مُلِحَّةً ، وقد نص على ذلك الفقهاء في عصورٍ غابرة ؛ يوم أن كانت الحاجات نادرةً ، فكيف بحالنا اليوم!! .
====================================
القضاة بعد التقاعد : http://www.cojss.com/article.php?a=14
كما أن للقاضي حقوقاً قبل تقاعده ، فمن الأمثل : إعطاؤه حقوقاً لائقة بما بعد التقاعد ، ولذلك فمن الضروري الآتي :
أولاً / عمل الدراسات اللازمة لرعاية المتقاعدين ، وتقديم أمر الرعاية الصحية على غيرها ، بالإعداد لها في سنٍّ مبكرة ؛ للوقوف على الحالة الصحية للموظف ، والقضاء على أسباب المعاناة الطويلة من العوارض المفاجئة ؛ كالجلطات ، والأمراض الطارئة (كالضغط ، والسكري).
ثانياً / من المهم : أن لا ينفك الموظف عن معاشه الشهري بعد التقاعد ؛ بأن تشرف وزارة المالية على تحويل المعاش بعد تقاعد الموظف إلى حسابه - بدلاً عن راتبه - مباشرة ، وتلقائياً دون مراجعةٍ من صاحب العلاقة للمؤسسة المختصة .
ثالثاً / من المستحسن : إعداد دورات لتهيئة المتقاعد للمرحلة القادمة ؛ نفسياً واجتماعياً ، بإشراف خبراء في الاجتماع ، والطب النفسي ، والاقتصاد ، والرياضة ، ونحوها .
رابعاً / من اللائق : إعداد الرحلات السياحية العائلية - بنظام المجموعات - إلى الرحاب المقدسة في المواسم الدينية ، وإلى المصايف ، وإلى الدول الخليجية ، والعربية ، والإسلامية ، وإعداد البرامج الثقافية ، والعلاجية ؛ ليتصل القاضي المتقاعد بإخوانه المسلمين في العالم ، فينقل إليهم معارفه ومبادئه ، ويتعرف على ما عندهم فيتواصل معهم ، ويكون بذلك داعية سائحاً .
ولا ننسى ما قام به تجار حضرموت وعُمان من نشرٍ للإسلام في جنوب وجنوب شرقي آسيا ، وفي شرق أفريقيا وجنوبها - وهم يؤدون أعمالهم - بسيرتهم ، وصدقهم ، وحسن تعاملهم ؛ فلأن يهدي الله بك رجلاً خيرٌ لك من حُمُرِ النَّعَم .
خامساً / من المفترض : دعم الجمعيات الخيرية ، والمجالس البلدية ، ومجالس الأحياء ، والنوادي الأدبية ، والمراكز الاجتماعية ؛ لاستيعاب القضاة المتقاعدين كلٌ فيما يحسنه .
سادساً / من المعتبر : استكتاب المتقاعد بحسب ما يبدع فيه من مجالٍ سياسيٍ ، أو ثقافيٍ ، أو دعويٍ ، أو أدبيٍ في المنشورات الرسمية وشبهها ، وتشجيعهم على ذلك ، وعلى نشر سيرهم القضائية ويومياتهم .
سابعاً / إنشاء الصناديق الاستثمارية ؛ لتنمية أموال المتقاعد ؛ حتى لا يتسلط عليه المحتالون والمتربصون بالأغرار من باعة الوهم وتجار الخيال .
ثامناً / من اللازم : منع تمديد الخدمة للقضاة بعامة ؛ لإفساح المجال للأجيال القادمة كي تأخذ ما تستحق ، فلا يقف المتقاعد حائلاً دون ذلك بتعاقده اللاحق لتقاعده .
================================
التجهيزات اللازمة : http://www.cojss.com/article.php?a=26
التجهيزاتِ المطلوبةِ - والتي هي من حقِّ العملِ في أيِّ قطاعٍ ؛ خصوصاً الحلاكم - يتلخص أَهَمُّها في الآتي :
أولاً/ المباني :
وقبل الحديثِ عن هذا الأمرِ لابد من الإشارةِ إلى خبرٍ سَبَقَ نَشْرُهُ عن تَعَاقُدِ وزارةِ التربيةِ والتعليمِ مع إحدى الشركاتِ الوطنيةِ لبناءِ ألفِ مدرسةٍ كُلَّ عامٍ بنظامِ التأجيرِ المنتهي بالتمليك .
وللعلم : فإنَّ المدرسةَ بِفِنَائِهَا ومَلاعِبِهَا ومَرَافِقِهَا لا يُمكِنُ أن تَقِلَّ مساحتُها عن عشرين ألفَ مترٍ مربعٍ (20.000م) ، كما لا يُمكِنُ أن تَقِلَّ تكلفةُ البناءِ لمثل هذه المساحةِ عن العشرة ملايين ريال (10.000.000ريال) ، لِتُصبِحَ التكلفةُ السنويةُ لبناءِ المدارسِ الحكوميةِ في حدودِ العشرة مليارات ريال تقريباً ، وهنا : أَقِفُ تحيةَ إجلالٍ للحكومةِ التي أَقَرَّت تلك المشاريعَ التربويةَ البَنَّاءَة.
ولو تَأمَّلنا واقعَ المحاكمِ اليومَ نَجِدُ : أنَّ عَدَدَ جَمِيعِهَا لا يزيدُ عن المائتينِ وسبعينَ محكمةً ، أي : إنَّ مجموعَ محاكمِ المملكةِ قريبٌ من رُبُعِ (0.25) ما جاءَ في خَبَرِ تَعَاقُدِ وزارة التربيةِ والتعليمِ على بِنَائِهِ سَنَوِيَّاً ، كما أنَّ مساحةَ المُجَمَّعِ القضائيِّ الواحدِ ونفقاتِ بِنَائِهِ لا يَصِلُ قطعاً إلى مساحةِ وتكلفةِ بناءِ نِصْفِ مدرسةٍ ، بمعنى : أنَّ مُعَدَّلَ إنفاقِ الدولةِ على ما يُنجَزُ من مشاريعِ تِلْكَ المدارسِ الحكوميةِ في شهرٍ واحدٍ فقط يكفي لبناء جميعِ مشاريعِ وزارةِ العدلِ في الوقتِ الحاضرِ وحتى عقودٍ قادمةٍ .
أمَّا واقعُ الكثيرِ من المباني الحَالِيَّةِ للمحاكمِ فَهو سَيِّءٌ جداً ؛ لِكَونِ غَالِبِهَا مُؤجَّرَاً ومُعَدَّاً في الأصلِ للسكنِ العائليِّ ، لا لاتخاذها دائرةً حكوميةً ، فغرفة الاستقبال منها مكتبٌ لرئيسِ المحكمة ، وغرفةُ الطعامِ للاجتماعات ، وغُرَفُ النومِ مكاتبُ قضائيةٌ ، والصالةُ لانتظار المراجعين ، وهكذا !!!.
والحلُّ يَتَمَثَّلُ : في إعدادِ مُخَطَّطَاتٍ لجميعِ الدوائرِ القضائيةِ على اختلاف أحجامها ، بعد التشاورِ مع المختصين ، وبعد الإطلاع على نماذجَ من المحاكمِ العريقةِ عبر العالمِ ، ثم اعتمادِ بنائها دفعةً واحدةً ؛ فإنَّا إنْ فَرَّطنا بتحصيلِ هذا المطلبِ في هذه الأيامِ الرغيدةِ كما سبق التفريطُ في فتراتِ ما يُسَمَّى ( الطفرة ) فإني أخشى أن تَمُرَّ عقودٌ أخرى قبل اقتناصِ فترةِ رخاءٍ على مستوى الدولة تكون مماثلةً لهذه الفترة .
ثانياً/ الأثاث :
يَعِزُّ على القاضي والموظفِ العَدْلِيِّ ما يرونه من رَدَاءَةِ فرشِ الدوائرِ القضائيةِ ، واهتراءِ مقاعدها ، وضَعفِ مكاتبها ، وقِلَّةِ مُدَّخَرَاتِهَا من الورق والمظاريف والأقلام ونحوها ، وأعلم يقيناً : أن بعض الموظفين يضطر إلى تجهيزِ مكتبه من حسابه الخاصِ حتى يظهرَ بالمظهرِ اللائقِ به ، بل وصل الحدُّ ببعض الموظفين إلى الإسهامِ فيما بينهم لتأمينِ نواقصِ دوائرهم من الأدوات المكتبية ، وبعضهم أحضر معه مكاتبَ كاملةً ، وعندما أُحِيلَ على التقاعدِ نَقَلَهَا إلى منزله في منظرٍ لا يخلو من عِبْرَةٍ لِمُعتَبِرٍ .
ثالثاً/ الأجهزة المكتبية :
حيث لا يزال الكثيرُ من المحاكمِ تفتقر إمَّا : إلى تأمينِ ، أو صيانةِ الأجهزةِ المكتبيةِ مثل : الفاكس (الناسوخ) ، والكمبيوتر (الحاسوب) ، والسنترال (البدَّالة) ، والأرشيف الآلي (السجلات) ، وآلات التصوير ، والطابعات ، عدا عن الأجهزة الكهربائية الأخرى مثل : الثلاجات ، والبرادات ، والمكيفات ، ونحوها ، ولابد من تكميلِ وتجويد جميعِ تلك الاحتياجات .
رابعاً/ الشبكة الإلكترونية :
تفتقر الدائرةُ القضائيةُ الواحدةُ إلى شبكةٍ إلكترونيةٍ خاصةٍ بها ؛ يَسْهُلُ بها متابعةُ المعاملاتِ وتمريرُ الأوامرِ لإنجاز قضايا الناسِ على وجهٍ أفضل ، وليس هذا مَطلَبَنَا فقط ، بل إن المطلبَ الأهمَّ هو : سرعةُ إنفاذِ الشبكةِ العامةِ لجميع المحاكم وكتابات العدل وفروع الوزارة بربطها مع مقام الوزارة ؛ إذ بتلك الشبكةِ العامَّةِ يَتِمُّ توفير أكثر من ستين بالمائة (60%) من وقتِ إنجازِ المعاملاتِ ، كما يُمكِنُ بها السيطرةُ على مراقبةِ سيرِ العملِ في جميعِ أطرافِ الشبكةِ ، وتدقيقُ أداءِ منسوبي الوزارة في جميع التخصصات ، ومتابعةُ حضورِ وانصرافِ الموظفين في وِحْدَةِ تَحَكُّمٍ رئيسةٍ في مقر الوزارة ، مما يجعلنا نَضمَنُ - بِتَحَقُّقِ ذلك كُلِّهِ - اكتمالَ الأداءِ بنسبٍ عاليةٍ ولائقةٍ بوزارةٍ خِدْمِيَّةٍ كوزارة العدل .
خامساً/ الدورات المتخصصة :
فمن اللازم إقامةُ مركزٍ دائمٍ للتطوير الإداري في كل فرعٍ من فروع الوزارة ؛ لتطويرِ قدراتِ القضاةِ أولاً ، وكذا الكُتَّابِ بالعدلِ ، وموظفي الدوائرِ القضائيةِ في كلٍ من علوم : الإدارة والحاسب الآلي بصفةٍ دائمةٍ ومتجددةٍ وإلزاميةٍ ، سواءٌ : في أوقاتِ الدوام الرسميِّ أو خارجَه ، ومن لا يتمكنُ من مواصلةِ الحضورِ لِبُعْدِ المسافة يُنْدَبُ مُدَّةً كافيةً لذلك الغرض .
سادساً/ الأعوان :
يحتاج القاضي - لإنجازِ ما يُوكلُ إليه - إلى أعوانٍ في تخصصاتٍ شتى ، والحاجة لهؤلاءِ الأعوانِ متفاوتةٌ ؛ فمنهم : ما يلزم أن يكونَ متواجداً في كل محكمةٍ عامةٍ دون استثناء ؛ مثل : هيئاتِ النظرِ المختصةِ بتحديدِ أعرافِ البلدةِ في العقاراتِ والأنكحةِ والنفقاتِ ونحوِها ، وكذا : المسَّاحين الذين يُعِدُّونَ الكشوف المساحية للعقارات ، ويُطَبِّقون الوثائقَ والصكوكَ على الطبيعةِ.
ومنهم : ما يلزم أن يكونَ في المحاكمِ الجزائيةِ ؛ مثل : مُقّدِّرِيِّ الشِّجَاجِ لتحديدِ أنواعِ الجِرَاحِ ودِيَاتِهَا .
ومنهم : ما يلزم أن يكون في رئاساتِ محاكمِ المناطقِ ؛ مثل : الطبيبِ الشرعيِّ ، وخُبَرَاءِ الأدلةِ الجنائيةِ ، وخُبَرَاءِ الخُطُوطِ ؛ الذين يَلزَمُ إسنادُ عَمَلِهِم إلى وزارة العدل - من الآن فصاعداً - بحسب الاختصاص .
ومنهم : ما لا يكون إلا في العاصمة (الرياض) ؛ لكونه عزيزاً نادراً ؛ أشبه : فَنِّيِّيِ المختبراتِ المتقدمة لتحديدِ الجيناتِ ، والحمضِ النوويِّ ، وغيرها ؛ اللازمةِ لقضايا النَسَبِ والاغتصابِ وكثيرٍ من الجرائم .
===================================
تطوير القضاء : http://www.cojss.com/article.php?a=184
من المناسب اتخاذ الخطوات التالية:
أولاً/ مخاطبة وزارة الشؤون البلدية والقروية باستكمال تخصيص أراضٍ مناسبةٍ لإقامة مقرات المحاكم في جميع محافظات ومناطق المملكة، والاستعانة على ذلك بتوجيهٍ سامٍ كريم يحث على سرعة إنجاز المطلوب.
ثانياً/ طرح منافسةٍ بين المكاتب الهندسية في تصميم مباني المحاكم وجميع ما تحويه من أثاثٍ وتجهيزات؛ مع مراعاة جعل التصميم من الداخل موحداً في جميع المحاكم، أما التصميم الخارجي فيكون تبعاً لتراث المكان الذي يُقام فيه البناء؛ حفظاً للهوية والتراث البيئي.
ثالثاً/ بعد استلام مواقع المحاكم ونحوها، وعقب انتهاء التصاميم تطرح المنافسة الكبرى في إقامة المباني بين الشركات المؤَهَّلة لهذه المشاريع الجبارة، ويُرتبط معها - على الفور- بعقودٍ مجدولةٍ لا تتعدى الخمسة أعوام التي تلحق توقيع العقود.
رابعاً/ تُخَصَّصُ أربعة مليارات ريال لإقامة وتجهيز أربعة آلاف مكتبٍ قضائيٍ ومرافقها تجهيزاً كاملاً على أحدث المواصفات المعمارية والتقنية؛ بحيث لا تَقِلُّ مساحةُ تلك المكاتب ومرافقها عن ثمانمائة ألف مترٍ مربع، مساحةُ كل مكتبٍ قضائيٍ مائتا مترٍ مربع، وتكلفة بناء وتجهيز المتر المربع لا تتعدى خمسة آلاف ريال.
خامساً/ تُخَصَّصُ مائة مليون ريال للتعاقد مع شركات التشغيل والصيانة لجميع المحاكم بعقدٍ مدته خمس سنوات، على اعتبار تخصيص خمسة عمال لكل مكتبٍ قضائيٍ من المكاتب الأربعة آلاف المفترض إنجازها خلال الخمس سنوات القادمة.
سادساً/ تُخَصَّصُ خمسمائة مليون ريال لتوريد وتركيب وتشغيل وصيانة وحدة التحكم الحاسوبية الرئيسة في وزارة العدل وجميع وحدات التحكم الفرعية وطرفياتها في جميع فروع الوزارة والمحاكم وكتابات العدل، والتدريب عليها مدة الخمس سنوات التالية لإتمام بدء التشغيل؛ بحيث تشمل: أحدث أجهزة الحواسيب وتمديدات شبكة المعلومات العدلية، وأرقى تقنيات التسجيل ( بالصوت والصورة ) لجميع المكاتب القضائية، وعلى أدق تقنيات المراقبة والأمن والسلامة.
سابعاً/ تُخَصَّصُ مائة مليون ريال للتدريب القضائي؛ بالتعاقد مع مؤسسات التدريب الحقوقي والمعاهد المتخصصة في الداخل والخارج، بما لا يقل عن مليون ساعة تدريبٍ في جميع التخصصات القضائية، تكفي لتدريب أربعة آلاف قاضي، لكل قاضٍ مائتان وخمسون ساعة.
ثامناً/ تُخَصَّصُ أربعمائة مليون ريال للتدريب الإداري للموظفين؛ بالتعاقد مع معاهد التدريب والتطوير الإداري والتقني على ما لا يقل عن عشرين مليون ساعة تدريبٍ في جميع التخصصات الإدارية والفنية؛ تكفي لتدريب أربعين ألف موظف، لكل موظفٍ 500 ساعة تدريب.
تاسعاً/ تُخَصَّصُ ستمائة مليون ريال للارتقاء بالخدمات العلمية والطبية والإسكان لأربعة آلاف قاضي؛ بالتعاقد مع كبريات المكتبات وشركات التأمين بحيث يخصص لكل قاضٍ - سنوياً - 3000 ريال لتأمين الكتب القضائية وبرامج الحاسوب، وما يكفي للتأمين الطبي له ولعائلته؛ كُلٌ بحسب حاله.
عاشراً/ تُخَصَّصُ ثلاثمائة مليون ريال لإقامة نادٍ نموذجيٍ للقضاة في مدينة الرياض، وخمسة عشر نادياً متوسطاً في عواصم المناطق ومحافظات جدة والطائف والأحساء .
حادي عشر/ يُخَصَّصُ قدرٌ مناسبٌ من الميزانية؛ لاستضافة الخبرات العلمية والقضائية العالمية، ولعقد الندوات الدولية داخل وخارج المملكة مرتين في العام؛ للتعريف بالقضاء السعودي، والاستفادة من مخرجات التطور القضائي العالمي.
ثاني عشر/ الاهتمام بإقامة المؤتمرات القضائية الداخلية؛ على أن تُعقد في عواصم المناطق تباعاً؛ على النحو التالي:
• مؤتمر لجميع القضاة مرةً كل عام.
• مؤتمر لرؤساء المحاكم فقط مرتين في العام.
• مؤتمر للقيادات القضائية وقضاة المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف ثلاث مرات في العام.
• مؤتمرات مصغرة على مستوى قضاة المنطقة الواحدة أربع مرات في العام، تُقَامُ في عاصمة المنطقة المختصة.
إنَّ هذه الخطوات الاثنتي عشرة تكفل الارتباط بكامل الميزانية المخصصة للمشروع منذ السنة الأولى، وتدفع إلى زيادة الدعم عند اللزوم، وتمنع من التَّعَرُّضِ لها بالنقص أو التأجيل، وتقصر دور المؤسسة القضائية على الإشراف ومتابعة التنفيذ ومراجعة التقارير.
=====================================
آليات التطوير :
http://www.cojss.com/article.php?a=57
http://www.cojss.com/article.php?a=58
http://www.cojss.com/article.php?a=59
http://www.cojss.com/article.php?a=60
http://www.cojss.com/article.php?a=62
الآليات المطلوبة في سبيل تطوير العمل القضائي :-
الآلية الأولى : اللقاءات القضائية الرسمية .
إنَّ جهازنا القضائيَّ يفتقر للقاءات الرسمية من القيادات بأفراد القضاة ؛ أسوةً بالمجالس العليا للقضاء في العالم ، والتي يُرَتِّبُ مسؤولوها طريقة الالتقاء بأفراد القضاة ومراسم ذلك ، وينظمون الندوات والمؤتمرات الداخلية للاتصال بهم في سبيل تطوير العمل القضائي ؛ بحيث يعلم القاضي حقوقه قبل اللقاء ، وينعم باستيفائها وقت اللقاء ، وتظهر آثار ذلك عليه بعد اللقاء ، فيتخلَّق بما رأى وما سمع من مراجعه ؛ إذ الناس على دين ولاتهم .
أما قضاتنا - اليوم - فلم يحصل أسعدهم حظاً إلا على بضعِ دقائقَ ؛ لعرض حاجةٍ ، أو لسؤالٍ عن مشكلةٍ ، أو لبيان موقفٍ ، أو لتوضيح غموضٍ ؛ دون ترتيبٍ سابقٍ ولا خصوصيةٍ لائقة ، بل إنَّ حاجة بعضهم لطلب النقل ونحوه هي سبب التقائه بقيادته القضائية ، ولولا تلك الحاجةُ لما حصل لأحدهم مع قيادته أدنى لقاءٍ حتى يترك العمل الحكومي لنحو موتٍ أو تقاعد ؛ فضلاً عن ظروف الُّلقيا بالقيادة ، والتي يُحشر فيها القاضي مع المراجعين من أصحاب القضايا أثناء الانتظار ووقت المقابلة ؛ مما يُؤَثِّرُ - ولاشك - على المهمة التي خطَّط القاضي لبحثها .
ولو علمت القيادة - أنَّ ممارسات المقابلة قد تنعكس على سلوكيات بعض القضاة تجاه مراجعيهم - لأعادوا النظر في طريقة الاستقبال والمباحثة .
الآلية الثانية : البحوث والدراسات .
ليس للبحوث والدراسات ذكرٌ في قاموس القضاء عندنا ، ولا فرق في المعاملة بين من ليس له نشاطٌ بحثيٌّ أو علميٌّ وبين قاضٍ يعد بحثاً أو أكثر في مجال عمله وآخر يجهز الدراسات في سبيل تطوير العمل القضائي . بل إن القاضي الإيجابي - إلى عهد قريب - قد يُنظَرُ إليه بحذرٍ شديد يؤدي إلى نقل خدماته نحو قطاعٍ آخر ولو بترقيةٍ ظاهرية ، أو إلى كسر شوكته بنقلٍ مصلحيٍ ؛ حتى يمتنع أو يرتدع عن مثل فعله آخرون .
ومن لا نشاط له يستوي في الترقيات مع غيره ولا فرق ؛ إن لم يكن أفضل في أمر الترقية والنقل ونحوهما .
ومن المعلوم أن للبحوث والدراسات المتخصصة أثرٌ كبيرٌ في تطوير المهارات وتذليل الصعوبات وتبادل الخبرات ؛ الأمر الذي حدا بخبراء الإدارة إلى اعتبارها شرطاً أساساً في الترقية ونحوها من ميزات العمل الوظيفي .
فأساتذة الجامعات والأطباء مثلاً لا يمكن لأحدهم التدرج في مراتب وظائفهم إلا بإعداد البحوث والدراسات المحكَّمة المشروط إعدادها تحت إشراف جهةٍ مختصة .
والقضاء ليس في غنىً عن التطوير والتحديث ولا التحسين والتجديد ، وهذه سبيلها : البحوث والدراسات ، ووسائل التبصير بها : حضور المؤتمرات والندوات المتخصصة ، وطريق تحقيقها : الإلزام بالمشاركة فيها عند إرادة التدرج في مراتب السلك القضائي ، أو الرغبة في الحصول على الامتيازات الإدارية الخاصة .
ويمكن للقيادة القضائية تحديد موضوعات يختار القاضي أحدها لبحثه ودراسته وإثرائه بالآراء والمقترحات والتجارب العملية والخبرات المنقولة ، وبعد مراجعة البحث وتقييمه يتحدد مدى استحقاق صاحبه لما يأمل في تحققه من مرجعه .
كما يمكن للقاضي أن يقترح إعداد دراسة لقضيةٍ أو أكثر سبق له نظرها والحكم فيها ؛ ليوجز أهم ما قام به من عملٍ أثناء نظر تلك القضايا وطريقة إدارتها وكيفية الاهتداء إلى أدلة أحكامها العقلية والنقلية منها ، وإخضاع بحثه هذا للتحكيم من لجنة علمية قضائية وأكاديمية مختصة ، وبعد استكمال الباحث تعديلات ما استدركته عليه لجنة التحكيم تتولى الوزارة طباعته وتوزيعه على جميع القضاة .
ولو ألزم القاضي بذلك لاجتمع له من إعداده ثمانية بحوث على الأقل طيلة عمله في القضاء ، ولتوفر لديه ستة آلاف بحث قضائي خلال سنوات خدمته ( هذا على اعتبار عدد القضاة المتواضع حالياً ) ، فكيف! لو ازداد عددهم إلى ما نأمل في تحققه إن شاء الله تعالى .
الآلية الثالثة : التفاعل الفوري للشكاوى المعلنة والنقد .
عندما تنشر إحدى الصحف نقداً لأداء جهة حكومية يبادر مسؤولوها في بحث موضوع النقد والتحري عنه ، ثم كتابة ما يسمى ( التجاوب ) في ذات الصحيفة ؛ إما : بالشكر والتقدير على التنبيه إلى الخطأ أو المشكلة ، والإفادة بالمسارعة إلى علاجها أو الوعد بحلها ، وإما : بتفنيد الخبر وبيان وجه الصحة في ذلك الأمر ، أما أن يترك مجال النقد مفتوحاً وباب التشكي مشرعاً (وكأنك لم تسمع ولم يقل) ، فتلك دلالة على أمرين ؛ التجاهل العمدي والتهاون السلبي بكل ما يقلق العامة ، والاعتراف الضمني بالخطأ والعجز عن حله ، أو أحدهما في أحسن الأحوال تلك الجهة المنتقدة .
ومن اللازم إدارياً بل ومن الواجب نظاماً وطاعة لولاة الأمر : المبادرة إلى بحث الخطأ ، والتحري عن المشكلة ، والتفاعل مع العامة عبر وسيلة الإعلام مصدر التنبيه .
فالنقد وبحثه والتجاوب مع وسائل الإعلام فيما تنشره من مشكلات كل ذلك من سبل تطوير العمل القضائي ؛ أياً كانت حقيقة الخبر ؛ فالتجاوب - في حد ذاته سواء كان : تصديقاً مُحَقَّقَاً ، أو تكذيباً موثقاً - فيه فتحٌ لأبواب ثقافةٍ لا تزال مغلقةً عن غير أهلها ، وحبيسةَ أسوار الخصوصية المُقَنَّعَة والهيبة الزائفة .
الآلية الرابعة : الحضور الإعلامي القضائي .
كنا ولا زلنا ننتقد الخوض من غير المختصين في غير مجالاتهم ؛ تحقيقاً لمبدأ : من تكلم في غير فَنِّهِ أتى بالعجائب ، وكنا ولا زلنا نأمل من المختصين أن لا يتحدثوا في ما كفاهم غيرهم مؤونته .
وإننا لنرى للمختص حقه ونعطيه قدره متى صال وجال في ما يتقنه مما وكل إليه . فقد أحسنت حكومة خادم الحرمين الشريفين في تخصيص قطاعٍ حكوميٍ لكل خدمةٍ يحتاجها الناس ؛ كما جعلت للقضاء جهازاً لا يمكن لغير القضاة أن يخوضوا في مسائله ، ولو خاضوا فيها لبان عوارهم ، وكما خصصت الدولة للطب جهازه وللأمن جهازه وللتجارة والصناعة جهاتها كذلك .
ومن الملحوظ بعين التقدير والتبجيل والإجلال : أنَّ سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ : عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله ، وسلفه سماحة الشيخ : عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله ، ومن سار على نهجهم من أصحاب المعالي والفضيلة المفتين وأساتذة الجامعات كلهم ينأون بأنفسهم أن يفتوا في كل ما له علاقة بالقضاء ؛ لا من قريب ولا من بعيد.
وكم سمعنا وَشَنَّفَ مسامعنا من تصريحاتٍ لهم في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة ؛ يأبون فيها الإفتاء في ما يرون أنه من اختصاص المحاكم ، ويرشدون السائل إلى مراجعة المحكمة المختصة للحصول على ما يشفيه ويكفيه أمر مسألته ، وليس ذلك عجزاً منهم - رعاهم الله - فهم الذين استقى القضاة من علومهم ، ونهلوا من فنونهم ، وعقلوا عنهم ما لم يكونوا يعلمون ؛ غير أنَّ الله أراد بهم خيراً وتعرضوا للدعاء لهم بالرحمة كما في قول القائل : رحم الله من عرف حَدَّه فوقف عنده .
وإذا التفتنا إلى من تعرَّض للظهور في وسائل الإعلام من القضاة نجده أبعد الناس عن بحث أمور القضاء بحسب تخصصه ؛ فتجد أحدهم يفتي في مسائل قد كفاه إياها أهلها من المفتين ، وبدلاً من أن ينشروا ثقافة القضاء ، ويبحثوا أمور المعاملات وأحكام الدعاوى والبينات ، وأنظمة العدل ، وبيان طرق حفظ وتحصيل الحقوق نراهم يلجؤون إلى الفتوى في أمور العبادات والحلال والحرام ؛ مزاحمين أهل الاختصاص في عملهم ، ومحرجيهم في اجتهاداتهم التي يبنونها على خبراتهم العريقة في الفتوى ورعاية أحوال المستفتين ، ومضيعاً وقته وجهده فيما عمله وتخصصه القضائي أولى به منه .
وهؤلاء القضاة - الذين منَّ الله عليهم بالحضور في برامج الإذاعة والتلفاز وفي حلقات الذكر في المساجد وفي المحاضرات والندوات الدينية - لو أنهم سخروا جهدهم فيما ينفع الناس - من أمورٍ وُكِلَت إليهم من ولاة أمرهم - لكان ذلك أجدى وأحرى أن يتطور به العمل القضائي ، ويستفيد منه عامة الناس وخصوصاً أمثالهم من القضاة ؛ فتلاقح الأفكار كتلاقح الأزهار كل نوعٍ ينفع مثيله ؛ فيكثر به جنسه ، وتعمر به أرضه ، ويبقى به أصله .
الآلية الخامسة : الزيارات الداخلية بين القضاة .
لبثت في العمل القضائي - حتى الآن - أكثر من تسعةٍ وعشرين عاماً ، عملت خلالها في أربعٍ من المحاكم العامة بصفةٍ أصلية ، وفي محاكم الرياض الثلاث عن طريق الندب ، كما زرت عدداً من محاكم المملكة اطلعت خلالها على أنواعٍ كثيرةٍ من القضايا ، ووقفت على طرقٍ شتى من الإجراءات التي ينتهجها قضاة تلك النواحي لإنجاز قضاياهم في ظل غياب القانون الإجرائي الموحَّد ذلك الوقت ، فاستفدت الكثير من أولئك الزملاء ، وشاركتهم الرأي فيما أعلم مما تباحثنا فيه من أمور القضاء .
وقد أدرك القضاة - جميعهم - أهمية هذه اللقاءات ، فتعارفوا على الترتيب فيما بينهم أو برعاية أحدهم ؛ ليجتمعوا مرة كل أسبوعٍ أو أكثر ؛ يتذاكرون قضاياهم ، ويتباحثون مشكلاتهم ، ويستنبطون الحلول ، ويديرون الرأي حولها ، فيدلي هذا برأيٍ مجرد ، وذاك بنقلٍ موثق ، وآخر بتجربةٍ سابقة ، ويفترقون وهم توَّاقون لِلِّقاء القادم .
ولو علمت جهة الاختصاص بأهمية هذه اللقاءات والزيارات الداخلية بين القضاة لسارعت إلى ترتيبها ورعايتها والإنفاق عليها والإلزام بها ؛ فهي من أفضل سبل تطوير العمل القضائي .
والطريقة المقترحة : أن يحدَّدَ زيارةٌ شهرية إلى إحدى مناطق المملكة الثلاث عشرة ؛ بحيث يستقبل نصف قضاة المنطقة الواحدة ضيوفهم من المنطقة الأخرى ، في حين يغادر النصف الآخر لزيارة باقي قضاة المنطقة الضيف ، وهكذا حتى يتمكن كل قاضٍ من الالتقاء بكافة قضاة المملكة في سنتين فقط .
وليكن زمن الزيارة المقترحة : عطلة أحد الأسابيع الأربعة من كل شهر ؛ حتى لا يتسبب ذلك في تعطيل الأعمال .
وبرنامج الرحلة : يكون باقةً من الاجتماعات المغلقة بين القضاة أنفسهم ، والمفتوحة بمشاركة الجهة الإدارية ورؤساء الدوائر ذات العلاقة وعلماء البلد المضيف ؛ علاوة على النزهات الترفيهية والترويحية والاستطلاعية .
أما المتطلبات النهائية : يقدم كلٌ من رئيس الوفد الضيف والمستضيف تقريراً وافياً عن الرحلة ، ورؤية كلٍ منهما تجاه مشاهداتهما ما عليه الفريق الآخر ، وما يريانه من لوازم تطوير العمل القضائي ؛ سواءٌ : مما استفاداه أثناء الزيارة ، أو مما وقفا على حاجة الطرف المقابل إليه .
كما يحرر كل عضوٍ مشاركٍ استبانةً معدودةً سلفاً ؛ يذكر فيها أبرز ما لحظه في اللقاء القضائي ، مع الإسهام برأيه في ما يحقق تطوير آلية اللقاءات القادمة .
ولابد أن تخصص دائرةٌ لدراسة التقارير والاستبانات ، ولها حق الاتصال بمعديها والاستفصال منهم عما يرونه لازماً لتطوير آلية اللقاءات القضائية ، ومن ثَمَّ تعمل تلك الدائرة على استنباط الفوائد وتعميمها ، واستخراج السلبيات وتلافيها ، وطرح النتائج للإطلاع عليها عبر الموقع الإلكتروني للوزارة الموقرة ، وتلقِّي ما يُورد على أيٍ منها من أصحاب الشأن من المحامين والمستشارين وأرباب المصالح .
إنَّ هذه الزيارات وما يثمر عنها سوف تجعل كل قاضٍ على علمٍ كاملٍ بأحوال القضاء في جميع المناطق خلال عامين فقط ؛ مما يثري معارفه ، وينمي مداركه ، ويزيد من علمه وفهمه على نحوٍ أفضل وأعمَّ وأشمل مما تلقاه في سنوات تدريبه .
الآلية السادسة : الاحتكاك الخارجي .
في عام 1404هـ قضى الله لي أن أزور دار القضاء الشرعي في مدينة (أبو ظبي) ، والمحكمة الشرعية في دوحة قطر ، وفي عام 1422هـ حضرت مؤتمراً دولياً في محكمة العدل الدولية بمدينة (لاهاي) من مملكة هولندا ، وفي عام 1423هـ زرت - رسمياً - محكمة الأحوال الشخصية بمدينة (دبي) ، والمحكمة الدستورية بمدينة (القاهرة) ، وفي عام 1425هـ اضطررت إلى دخول المحكمة الابتدائية بمدينة (أكسفورد) من مملكة بريطانيا ، من كل هذه الزيارات رأيت ما يمكن أن نستفيد منه في عملنا القضائي ؛ سواءٌ : في الإجراءات ، أو في التنظيم ، أو من حيث تصميم مباني المحاكم والمكاتب القضائية ونحوها .
ولأنَّ الدول العربية والإسلامية تنعم بقضاءٍ تتميز به كل دولةٍ عن الأخرى ، فمن الملائم الإحاطة بتلك الميزات وجلبها وتطبيقها في سبيل تطوير العمل القضائي السعودي ؛ خصوصاً بعد انفتاح المملكة على العالم الخارجي في المجال الاقتصادي ، ومع توافد الاستثمارات العالمية المتعاقبة على هذه البلاد المباركة ؛ الأمر الذي يجعل تواصل جهات التقاضي مع مثيلاتها في العالم مطلباً هاماً وعاملاً من عوامل المواكبة والتطور .
وإن كانت وزارة العدل قد رتبت أمور استقبال الوفود القضائية من بعض الدول الشقيقة والصديقة إلى المملكة ، ووضعت البرامج اللازمة لاكتمال استفادتهم مما جاؤوا من أجله ، إلا أنَّ الحاجة ماسةٌ لإيفاد نخبةٍ من قضاة المملكة إلى أبرز الدول العربية والإسلامية والعالمية في سبيل نقل خبرات تلك الدول في التنظيم والإجراءات ، والتعريف بالنظام القضائي السعودي ، وكشف مزايا تحكيم الشريعة الإسلامية في جميع جوانب الحياة العامة والخاصة في بلادنا العزيزة.
الآلية السابعة : برامج التدريب .
لاشك أنَّ الأعمال تتجدد والأحداث تتعدد ، ولا يمكن معالجة الحادث الجديد بإجراءٍ قديم ، كما لا يمكن تثبيت أوضاع الناس على حالٍ واحدة أو أحوالٍ محددة .
ولذلك فإنَّ من اللازم : سبر كلِّ جديدٍ من تعاملات الناس ، ووضع الحلول المناسبة لها وطرق حسمها قبل استفحال مشكلاتها ؛ توحيداً للإجراء في كافة المحاكم ، وتعريفاً بها لجميع المهتمين من ذوي الاختصاص .
وسبيل ذلك : برامج التدريب ودورات التطبيق وجلسات العمل المشترك وحلقات النقاش ؛ التي تنظمها الوزارة إدارياً ومالياً ، ويشرف عليها مهنياً المجلس الأعلى للقضاء .
وقد أحسن ديوان المظالم الموقر في انتهاجه سبيل التطوير بهذه الآلية منذ سنوات ؛ في قفزةٍ جبارةٍ منه في المظهر العام ، ونقلةٍ مشرفةٍ وخطواتٍ واثقةٍ في المضمون تستحق التقدير والإشادة بالقائمين على تلك التطورات الواعدة .
ولا أبوح بِسِرٍ إن قلت : أنني لم أتلق خلال عملي في القضاء ولا دورة تدريبية واحدة بصفة رسمية ، وأنَّ كل الدورات التي تلقيتها في مجال الإدارة والتحليل والتخطيط والحاسوب كانت بجهدٍ وتمويلٍ ذاتي .
ومن الغريب : أنك تجد رؤساء وقضاة المحاكم يختارون من بين موظفيهم من يصلح للالتحاق بدورات معهد الإدارة العامة بحسب طلب الوزارة الموقرة ؛ في الوقت الذي أولئك القضاة - وأنا أحدهم - أولى بأن يخضعوا لكثيرٍ منها .
وليس المطلوب لتحقق هذه الآلية انتقاء مجموعة من القضاة للاجتماع بخبيرٍ في غسيل الأموال ، أو للتعريف بأنواع المخدرات ، أو لاستماع المحاضرات التقليدية حول أهمية القضاء ، أو التعريف بالدعوى وأطرافها ، أو أحكام الشهادة ونحو ذلك ؛ فذلك إما : تكريرٌ لمعلوماتٍ الإلمام بها مفترض ، أو : مما يمكن القاضي الإحاطةَ بما يحتاجه منها في كتابٍ أو بحثٍ يطلع عليه وقت فراغه .
إنَّ المطلوب هو : إحداث دوراتٍ للبحث في جزئياتٍ تتفاوت فيها أفهام القضاة ؛ مما تلحظ جهات التدقيق اختلاف وجهات النظر بين القضاة بشأنها ، أو مما يشكو الناس والمحامون من تضارب الأحكام فيه من محكمةٍ لأخرى .
وكذا : عقد حلقات النقاش بشأن الأنظمة واللوائح والتعليمات ؛ لحصر أوجه الإشكال ، ومواطن الغموض ، ومواضع اللبس فيها ، وتفسيرها ، وتجليتها ، وتضمينها ما يناسبها من إصدارات الوزارة الموقرة .
وما لا يمكن إيضاحه وبيان المراد منه بما تعممه الوزارة من تعليمات فتعقد له برامج التدريب تحت إشراف خبراء في ذات المجال موضع البحث ؛ سواءٌ : من داخل الوزارة ، أو خارجها .
إن آليات تطوير العمل القضائي المطلوبة تعمل على تفكيك ملكات الاستيعاب الضامرة ، وتحرير مكامن الإبداع من الانعزالية والتقوقع على الذات ، كما تنزع عصائب النرجسية عن عيون ذوي الفطر السليمة ، وتنير السبيل نحو الحقيقة المغَيَّبَة ؛ التي هي : أننا من ( خير أمةٍ أخرجت للناس ) ، ولسنا خير الأمة على الإطلاق ؛ فالخيرية المطلقة إنما هي لأمة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم ، ونحن نرجوها ولا ندعيها على سائر الأمة .
الآلية الثامنة : منهجية التقييم .
إنَّ للتقييم أثراً كبيراً في تطور العمل في أيِّ قطاع ؛ فمتى كوفئ المستحق كان ذلك نابعاً من سلامة تقييمه ، ودافعاً له نحو تحقيق المزيد ، ومتى حوسب المفرط كان ذلك زاجراً له ورادعاً لأمثاله وحافزاً لتغيير السلوكيات الشائنة .
وبقدر المكافأة يتحقق التطور ، وبقدر المحاسبة يتأكد التغير . ولذلك فإن اختيار أمثل طرق المكافأة والمحاسبة من قبل الإدارة هو محور ارتكاز عملية تطوير الأداء .
ولا يلزم من تخلف المكافأة توقف عملية تطوير الموظف نفسه أو في عمله ؛ إلا أنَّ تطوُّره سيكون محدوداً ، وليس إلى المستوى الذي تتطلع إليه القيادة أو المعنيين بالقطاع كله من أصحاب الحاجات .
وإذا كانت الإدارة لا تأبه بمحاسبة المتهاونين فإنَّ الأمر يسوء ؛ حتى مع تشجيعها المستحقين ، وقل على الإدارة السلام مع انقلاب الموازين وانتكاس الفطر ؛ بتحسينها فعل المسيء وتقبيحها فعل المحسن .
وللبيان فإنَّ التقييم الوظيفي لا يعدو خمسة أساليب هي على الترتيب التنازلي :
الأسلوب الأول/
أن يقال للمحسن : أحسنت. ويقال للمسيء : أسأت.
وهذا هو أفضل أساليب الإدارة ، وأصحابها - إن وجدوا – هم أفضل المديرين على الإطلاق ، كيف لا ، وهذا هو العدل الذي أمر به المولى جل وعلا في قوله :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
غير أنَّ هذا الأسلوب مطلبٌ عزيز ، يطمح إلى تحقيقه الكثير من ذوي الرئاسات . والله المستعان
الأسلوب الثاني/
أن يقال للمسيء : أسأت. ولا يقال للمحسن : أحسنت؟.
وهذا حال نوعين من الإدارات :-
النوع الأول/ الإدارات الحازمة العاجزة عن مكافأة المحسنين من موظفيها مادياً ، ويقال لهؤلاء : إنَّ للتشجيع المعنوي أثره الباهر في تأدية تلك الأدوار قد يفوق غيره من المكافآت المادية المحسوسة ؛ كما قال الشاعر :
لا خيل عندك تهديها ولا مال *** فليسعد النطق إن لم يسعد الحال.
النوع الثاني/ الإدارات المتهيِّبة من النابغين النابهين من موظفيها ؛ إما : خشيةً من تحوُّل المناصب إليهم ، أو : خوفاً من خوض التجارب المجهولة .
ويقال لهؤلاء : لو لم يكن لكم من إنجاز في إدارتكم إلا اكتشاف تلك الطاقات لكفاكم ، فاعملوا ، وكلٌ ميسرٌ لما خلق له .
الأسلوب الثالث/
أن يقال للمحسن : أحسنت . ولا يقال للمسيء : أسأت؟.
وهذا واقع كثيرٍ من الإدارات المجتهدة ، التي ترزح تحت وطأة وسيطرة إداراتٍ عليا ؛ يكون لذوي النفوذ والوساطات أثرهم في الإلزام بالتغاضي عن الموظفين المسيئين والمتخاذلين .
ومع ذلك فهاتان الإدارتان من أنواع الإدارات المقبولة في شتى أجهزة الدولة ، والنقص الذي يعتري الأولى منهما أو الضعف الذي يعتري الثانية لا يضرهما ؛ لكون ذلك خارجاً عن إرادة القائمين عليهما .
الأسلوب الرابع/
أن يقال للمسيء : أحسنت!. ولا يقال للمحسن : شيء؟.
الأسلوب الخامس/
أن يقال للمحسن : أسأت! . ويقال للمسيء : أحسنت!.
وهذان الأسلوبان هما حال القائمين على الإدارات من ذوي الأهواء والعصبية الجاهلية والعنصرية المقيتة ؛ ممن لا يستسيغون مرارة الحق ويتناسون حلاوة العاقبة .
من الذين لا يقضون بالحق ولا هم به يعدلون ، ترمد أعينهم من تصويب أبصارهم إلى أعمال من لا يرغبون ، وتنصرف نواظرهم عند وقوعها على فعل من لا يرهبون ، لا يدرون ولا يدرون أنهم لا يدرون ، ولا يأملون في دراية ما يجهلون ، هم الذين يعلمون الحق فيحكمون بخلافه ، ممن قضى الله عليهم أن يسلكوا مسلك الجهل والمعاندة .
ميزان التقييم عندهم : إن لم تكن معي فأنت ضدي .
ومبادئ إقامة القسط لديهم : التبعية والقربى .
والاعتبار منهم ليس إلا لدواعي الهوى والنفس والشيطان . أعاذ الله من هذه الثلاثة العباد ، وأراح الله من أهلها البلاد .
قال جل من قائلٍ سبحانه : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا )) .
فالأمر في هذه الآية الكريمة لعموم المؤمنين : بالقيام بالقسط وبالشهادة لله على كل حال ، والنهي فيها لهم عن : اتباع الهوى ، وهذه الثلاثة هي متطلبات تحقيق العدل ، وهي مرتكزات منهجية التقييم العادل .
ولتطبيق ذلك في سبيل تطوير العمل القضائي يلزم اتباع المنهج الآتي :-
أولاً/ إعادة النظر في كوادر التدقيق في محاكم التمييز (الاستئناف) فما فوقها ؛ بالإبقاء فيها على المؤهلين لنقد وتمحيص الأحكام ، وسبر وتقييم الحكام ( القضاة ) ؛ فبهم تتطور الأعمال ، وتتبدل الأحوال ؛ لوثيق صلاتهم بقضاة المحاكم فيما يُعرض عليهم من القضايا .
ثانياً/ انتقاء المبرزين من القضاة - في نظر القضايا وطرق الاستدلال - للعمل في التفتيش القضائي ؛ سواءٌ : الدوريّ منه ، أو الدائم ؛ فهم الذين يستفيد منهم القضاة الخاضعون للتفتيش ، ويتطور بهم العمل القضائي ، ويمكن التعويل عليهم في واحدة من عمليات التقييم المطلوب ، بعد إعادة صياغة لائحة التفتيش القضائي بما يتلاءم مع الأنظمة الطارئة .
ثالثاً/ ترسيخ ثقافة النصح والتقويم لدى جهتي التفتيش والتدقيق ، واطِّراح طرق الاستدراج والمخادعة عند التفتيش أو التحقيق أو التدقيق ؛ فتطوير العمل القضائي لا يتحقق بالتقييم عبر ثقافات تصيد الأخطاء وتضخيم السقطات والنفخ في الأغلاط ، ولا يمكن للتقييم أن يكون مطابقاً للحال مع اعتقاد السوء أو افتراض الأسوأ ، أو الاعتبار الآثم في : أنَّ الأصل في القاضي التهمة حتى تثبت براءته ؛ كما يقول به من لا خلاق له .
وليعلم المدققون : أن لا وجود لتقييمٍ ولا تقويمٍ مع نقدٍ فيه تصريحٌ أو تلميحٌ بتسفيهٍ أو تجريح ، وأنه لابد أن تتضمن قرارات التدقيق والتحقيق الإشادة بالجوانب الإيجابية ، والإفادة بجوانب القصور ، وأن تشتمل على تعليلات الملحوظات ، وأدلة الاستدراكات ، وما ينبغي للقاضي أن يفعله تجاه ذلك ؛ ليستفيد منه في حاضره ومستقبله ، ويفيد به غيره ممن يتباحث أو يتدارس معه أو يستشيره في مثل ما حصل له ، فيتعدى التوجيه والإرشاد بقرارٍ واحد إلى أكثر من مستفيد ، وينعم به أصحاب القضايا ، وينضبط به العمل شيئاً فشيئاً .
رابعاً/ تدوير الإشراف الإداري على المحاكم وعلى الدوائر القضائية بين أعضائها من القضاة المؤهلين ؛ كما هو حال عمادات الكليات ورئاسات الأقسام فيها ؛ لتجديد الأفكار وطرق الإدارة ، مع ما في ذلك من التدريب على الإدارة واكتشاف المواهب الإدارية ، علاوةً على أنَّ تطوير العمل القضائي المتحقق بتقييمٍ معتمدٍ على الجهد الفردي – أياً كان مستواه - لا يرقى إلى التطوير الناتج عن تقييمٍ بجهدٍ جماعيٍ أو متنوِّع ؛ فالتقييم القطبيُّ لا ينضبط ، ولا يصلح في كل زمان ، ولا يتطور به العمل بالوجه المطلوب .
خامساً/ توحيد أساليب المراقبة ، وتحديد مسارب التدقيق ، وتوزيع علامات التقييم ؛ لتقريب هوة الخلافات ، وتضييق شقة الاختلافات ، ولأنَّ تقارب درجات التقييم ، وتماثل مواضع التمحيص مدعاة لتقبل الملحوظات ، وسرعة استدراك الأخطاء ؛ الذي ينتج على إثرهما دفع عجلة التطور والتنمية المنشودة ، وتحريك آليات الترقية لأساليب الأداء المطلوبة .
سادساً/ إخضاع جميع التقييمات لطلب التدقيق والمراجعة ؛ لأنَّ استشعار المسؤول أنَّ قراره قطعيٌ وتقييمه نهائي لن يجعله في منأىً عن الحيف والجور في الحكم ؛ وما لم يعلم الناقد أنَّ قراره عرضةٌ للاعتراض والمناقشة فلن يكون متأنياً في تدقيقه ، متوقياً في تحقيقه ، متثبتاً في حكمه .
إنَّ أهداف التقييم من تطوير العمل القضائي المطلوب لن تتحقق بغير هذه الأمور التي يمكن اعتبارها منهجاً أولياً للتقييم الفاعل في عملية التطوير القضائي .
الآلية التاسعة : أسس الاختيار .
إنَّ اختيار القاضي - في جميع دول العالم - يقوم على أسسٍ ثابتة ؛ تتمحور كلها على قواعد المصلحة العامة ، مع إتاحة الفرصة لجميع فئات المواطنين لخدمة بلادهم في أيِّ مجالٍ يحسنون الإسهام فيه ؛ دون إيثارٍ لفئةٍ ، ولا استئثارٍ على أخرى .
فالاعتبار في سائر المجتمعات العادلة للكفاءة والجدارة ، وليست للعرق ، ولا للجنس ، ولا للمذهب ، ولا للمنطقة ، ولا للقرابة ، ولا للقبيلة .
وإذا كان هذا في البلدان متعددة الطوائف والأعراق والأجناس والمذاهب والمعتقدات ؛ فحصوله في البلاد المتوافقة في دينها وعقيدتها وعرقها وعاداتها أولى وأحرى .
ولذا فإنَّ اختيار القضاة من الخريجين في جامعةٍ بعينها دون غيرها من الجامعات- مع اتحاد التخصص - تحكُّمٌ ظاهر وتهميشٌ ملحوظ ، فكيف إذا اجتمع معه تمييز فرعٍ أو فرعين من فروع الجامعة الواحدة على بقية الفروع !!.
كما أنَّ رفضَ تعيين الخريجين في قسم القضاء من جامعة أم القرى في مجال القضاء بتأوُّلٍ مفاده : أنَّ من درس في هذا القسم فهو يطلب القضاء ، وطلب القضاء منهيٌ عنه ؛ إذا أمكن أن يكون عذراً ؛ فما هو جواب كون هذه القاعدة مُعَارَضَةً بحصول تعيين قضاةٍ من الخريجين الدارسين في المعهد العالي للقضاء ؟!.
إنَّ كل هذه التصرفات - مع تناقضها - مُخَالِفَةٌ صراحةً للفقرة (د) من المادة (31) من نظام القضاء الجديد ، ونص المقصود من المادة ( يشترط فيمن يُوَلَّى القضاء .. .. د/ أن يكون حاصلاً على شهادة إحدى كليات الشريعة بالمملكة العربية السعودية .. .. ) الخ .
فالنص جاء في المادة على (إحدى كليات الشريعة بالمملكة) ؛ دون تمييزٍ ولا استثناء .
مما يعني أنَّ طريقة اختيار القضاة اليوم ليست سبيلاً من سبل تطوير القضاء ، ولا طريقاً لتأليف فئات المجتمع السعودي .
وهنا يظهر مسيسُ الحاجة لوضع أسسٍ (محددةٍ ، ومعلومة) لاختيار القضاة ؛ متوافقةٍ مع أحكام الفقه الإسلامي ونصوص النظام السعودي المعتبر ، لا مجال لاختراقها ولا للتَّحكُّم فيها ؛ بإعمالها تارة ، وإهمالها تارة أخرى .
ويمكن اعتبار الأسس الأربعة التالية منطلقاً لما يمكن الاتفاق عليه منها ؛ خدمةً لجهاز القضاء ، وإسهاماً في تطويره ، وفتحاً لمجال المشاركة فيه من كافة فئات المجتمع السعودي المتجانس بطبيعته .
الأساس الأول : الجانب العلمي .
ويتحقق بالالتزام بشروط تعيين القاضي الواردة في المادة (33) من نظام القضاء ، وفيها ( أن يكون قد حصل على الشهادة العالية بتقديرٍ عامٍ لا يقل عن : جيد ، وبتقدير : جيد جداً في مادتي الفقه وأصوله ) .
ويمكن أن ينضم إليه إلزام القاضي بإعداد بحثٍ سنوي خلال سنوات ملازمته الثلاث وفي سنته التجريبية الأولى بعد تعيينه قاضياً ؛ بحيث يكون تثبيته في القضاء مشروطاً بإجازة تلك البحوث الأربعة من لجنةٍ علميةٍ متخصصة ؛ على اعتبار أنَّ ذلك من مستلزمات ثبوت الصلاحية المشروط في المادة (44) .
الأساس الثاني : الجانب العقلي .
وألطف ما جاء في بيان هذا الجانب ما ذكره الماوردي في الأحكام السلطانية عند بيان شرط العقل في القاضي حيث قال ( وَالشَّرْطُ الثَّانِي : وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى اعْتِبَارِهِ ، وَلا يُكْتَفَى فِيهِ بِالْعَقْلِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ مِنْ عِلْمِهِ بِالْمُدْرَكَاتِ الضَّرُورِيَّةِ ؛ حَتَّى يَكُونَ : صَحِيحَ التَّمْيِيزِ ، جَيِّدَ الْفَطِنَةِ ، بَعِيدًا عَنْ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ ، يَتَوَصَّلُ بِذَكَائِهِ إلَى إيضَاحِ مَا أَشْكَلَ وَفَصْلَ مَا أَعْضَلَ ) .
ومثل هذا لا يتحقق إلا باجتياز القاضي الفحوص الطبية المثبتة لسلامة عقله من الأمراض النفسية ؛ أشبه : الحماقةَ ، والنَزَقَ ، وازدواجَ الشخصية ، والكِبْرَ ، والنرجسيةَ ، وغيرها من الأعراض المؤثِّرة في سلامة عقل صاحبها .
الأساس الثالث : الجانب البدني .
والمتمثل في اشتراط الفقهاء : السمع ، والبصر ، والكلام في القاضي ، غير أنه من اللائق عند اختيار القضاة ابتداءً اعتبار سلامته من العيوب الظاهرة ؛ مثل : البَرَصِ المُستَقْذَر ، والعَوَر ، والحَوَل الفاحش ، والهُزَال ، والسِّمنة المفرطة ، والشلل ، والعَرَج البَيِّن ، ودمامةِ الخِلقة ، والطُّولِ أو القِصَرِ الشديدين ، وعيوب اللسان والكلام ؛ لأنَّ السَّلامَةَ مِنْ الآفَاتِ أَهْيَبُ لِذَوِي الْوِلايَةِ كما قرره أهل العلم ، ولأنَّ هذه العيوب تكون مصحوبةً في الأغلب بأعراضٍ نفسيةٍ تتعدَّى إلى عمل صاحبها فتمنع كماله . على أنَّه في بعض هذه الآفات : يُغتفر في الاستدامة ما لا يُغتفر في الابتداء .
الأساس الرابع : الجانب الأخلاقي .
حيث ورد في الفقرة (ب) ، (و) من المادة (31) آنفة الذكر اشتراط : حسن السيرة والسلوك في القاضي ، وأن لا يكون قد حُكم عليه بحدٍ أو تعزيرٍ ، أو في جرمٍ مخلٍ بالشرف ، أو صدر بحقه قرارٌ تأديبيٌ بالفصل من وظيفةٍ عامةٍ ؛ ولو كان قد رُدَّ إليه اعتباره .
ويمكن أن ينضاف إلى ذلك : ما يلحظه القاضي الذي يتدرب عنده الملازم من سلوكياتٍ شائنةٍ تمنع من اختياره قاضياً ، أو سِمَاتٍ حسنةٍ تؤيد اعتماده وتوليته القضاء .
الآلية العاشرة : الجولات التفقدية .
لابد لكل مسؤولٍ عامٍ - في هذه البلاد - أن يشخص بنفسه إلى فروع دائرته في كافة مناطق المملكة في زياراتٍ رسميةٍ محدَّدةٍ ومفاجئة ؛ للوقوف على سير الأعمال وسبر الحاجات وحلِّ المشكلات ؛ توفيراً للوقت والجهد والنفقات .
ويمكن القيادة القضائية أن تختصر جولاتها التفقدية لتكون على مستوى المناطق أولاً ، فتأمر باجتماعٍ لقضاة كل منطقةٍ في عاصمتها ، كي تقف في هذا الاجتماع على المشكلات القائمة والحاجات الماسة لإتقان العمل وتسريعه ، وتجمع الآراء المقترحة ، وتضع الحلول اللازمة أو المؤقتة ؛ حتى لا يتأثر مستوى الإنجاز المعقول ، ريثما يتوفر المطلوب لتحقيق الإنجاز المأمول .
على أنَّ تَفَقُّدَ المحاكمِ جميعها ليس بالأمر العسير على المسؤول عن القضاء ؛ إذ لا يلزم أن يكون ذلك كله في عامٍ واحد ، فمن الممكن - بالتخطيط السليم - للمسؤول عن القضاء أن يقوم بجولاتٍ فصليَّة ، وبواقع أربعة أسابيع في العام الواحد يخصصها للتفقد المطلوب على أن يُشرك معه خبراء في الإدارة والشؤون المالية والقضائية ونحوها .
كما أنَّه من المهم تفعيل دور الوزارة الإشرافي والرقابي والتطويري والتوجيهي باستخدام التقنيات الحديثة ؛ مثل : الاتصال بقضاة المناطق - في الأمور العاجلة والضرورية - عبر الدوائر التلفازية المغلقة من صالات المحاضرات في الجامعات ، أو قاعات المؤتمرات في الفنادق الكبرى .
ومن المهم أيضاً : تخصيص يومٍ واحد من كل أسبوع يتفقد فيه رؤساء محاكم المناطق ما هو في مشمول إدارتهم من محاكم وكتابات عدل ؛ ضمن جدولٍ معدٍ مسبقاً يعلم به قضاة تلك المحاكم ومراجعوها ؛ ليقف الرئيس على سير العمل ، ومن ثَمَّ يرفع بشأنه إلى الجهات المسؤولة في الوزارة والمجلس مشمولاً بوجهة نظره حياله .
الآلية الحادية عشرة : التواصل الوجداني .
كثيرٌ من الناس تؤدي مشاركة رؤسائهم إياهم إلى زيادة أفراحهم وتخفيف أتراحهم ، مع ما يحظى به المسؤول من ثوابٍ أخروي وحُسْنِ ذِكْرٍ دنيوي ، مما ينعكس على العمل المنوط بالمسؤول ومرؤوسيه .
وللقضاة مع رؤسائهم نصيبٌ من هذا التواصل الوجداني ، ولذلك صورٌ عدة منها :
1 = التهنئة بالمناسبات السعيدة ؛ سواءٌ في مجال العمل ، مثل : التعيين في القضاء ابتداءً ، التثبيت بعد مضي سنة التجربة ، الترقية ، أو في المناسبات الشخصية ، مثل : الزواج ، الإنجاب ، التفوُّق العلمي .
2 = السؤال عن أحوال المرضى منهم ، والسعي لحصولهم على العلاج المناسب في حينه .
3 = التعزية بفقد قريب ؛ بحضور عزائه ، أو عبر الهاتف ، أو بإرسال كتاب مواساةٍ للقاضي أو لذويه .
4 = تشجيع المجتهدين من القضاة في آرائهم واقتراحاتهم بخطابات الشكر والثناء .
5 = الاستعانة بالمبرِّزين من القضاة للعمل في اللجان التطويرية ، مع إفساح المجال للكثير منهم لقياس استعدادهم للإفادة والاستفادة في تطوير العمل القضائي .
6 = اغتفار الأخطاء والمواساة في حال التَّعَثُّر بالتوجيه والإرشاد والمناصحة والمسامحة ؛ فتلك هي النصرة الأخوية المأمور بها شرعاً ، ولنا الأسوة الحسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خالد بن الوليد ، وأسامة بن زيد ، وحاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنهم ؛ يوم أن أخطأ الأولان في سفك دمٍ حرام وأوشك الثالث على إفشاء سرٍ من أسرار الحرب إلى العدو ، وقد كان السلف رضوان الله عليهم يرددون مقولة ( والمنصفُ من اغْتَفَرَ قليلَ خطأِ المرءِ في كثيرِ صوابه ) ، فأين نحن من هؤلاء ؟! والله المستعان .
الآلية الثانية عشرة : التجاوب مع الاقتراحات .
لي تجاربٌ عدة على مدى ثلاثين عاماً في العمل القضائي حول الاقتراحات ومواقف المسؤولين حيالها ، سأذكر نماذج منها بحسب المواقف تجاهها :
1 = في عام 1402هـ اقترحت : رسم مخطط العقار خلف صك الاستحكام الخاص به عن طريق مساح المحكمة بما فيه من تعرجاتٍ وانكساراتٍ وميول ، وفي حال انتقال جزءٍ من العقار بالبيع ونحوه يظلل عليه بالأحمر ويشار إلى رقم صك الإفراغ وتاريخه ، وهكذا مهما تعددت الانتقالات ، مع ذكر مقياس الرسم بحسب مساحة العقار .
وكان الموقف من الاقتراح : خطاب شكرٍ وتقديرٍ من الوكيل بالنيابة رئيس التفتيش القضائي في حينه الشيخ : محمد الفنتوخ مضمناً اعتذارٌ لعدم توفر الإمكانات .
وأكرر هنا الدعوة لتحقيقه ، فلاشك أنَّ الإمكانات قد توفرت خلال أكثر من ربع قرن مضت من إرسال هذا الاقتراح .
2 = في عام 1405هـ اقترحت : تدقيق الأحكام التي تنقضها محكمة التمييز بالأكثرية من قبل مجلس القضاء الأعلى بصفةٍ تلقائية ؛ لأنَّ القاضي وعضو التمييز المخالف اثنان وعضوي التمييز الناقضين للحكم اثنان أيضاً ، وما دام العددان قد تساويا فلابد من مرجح ، وخير مرجحٍ لأيٍ من الرأيين هو الجهة الأعلى من كلٍ منهما ، واحتياطاً لأيِّ اعتراضٍ فقد بحثت عن عدد القضايا المنقوضة بالأكثرية من محكمة التمييز في أحد كتب الإحصاء السنوي لقضايا وزارة العدل ، فوجدتها لا تتعدى خمساً وخمسين قضية ، وبقسمتها على عدد أعضاء الهيئة الدائمة الخمسة ظهر أنَّ عمل العضو الواحد لن يزيد عن سابقه إلا قضيةً واحدة في الشهر تقريباً ، وتلك زيادة معقولة قطعاً .
الموقف من الاقتراح : اتصالٌ هاتفيٌ من مسؤول تضمن : اللومَ !، والتخويفَ بأنَّ عرض الأمر على المجلس مدعاةٌ لإصدار عقوبة صارمة !!، والمنَّةَ عليَّ بحفظ الاقتراح حتى لا يصل خبره إلى من بيده التأديب !!!.
3 = في عام 1410هـ ابتدأت صنع نظامٍ كامل للمحاماة ، وبعد اكتماله في ثمانٍ وثمانين مادة أرسلت منه أربع نسخٍ : واحدةً لمعالي وزير العدل الراحل الشيخ محمد بن جبير يرحمه الله ، وثانيةً لوكيله الشيخ بكر أبو زيد شفاه الله ، وثالثةً لأحد أعضاء مجلس القضاء الأعلى ، والرابعة لمعالي رئيس شعبة الخبراء آنذاك الأستاذ مطلب النفيسة .
أما موقفي بعد الاقتراح : فتعليل النفس بأنَّ هذه الرسائل لم تصل إلى أيٍ من الأربعة المذكورين!.
4 = في عام 1413هـ لم أصنع شيئاً من تلقاء نفسي كالعادة ، بل إني تلقيت اتصالاً من معالي وزير العدل الحالي الشيخ الدكتور : عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ وفقه الله يطلب مني زيارته في مكتبه مصطحباً ما يتيسر لي من اقتراحات حول العمل القضائي ، فانبريت لتحقيق طلب معاليه مسطراً ستين مقترحاً ، تباحثت مع معاليه بشأن بعضها في تلك الزيارة ، ورأى أغلبها النور خلال مسيرة معاليه الموفقة في قيادة وزارة العدل .
المهم في الأمر : أنَّ تفعيل آلية التواصل مع الاقتراحات مدعاةٌ لإثراء العمل القضائي ، وسبيلٌ من سبل تطويره ، وطريقٌ إلى تحقيق الأفضل ؛ من حيث : العلاقة بين المسؤول والمرؤوس ، وبين العامل والعمل ، وبين الدائرة والمراجع .
======================================
نادي القضاة : http://www.cojss.com/article.php?a=51
وخطة العمل المبدئية لهذا النادي على النحو التالي:
أولاً/ يكون موقع النادي على الطريق الدائري للمدينة، وأن لا تَقِلَّ مساحته عن مائة ألف مترٍ مربع .
ثانياً/ لابد أن يحتوي النادي على ملاعب مغلقة، وميادين للجري، وحدائق كبيرة، وصالات للمناسبات الخاصة والعامة للرجال، ومثلها للنساء، ومكتبة، وقاعات للمحاضرات، ومطعم لائق، إضافة إلى فندق من الدرجة الممتازة.
ثالثاً/ يراعى أن تكون إدارة النادي متخصصة في الإدارة الفندقية، لا أن يكونوا من القضاة أنفسهم، وأن يكون الإشراف الفني والمالي والإداري خاصاً بالمجلس الأعلى للقضاء دون غيره من الجهات الإشرافية؛ ضماناً لاستقلال القضاة ونواديهم عن التوجهات السياسية والحزبية والفكرية ونحوها.
رابعاً/ يشرف النادي على إقامة المحاضرات، وينظم الندوات الدولية والإقليمية والمحلية المتخصصة، يستضيف فيها الكفاءات القضائية المتميزة من جميع دول العالم، ويضطلع النادي بإقامة المؤتمرات القضائية، ويدعو لحضورها أو للمشاركة فيها أقطاب القضاء في العالمين العربي والإسلامي؛ لبيان مزايا ومميزات الحكم بشريعة الإسلام.
خامساً/ يضطلع النادي بإعداد الاستبيانات القضائية بحسب طلب المجلس الأعلى للقضاء، وإرسالها لأصحاب الفضيلة القضاة في مقار أعمالهم، وجمع الإجابات، وتحليلها، وفرز النتائج النهائية المطلوبة.
سادساً/ يدير النادي موقع المجلس الأعلى للقضاء على شبكة المعلومات (الإنترنت)، ويكون تشغيله وتنشيطه على النمط الذي يوافق عليه المجلس الموقر؛ لتحقيق أقصى ما يمكن الاستفادة منه في مصلحة القضاء والقضاة، كما يمكن للنادي في مراحل متقدمة الإشراف على موقع وزارة العدل، ومجلة العدل، وما يمكن أن يستجد من مجالات تقانية تخص القضاء.
سابعاً/ يضيف النادي القضاة من خارج المدينة، ويعطي الضيف منهم جائزته ثلاثة أيام مجاناً، ثم يقيم من شاء منهم بعدها قدر حاجته بأجرٍ رمزي. ويكون فندق النادي هو مقر الضيافة الخاص برجال القضاء من خارج المملكة.
ثامناً/ يتولى النادي مهمة مكتب العلاقات العامة لأفراد القضاة؛ من حيث تخليص معاملاتهم في الدوائر الحكومية، والنيابة عنهم في ما يستلزم حضورهم، وتأمين نقل ما يحتاجونه من العاصمة إلى بلدانهم، وإجراء الحجوزات الخاصة بهم وبأسرهم وتأكيدها لهم ؛ ليتفرغوا لأداء أعمالهم، ولا ينقطعوا عنها لأيِّ عارضٍ يمكن النادي القيام به عنهم.
تاسعاً/ تنظم إدارة النادي المسابقات الثقافية بين أسر القضاة بنين وبنات، وترعى مشاركات القضاة المتميزة في مجال القضاء عبر موقع النادي الإلكتروني، وتتعهد بالتواصل مع نوادي القضاة العالمية فيما يعود بالنفع والفائدة لصرح القضاء.
عاشراً/ يمكن النادي القضاة من إقامة حفلاتهم الكبرى وولائمهم المتوسطة ودعواتهم الصغرى في قاعات النادي؛ أسوة بنوادي الضباط داخل البلاد وخارجها.
هذه مبادئ يمكن الانطلاق منها نحو تكوين نادٍ نموذجي لقضاة السعودية، لعله يكون متميزاً على أمثاله في دول العالم؛ في موقعه وإدارته وأنشطته.
إننا إذ نسعى من العدم إلى تحقيق أعلى درجات الكمال، لا لأننا مثاليون أكبر مما ينبغي، بل لأننا قادرون على تحصيل مرادنا؛ بما نملك من: إمكانات مادية ، وكوادر بشرية شابة متحمسة، وفوق ذلك: حكومة جادة موفقة باذلة تسعى للريادة في كل ما يمكنها ذلك، غير أنها تفتقر للرجال المبدعين المخلصين من جميع التخصصات، الذين أرجو أن يجدوا الفرصة المناسبة لإبراز ما لديهم.
==================================
مركز الدراسات القضائية : http://www.cojss.com/article.php?a=39
من اللازم افتتاح موقعٍ شبكي في الإنترنت باسم : ( مركز الدراسات القضائية ) . يكون هذا المركزُ نواةً للجمعية القضائية . وَيُمكِنُ تلخيصُ خطواتِ العمل بالمركز في الآتي :-
1/ يَشتركُ في الموقع جميعُ القضاة الذين عملوا في المحاكم ، وديوانِ المظالم ، وسائرِ اللجان القضائية في جميع المصالح الحكومية ؛ سواءٌ : مَن لا يزالون على رأس العمل ، أو المتقاعدون.
2/ يُسمح فيه بالتسجيل بالأسماءِ المستعارة في المرحلة الأولى - تقديراً لظروفِ المرحلة الراهنة – ريثما يرتفعُ مستوى ثقافةِ الخلاف والاختلاف لدى الجميع ، فلا يخشى آنذاك قاضٍ مما يورده بإسمه الصريح .
3/ يَشملُ الموقعُ منتدياتٍ متخصصةٍ بحسب نوع الاختصاص القضائي . فمنتدى : لقضاة المحاكم العامة ، وآخرُ : لقضاة المحاكم الجزئية ( الجزائية ) ، وثالثٌ : لقضاة محاكم الأحوال الشخصية ، ورابعٌ : لقضاة الحشاكم التجارية ، وخامس : لقضاة المحاكم العمالية ، وسادس : لقضاة المحاكم الإدارية .
4/ للمركز اتخاذُ أكثرَ من مقرٍ له في أيٍ من مدن المملكة بحسب الحاجة والإمكانات المتاحة .
5/ يُخصص للكُتَّابِ بِالعَدْلِ ومأذوني الأنكحة منتدىً لكلٍ منهم ، وكذا : كتابُ الضبط وبقيةُ أعوان القضاة ؛ أياً كان تخصصهم ، وإلى أيٍ كان انتماؤهم الوظيفي ؛ لتفريغ هموم الكوادر القضائية وأعوانهم وحصرها ؛ لدراستها ومعالجتها بما يخدم الصالح العام .
6/ يُمْكِنُ إشراكُ المحامين في المنتدى ؛ إمعاناً في شفافية الطَّرح ، وطلباً لأقصى درجاتِ الاستيعاب لمشكلات القضاء والتقاضي .
7/ من مهام المركز إعطاءُ بطاقاتِ العضوية لكل منتسبٍ ؛ على أن يكون للعضوية مزايا مجانيةٌ وتخفيضاتٌ لدى الفنادق وخطوط الطيران ونحوها ؛ كما هو لمنسوبي بعض قطاعات الدولة الأخرى .
8/ يتولى المركزُ في مراحلَ لاحقةٍ تنظيمَ كيفيةِ قضاء إجازات القضاة ؛ بما يكفل راحتهم وأسرهم ، وبما يزيلُ عنهم همومَ ما قبل الإجازة ، ويجدد نشاطهم لما بعدها ، وسواءٌ كان التنظيم لرحلات الإجازات داخلياً أو خارجياً ، مع الأخذ في الاعتبار الاستفادةُ من القاضي المجاز أينما حَلَّ وحيثما ارتحل ؛ بما لا يُرهقه ولا يحرمه من الراحة والاستجمام أو النزهة والانتجاع .
9/ يُمكن للمركز أن يتولى نشرَ الإصدارات ؛ من : نشراتٍ ، أو مطوياتٍ ، أو كتيباتٍ ، أو كتبٍ ، أو أنواع الأشرطة ؛ من إنتاج المركز ، أو من أنشطة أعضائه ، ويتولى كذلك : الطباعةَ ، والتوزيعَ ، والإهداءَ ؛ في سبيلِ نشرِ الثقافة القضائية ، وتعميمِ المعرفة الحقوقية بين الناس .
10/ يسوغ للمركز استثمارُ عوائده وقبولُ الوقفيات على أنشطته وإصداراته المعرفية ، وتنميةُ ذلك بما يعود على القضاء والقضاة بالنفع العميم في حاضرهم ومستقبلهم .
11/ يتأتى للمركز عقدُ الدوراتِ والمؤتمرات والندوات الخاصة والعامة ، وله تحصيلُ الرسومِ على أيٍ منها بما يرفع كفاءةَ المركز وَيُطَوِّرُ من قدراته .
12/ يُشْرِفُ على كل منتدىً عضوٌ بارزٌ في ذات التخصص ، ويكون معروفاً بشخصه لدى الجميع ، ومسؤولاً عن تطبيق شروط الاشتراك ، ومتابعاً الطروحاتِ وأجوبةَ الاستشكالات .
13/ من أعمال المركز عملُ الدراسات القضائية للدولة وللقطاع الخاص ، وله الإسهامُ في دراسة مشاريع الأنظمة ، أو نقدها ، واقتراحُ ما يراه مناسباً منها على جهة الاختصاص .
14/ إعطاءُ الاستشارات للأفراد مجاناً ؛ خصوصاً في القضايا المالية البسيطة والأسرية ، وكذا : تحريرُ أسباب الأحكام للقضاة ومستندها من كتب الفقه والنظام .
هذه الخطوطُ الأولية لافتتاح المركز تستحقُ أن يُبَادِرَ - للعمل بها – مقامُ وزارة العدل الموقرة ، ولن يكلفها ذلك شيئاً غيرَ زيادةِ محتوى الموقع الرسمي للوزارة وإيجادِ الكوادر الإدارية والفنية المناسبة له .
==============================
البيئة العدلية : http://www.cojss.com/article.php?a=137
الأمور ذات الصبغة الاقتصادية التي ينبغي اتخاذها لتعجيل إنفاذ النظام إعادةُ النظر في الاختصاصات المزعجة والمرهقة كاهلَ قضاة المحاكم وكتاب العدل ، التي يمكن تفويضُ اختصاصها إلى جهاتٍ مساعدة ، عبر مراجعة الأمور التالية :
أولاً / التخفيف على كتابات العدل بتفويض الكثير من اختصاصاتها التوثيقية إلى مكاتب المحاماة ؛ أسوة بالمعمول به في كثير من البلدان الشقيقة والصديقة .
ثانياً / تأهيل مكاتب المحاماة لتولي الصلاحيات الجديدة برسوم معقولة مقابل تأدية تلك الخدمات ، ومن ثم تصنيف المكاتب إلى فئاتٍ على قدر الصلاحيات الممنوحة لها ؛ أشبه بتصنيف المكاتب العقارية ومكاتب السفر ، مع فرض مبالغ مناسبة تأمينية على تلك المكاتب ؛ إما : مدفوعة ، أو على هيئة ضمانٍ بنكي ، أو تأمينٍ تعاوني ؛ حمايةً لذوي المصالح من أخطاء ممارسة تلك الصلاحيات ، ودافعاً لضبطٍ أكبر وحرصٍ أكثر من السادة المحامين عند أداء الخدمات لطالبيها .
ثالثاً / تأهيل كتاب العدل لتولي مهام أكبر من التوثيقات بتجهيزهم للاضطلاع بمهام إثباتية مما هو داخلٌ في اختصاص المحاكم ، خصوصاً : أن القضاة وكتاب العدل قد نهلوا من معينٍ واحد .
رابعاً / التخفيف من تحميل قضاة المحاكم العامة أعباءَ كثيرٍ من القضايا الإنهائية ؛ للتفرغ لما هو أهمُّ مما هو داخلُ اختصاصهم ، ولا يتَّأتى ذلك إلا بأحد أمرين :
أولهما : تحويل جميع كتاب العدل إلى قضاة توثيقٍ وإثبات داخل المحاكم العامة ؛ لتولي جميع القضايا الإنهائية ذات الطرف الواحد ، إضافةً إلى التوثيقات المشمولة ضمن اختصاص كتابات العدل الحالية .
ثانيهما : وهو الأسرع في التنفيذ نقل اختصاص البت في القضايا الإنهائية البسيطة والمتوسطة لتكون ضمن صلاحيات كتاب العدل ؛ إذ إن أغلبَها لا يزيد في أهميته عن إفراغات العقارات الكبيرة ورهنها والتبرع بها.
خامساً / تشجيع افتتاح مكاتب التحكيم الخاصة ، والإسراع بافتتاح مركز التحكيم التجاري السعودي ، وإخضاع أحكامه للتدقيق على مستوى محاكم الاستئناف فما فوقها ؛ للإسهام في حسم المنازعات التجارية ونحوها ، والتخفيف من أعباء المحاكم التجارية .
سادساً / تشجيع مؤسسات المجتمع الأهلي من : الجمعيات الخيرية ، والمراكز الاجتماعية ، وعمد الأحياء والقرى ، ومشايخ القبائل ، والمعرفين بأفرادها على : الاهتمام بإصلاح ذات البين ، وبذل الوسع في استيعاب خلافات الأقارب والجيران ، وتوثيق ذلك في ضبوطات ودفاتر رسمية أو شبه رسمية .
إن تحقيق هذه الأمور كفيل بالتخفيف من أعمال القضاة ، وتوفير أوقاتٍ يمكن استغلالها في : تطوير وتحسين الأداء ، وتسريع الإنجاز المطلوب ، واستيعاب الصلاحيات الوافدة .
غير أن هناك أموراً تساعد على النهوض بالأعباء المضافة لا تقل أهمية عما سبق منها :
أولاً / تطبيق مبدأ استقلال القاضي من قِبل القضاة أنفسهم ؛ بتسخير أوقاتهم الزائدة في : مراجعة الأحكام ، والإلمام بالأنظمة واللوائح والتعليمات ، ومدارسة العلوم وثيقة الصلة باختصاصهم القضائي ، وامتناعهم من تفريغ جهودهم وطاقاتهم في أنشطةٍ اجتماعيةٍ خارج نطاق العمل القضائي ، بترك تلك الأنشطة لأربابها ؛ سواء في ذلك : التصدر للدعوة ، أو الإفتاء ، أو إدارة الجمعيات الخيرية
ثانياً / تكثيف الجولات الإشرافية وحملات المتابعة من أكفياء المفتشين القضائيين على قضاة المحاكم ؛ لا لتصيد الأخطاء ، بل للتوجيه والإرشاد ، وتبصير القضاة بما يرفع من مستوى عملهم ويساعدهم على تحمل ما وكل إليهم ، وتذليل ما يواجههم من عقباتٍ في فهم النظام ، ومتابعة إنجازاتهم ، والكشف عن أسباب تدني مستوياتهم ، وإيجاد الحلول والمقترحات المناسبة لعلاجها .
ثالثاً / تنويع اختيار القضاة من مناطق المملكة الست التي يتوافر بها كلياتٌ للشريعة ، وتعيينهم قريباً من مناطقهم ؛ لتحقيق قدرٍ من الاستقرار للقاضي ، يظهر أثره في إنتاجه كماً وكيفاً .
رابعاً / استقطاب أكفياء المحامين للعمل في القضاء بحسب تخصصاتهم ، وكذلك المؤهلون شرعياً من كتاب الضبط في المحاكم ، ومثلهم أمناء السر في الدوائر القضائية ، وما يسمى : بسكرتارية اللجان القضائية في محاكم التمييز ودوائر التدقيق .
غير أن المعضلة العددية تظهر في الدوائر الثلاثية المقررة في النظام لنظر القضايا خصوصاً في المحاكم العامة والجزائية ، مما يعني احتياج تلك المحاكم لمئات القضاة ؛ بسبب التنامي الملحوظ في أعداد القضايا عاماً بعد عام .
كما تبرز تلك العقبة أكثر في محاكم الاستئناف التي زاد من أعبائها الحالية لزوم نظر القضية المستأنفة مرة أخرى ؛ إذا لم يكتسب الحكم القطعية بقناعة الطرفين ، مما يعني : اضطرار محاكم الاستئناف الست المقررة في آلية العمل التنفيذية لعشرات القضاة بعد ضم قضاء الاستئناف التجاري والعمالي إلى اختصاصها .
وليس لهذا من حل - في المجالين العمالي والتجاري - سوى تخصيص قاضٍ واحد لكل دائرة استئناف ، وسد نقص الدائرة بمستشارين نظاميين ولو عن طريق التعاقد ، على أن يستغنى عنهم كلما توافر البديل الملائم .
مما سبق ننتهي إلى تحديد أهم متطلبات التنمية الاقتصادية في البيئة العدلية في التالي :
1 / تأهيل القضاة وتدريبهم وتحديث الأنظمة القضائية بما يواكب تطورات العصر ؛ لأن ذلك مؤثر أشد التأثير في متطلبات التنمية الاقتصادية .
2 / توسيع دائرة التنسيق بين المؤسسات العدلية والمؤسسات الاقتصادية ، بما يحقق متطلبات التنمية بشكل أفضل .
3 / ترشيد اقتصاديات البيئة العدلية عن طريق استخدام التقنيات الحديثة ، واختصار الإجراءات لتسريع عملية التنمية الاقتصادية في البيئة العدلية ، وحسن توزيع الصلاحيات الكفيل بتفريغ أعضاء البيئة العدلية من قضاة وغيرهم لأعمالٍ أدق اختصاصاً وأوثق التصاقاً بالتنمية . والله من وراء القصد .
==============================
وفي الختام
أسأل الله للجميع التوفيق لكل ما يحبه الله ويرضاه .