يختص قاضى التنفيذ بالفصل في منازعات التنفيذ مهما كانت قيمتها، وفقا لأحكام القضاء المستعجل، ويختص كذلك بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ، وله الأمر بالاستعانة بالشرطة أو القوة المختصة ، وكذلك الأمر بالمنع من السفر ورفعه، والأمر بالحبس والإفراج، والأمر بالإفصاح عن الأصول، والنظر في دعوى الإعسار.
--------------------------------------
الشرح :
حددت هذا المادة الاختصاصات الموضوعية لقاضي التنفيذ فيما سوى تنفيذ الأحكام القضائية، حيث جعلت له سلطة النظر في أنواع مخصوصة من المنازعات والدعاوى، استثناء من الأصل وهو أن قاضي التنفيذ يشرف على تنفيذ الأحكام القضائية ولا يصدرها، وذلك لطبيعة هذه الدعاوى التي ترتبط بتنفيذ الحكم القضائي، وتنشأ بعد صدوره من قاضي الموضوع فحَسُنَ اختصاص قاضي التنفيذ بها وهي على النحو التالي :
أولا- منازعات التنفيذ وهي: الدعاوى التي تنشأ بسبب التنفيذ وتتعلق بتوافر شروط صحته ويبديها أطراف التنفيذ أو غيرهم.
أو هي تلك المنازعات التي تدور حول الشروط الواجب توافرها لاتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري، فيصدر الحكم بجوازه، أو عدم جوازه لصحته، أو ببطلانه بوقفه، أو استمراره، أو عدم الاعتداد به، أو الحد من نطاقه، أو يصدر الحكم فيها بصدد أي عارض يتصل بهذا التنفيذ، ويمكن إيجاز هذا التعريف بأن منازعات التنفيذ هي: تلك المنازعات التي تنشأ بمناسبة التنفيذ بحيث يكون هو سببها، وتكون هي عارضاً من عوارضه ([1]) .
وسواء كانت هذه المنازعة التنفيذية تتعلق بمستند التنفيذ أو محله أو أطرافه أو إجراءاته، مهما بلغت قيمتها، وتختص هذه الدعاوى بأنها من القضايا التي لها طابع الاستعجال في المهل والمواعيد والتنفيذ المعجل إذا نص عليه قبل اكتساب الحكم فيها القطعية .
وسبب خضوع منازعات التنفيذ لأحكام القضاء المستعجل أنها استثناء من الأصل وهو استمرار التنفيذ ولزومه وعدم التوقف فيه لاستناده على حكم مكتسب القطعية وجائز التنفيذ، وحتى لا يطول أمد التقاضي في القضية الواحدة ، ولأن النزاع فيها غالبا ما يكون في جزئية طارئة لا تتعلق بأصل الموضوع ولا تعود عليه بالإبطال .
ويشترط لقبول منازعات التنفيذ، والنظر فيها باعتبار أنها منازعات تنفيذية لها إجراءاتها، وخصائصها أن تكون المنازعة ناشئة أثناء إجراءات تنفيذ الحكم القضائي، فلا تكون المنازعة, والإشكال قد نشأ بعد إتمام، وإنهاء إجراءات التنفيذ، وألا تتعرض المنازعة لأصل موضوع الدعوى والذي صدر به حكم قضائي مكتسب القطعية وقابل التنفيذ، وأن تكون المنازعة ضمن اختصاص القضاء المدني سواء كانت ضمن قضاء الأحوال الشخصية، أو القضايا التجارية، غير القضايا الإدارية أو الجزائية، وأن تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ الجبري فلا يكون الحكم لم يكتسب القطعية ويتهيأ للتنفيذ الجبري، ولا يكون حكما غير مشتمل على إلزام كما في قضاء الترك.
فإذا تحققت هذه الشروط في المنازعة أضفيت عليها خصائص منازعات التنفيذ، وعولجت وفق إجراءاتها الخاصة بها.
ثانيا – دعاوى الإعسار: وهي الدعاوى التي يرفعها المدينون ضد الدائنين لحمايتهم من المطالبة الحالية بأداء حقوقهم لعذر الاعسار وعدم وجود المال.
وقد أصبحت هذه الدعاوى من اختصاص قضاة التنفيذ بسريان أحكام هذا النظام، وإن كان النظر فيها موضوعيا، وذلك حتى ينحصر الاختصاص لما بعد صدور الحكم القضائي عند قاضي التنفيذ، ويكون الاختصاص منعقدا له سواء كان المدين واجدا أم غير واجد، وحتى تبذل المحكمة المختصة بالتنفيذ الجهد اللازم حيال دعاوى الاعسار الاحتيالية بأن تتولى البحث والتحري والإفصاح عن أموال المدين بعناية كاملة، حتى إذا اعذرت شرعت بنظر دعوى الإعسار، وحتى لا يحدث تعارض محتمل بأن يقرر قاضي التنفيذ المختص عدم وجود أموال للمدين بينما يتوجه قاضي الموضوع بعدم ثبوت واقعة الإعسار بحق المدين المدعي للإعسار وحينئذ يحتار الدائن والمدين.
ومن الدعاوى التي يختص بها قاضي التنفيذ وفق نظام التنفيذ ولم تورده هذه المادة: الحكم على مدعي الإعسار الذي ظهر منه أمارات إخفاء أمواله وفقا للمادة الثامنة والسبعين من هذا النظام، فيحكم عليه قاضي التنفيذ بالحبس التنفيذي استظهارا لحاله مدة لا تزيد عن خمس سنوات ويقوم بمناقشته كل ثلاثة أشهر عسى أن يظهر أمواله ويتم التنفيذ عليها.
ومن الأحكام التي يصدرها أيضا قاضي التنفيذ بموجب هذا النظام: الحكم بالغرامة المالية التي تصل لمبلغ عشرة الآف ريال يوميا حال امتناع المنفذ ضده بالتنفيذ المباشر وفقا للمادة التاسعة والستين من هذا النظام.
وقد أتاحت هذه المادة لقاضي التنفيذ وجلت له الاختصاص بإجراءات تنفيذية من شأنها أن تعجل من عملية تنفيذ الأحكام القضائية وتضفي عليها الهيبة والإجلال ومن ذلك:
إصدار الأوامر والقرارات التنفيذية،والتي تعتبر أوامر صادرة من القضاء يجب على جميع الأفراد والجهات ذات العلاقة إنفاذها، والاستجابة لها طالما استندت على مستند التنفيذ، وكنت متمشية مع أحكام هذا النظام، ومن هذه القرارات ما جاء بعدها من الإجراءات:
الأمر بالاستعانة بالشرطة أو القوة المختصة، وذلك أن ثمة أحكام تواجه بالرفض الشديد والمقاومة والممانعة فاقتضى الأمر منح قاضي التنفيذ صلاحية الاستعانة بالشرطة والقوة المختصة لمدافعة المقاومة وإزالة الممانعة وتنفيذ أحكام القضاء بالقوة مع الاحتفاظ بتجريم المقاومين والممانعين.
كما يجوز لقاضي التنفيذ أن يستعين بالشرطة عند احتمال حدوث موجب لها، حسب قرائن الأحوال وملابساتها.
الأمر بالمنع من السفر ورفعه، وذلك إذا كان المنفذ ضده ممتنعا عن التنفيذ أو متهربا من الامتثال بالحضور للمحكمة، أو خيف تهريب أمواله ونحو ذلك، على أن يؤخذ في الاعتبار أن المنع من السفر إنما هو إجراء مخصوص لطائفة معينة تنفع وتجدي معهم لكنها ليست الأسلوب المتبع على الدوام في كل الأحوال مع المدينين، كما أن المنع من السفر إنما هو لتحقيق مصلحة تنفيذ الحكم القضائي وقاضي التنفيذ يوازن بين المصالح والمفاسد فإذا كان المنع من السفر يحقق مفسدة أكبر من مفسدة تعطيل تنفيذ الحكم القضائي كتطلب علاج طارئ لإنقاذ حياة المدين وجب على قاضي التنفيذ رفع المنع من السفر تفاديا لحصول أكبر المفسدتين.
الأمر بالحبس والإفراج عن المنفذ ضده، ويعتبر الحبس من أشد إجراءات التنفيذ إيلاما وتقييدا للحرية، وجعله المنظم من اختصاص قاضي التنفيذ كإجراء من إجراءات تنفيذ الأحكام القضائية ويعتبر ذلك ناسخا لاختصت غيره به وذلك لخطورته، ولذا يجب أن يكون استخدامه مرشدا ووفقا لأحكام السياسة الشرعية التي بين حق الدائن بحصوله على حقه، وبين حق المدين وأسرته بالحرية والنظرة إلى ميسرة .
الأمر بالإفصاح عن أصول الأموال التابعة للمدين الثابتة والمنقولة، والأمر بالإفصاح من قاضي التنفيذ يكون بالسؤال والاستفسار عن الأموال المملوكة للمدين الثابتة أو المنقولة وسواء كان هذا الأمر في مواجهة المدين ذاته، أو موجها للجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية والأفراد الذين يضعون أيديهم على أموال تابعة للمدين حالة أو مؤجلة والتي يجب عليها أن تستجيب لأمر قاضي التنفيذ وتفصح عن الأموال التابعة للمدين.منقول