نشرت في صحيفة اليوم العدد 12576

قضائيات في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان هذا العام 1428 صدر نظام القضاء الجديد ونظام ديوان المظالم واشتمل على تحديثات وتطويرات واعدة وتلافى سلبيات نظامية كثيرة كانت سبباً في تباطؤ مسيرة القضاء والتقاضي في بلادنا طيلة خمسة عقود مضت.

والمعنيون بشأن القضاء يعلمون أن مواد كانت في نظام القضاء السابق الصادر في العام 1395هـ أي: قبل ( ثلث قرن ) من الزمن لم تجد طريقها للتفعيل ولا في التطبيق، وكذا في نظام تنظيم الأعمال الإدارية في الدوائر الشرعية الصادر في العام 1383هـ أي: قبل نصف قرن تقريباً، وكذلك في نظام تركيز مسؤوليات القضاء الشرعي الصادر في العام 1372هـ أي: قبل ( ثلثي قرن ) من الآن.

مع أن هذه النظم لم تكن سيئة في وقتها، بل كانت كفيلة بمسايرة ركب الحضارة الإنسانية في حدود اختصاصها؛ لو وجدت من يقدرها ويعتني بها ويطبقها؛ طاعة لله ثم لولاة الأمر الذين فرضوها لمصلحة من ولاهم الله أمرهم.

وهذا يدعو للمراجعة الشاملة ليس للنظم فقط، بل لكيفية التطبيق، وكفاءة القائمين عليه؛ بقياس نظرتهم لتلك النظم أولاً، ثم بمتابعة تطبيقاتهم لمواد وفقرات تلك النظم.
على أن يتولى ذلك جهاز رقابي عال؛ يشخص الحالة في حينها، ويسد الثغرات، ويلحم الجراح، ويضع الحلول المناسبة للاستقامة على تطبيق الأنظمة على نحوٍ صحيح.

إن خلو الساحة من مثل هذا الجهاز الرقابي أدَّى إلى إهمال التطبيق العادل لمواد عديدة هامة ومؤثرة في مصلحة القضاء والقضاة في النظم القضائية الثلاثة السالفة عبر ست وستين سنة في أولها، وطيلة خمس وأربعين سنة في ثانيها، ومدة ثلاث وثلاثين سنة في ثالثها؛ مما يعني أن هناك خللاً ظاهراً في التطبيق، قد لا يعنينا الآن معرفة سببه بقدر ما يعنينا التطبيق الكفء للنظام الجديد.

وإذا أردنا تطبيقاً جاداً ودقيقاً للنظام الجديد بما فيه من مهام شاقة ووظائف إضافية ترأب تصدعات الجهاز وترقع شقوقه الموروثة عن القيادات السابقة: فإن علينا الاهتمام بأمرين في المرحلة الأولى من التطبيق؛ هما تكوين قيادة مؤهلة، وإنجاز قانون شامل.

إن من شأن القيادة المؤهلة ضمان حسن تطبيق النظام على نحوٍ سليم عادل، أشبه المحرك الآلي الحديث؛ الذي يمكن به توليد طاقة كافية أو تحريك قاطرة كبيرة، بعد أن تقادم عهد المحرك الأول وتداعت قدرته وكثر خلله.

كما إن من شأن القانون الشامل ضمان حصول العدل بين العامة على وجه المساواة، أشبه الطريق الواسع المعبد؛ الذي يمكن به الوصول إلى الغاية بجهد أقل ووقت أقصر، بعد أن تخبط الناس يلتمسون الطريق الأول في غدوهم ورواحهم، يتيهون تارة، ويحارون تارات.

وقديماً قيل:
إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا عزيمة = فإن فساد الرأي أن تترددا

ليكن شعار المرحلة القادمة ( قيادة وقانون )، ومتى أنجزنا ذلك انتقلنا نحو مرحلة تالية بشعار جديد. والله الموفق.

الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود

عدد التعليقات : 1 | عدد القراء : 5443 | تأريخ النشر : الثلاثاء 10 ذو القعدة 1428هـ الموافق 20 نوفمبر 2007م

طباعة المقال

إرسال المقالة
قيادة وقانون في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان هذا العام 1428 صدر نظام القضاء الجديد ونظام ديوان المظالم واشتمل على تحديثات وتطويرات واعدة وتلافى سلبيات نظامية كثيرة كانت سببا في تباطؤ مسيرة القضاء والتقاضي في بلادنا طيلة خمسة عقود مضت. والمعنيون بشأن القضاء يعلمون أن مواد كانت في نظام القضاء السابق الصادر في العام 1395هـ أي: قبل ( ثلث قرن ) من الزمن لم تجد طريقها للتفعيل ولا في التطبيق، وكذا في نظام تنظيم الأعمال الإدارية في الدوائر الشرعية الصادر في العام 1383هـ أي: قبل نصف قرن تقريبا، وكذلك في نظام تركيز مسؤوليات القضاء الشرعي الصادر في العام 1372هـ أي: قبل ( ثلثي قرن ) من الآن. مع أن هذه النظم لم تكن سيئة في وقتها، بل كانت كفيلة بمسايرة ركب الحضارة الإنسانية في حدود اختصاصها؛ لو وجدت من يقدرها ويعتني بها ويطبقها؛ طاعة لله ثم لولاة الأمر الذين فرضوها لمصلحة من ولاهم الله أمرهم. وهذا يدعو للمراجعة الشاملة ليس للنظم فقط، بل لكيفية التطبيق، وكفاءة القائمين عليه؛ بقياس نظرتهم لتلك النظم أولا، ثم بمتابعة تطبيقاتهم لمواد وفقرات تلك النظم. على أن يتولى ذلك جهاز رقابي عال؛ يشخص الحالة في حينها، ويسد الثغرات، ويلحم الجراح، ويضع الحلول المناسبة للاستقامة على تطبيق الأنظمة على نحو صحيح. إن خلو الساحة من مثل هذا الجهاز الرقابي أدى إلى إهمال التطبيق العادل لمواد عديدة هامة ومؤثرة في مصلحة القضاء والقضاة في النظم القضائية الثلاثة السالفة عبر ست وستين سنة في أولها، وطيلة خمس وأربعين سنة في ثانيها، ومدة ثلاث وثلاثين سنة في ثالثها؛ مما يعني أن هناك خللا ظاهرا في التطبيق، قد لا يعنينا الآن معرفة سببه بقدر ما يعنينا التطبيق الكفء للنظام الجديد. وإذا أردنا تطبيقا جادا ودقيقا للنظام الجديد بما فيه من مهام شاقة ووظائف إضافية ترأب تصدعات الجهاز وترقع شقوقه الموروثة عن القيادات السابقة: فإن علينا الاهتمام بأمرين في المرحلة الأولى من التطبيق؛ هما تكوين قيادة مؤهلة، وإنجاز قانون شامل. إن من شأن القيادة المؤهلة ضمان حسن تطبيق النظام على نحو سليم عادل، أشبه المحرك الآلي الحديث؛ الذي يمكن به توليد طاقة كافية أو تحريك قاطرة كبيرة، بعد أن تقادم عهد المحرك الأول وتداعت قدرته وكثر خلله. كما إن من شأن القانون الشامل ضمان حصول العدل بين العامة على وجه المساواة، أشبه الطريق الواسع المعبد؛ الذي يمكن به الوصول إلى الغاية بجهد أقل ووقت أقصر، بعد أن تخبط الناس يلتمسون الطريق الأول في غدوهم ورواحهم، يتيهون تارة، ويحارون تارات. وقديما قيل: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة = فإن فساد الرأي أن تتردداdoPoem(0,'font="Arial,1em,black,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="double,3,green" type=0 line=1 align=center use=sp num="0,red" star="***,green" style="display:none"',1) ليكن شعار المرحلة القادمة ( قيادة وقانون )، ومتى أنجزنا ذلك انتقلنا نحو مرحلة تالية بشعار جديد. والله الموفق.
(1) - عنوان التعليق : لا فض فوك

تأريخ النشر: الجمعة 28 شوال 1428هـ الموافق 9 نوفمبر 2007مسيحية

ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½
فعلاً ( قيادة وقانون ) هذا الشعار ينبغي أن يكون هو شعار المرحلة القادمة , ولا شك بأن النظام القضائي الجديد سيعالج ما قد كان يحدث في السابق من تأخر للقضايا في أروقة المحاكم وإن كنا قد قرأنا بان التأخير تتحمله أكثر من جهة وليس القضاء وحده ولكن القضاء له نسبة من تلك الجهات في تأخر القضايا لقلة القضاة ولكثرة القضايا خاصة في السنوات الاخيرة . قرانا قبل عدة سنوات اقتراحات من فضيلة الدكتور ناصر الداود للرقي بالجهاز القضائي وقد جاء في النظام القضائي الجديد بعض ما قد كان ينادي به فضيلته وهذا النظام قد فرح به الجميع سواء المواطنين أو القضاة أو المحامين أو من لهم اهتمام في القانون بشكل عام , وإن كان لنا نحن المواطنون من امنية , فأننا نتمنى أن نرى الدكتور ناصر الداود من ضمن القادة [ في السلك القضائي ] في الفترة القادمة كون هذا النظام الجديد يحتاج إلى أمثال الدكتور ناصر . ولهذا لعلي اكرر هذا الشعار في ختام تعليقي هذا ( قيادة وقانون )

طباعة التعليق

إرسال التعليق
إرسال المقالة والتعليقات إلى صديق
التعليقات متاحة للزوار التعليقات تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر عن رأي صاحب الموقع